التاريخ: 20.09.2024 التوقيت:01:26 غرينتش
تاريخ الإضافة : 13.08.2012 01:28:13
ملف الأخبار: الاحتجاجات الشعبية.. إرهاصات ثورة أم هتاف عابر (*)
مدينة مقامة جنوبي موريتانيا عرفت إحدى أعنف الاحتجاجات خلال هذه الفترة، وأدت لمقتل الشاب الأمين مانغان على يد قوات من الدرك الموريتاني (الأخبار - أرشيف)
ترى الأطراف المحتجة والداعم للتظاهر أن العين المجردة والمتابعة السلمية لن تخطئ ما يشهده الشارع الموريتاني من تذمر عارم عبرت عنه تظاهرات وإضرابات لم يسلم منها أي قطاع عمومي أو خصوصي، معتبرة أن حجم انتشار هذه الاحتجاجات وتنوعها وتوسعها يدل على الاستياء العام الذي عم الشارع الموريتانية بمختلف شرائحه وأعراقه وقومياته، إضافة لما يصفونه "بعدل النظام في توزيع الظلم بين الموريتانيين".
ومع الخلاف الواضح في تقييم الاحتجاجات حجما وأهدافا وغاية، فإن الأعوام الأخيرة عرفت العديد من الاحتجاجات الكبيرة، نعرض فيه هذا التقرير لأهمها:
الداخل: اختلاف المكان وتوحد المطلب
أعضاء في حراك مكطع لحجار الشبابي يحملون حاويات مياه تعبيرا عن العطش الذي تعاني منه مدينتهم (الأخبار - أرشيف)
سكان مدينة مقطع لحجار بولاية لبراكنه، نظموا في الخامس من إبريل 2012، مسيرة حاشدة باتجاه مقر الحاكم للمطالبة بإنهاء أزمة المياه التي تشهدها المدينة منذ فترة، وقد نصب المتظاهرون خياما للاعتصام لكن قوات الشرطة قامت بنزع الخيام ومنع المواطنين من الاعتصام قرب مقر الحاكم.
وفي تطور دراماتيكي للأحداث في هذه المدينة أقدمت قوى الأمن في السابع عشر من نفس الشهر على اعتقال 19 شابا ساعات قبل زيارة ولد عبد العزيز للمدينة، الزيارة التي تعهد خلالها ولد عبد العزيز لسكان مقطع لحجار بحل مشكل المياه في المدينة خلال أربعة أشهر انقضى منها ثلاثة حتى الآن.
كما نظمت مبادرة فك العزلة عن مقاطعة جكني عدة وقفات أمام القصر الرئاسي وبعض الوزارات للمطالبة بحل مشاكل المقاطعة.
سكان مركز فصالة الإداري كانوا أكثر عنفا في احتجاجهم حيث أقدموا منتصف فبراير 2011 على إحراق مقر البلدية ومرافق عمومية أخرى، كما هددوا باقتحام مسكن الحاكم قبل أن يتعرضوا لقمع عنيف من طرف تعزيزات أمنية وصلت الى المركز على جناح السرعة وقامت بسجن المجموعة التي شاركت في المفاوضات مع الحاكم باسم الأهالي الذين خرجوا للاحتجاج على ارتفاع الأسعار وانعدام الماء والكهرباء والرعاية الصحية.
بعض القنابل المسيلة للدموع قام عمال شركة نحاس موريتانيا بجمعها بعد استخدام قوات الحرس لها في تفريق اعتصامهم (الأخبار - أرشيف)
اتجه شباب المذرذرة الى أسلوب التصريح بدل التلميح فخرجوا في تظاهرات متكررة للمطالبة بفك العزلة عن مدينتهم، قبل أن يقدموا في الثامن من إبريل 2012 على تنظيم مسيرة راجلة لمسافة 50 كلم على الطريق الرملي الذي يربط المدينة بطريق روصو – نواكشوط، وبعد وصول المسيرة إلى الطريق، حاول المحتجون إغلاقه للفت الانتباه لمطالبهم، لكن قوات من الدرك الموريتاني تدخلت بقوة وفرقت المحتجين من الشباب والفتيات المطالبين بتعبيد الطريق المؤدي إلى مدينتهم.
