التاريخ: 20.09.2024  التوقيت:11:41 غرينتش


تاريخ الإضافة : 24.03.2012 20:09:32

ورطة السنوسي... فرصة عزيز وساركوزي

أحمد ولد محمد المصطفى    ahmedou0086@gmail.com

أحمد ولد محمد المصطفى [email protected]

أخيرا وقع مدير مخابرات القذافي ووسيطه في العديد من العمليات عبد الله السنوسي في يد الأمن الموريتاني، قادما في رحلة "عادية" من الممكلة المغربية، وتشير المعطيات المتوفرة عن العملية التي جرت قبل أسبوع من الآن إلى أن جهات عديدة خططت لها، وجهودا مضاعفة وتنسيقا أمنيا مكثفا استخدم للإيقاع "بصندوق القذافي الأسود" في قبضة نظام الجنرال محمد ولد عبد العزيز.

وقوع ورقة بحجم عبد الله السنوسي، وفي ظرفية يواجه فيها الرئيس الفرنسي حملة رئاسية من أقوى الأوراق المستخدمة ضده فيها تمويل القذافي لحملته الرئاسية السابقة، فضلا عن التحديات التي يواجه الجنرال الموريتاني داخليا، وحاجته لأوراق –حتى ولد كانت بالية ومستهلكة- ضد معارضته، إضافة "لدفن" الكثير من تفاصيل علاقته مع عقيد ليبيا الراحل، كلها تفاصيل قد تفسر جزء من الصورة المتلبسة حول قضية السنوسي واعتقاله في موريتانيا.

تناقض

سريعا أكدت فرنسا قضية اعتقال السنوسي، وتحدث مكتب الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي عن جهود فرنسية موريتانية مشتركة لاعتقال السنوسي، مطالبا موريتانيا بتسليمه إلى فرنسا لمحاكمته لدوره في مقتل 170 شخصا بينهم 54 فرنسيا.

"الشفافية" الفرنسية غير المعتادة، شوشت على الرواية الموريتانية للأحداث والتي تأخرت خمسة أيام تقريبا، لتأتي الرواية الموريتانية مفندة –ضمنيا- الرواية الفرنسية، ولتتحدث عن سقوط "لحافظ أسرار القذافي" في يد الأمن الموريتاني بمحض الصدفة.
فقد تحدث أحد مفوضي الشرطة الموريتانية للجزيرة نت قائلا إن السنوسي اعتقل في عملية روتينية، وبعد الاشتباه في الفروق بين اسمه وجوازه وسحنته، ليقود التحقيق الوتيني إلى القبض على "خزانة معلومات" قد يؤدي فتحها في مكان غير آمن إلى اهتزاز أنظمة على رأسها النظام الموريتاني والنظام الفرنسي.

التضارب بين الروايتين الموريتانية والفرنسية، يكشف عن تفكيرهما في المشكلة "وهي وجود عبد الله السنوسي طليقا وقادرا على الحديث وكشف المستور" دون التفكير في الحل، والملخص في الإجابة على سؤال، ماذا بعد توقيفه.

ويبدو أن الأهم بالنسبة للموريتانيين والفرنسيين كان وضع السنوسي في مكان آمن، يضمن عدم تشويشه على الانتخابات الفرنسية التي تجرى الشهر القادم، وبعدها لكل حادث حديث، وقد يجد فيه النظام الموريتاني ما يفيد في معاركه الداخلية المتحدمة، كما أفاده القذافي في أزمة 2008-2009.

وفي كل الأحوال تبقى الرواية الفرنسية الأقرب للمنطق والأكثر قدرة على مواكبة الأحداث، وهو ما تشهد له لقاءات عزيز خلال الفترة الأخيرة مع مقربين من النظام الليبي الساقط.

كما ترجحه التفاصيل التي أوردتها صحيفة المساء المغربية واسعة الانتشار والتي تحدثت عن مرور السنوسي في طريقه إلى موريتاني قادما من مالي بمطار أورلي في باريس، قائلة إن الرحلة التي حملته من باريس إلى مطار محمد الخامس حملت الرقم: AT 771 وأقلعت من مطار أورلي –والعهد على الصحفية المغربية واسعة الانتشار- في حدود الخامسة والنصف من مساء الخميس لتصل إلى مطار محمد الخامس في حدود الثامنة ودقيقة، ثم نواكشوط بعد منتصف الليل بربع ساعة.

وسواء ثبتت هذه الرواية أو لم تثبت، فإن الوقائع تشير إلى السنوسي سيق إلى "الفخ الموريتاني سوقا" واستخدمت وسائل كثيرة لإغرائه بالتوجه إلى موريتاني من بينها جهات يثق فيها، ويأمل أن توصله إلى مكان آمن يعيش فيه بقية حياته، ولعله كان يتصور ذلك في موريتانيا أو مناطقه الحدودية مع جمهورية مالي المجاورة.

تغييب صندوق القذافي يعطي الكثير من الفرص لأكثر من جهة، على رأسها النظامين الفرنسي الموريتاني.

