التاريخ: 20.09.2024  التوقيت:01:29 غرينتش


تاريخ الإضافة : 12.07.2012 12:14:23

إصدار جديد يتحدث عن مسار وتطور علم الجمال

الأخبار(نواكشوط) صدر للدكتور سيدي محمد ولد يب بدار كنوز المعرفة العلمية ، عمان ، الأردن ، كتاب بعنوان "مدخل إلى علم الجمال". وكان الكتاب قد صدر في طبعته الأولى سنة 2012 م .

ويقدم كتاب " مدخل إلى علم الجمال " مبادئ عامة وأفكار توجيهية حول نشأة ومسار تطور علم الجمال أو ما أصبح يسمى منذ منتصف القرن الثامن عشر للميلاد بالأستطيقا Esthètique . تناول المؤلف في فصوله مختلف تعريفات وتطبيقات الأستطيقا ، إضافة إلى عرض تاريخي لمختلف الأنساق الفلسفية والأستطيقية التي تتابعت منذ أفلاطون وحتى مرحلة ما بعد – الحداثة . كل ذلك في ضوء تطور النظريات الأستطيقية بدء بالمرحلة الإغريقية القديمة ومرورا بالمرحلة الوسيطة وانتهاء بمرحلة الحداثة وما بعدها : La Post-Modérnité .

ويتضمن الكتاب فصلا حول الفن العربي الإسلامي : الشعر ، النثر ، بالإضافة إلى الفنون الحرة والفنون التشكيلية . حددت فيه نشأة الفن الإسلامي ومصادره ، تحديدا جمالية العرب قبل الإسلام ، كما أبرزت فيه منهجية الإبداع الفني في الإسلام .

وأشار المؤلف إلى أن هذا الفن ، أي الفن العربي الإسلامي ، قد تميز قبل نهاية العصر الوسيط بنوع من الخصوصية مقارنة بالفنون الأخرى غير الإسلامية .


ويقول المؤلف "لهذا سَعَيْنَا في الفصل المخصص له إلى تحرير القارئ العربي من مصادرات القراءات الأستشراقية الغربية القديمة والحديثة للفن العربي الإسلامي . فهذه القراءات تصدر في الغالب عن خلفية أيديولوجية تختصر ملكة الإبداع الحر في الوعي الغربي وتُقيِّم من هذا المنطلق الفنون غير الغربية في ضوء معايير الفن الغربي الكلاسيكية ، متجاهلة خصوصية فنون الحضارات الأخرى وتميزها . بل إنها تجاهلت دور العرب والمسلمين في تحريض العقل الغربي على الوعي بأزماته الذاتية خلال كل الفترة التي سبقت عصر النهضة الأوروبية ، وهي نفس الفترة التي ازدهر فيها الفن العربي الإسلامي مثل سائر العلوم التي ضرب فيها العرب والمسلمون بسهام نافذة . ويشرح هذا التقدم الفكري والاجتماعي للحضارة العربية والإسلامية على الغرب القروسطي كيف أن العالم العربي - الإسلامي لم يمر بعصر وسيط . فعلى العكس من القراءة القائلة بتأخر العرب خلال العصر الوسيط فإن الحضارة العربية شهدت قبل نهاية هذا العصر ، نظرا لعوامل مرتبطة بمقوماتها الذاتية وأخرى ذات صلة بعلاقاتها مع الحضارتين البيزنطية والفارسية وإلى حد ما الفكر الإغريقي ، ازدهارا ملحوظا في كل المجالات الفلسفية والفنية والعلمية ، مشابها لازدهار الغرب منذ عصر النهضة التي أدت إلى ظهورها أكثرية الأسباب ذاتها التي نهض بفضلها العرب والمسلمون قبل بداية النهضة الأوروبية حوالي القرن الخامس عشر للميلاد"

