التاريخ: 20.09.2024  التوقيت:04:23 غرينتش


تاريخ الإضافة : 22.05.2012 09:34:09

قيادي سلفي: الديمقراطية بتطبيقاتها الحالية بموريتانيا ليست مغرية

<>
القيادي السلفي محفوظ ولد إدوم

القيادي السلفي محفوظ ولد إدوم

محفوظ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

في البداية أشكر لكم هذه الفرصة التي أتحتموها لي للحديث حول بعض هموم الساحة.

وفيما يتعلق بالسؤال أقول إن التفكير في إطار مرخص تجتمع من خلاله الساحة السلفية في موريتانيا وتساهم في إصلاح أحوال الأمة ليس من الآن، بل هو موجود عند العاملين في هذه الساحة منذ زمن بعيد، وليس وليد اللحظة..

الأخبار: ألا يعتبر اللجوء إلى هذا الخيار مراجعة فكرية، خصوصا أن بعض قادة التيار السلفي قد شنعوا في السابق على الأحزاب السياسية، كما فعل أحمد ولد لكويري مثلا في بعض كتبه.

محفوظ: دعني أولا بالمناسبة أقول لك إنني عندما أتحدث معكم لا أتحدث كناطق باسم الساحة السلفية، وإنما أتحدث معكم بصفتي الشخصية والتي في الحقيقة التي لا أصنفها إلا كما ينبغي أن يصنف كل مسلم نفسه، وهو بتلك التسمية التي سمى الله بها المسلمين جميعا (هو سماكم المسلمين) كل هذه التسميات إنما اصطلاحات في الاستعمال لاتعني في الحقيقة شيئا كبيرا، المسلمون جميعا مطالبون بأن يتحدوا على كلمة سواء، و أن يتحدوا على كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ويعملوا من اجل أن يكونوا جميعا في الموقف الذي يرضى عنه الله تعالى ويرضى عنه رسوله صلى الله عليه وسلم..

أما هذه الكلمة "مراجعة" فتستخدم استخداما إعلاميا كثيرا، ويحاول إنزالها على كل شيئ، و أعتقد أن المبادئ العامة عند المسلمين ليست قابلة للتراجع ولا المراجعة، لأنها أمور وقواعد لهذا الدين نزل بها القرن وبينتها سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وأعتقد أن هناك امورا اجتهادية شرع الله للمسلين فيها الاجتهاد والبحث عما هو أفضل شريطة ألا يتناقض مع صميم الشرع، فهذه التغير فيها من رأي إلى رأي لا أعتقد انه ينبغي أن يحمل شحنة هذه العبارة المراجعة والتراجع، فنحن عندما نذهب إلى الفقه الإسلامي القديم نجد للشافعي أقوالا وأقوالا أخرى رجحها بعد ذلك، وهكذا الإمام مالك، و أحمد في مذهبه الأول ومذهبه الثاني، وهذا ليس شيئا جديدا فالمسلمون دائما مطالبون بأن يتحروا وأن يعلموا ان الأعمال البشرية كلها ليست معصومة بعد النبي صلى الله عليه وسلم، فنحن مطالبون بالاجتهاد والبحث عما هو أرضى لله تعالى..

والحقيقة –كما أكدت لكم سابقا- أن التفكير في العمل المرخص ليس شيئا جديدا، فنحن نقوم بجميع أنشطتنا في جمعية البر..والإطار السياسي كذلك التفكير فيه ليس شيئا جديدا، والساحة السلفية كغيرها من الساحات تحاول دائما ان يكون دورها الإصلاحي في حياة الناس وشؤون الأمة دورا فعالا ومهما، والأمة تواجه العديد من التحديات التي تهدد وحدتها وحياتها الاجتماعية، وفي هذا الوضع وأمام هذا الواقع لاضير في التفكير في شيء من هذا القبيل، بل اعتقد أنه أمر مطلوب، وعندما نتحدث عن الإطار السياسي لابد أن أوضح أمرا مهما هو:

أن الساحة السلفية حسب معرفتي بها تقف من الديمقراطية الغربية بما تحمله من مفاسد موقفا مبدئيا، وعندما تتحدث عن السياسة فإنما تعني بذلك السياسية الشرعية التي تنطلق من شرع الله عز وجل وتتقيد به، لتوضيح ذلك أكثر؛ فالديمقراطية بتطبيقاتها في بلاد المسلمين الذي نراه ونشاهده، وبالأخص العمل السياسي في بلادنا بالذات، كل ذلك ليس بالشيء المغري لمن يحرص على دينه وسلامة آخرته عند الله عز وجل، لذلك فلابد أن نفرق هنا بين السياسة الشرعية وبين السياسية الديمراقطية المستنسخة من الغرب، أعتقد ان هذا الأمر ينبغي أن يكون واضحا، فالديمقراطية تبيح حرية الاعتقاد بلاحدود، بما في ذلك الردة عن الاسلام وهذا أمر مرفوض شرعا، الديمقراطية تعطي حرية الرأي بلاحدود وهذا مرفوض شرعا، وقد وجدنا نتائج ذلك في محرقة الكتب أخيرا كمثال وليس حصرا، الديمقراطية تحرم تعدد الزوجات وتعتبره اعتداء على حق المرأة، و التعدد مسطر في كتابنا الذي نؤمن به، فالديمقراطية مفادسدها لايمكن أن تعد والأمثلة التي ذكرت غيض من فيض، و تجعل موقف الساحة السلفية من الديمقراطية -بمبادئها وصفاتها وتطبيقاتها التي ذكرنا -هو موقف الرفض.