التعدين: العرق والدم... وقود الاحتجاج
بلغ التوتر أوجه في المدينة الشمالية و تم إخلاء العمال الأجانب وطالت الاتهامات بتحمل المسؤولية عن دم ولد المشظوفي أعلى هرم في السلطة الرئيس محمد ولد عبد العزيز، من جهة أخرى أعطى الحادث الأليم دفعة قوية لنضالات عمال المناجم في مختلف أطراف البلاد.
جرنالية اسنيم استدعت تاريخها النضالي الحافل بالتضحيات وتحركت في احتجاجات متصاعدة نالت حظا وافرا من اهتمام الرأي العام الوطني، وامتدت هذه الاحتجاجات طوال فترة حكم الرئيس محمد ولد عبد العزيز حيث تعهد الرجل بحل مشكل تلك الفئة خلال زيارة لمدينة ازويرات أثناء حملة 2009 الانتخابية قبل أن يعلن في 25 نوفمبر 2010 من نفس المنصة عن تشكيل لجنة وزارية مكلفة بتقديم تصور لحل المشكلة؛ وتوصلت اللجنة لخطتها التي أعلن عنها بداية العام 2011 على لسان مدير الشغل عبر التلفزيون الرسمي.
جثمان العامل في شركة نحاس موريتانيا محمد ولد المشظوفي، والذي قضى بعد تفريق قوات من الحرس لاعتصام عمالي أمام الشركة (الأخبار - أرشيف)
وفي مطلع العام الجاري أدى صرف شركة "اسنيم" منحة مرتب شهرين لعمالها الرسميين الى موجة امتعاض شديدة في صفوف عمال "الجرنالية" وكان أبرز تلك الاحتجاجات ما عرف باعتصام الأيام العشرة والذي نظم بدعوة من ائتلاف تسع مركزيات نقابية قبل أن يتم تعليقه بتاريخ: 15 مايو 2012.
اعتصام لعمال شركة "كينروس تازيازت موريتانيا" والعاملية في مجال استخراج الذهب أدى لخسارة الشركة أكثر من مليار أوقية خلال يومين (الأخبار)
عدوى الاضراب انتقلت بسرعة نحو عمال الشركة الأم فدخل عمالها مساء الرابع من يونيو 2012 في إضراب عن العمل من أجل الضغط لتحقيق عريضة مطلبية من 18 مطلبا على رأسها فتح تحقيق في ملابسات طرد عدد من العمال من الشركة، مع إعادتهم إلى مناصبهم، وإقالة مسؤول التعدين في الشركة وهو من أصل استرالي.
توقف مصنع استخراج الذهب ومصنع تصفيته بفعل الإضراب فأدى ذلك إلى تعرض الشركة لخسائر مادية تجاوزت مليار أوقية، قبل أن تعلن الشركة عن انتهاء الإضراب بعد تسوية المشكل.
ضد "الاسترقاق والتهميش"
نظمت مبادرة انبعاث الحركة الانعتاقية "إيرا" عدة احتجاجات أخذت توقيتا أسبوعيا خلال الفترة الأخيرة بعد اعتقال رئيس المبادرة بيرام ولد الداه ولد اعبيدي (الأخبار - أرشيف)
السلطات الأمنية داهمت منزل زعيم المبادرة و اعتقلته صحبة بعض معاونيه ليبدأ أعضاء المبادرة سلسلة مسيرات مطالبة بالإفراج عن معتقليها.
الشاب الشيخ ولد الراجل ولد المعلى لم يكن من منتسبي "إيرا" لكنه قضى مختنقا بالغاز المسيل للدموع، الذي أطلقته الشرطة الموريتانية بكثافة مساء السبت 09 يونيو 2012 على تظاهرة نظمتها المبادرة للمطالبة بإطلاق سراح رموزها المعتقلين.
ليلى بنت أحمد زوجة الناشط الحقوقي بيرام ولد الداه ولد اعبيدي أصيبت عدة مرات أثناء الاحتجاجات، كما اتهمت الشرطة باستهدافها بشكل مباشر (الأخبار - أرشيف)
ولا تزال احتجاجات "إيرا" متواصلة في حين يقبع زعيمها وعدد من قياداتها خلف القضبان على خلفية حرق المتون الفقهية.