وواصل يقول " كما تجاوز الغرب بفضل الثورات العلمية والسياسية والدينية التي حصلت منذ بداية هذا العصر ، أي عصر النهضة ، العوائق المعيقة لتقدمه العلمي وتطوره الاجتماعي . تجسدت هذه الثورات أساسا في أعمال فرنسيس بيكون ( 1561م – 1626م) الذي نقد علوم عصره وقلل من شأن المعارف القديمة . وأعاد تصور مفهومي التجربة والعقل لتحريرهما من أوهام الرؤى الفاسدة وعلى رأسها أوهام العقل ذاته . وفي كتابات نيكولا كوبرنيك 1473م – 1534م وثورته المسماة على اسمه: " الثورة الكوبرنيكية ". ثورة قوضت علم الفلك البطليموسي وأفضت إلى القول بمركزية الشمس بدل القول بمركزية الأرض . إضافة إلى أعمال جيوردانو برونو ولوثر وكالفن وغاليلي القائل بدوران الأرض، وكبلر ودافنشي وغيرهم من العلماء . هذا بالإضافة إلى اكتشاف القارة الأمريكية من طرف كريستوف كولومب والطريق المؤدي للهند من طرف فاسكو دي غاما Vasco de gama . وساهم اختراع العالم الألماني غوتمبرغ Gutemberg للمطبعة - سنة 1436م - في تنشيط الحركة الثقافية والفنية وحل مشكلة التثقيف والتعليم في الغرب الذي كان يُعَدُ قارة الجهل بامتياز قبل التحولات سالفة الذكر".


لقد كان عصر النهضة الأوروبية من وجهة النظر الأستطيقية تجديدا للعصر القديم وتجاوزا له في نفس الوقت . تجلى هذا التجديد في مجالات أدبية وفنية عديدة مثل الموسيقى والرسم وفن الأدب . وهو محاولة لمجاوزة الفكر القروسطي من حيث رغبة الفنانين وأصحاب النزعة الإنسانية  خلال عصر النهضة في إضفاء الطابع العلمي Scientifisation والثقافي Intellectualisation على ممارساتهم الفنية من خلال إلحاقها وضمها إلى مجال المعرفة الرياضية والفلسفية والعلمية .

في المقابل لم يهتم أمراء الإسلام ، المولعين بالمخطوطات الجميلة ونتاجات العقل النظري الخالص ، بالاكتشافات والتطلعات التي راهن عليها الإنسان الأوروبي خلال عصر النهضة للقطيعة مع ماضيه القروسطي الرجعي . فعلى العكس من ذلك غرق العالم العربي والإسلامي ، خصوصا بعد الهيمنة العثمانية ، في عصر وسيط ابتداء من القرنين السادس عشر والسابع عشر ، عصر وسيط بدأ بالكاد يستيقظ منه. ولم يبدأ وعيه بتخلفه وتقدم عدوه التقليدي – الحديث : " الغرب " ، إلا مع منتصف القرن التاسع عشر وذلك تحت تأثير العلوم والفنون الأوروبية . تحدثت في نهاية الفصل المتعلق بالفن العربي الإسلامي عن مظاهر الحداثة في الفن العربي الإسلامي القديم . وأبرزت كيف أنه ليس امتداد للفنون الكلاسيكية ، كما ذهب إلى ذلك بعض المستشرقين الغربيين ، بل حمل خلال مراحل تطوره المختلفة سمات حداثية سابقة لأوانها".

وأشار المؤلف إلى أن القرن السابع عشر للميلاد قطع مع أستطيقا عصر النهضة ، غدت الأستطيقا والفن في نهاية هذا القرن مجالات بحث واسعة منفتحة على ممارسة النقد ، مستأنفة بذلك تقليدا فلسفيا قديما . لقد مهد انفتاح الأستطيقا على النقد خلال القرن السابع عشر ومنذ بداية القرن الثامن عشر لتحرير الأستطيقا واستقلالها الكلي . ويعد القرن الثامن عشر مرحلة تحول منقطع النظير في كل ما يتعلق بالعلاقة بين نشاطات الفكر والبحث ( الفن ، العلم ، الأدب ) والأشكال الاجتماعية التي تشترطها وتتأثر بها . وتحددت الاستطيقا في هذا القرن كعلم وكفلسفة للفن . أكملت الأستطيقا في القرن التاسع عشر ، عصر الثورة الصناعية ، استقلالها .
تناول المؤلف في الفصلين الأخيرين مسألة الحداثة وما بعد – الحداثة ليس فقط في مجال الفنون وإنما أيضا في مجال الفلسفة والعلم . وبَيَّنَ أن الجدل الأختلافي الحاصل حول الحداثة ، والحداثة الفنية على وجه التحديد ، حُسِمَ في سياق مراجعة نقدية وأفضى إلى نوع من الإجماع حول القيم والمعايير والمبادئ المُؤَسِسَةَ لها . اختتم المؤلف الكتاب بالحديث عن ما بعد – الحداثة La Post - Modèrnité مشيرا إلى أنها حملت للأستطيقا آمالا وتحديات جديدة .


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!