وإذا تحدثنا عن إطار سياسي يتحاور حوله السلفيون أو يتباحثون عنه، فهو إطار شرعي يسعى لتطبيق الشريعة، ويدعو إلى ذلك ويسعى للإصلاح بين الناس وتطبيق السياسة الشرعية المعروفة التي طبقت على مر القرون الاسلامية الماضية كلها، وليس نموذج الديمقراطية الغربية...

الأخبار: يلاحظ أنكم من اهم المدافعين عن الإطار السياسي المرخص، ما الأسباب؟

محفوظ: أقول إنني أرجو ألا أكون مدافعا إلا عن الحق، وأرجو ألا أكون أبدا متعصبا ولا مدافعا عن آراء مشبوهة أو اجتهادات فردية، وأسأل الله أن يجعل تمسكي والتزامي ودفاعي فقط بما جاء به محمد من عند الله عز وجل..

الأخبار: الاستشارة التي قام بها التيار أسفرت عن 25 رأيا للجميعة مقابل 14 للحزب، كيف تفسرون ذلك؟

محفوظ: لاستكمال معلوماتكم حول الاستفتاء: هو جزئي وليس كليا، وهو بداية لمشاورات حول الإطار الذي ينبغي أن يعمل من خلاله السلفيون ولمعلوماتكم فإن نسبة 84,4 ممن حضروا وشاركوا أجمعوا على ضرورة إيجاد تيار مرخص، لكن في اقتراحاتهم حول هذا التيار تباينت الاراء، فجاءت الجمعية في المقام الأول ثم تلاها الحزب السياسي، ثم إطار دعوي عام، ثم رابطة، وحسب اعتقادي فإنه لاتناقض بين هذه الأمور كلها فهي من وسائل العمل في المجتمع من أجل الاصلاح السياسي والاجتماعي والحقوقي وغير ذلك..

الأخبار:إذ هل لازالت الأغبية تنأى بنفسها عن السياسة؟

محفوظ: لا أقول الأغلبية، فالساحة السلفية لم تعبر كلها عن آرائها، والاستفتاء كان جزئيا، وكما ذكرت سلفا فإن الساحة السلفية لها نفور شديد من كلمة السياسة، لأنها أصبحت عند الكثيرين رديفة للديمقراطية أوهي الديمقراطية ذاتها، اما عندما تكون السياسية تعني السياسة الشرعية فلا أعتقد أن أحدا يخالف في هذا إطلاقا..

أما الاجماع المطلق في كل الأمور فهو صعب، حتى عندما تنظر الآن إلى الأحزاب السياسية العتيقة أو المجموعات القبيلة فإنك لاتجد فيها إجماعا مطلقا وهذه سنة الله في خلقه (ولايزالون مختلفين إلا من رحم ربك..) لكن العبرة في ما رآه أكثرية أهل العلم والرأي والألباب مما هو مؤسس على أساس متين من شرع الله تعالى..

الأخبار: هل لازالت هناك صعوبات أمام دخول السلفيين لمعترك السياسة؟

محفوظ: السياسية الشرعية مطلوبة، والديمقراطية الغربية مرفوضة، أما العقبات الإدارية فذاك شيء لم نصل إلى مرحلته بعد، والحديث عنه شيء سابق لأوانه، وفيما عدا ذلك لا توجد صعوبات..

الأخبار: ماعلاقتكم بالسلطات

محفوظ: ضاحكا.. تعني السلطان قابوس أم ماذا؟

الأخبار: السلطات الحالية، أو السلطان، أو هما معا..

محفوظ: الحقيقة نحن منذ تأسيس جميعة البر يتركز عملنا على نشر العلم من خلال الدورات، وكذا تربية الأجيال من خلال الليالي التربوية والدروس والحلقات العلمية، و هذا التيار الذي يسمى أو يعرف بالتيار السلفي في موريتانيا يتميز بأن من بينه اغلب علماء البلد، لانتحدث عن التاريخ البعيد نسبيا؛ حيث لمجيدري ولد حبل وبعد ذلك ولد مايابى، و آب ولد اخطور ، لكن التاريخ القريب حيث الإمام بداه ولد البصيري ومحمد سالم ولد عدود رحمهما الله تعالى جميعا، حيث كان من المعروف أنهم سلفيون، وكذلك واقع السلفية الآن يشمل وجوها من أبرز الوجوه العلمية في البلد: كالشيخ النووي والشيخ عبد الله ولد أمينو والشيخ مزيد ولد عبد الحق والشيخ محمد ولد سيد أحمد (الشاعر) والشيخ ابراهيم ولد الشيخ سيديا والشيخ عبد الله ولد الشيخ محمد وغيرهم، فهؤلاء من أبرز الوجوه العلمية في موريتانيا، ولهذا فنحن مجهوداتنا لاتتطلب كثيرا من الاحتكاك أو الارتباط بالسلطات الإدارية، ومنذ أن أسسنا جمعية البر فنحن لم نجد من السلطات مضايقة في عملنا ولله الحمد والمنة.

