التاريخ: 21.09.2024  التوقيت:23:40 غرينتش


تاريخ الإضافة : 03-05-2007 18:38:06

مغص في بطن .." إسرائيل " !

شعبان عبد الرحمن

شعبان عبد الرحمن


شعبان عبد الرحمن

المشكلة ليست في مواقف معادية اتخذها النائب العربي في الكنيست الإسرائيلي ضد الكيان الصهيوني الذي يحمل «بشارة» جنسيته.. ولا هي في اتخاذ أي عربي هناك مواقف
مخالفة أو حتى معادية لـ«إسرائيل».. لكن المشكلة لدى الصهاينة أنهم خلصوا إلى أن تجربة تذويب عرب 48 ــ الذين تمسكوا بالعيش في ديارهم واضطروا للارتضاء بالجنسية الإسرائيلية ــ أثبتت فشلها.. بل صارت تمثل هاجساً مرعباً على مستقبل «الكيان». فقد راهن القادة الصهاينة ــ منذ زرع كيانهم ــ على تقديم تجربة اعتبروها فريدة باحتضان أهلنا في الأراضي المحتلة عام 1948م، ومنحهم الجنسية ومعاملتهم كمواطنين إسرائيليين؛ لتحقيق عدة أهداف:

أولها: تذويب كتلة سكانية كبيرة من أصل الشعب الفلسطيني وتحويلها إلى رقم إضافي ضمن الشعب الإسرائيلي يكثّر سواده ويحفظ له ديمومة النمو، ويرسخ بقاءهم في الأرض المحتلة؛ خاصة أن معدل النمو لدى الفلسطينيين من أكبر معدلات النمو في العالم. ثانيها: تقديم نموذج مثالي للتعايش بين شعب احتُلت أرضه ورضي بالعيش في «جوف» المحتل الغاصب.! لكن شيئاً من ذلك لم يتحقق؛ فلا أهلنا في فلسطين صاروا رقماً إضافياً للصهاينة ــ بل صاروا رقماً صعباً في المعادلة الديموجرافية ــ ولا هم اندمجوا في «بطن» الكيان، وإنما أصبحوا يمثلون «مغصاً» متزايداً في بطنه مما جعل «إسرائيل» تتلوى كثيراً، خوفاً وفزعاً من منغصات الحاضر وهواجس المستقبل. ونظرة مركزة إلى ما يدور في داخل الكيان من حوارات ومناقشات تنطق بها استطلاعات الرأي والبيانات الصادرة عنهم تقرب الصورة أكثر.. فرغم عمليات الطرد المتواصل للسكان العرب خاصة من القدس والإجراءات والقوانين المجحفة بحق الموجودين منهم، فقد تباهى بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الأسبق ــ في تصريحات لقنوات التلفزيون الصهيوني (22/ 10 / 2006 م ) ــ بأنه نجح في اضطرار الفلسطينين إلى خفض مواليدهم، بعد تقليصه ــ خلال توليه وزارة المالية ــ مخصصات الضمان الاجتماعي التي يتم منحها للأطفال. لكن .. رغم كل ذلك، أكدت آخر الإحصائيات الصهيونية والتي قدمها نتنياهو نفسه في مؤتمر «هرتزليا متعدد الاتجاهات» أن نسبة فلسطينيي 48 من المتوقع أن تصل إلى 40% من إجمالي تعداد السكان خلال عقدين من الزمن (عام 2027م)، وذلك ما دعا جهاز الشاباك إلى التحذير ــ ضمن وثيقة أصدرها مؤخراً ــ من أن «فلسطينيي الداخل يمثلون خطراً إستراتيجياً حقيقياً على الطابع اليهودي للدولة وعلى وجود «إسرائيل» كدولة..». وفي موضع آخر كشف الشاباك أن 68% من جمهور اليهود يخشون انتفاضة عربية، في مقابل 73% من العرب يخشون العنف من قبل الأجهزة الإسرائيلية.. وهذا يمثل تحذيراً من أحد أهم أجهزة الأمن الصهيونية من انفجار قادم. علي نفس المنوال حذر عضو الكنيست اليميني يسرائيل حسون لوسائل الإعلام (2007/4/3م): «إذا لم نستيقظ الآن، ونأخذ جميع الاحتياطات سنجد أنفسنا مرة أخرى نحارب من أجل استقلال «إسرائيل».. إنها ستكون حرب الاستقلال الثانية، ولكن أمام عرب إسرائيل (فلسطينو 48) الذين سيحصلون على دعم حماس».

أقول: إذا أُضيف بيانات الشاباك إلى تحذيرات «حسون» ــ وهو بالمناسبة كان نائباً لرئيس جهاز الشاباك قبل فترة قصيرة ــ فإننا نجد أنفسنا أمام حرب تزداد ضراوة على فلسطينيي 48، ولا يُستبعد إحداث نكبة جديدة لهم بنزحهم خارج ديارهم إلى عالم شتات جديد. لقد جرب الاحتلال كل الأساليب والطرق لإخضاعهم وتذويبهم وقطع نسلهم، وطرد منهم مئات الآلاف إلى المناطق المجاورة، ولكن يد القدر تغالبه وتغلبه بنسل عربي متدفق دون انقطاع مقابل نسل يهودي ناضب. وليست المشكلة فقط في النمو الديموجرافي المذهل، وإنما في فشل كل الخطط لإبعاد هؤلاء عن دينهم ومسجدهم الأقصى وإحداث الفتنة والفُرقة بينهم بكل السبل..

إنهم يتكاثرون بطريقة مذهلة ويتسابقون للالتفاف حول مسجدهم مع الشيخ رائد صلاح، وذلك ما يزيد المسألة تعقيداً لدي العدو.. فقد وجد الصهاينة أنفسهم أمام «حماس» أخرى عند المسجد الأقصى.. ترى إن كان فلسطينيو 48 في الداخل يمثلون كل هذا الرعب للكيان الصهيوني.. فماذا يمثل 4 ملايين لاجئ في الشتات يصرون على العودة إلى ديارهم في فلسطين 48؟! الحقيقة التي تتجلى رويداً رويداً هي أن ذلك الكيان يتلاشى من تلقاء نفسه بفعل عوامل التعرية الديموجرافية .. ولابد حتما أن يعود الفرع إلى أصله: أهل فلسطين.. إلى أرض فلسطين.
....................................

*مدير تحرير مجلة المجتمع الكويتية- كاتب مصري


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!