التاريخ: 21.09.2024  التوقيت:00:37 غرينتش


تاريخ الإضافة : 17.07.2008 14:58:37

كابر هاشم: ما يخرج عن التفعلة والعمود الشعري ليس شعرا

محمد كابر هاشم رئيس اتحاد الأدباء والكتاب الموريتانيين

محمد كابر هاشم رئيس اتحاد الأدباء والكتاب الموريتانيين

قال الشاعر محمد كابر هاشم رئيس اتحاد الأدباء والكتاب الموريتانيين "إن ما يخرج عن التفعلة وعن العمود الشعري بالنسبة لنا ليس شعرا ولا نرحب به في منابرنا لأنه قد يسبب لنا تخمة ثقافية ويفسد الذائقة الأدبية لهذه الأجيال الصحراوية التي من الله عليها بالانكفاء على نفسها في هذه الصحراء محافظة على قرآنها وعلى فصحاها".
وأكد الشاعر محمد كابر في لقاء مع الأخبار أن برنامج البداع هو "أول عمل يخص الرجل البيظاني في هذه الأرض داعيا التلفزيون الرسمي إلى التمسك به".
وهذا هو نص المقابلة:

الأخبار : اختتمت قبل أيام الدورة الرابعة من مهرجان الأدب الموريتاني أي جديد أضافته هذه الدورة إلى هذا الأدب وما الذي ميزها عن سابقاتها؟

محمد كابر هاشم: بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم على النبي العربي الأمين، أعتقد أنه في كل جهد تراكمي يكون السؤال مشروعا عن ملامح التميز والاختلاف بين الدورة وسابقتها، وأعتقد أيضا في البدء أن من الأمور المهمة التي تعتبر حسنات لهذا المهرجان هو ترسيخ تقليد سنوي للأدب الموريتاني في بلد لم يعرف الثبات ولم يعرف دوام أي منشط ثقافي مستمر إلا إذا استثنينا الندوة التي ينظمها التجمع الثقافي الإسلامي، لكن من المهم أيضا أن نعلم أنه لو لم يتواصل لنا دعم الدولة لما استطعنا أن نواصل مسيرة هذا المهرجان فمنذ ثلاثين سنة ونحن نحمل هذه الفكرة وهذا المشروع وهذا الأمل لكن لم نستطع تنفيذها إلا سنة 2005 عندما أصبح دعم هذا المهرجان بندا في ميزانية الدولة، وهو أمر يستحق الشكر بالضرورة، رغم أنه في بعض المحطات حاولت بعض الأطراف عرقلته أو التقليل من شأنه.
من جهة أخرى هنالك بعض الجوانب التي شهدت بعض التحسين، وهو محاولتنا استثناء بعض الأغراض من أماسي المهرجان، وهذه الأغراض هي المدح ونحن هنا نفرق بين المدح الذي هو الثناء على الأشخاص وبين المديح الذي هو الثناء على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو غرض لا يسد دونه باب ومنابرنا منصوبة له بإذن الله، أما الغرض الثاني فهو الرثاء لأنه قسيم المدح باعتباره مدحا للأموات والغرض الثالث الذي استثنيناه هو غرض الهجاء، فليس عندنا بحمد الله من يمتهن الهجاء، وليست منابرنا محلا لإلقائه، ورغم ذلك استطعنا أن نحصل على عدد كبير من النصوص قرابة الثلاثمائة نص ما بين سرد وشعر شعبي وفصيح، وكنا في ورطة من استيعاب هذا الكم الكبير والذي يصعب الاختيار فيه لأنها متقاربة الرتبة فليس فيها الإبداع الفائق وإن كانت تستجيب للتعريف العربي للشعر باعتباره " الكلام الموزون المقفى الدال على معنى" مما أدى إلى صعوبات كبيرة في ضبط الأمسيات الثلاث التي حشرنا فيها ما يقارب 200شاعرا وكما تعلمون فإنه في الحالات العادية فإن 14 شاعرا هم الطاقة الاستيعابية الكبرى لأي أمسية، أما نحن فنظرا لكثرة النصوص والشعراء استطعنا أن نقدم ما بين 59 إلى 63 شاعرا وهو بالفعل أمر مزعج، لكننا كنا مضطرين إلى ذلك، من جهة أخرى استطعنا أن نجعل الناس تستمع إلى بعض الأجناس الأدبية التي لم تكن ترحب بالاستماع إليها مثل فن السرد الذي فن للقراءة والتأمل، وقد استطعنا أن نقدم قراءات من نصوص السرد حيث استقبلنا 14 نصا تم استبعاد ثلاثة منها وإجازة 11 نصا ولعلي هنا أشير إلى مسألة تذكر فتشكر للأخوات الكاتبات وهو إحجام أكثرهن تعففا وتورعا من قراءة نصوصهن أمام الجمهور الذي كان أكثره إن لم يكن كله من الرجال، وهذه ظاهرة تشكر وإن كنا نأمل في قابل دورات المهرجان أن تشارك البنات الكاتبات وأن يقرأن نصوصهن وليكن متحليات بما يجب من الاحتشام والانضباط