إحصاء أم "إقصاء"؟
احتجاجات لنشطاء من حركة "لا تلمس جنسيتي" أما مفوضية مكافحة المؤثرات العقلية في تفرغ زينة احتجاجا على اعتقال منسق الحركة وان بيران عبدول (الأخبار - أرشيف)
شكلت حركة "لا تلمس جنسيتي" المؤطر الرئيس للاحتجاج ونظمت مسيرة في العاشر من سبتمبر 2011 انطلقت من ساحة العيادة المجمعة في اتجاه القصر الرئاسي، للمطالبة بوقف ما وصفته "بالإحصاء العنصري" وإنهاء التهميش ضد بعض مكونات الشعب الموريتاني، حسب ما ورد في منشورات الحركة.
المناطق الجنوبية من البلاد كانت فاعلة بقوة في حراك الزنوج ضد الإحصاء بحيث شهدت مدينة كيهيدي صباح السبت 24 سبتمبر 2011 مواجهات عنيفة بين وحدات من الشرطة الوطنية ومتظاهرين من أنصار حركة "لا تلمس جنسيتي".
السلطات الموريتانية أقدمت زوال السبت 04 فبراير 2012 على اعتقال منسق حركة لا تلمس جنسيتي وان بيران بينما كان في زيارة لأخيه المريض بالمستشفى الوطني بنواكشوط.
الاحتجاجات وصلت مدنا في الجنوب الموريتاني بينها "كيهيدي" حيث تم إحراق مبنى المحكمة إضافة لباص تابع للشرطة الموريتانية (الأخبار - أرشيف)
إعلان الرئيس الموريتاني عن طي ملف الإرث الانساني كان شرارة أخرى لتأجيج الاحتجاجات من جديد حيث نظمت حركة "لا تلمس جنسيتي" مسيرات احتجاجية تصدت لها قوى الأمن بالقمع العنيف.
الطلاب.. صدامات وغضب ساخن
الاحتجاجات الطلابية المناهضة لإغلاق المعهد العالي دامت عدة أشهر وشملت اعتصامات ومواجهات مع الشرطة في الشوارع (الأخبار - أرشيف)
"المعهد العالي" كان أيقونة الاحتجاج الطلابي حيث شهد صدامات واحتجاجات في أيام غضب تخللت العام الداراسي، رفضا لقرار إغلاقه الذي اتخذته السلطات الموريتانية نهاية العام الماضي، بعد الإعلان عن إقامة جامعة للعلوم الإسلامية في مدينة العيون عاصمة الحوض الغربي شرقي موريتانيا.
ورغم تكرار حناجر الغاضبين لعبارة التطمين "سلمية.. سلمية" واجهت شرطة مكافحة الشغب المسيرة الطلابية بوابل من مسيلات الدموع والعبوات الحارقة أسفرت عن حالات إغماء وحروق وكسور في كثير من الطلاب المحتجين، كانت من أخطرهم حالة الطالب عمر ولد سالم.
طالبة في المعهد العالي تم سحلها من قبل عدد من أفراد الشرطة إثر الاحتجاجات على إغلاق المعهد (الأخبار - أرشيف)
"مشهد الغضب" تكرر في ثالث أيامه (18 – مارس - 2012) حيث اقتحمت الشرطة مباني المعهد وسط إطلاق مكثف للقنابل المسيلة للدموع، كما اعتقل الأمن رئيس قسم الاتحاد الوطني بالمعهد وعشرة من رفاقه، بينما أصيب آخرون في المواجهات.
وفقة للطلاب المطرودين من جماعة "نواكشوط" للمطالبة بإلغاء قرار المجلس التأديبي للجامعة (الأخبار - أرشيف)
وما إن هدأت الأوضاع في المعهد حتى شل إضراب عام للطلاب معظم كليات جامعة نواكشوط صباح 02 مايو 2012 ، بعد دعوة أطلقها ائتلاف الهيئات النقابية الطلابية، كما شهد التاسع من نفس الشهر مواجهات عنيفة بالجامعة انقشع غبارها عن اعتقال أكثر من 30 طالبا على يد أفراد الشرطة الذين اقتحموا الجامعة مستخدمين مسيلات الدموع والقنابل الصوتية والهراوات في أحد أكثر أيام الجامعة سخونة.
(*) يمثل هذا التقرير الحلقة الخامسة من ملف متكامل تعده "الأخبار" عن ثلاث سنوات من حكم الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز.