التاريخ: 20.09.2024  التوقيت:08:32 غرينتش


تاريخ الإضافة : 01.07.2012 17:51:13

إشعاعات الدرس المصري قد تسوقها سحب الربيع العربي إلى كل بلد ميت

محمد الأمين التجاني

محمد الأمين التجاني

هجرت الكلمة وأغمدت قلمي وأهرقت مدادي منذ العام 1997م وها أنا وتحت ضغط الفكرة المتحررة والمشهد المؤثر أقطع إضرابي عن الكتابة وأعترف بالهزيمة في معركتي ضد " خنق الكلمة " لذلك أن الثورة المصرية - التي جاءت بعد الثورة المصرية - هذه الثورة المصرية حسمت أمرها وتم تمريرها من بين أعدائها بطريقة فنية لم تصل إليها كرات " مردونا " ولا غيره من المتألقين عالميا في أندية كرة القدم.

لقد رأينا كيف كانت هذه الثورة محفوفة منذ البداية بالمخاطر ولا يراد لها النجاح فمن مماطلة العسكر إلى اللواء المنافس المدعوم سرا ماديا وسياسيا خارجيا وداخليا، إلى نسف الخطوات الأولى على طريق بناء المؤسسات الديمقراطية ( البرلمان ومجلس الشورى)، إلى التشويه الإعلامي لدولة الإخوان المسلمين، أنظر كيف ضربوا لدولتهم الأمثال : (طالبان – السودان – النازية ).

لكن لله در تشكيلة جماعة الإخوان المسلمين في مصر لقد كانت على مستوى عالي جدا من اليقظة والنضج والتجربة والحكمة والحضارة وروح الصبر والعقلانية حيث تجاوزوا كل العراقيل وتلافوا كل الألغام حين قادوا الثورة دون أن يصبغوها أو يلونوها أو يحرفوها أو يستأثروا بها ودونما عدوانية مع شركائهم السياسيين من الغاضبين على حكم مبارك وأخيرا وبعد حبس الأنفاس من جراء حبس النتائج وحل البرلمان وإشاعة وفاة مبارك لغرض معين، أخيرا يخرج محمد مرسي من رحم غيب الصناديق الانتخابية ولا غرو فللشطر الأول إسمه سر في الإطلالة الفجرية.

إن حضور محمد مرسي أول جمعة بعد انتخابه رئيسا وهو ما لم يفعله أسلافه من رؤساء مصر على مدى 60 سنة ثم توجهه إلى ميدان التحرير خارج الطوق الأمني المألوف للرؤساء وصعوده المنصة في ميدان التحرير دائما يعري صدره ليري الثوار والعالم أنه لا يرتدى قميصا واقيا من الرصاص، مطأطئا رأسه ينطق بحمد الله والعفو والصفح تأسيا بفتح مكة مفتتحا بقولة أبي بكر بمناسبة البيعة :

( أطيعوني ما أطعت الله...)، مؤديا القسم أمام الشعب في ميدان التحرير إيمانا منه بأنه المكان والجمع الذين تنعقد فيهما البيعة، معلنا أنه رئيس لمن قال له نعم ولا على حد سواء واعدا بالوحدة والحرية والعدالة والبناء ودعم القضية الفلسطينية.

إن في هذا المشهد درسين : الأول أن الأقمار الصناعية نقلت الصورة كما هي وشخصت فيها عيون شعوب المشرق والمغرب العربيين بصفة خاصة وجذبتهما أكثر مما جذبهما مسلسل " موراد " و " ماري تشوي" ولن يترددوا في استنساخ المشهد.

أما الدرس الثاني فهو أن العالم لن يصدق بعد اليوم دعاية الغرب الذي ظل ينذر ويحذر ويبشر بخطر حكم الإسلاميين بعد ما شاهد العالم وعاش نجاح التجربة المصرية بقيادة الإخوان المسلمين، وكيف أنهم أقنعوا العالم من خلال نجاحهم في مصر بأنهم قدوة في الديمقراطية بل نخبة فيها من حيث التنظير والفكر والممارسة والالتزام.


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!