الأخبار: من هذا الملمح هل يمكن اعتبار السرد أدبا نسائيا في موريتانيا؟

محمد كابر هاشم : تقريبا ولك أن تلاحظ أن النصوص السردية التي قدمت إلينا كانت غالبيتها العظمى للنساء، فيما كان نصيب الشاعرات قليلا جدا خلال الأماسي الشعرية، فكما تعلم كانت الحركة الشعرية في البلد تعتمد على ركيزتين أساسيتين هما الشاعرة باتَّه بنت البراء وهي الآن أستاذة في المملكة العربية السعودية وبعدها عن الحياة الثقافية في البلد أثر على الحركة الشعرية النسائية في البلد، أما الثانية فهي المرحومة خديجة بنت عبد الحي، هناك على كل حال أصوات شعرية واعدة مثل مغلاها بنت الليلي وآمنة بنت حمديت وليلى بنت شغالي وبلقيس بنت بلبلاه، هناك مجموعات أخرى لكن في الغالب هؤلاء غير محترفات ولا متمحضات للشعر.

الأخبار: سؤال الحداثة سؤال يلح على الأدب الموريتاني المعاصر منذ إرهاصاته الأولى برأيكم أي إجابة قدمها المبدع الموريتاني على هذا السؤال؟

محمد كابر هاشم : على أي حال إذا كنت قد واكبت الأماسي الثلاث فإنك ستجد ثلاثة أجيال تتعايش داخل الإبداع الموريتاني تجد الشعر المكتنز المحتفظ بجزالة اللغة، لكن مضامينه تحمل صورا جديدا وآخرا صيحة في موضات الصياغات اللفظية، تجد أيضا النص الذي استطاع أن يتمحض للأغراض التقليدية من مدح وغزل إلى غير ذلك، كما تجد أيضا النص الذي استطاع أن يأخذ من مضمون الحداثة الشعرية ولكنه والحمد لله يخجل لحد الآن من الخروج على التفعلة، أما ما يخرج عن التفعلة وعن العمود الشعري فبالنسبة لنا ليس شعرا لا نرحب به في منابرنا لأنه قد يسبب لنا تخمة ثقافية ويفسد الذائقة الأدبية لهذه الأجيال الصحراوية التي من الله عليها بالانكفاء على نفسها في هذه الصحراء محافظة على قرآنها وعلى فصحاها، التي هي سياج القرآن وقد احتفظت القصيدة الشنقيطية محافظة على نقائها وبكارتها وعذريتها.

الأخبار : سؤال النقد هو الآخر قريب من سؤال الحداثة، لم تواكب الشعر الموريتاني حركة نقدية تسهم في تطويره ما هي الأسباب الكامنة وراء ضعف الأداء النقدي؟

محمد كابر هاشم : كان النقد في هذه البلاد وعلى مدار أربعمائة سنة نقدا لغويا بمعنى أن النقاش النقدي كان حول سلامة المفردة فصاحتها، وهو وما ولد سؤالا نقديا نجده مع الشيخ سيدي محمد ولد الشيخ سيديا ومحمد مولود ولد أغشممت في مناقشاته في قضايا التلحين والتصحيف، وحتى أن كل الشاعرات التي جرت بين شعراء البلد كان في أساسها عائدة إلى النقد اللغوي وإلى مراعاة اللحن والتصحيف إلى غير ذلك، كما أن النقد أيضا ظل ضمن المسكوت عنه في هذه البلاد، لك أن تعلم أن أجمل ما كتب من شعر في هذه البلاد، هو أدب النقائض والمهاجاة بين القبائل وأيامها ومنافراتها ومساجلاتها، وفي المنظور القريب لن تصل يد إلى هذا الأدب، فنحن مجتمع بدوي متواصل ولاتزال النسبة فيه إلى الأجداد عكس المجتمعات المحتضرة حيث النسبة للمدن، وبالتالي فإن شعر ولد محمدي وولدا عبيد الرحمن وغيرها لن تنشر في القريب العاجل فأبناء هؤلاء وغيرهم لايزالون أحياء ولن يسمحوا بنشر هذه النصوص.

الأخبار: هنالك جانب ثان هو أن الشاعر الموريتاني لايزال يغضب من النقد ويعتبره موجها إلى شخصه وليس إلى النص؟

محمد كابر هاشم : من دون شك هذا وجه، فالشاعر للأسف لا ينتهي من كتابة النص إلا وقد امتلأ منه واعتقد كماله ونضجه، فالنابغة مثلا لما كان يجلس في قبته في سوق عكاظ وكان يقدم نقدا انطباعيا في الغالب كان يواجه أكثر من مرة بغضب الشعراء، فيقف أحدهم ويقول له " أنا أشعر منك ومن أبيك .." وبالتالي فإن عددا كبيرا من الشعراء لا يستوعبون ونتيجة لأحادية الوعي الفردي فإن الشاعر ممتلئ من نصه معتقد فيه الكمال،وبالتالي فإن من يطعن في هذا الكمال المعتقد يثير حفيظة الشاعر، والحمد لله أن مجتمعنا لم يحتفظ من عادات الجاهلية إلا بهذه العادة وهي أن تجعل من نقد شعرا يستحق هجاء، أما لآن فقد يتذمر الشاعر قد بغضب لكن ذلك لن يصل حد الهجاء.