وعلاقتنا بالسلطان اعتقد أن السلطات الإدارية في حد ذاتها ممثلة لمن هو في الحكم، و نحن بطبيعة عملنا لم نطلب شيئا من أحد ولم يعترض طريقنا أحد، فنحن نقدم الدروس في المساجد ونقيم الحلقات الدعوية، ولما اجتمعنا لم نجد لحد الان مضايقة.

الأخبار: إذا طلبنا تصنيفا سياسيا للتيار السلفي الآن، إلى أيهما أقرب إلى المعارضة أم إلى الموالاة؟

محفوظ: أرجو أن يكون أقرب إلى الحق، وأن يكون دائما كذلك، وهذه نصيحتي له ولغيره من التيارات أن يدوروا مع الحق حيث دار، ولايكون لهم مغناطيس يجلبهم إلى هذا القطب أو ذاك، فكما يقال اعرف الحق بالحق ولا تعرف الحق بالرجال..

وإذا أردت وجهة نظري الشخصية حول ما هو دائر الآن بين منسقية المعارضة والحكومة، فأرى أن على المعارضة أن تسلك طريقا أقل صدامية في المطالبة بالحقوق وأن تنقي صفوفها لكي يكون لتلك المطالبة مصداقية عند الناس، و ألا تجعل في مقدمتها من حكموا واستولوا على الحقوق العامة والخاصة، وليكن هدفها أولا وأخيرا مرضاة الله عز وجل وإصلاح حياة هذا الشعب المسكين..

أما فيما يتعلق بالحكومة فنصيحتي لها أن ترفع المظالم عن الناس وأن تطلق سراح السجناء و أن توزع الحقوق و الثروات بعدالة بين أبناء هذا الشعب وأن تنقي صفوفها كذلك.. من المفسدين المعروفين بفسادهم وظلمهم للناس، واعتقد انه إذا فعل هؤلاء هذا، وفعل أولئك ذلك فإن الحوار بينهما سيكون سهلا..وسيكون الوصول إلى طريقة يصلح بها حال المجتمع، وتجنب الصدامات والمشاكل التي قد تضر بالسلم الاجتماعي الهش أمرا ممكنا، وهذا في اعتقادي هو تطبيق الشريعة الاسلامية، فتطبيق الشريعة ليس مجرد إقامة الحدود كما يتبادر إلى البعض، لكنه إحقاق للحق بما يعنيه من نشر للعدالة بين الناس وإحقاق الحق وإبطال الباطل..

الأخبار: في حالة ما إذا تم منع ترخيص حزبكم هل هناك خيرات أخرى من قبيل دخول بعض الأحزاب الأخرى مثلا؟

محفوظ: ذكرت في السياق السابق أن السياسة المعمول بها في بلادنا –للأسف- ليس فيها ما يغري لمن يريد السلامة لدينه وآخرته، لذلك لاأعتقد أبدا أن الاندماج في أحد الاطارات السياسية الموجودة سيكون مطروحا، ولا أريد أن أفتات على أية جهة سياسية مهما كانت، لكن أعتقد أنه لو كان الإطار الذي نرضى عنه بشكل كامل موجودا، لما كانت هناك حاجة للحديث عن خيار آخر..

الأخبار: إذا ما هي الخيارات المطروحة امامكم؟

محفوظ: لا أعلم الغيب ولا أستبق الأمور..الساحة السلفية لحد الآن لم تتخذ قرارها بإنشاء حزب، وأعتقد أنه إن تم ذلك فسيكون عن روية و تشاور ودراسة للواقع وتنزيل للشرع عليه، ولكل حادثة حديث..

الأخبار: البعض يقول إن الترخيص لحزب إسلامي في البلد امر غلط ما رأيكم؟

محفوظ: هذه من محاولات العلمانيين والمتشبعين بالأفكار الدخيلة على هذه الامة التي يتذرعون بها، محاولين بذلك إبعاد أهل العلم وأهل الدعوة والصلاح عن الشأن العام..

الأخبار: كلمة اخيرة

محفوظ: أوصي الجميع بتقوى الله عز وجل، فلو اتقوه لحلت مشاكلهم جميعا (ولو أن أهل القرى آمنو واتقوا لكفرنا عنهم سيئاتهم..) فالناس لو اتقوا الله أفرادا وجماعات وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر لما كان هناك قحط وحبس للمطر ولا جفاف وأوبئة وفقر مدقع وبطالة وغيرها من الآفات والبلاوي التي تأتي بماكسبت أيدي الناس

أعتقد أن تقوى الله لو عمل بها كل واحد لصلح الحال وسويت المشاكل، ولزاد الأمن والاستقرار.




Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!