التاريخ: 20.09.2024  التوقيت:08:25 غرينتش


تاريخ الإضافة : 27.05.2012 12:13:13

الأحزاب الموريتانية وتحديات التغيير

مامادو الطيب صو: فيدرالي حزب اتحاد قوى التقدم بولاية لبراكنة

مامادو الطيب صو: فيدرالي حزب اتحاد قوى التقدم بولاية لبراكنة

الحزب السياسى عبارة عن تنظيم مؤسسى يربط مجموعة من الأفراد بشبكة من العلاقات القائمة على مبادئ و أهداف وغايات محددة يسعى إليها هذا التنظيم وفق خطط وآليات وتكتيكات واستيراتيجيات متفق عليها، فالحزب السياسى إذا تنظيم اجتماعى ومؤسسة سياسية تنمو وتتطور فى ظل ظروف مدنية لاعسكرية، ولذا نجد أن التنظيمات الحزبية لاوجود لها فى ظل الأنظمة العسكرية الخالصة كما أن هذه التنظيمات تصاب بالاختناق والذبول فى ظل الأنظمة العسكرية ذات اللبوس المدنى والخلفية العسكرية، تماما كالنظام الموريتانى الحالى.

ومهما يكن من أمر فإن التجربة الحزبية فى بلادنا حديثة النشأة؛ فبغض النظر عن التجارب الاستثنائية فى فترة ما قبل الاستقلال وتجربة الحزب الواحد فى عهد المختار ولد داداه فإن الساحة الوطنية لم تعرف التجربة الحزبية إلا ابتداء من 1991 فى ظل أنظمة عسكرية مقنعة تبنت الديموقراطية مرغمة (مؤتمر لابول) وبديهى أن وجود تنظيمات حزبية مؤسسية ليست فى صالح هذه الأنظمة، وهو مادفعها إلى أن تعمل على تمييع الأحزاب وإفراغها من المحتوى فى أغلب الأحوال أو على اختراقها وتفكيكها من الداخل فى أحيان أخرى.

إن وجود أحزاب سياسية مؤسسية ظاهرة صحية لأية تجربة ديمقراطية حقيقية إذ من شأن مثل هذه المؤسسات أن تسهم فى خلق وعى سياسى وتهيئة بدائل وآفاق للخروج من الأزمات، ولكن هذا الدور الهام للتنظيمات الحزبية يقتضى ويستلزم وجود مستوى معين من الحرية الفعلية التى تنعدم فى حالتنا الراهنة، ذلك أن نظاما سليل انقلاب عسكرى غاشم واغتصاب مخجل لإرادة الشعب وانتهاك سافر للدستور، نظام مسور بالنياشين العسكرية ومحروس بالدبابات والأسلحة الثقيلة يكون وجود الأحزاب السياسية فيه مجرد ضرب من العبث.

ومن الغريب فى هذا المستوى أن يسمح البعض لأنفسهم وفق منهج سفسطى يناقض المنطق أن يلعن الثورة ويتطاول على آمال البعض فى التغيير بدعوى قدسية (شرعية) النظام، ناسين أو محاولين تناسى أن الشرعية الموهومة التى يدافعون عنها، شرعية مؤسسة على "اللا شرعية" والقاعدة تقول مابنى على باطل فهو باطل.

ليست هذه الشرعية -المفروضة بقانون القوة من خلال انقلاب غاشم وغادر- بشرعية مقدسة، ألم تفقد هذه الشرعية المغتصبة أبسط مبرراتها حين فشل هذا العسكرى الأمى في تسيير البلد وأخفق فى تطبيق برنامجه والوفاء بتعهداته أثناء الحملة الرئاسية الماضية، وعجز عن التجاوب مع التحركات المطلبية والاحتجاجات الجماهيرية التى ترتفع من كل حدب وصوب داخل هذا البلد، على أساس شرعية أى نظام قائم على احترام إرادة الشعب وقدرته على إنجاز برنامجه السياسى ومشروعه المجتمعى، وهو مالم يتحقق حتى الآن، فالشعب إذا هو الذى يطالب بالثورة على هذا النظام الفاسد لأنه نكث كل عهوده (محاربة الفساد، العناية بالفقراء والمهمشين، تقريب الإدارة من المواطن).

لقد انكشف زيف هذه الإدعاءات وبطلان تلك الأراجيف بحيث أصبح من كانوا ينعتون بالمفسدين بالأمس هم حلفاء اليوم وعناصر الديكور الرسمى، واستفحل الفساد من خلال الصفقات بالتراضى ولم تبتعد الإدارة عن المواطن فحسب، بل تصاممت عن معاناته ومشاكله وانتهجت سياسة تفريغ الشحنة فى تعاملها مع المطالب الجماهيرية، ولكن الديموقراطية ياسادة.. ياكرام ليست صم الآذان عن أنين الجياع وصراخ المظلومين وغض الطرف عن مشاكل العطش والجوع والجفاف والبطالة وضعف الراتب وانعدام السكن وكل ويلات العالم، ومع ذلك نحاول ذر الرماد فى الأعين بلفت الانتباه إلى أمور هامشية كتجديد الطبقة السياسية وضرورة دفع الشباب إلى الأمام والكذب على الجميع بالقول أنه لاوجود للجفاف ولا للمشاكل وأن كل شىء بخير.


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!