الأخبار: هناك وجه آخر وهو ضعف الدرس النقدي في المقرر الأكاديمي في الجامعة حيث لايزال المنهج التاريخي هو المسيطر على توجهات المقرر النقدي في الجامعة؟

محمد كابر هاشم : في الحقيقة فإن مناهج النقد الحديث في غالبيتها هي قوالب وأساليب يحشر فيها أدب لم توضع له، بمعنى أن أغلب الناقدين العرب المعاصرين يستنسخ عبارات ومصطلحات النقاد الغربيين، وقد تقاس هذه العبارات على الأدب الذي أنتجها لكن إسقاطها على الأدب العربي يمثل شكلا من أشكال الظلم والابتسار ، والنقاد في موريتانيا ينقسمون إلى قسمين محظري متمكن من النقد القديم ولغته ومصطلحاته وعقله محكوم بالمقاييس التي وضعها مدونو الشعر العربي في القرن الثاني الهجري، القسم الثاني درس في الجامعات العربية أساسا ومنه من درس في الجامعات الغربية فأخذ المناهج النقدية الغربية من أصولها ومحطاتها الأصلية، وأما الدراسون في الجامعات العربية فقد أخذوا هم الآخرون ذات المناهج مترجمة، وبالتالي تجد أحدهم يسقط مناهج تبدو مضحكة في بعض الأحيان على النصوص العربية التي أنتجتها سياقات وأنساق مخالفة لهذه المناهج.

الأخبار: الأدب الشعبي يشهد الآن حر كية متواصلة بفعل برنامج البداع كيف تقيمون مسيرة هذا المنتج الأدبي؟

محمد كابر هاشم : الأدب الشعبي أدب أصيل وفصيح ذلك أن اللغة التي نتكلمها اليوم على أساس أنها الفصحى، هي لغة الجرائد والمترجمات، أما اللغة الجزلة فلا نجدها إلا في الحسانية مثلا عندما تسمع "أره ذاك منزدح فم" فمعنى ذلك "هو منسدح" أي متمدد، وتقول " جان اتكر" أي جاءني يتََجر " وعندنا أيضا كلمة " الكاشوش " وهي نفسها كلمة " الجؤشوش " في العربية التي تعني الصدر وبالتالي فإن اللغة الفصحى هي اللغة الأصيلة وبالتالي فإن الذين يحاولون الفصل بينهما هم في الأساس لايفقهون الحسانية ولا العربية،وبالتالي لا تنافر بين اللغتين لأنهما في الأصل لغة واحدة.
كما أن الحسانية أيضا هي لغة جامعة للبيظان فبلاد البيظان تتجاوز خريطة موريتانيا هم في جنوب الجزائر والمغرب وفي شال مالي وحتى في تركيا.
وبالتالي فإن برنامج "البداع"هو أن شيء يمكن أن يشعر رجل البيظان أنها صنعت من أجله وأنها تخصه منذ خمسين سنة من عمر الدولة المستقلة.
وبالتالي فنحن في اتحاد الأدباء والكتاب الموريتانيين نثمن التجربة وقد طلب منا اقتراح لجنة تحكيم ونرجو أن تكون موفقة في عملها، إضافة إلى أن البداع كان موسما أدبيا وإلا فإن أكثر من 200نصا شعبيا لم تكن لتجتمع لو لم يكن هنالك حافز مثل برنامج البداع، وأنا اقترح على التيلفزيون الوطني حتى ولو تخلت دار الإنتاج عن هذه المبادرة أن تعمل التلفزة على إنتاجه فهو برنامج مهم وينبغي أن يستمر.

الأخبار: ماذا عن الحضور الموريتاني في برنامج "أمير الشعراء" خصوصا أن هذا الحضور بدأ يتناقص؟

محمد كابر هاشم : أمير الشعراء برنامج كبير ومهم ومسابقة دولية ضخمة،ومجموعة من شعرائنا المتمكنين وصلت رسائل تؤكد إجازتهم في مجموعة الثلاثمائة لكن لم تصلهم تأشرات سفر مما أدى بالفعل إلى تناقص العدد الموريتاني هذا العام،ورغم ذلك فإن المجموع الكلي للمشتركين تضمن 305 شاعرا موريتانيا حسب ما بلغني، وأن مجموعة الثلاثمائة كان من بينها 17 موريتانيا وفي مجموعة 35 كان هناك أربعة شعراء موريتانيين وفي مجموعة 15 كان هناك شاعران موريتانيان وبالتالي فإن الحضور الموريتاني كان فاعلا في هذه المسابقة.
هذا من جهة فمسابقة أمير الشعراء تنظمها هيئة إماراتية مستقلة بمعنى أنها لاتتعامل مع اتحاد الكتاب ولا مع وزارة الثقافة وبالتالي فهي مبادرة فردية مستقلة في شخصيتها المالية وليست ملزمة لدولة الإمارات تحسب لها حسناتها ولا تحسب عليها أخطاؤها.





Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!