التاريخ: 20.09.2024  التوقيت:18:38 غرينتش


تاريخ الإضافة : 26.07.2008 10:53:57

"قوارب الحياة" على الضفتين وسيلة عيش وجسر تواصل

قاربان يستعدان للمغادرة في رحلة من الضفة الموريتانية إلى الضفة السنغالية

قاربان يستعدان للمغادرة في رحلة من الضفة الموريتانية إلى الضفة السنغالية

على ضفتي معبر نهر السنغال المحاذية لمدينة بوكي الموريتانية، تنتشر زوارق خشبية طول الواحد منها قرابة ثلاثة أمتار هي وسيلة العبور الوحيدة في الظروف العادية، وهي أيضا وسيلة الرزق الوحيدة لكثيرين، تنقل زائري الضفتين من المواطنين الموريتانيين والسنغال تغريهم تذاكرها الرخيصة، التي لا تصل إلى مائة أوقية للرحلة الواحدة، بكثرة التنقل فيها، عادة ما تنقل هذه القوارب بضائع قليلة إضافة إلى الأشخاص.
تصنع الزوارق من جذوع الشجر ومصدرها الرئيس هو إقليم كازاماس في السنغال، ويبلغ ثمن االواحد منها حوالي مائة وخمسين ألف فرنك إفريقي (حوالي ستين ألف أوقية).
غالبا ما لا يخلف مد أو جزر النهر أثرا ملموسا على زبنائها، وتكتفي السلطة بالتوصية بعدم نقل كثير من الأشخاص في رحلة واحدة.. وهل يتوفر عدد كبير من الأشخاص؟
"ألاسان عمار كي" سنغالي يقبض على مجدافه منذ أكثر من عشرين سنة في عرض النهر ممتطيا وسيلة رزقه الوحيدة مع ما يسر الله من زبناء جيئة وذهابا يعبر النهر الذي ولد بالقرب منه مراعيا ذمام مهنة يعتبرها من تركة أبيه يتولى شرح الموضوع: “في بعض الأيام ننظم ما بين خمسة عشرة إلى عشرين رحلة نحصد منها قرابة ألفي أوقية، وفي كل المواسم تقريبا لدينا نفس وتيرة العمل، ننقل يوميا أكثر من عشرين شخصا إلى الضفتين، وما نحمله هو بضائع حفبفة أكثرها يأتي من الضفة الموريتانية".

ألاسان كي وهو يقبض على المجداف وسط القارب الذي يعمل فيه منذ قرابة العقدين من الزمن

ألاسان كي وهو يقبض على المجداف وسط القارب الذي يعمل فيه منذ قرابة العقدين من الزمن

المهنة التي تستجلب العشرات وتشكل لهم مصدر رزق وحيدا، أكثر روادها من السنغاليين، يعتقد ألاسان أن قلة الموريتانيين فيها تعود إلى ترفعهم عن مثل هذه المهن وعدم تحملهم لمصاعب مهنة تحتاج الكثير من التحمل والشجاعة، على حد تعبيره.
المهنة تحتاج أيضا دربة عالية على السباحة، ومعرفة بأحوال المياه مدا وجزرا، وهي مهارات تكتسب بالتدرج وطول المران، يكتسبها من سامر ضوء النجوم أكثر من مرة على سطح مياه النهر، وهي العملية التي أتقنها "علي شيخو"، الذي لا يحب الصحافة مثلما يعشق زورقه، على مدى العقد الماضي، بعد أن مارس المهنة مع أبيه عدة سنوات، بل "سامر الظلام" أحيانا كثيرة على سطح نفس المياه بعد أن حفظ الطريق عن ظهر قلب.
"في بعض الأيام -يقول ألاسان- نعمل حتى وقت متأخر من الليل لحاجة بعض المزارعين لنقل منتوجاتهم، وفي الأحوال العادية نعمل من الثامنة صباحا إلى الثامنة مساء".
السكان ينظرون إلى هذه الزوارق نظرة احترام فهي تؤمن للبعض مصدر عيشه الوحيد كما توفر لآخرين وسيلة التنقل الأسهل والأسرع وربما الوحيدة وتسهل التواصل بين إخوان فرقهم النهر والحدود رغم كل نقاط الالتقاء... وهي في الوقت ذاته تحزن آخرين حين تذكرهم مآسي الإبعاد بعد ما تذوقوا "طعم العودة”، لأنهم استقلوها، أو على الأصح حشروا فيها، منفيين من وطن ولدوا فيه وقدروا أنهم سيموتون...


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!