فرصة ساركوزي

يجد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في تغييب السنوسي في مكان آمن في موريتانيا فرصة للتغطية على علاقته المشبوهة مع العقيد القذافي، وهي علاقة كشف سيف الإسلام القذافي جانبا قبيل سقوطه في يد الثوار، وأبرز فصولها مساهمة القذافي في تمويل الحملة الرئاسية لساركوزي في العام 2007.

ومع اشتداد التنافس على مقعد الإليزيه يجد الرئيس الفرنسي نفسه مجبرا علىبذل كل الجهود لإغلاق المنافذ التي قد ينفذ منها خصومه، ومن أقوى الضربات التي يمكن أن تسدد إليه في هذه الظرفية هي إثبات علاقته بنظام القذافي وكشف فضائح مالية بينهما، وللسنوسي لو بقي طليقا قدرة على إثبات ذلك.

كما اعتقاله في مكان غير موريتانيا وخصوصا في فرنسا يجعل من الممكن إصرار جهات حقوقية على محاكمته علنا، وربما حضور استنطاقه ما يعني إدانة صريحة لنظام ساركوزي وصفعة في وجه الانتخابات قد لا تكون الحاجة إليها قائمة.

ويبدو أن تفكير مستشاري ساركوزي أوصلهم إلى وضع "الصندوق الأسود للقذافي" في مكان سري وآمن في العاصمة نواكشوط في انتظار أن تنكشف غيمة الانتخابات الرئاسية بشكل نهائي في العشرية الأولى من مايو القادم.

دليل إدانة

ويبدو أن النظام الموريتاني أراد هو الآخر أن يستفيد من "الوديعة الفرنسية الغالية" في معاركه الداخلية، حيث بدأت المواقع المرتبطة بالنظام تسرب لوائح قالت إن السنوسي كشف في تحقيقات معه عن تورطها في تلقي تمويلات من النظام الليبي، وبعضها التزم بالقيام بانقلاب عسكري للاستيلاء على السلطة في البلاد.

وقد شملت اللوائح المنتقاة بعناية جل قادة المعارضة الموريتانية، واختير لها أن تكو تسريبات من محاضر التحقيق معه من لدن ضباط الأمن الموريتاني، وهي ورقة تأتي للنظام الموريتاني في وقت يواجه فيه تصعيدا غير مسبوق من منسقية المعارضة وصل درجة مطالبته "بالرحيل" ومغادرة الحكم في موريتانيا.

تصعيد المعارضة غير المسبوق، ودخوله ضمن سياق الحراك الذي عرفته وتعرفه دول عربية عديدة تجعل نظام الجنرال بحاجة لأي ورقة يمكن استخدامها ضد خصومه وقد تساهم في تشويه صورتهم، أو تشغلهم بالرد عليها عن بعض الخطوات التصعيدية ضد نظامه.

تغييب شاهد

ولدى النظام الموريتاني هدف آخر قد لا يقل قيمة عن هدف الحصول على شاهد إدانة لبعض قوى المعارضة، وهو تغيبب أهم شاهد على علاقات جنرال موريتانيا محمد ولد عبد العزيز بالعقيد الليبي معمر القذافي، فالسنوسي كان مهندس علاقات الرجلين، وهو من أقنع العقيد بدور الجنرال، وأراه في نفسه أيام السبيعنات، حين للعقيد "أفكار" تسرق، ومعارضة يتهجم عليها، واهتمام بالتكوين المهني، وعلاقات دولية متقلبة، وتورط في مشاكل الجيران، وصل حد مساعدة حركات مسلحة بالسلاح.

هي إذا فرصة نادرة على نظام الجنرال أن لا يضيعها، فشاهدة السنوسي في ملف تابع كل تفاصيلها ستضر كثيرا بالجنرال، وقد يكون لدى الرجل وثائق ومعلومات تفصيلية حول الموضوع.

ولن يكون موضوع ودائع العقيد بعيدا عن هذا الموضوع، فهناك حديث واسع عن صناديق مليئة بسبائك الذهب، ومبالغ طائلة من العملة الصعبة وصلت مطار نواكشوط أسابيع قبل سقوط طرابلس، ومعها بعض أفراد أسرة العقيد خرجوا موريتانيا باتجاه السنغال، بعد أو زودوا بجوازات سفر دولية إفريقية مجاورة، وقد تكون مزورة.

مبالغ القذافي قيل إنها كانت سببا في تأزم علاقات النظام الموريتاني مع المغرب، وطرده لمراسل وكالتها للأنباء البقالي، حين كشف "تبييض الجنرال للأموال" من خلال شراء قصور وعمارات في المغرب، خطوة ردت عليها موريتانيا بطرده من نواكشوط، ووصمه بصفة الشخص غير المرغوب فيه.

ورطة مدير المخابرات الليبي عبد الله السنوسي إذا ستشكل فرصة لكثيرين على رأسهم الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز والرئيس الفرنسي ساركوزي وغيرهم كثر، وقد يكون عددهم أكثر من عدد المطالبين برأسه في بلده ليبيا وفي فرنسا وفي لاهاي وفي الرياض.


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!