التاريخ: 21.09.2024  التوقيت:14:37 غرينتش


تاريخ الإضافة : 12.08.2008 14:39:50

رسالة من الجنرال الرئيس أمدو توماني توري إلي الجنرال ولد عبد العزيز

سيدي ولد عبد المالك

سيدي ولد عبد المالك

سيدي ولد عبد المالك
[email protected]

أخي الجنرال اكتب إليك علي غير العادة ، فهذه المرة لن أحييك بتحية التقدير المتعارف عليها لدينا نحن الجند . فقد بلغني من قبح صنيعك ما أساء الظن بك كمخلص من الطغيان و بان للأسس الديمقراطية في بلدك. إن ما أقدمت عليه في موريتانيا الشقيقة صبيحة السادس من أغسطس حدث عز علي سماعه و أثر في قلبي موقعه، كما استاءت له مسامع كل العجم، فقد خلتك أخي الجنرال صادق الوعد قوي المنة في أغسطس 2005، فقل لي بالله عليك ما ذا حملك أنت و رهطك من بني علي علي هذه الفعلة المنكرة التي باعدت الأمل و الرجاء فيكم.
أخي الجنرال أفلا تعلم أن للسلطان حق عزل كبار الجند و الولاة، و كم من وزير أقيل فلا تمرد، و كم من قائد في الجيش مشهود له بالرباط علي الثغور و حسن السلوك عزل فما خرج بجنده علي السلطان.
أخي الجنرال
ستسمع مني كلاما قد يضيق به صدرك و لكن أن يضيق صدرك خير لك من أن تضيق بك الأرض بما رحبت، فاعلم بأنه لا ناصح لك مثلي فاحتذ بمن جرب، وأنت تعلم أن لي بشؤون السلطة دراية و لي من الانقلاب حكاية.
إن الحكم و السلطة لابد لهما من حسن طوية و طول روية في المقام الأول، و بعدها تأتي الشرعية و التزكية، فمن طلب السلطة بغير شرعية فقد أخرب البلاد و اهلك العباد و لا يستقيم أمره إلا يسيرا، وإني رأيت أن عجلتك بالأمر قبل أوانه قد أفسدت عليك سمعتك و ضيعت عليك مجدك و وضعت من قدرك عند العامة.
أخي الجنرال
و الله مارأيت من حولك إجماع العامة فالبيعة لا تنعقد إلا بها، بل رأيت من حولك وجوه شؤم و لؤم تفنن أصحابها في صناعة النفاق و التملق، قوم أصحاب استئثار و تطاول وتصنع، فلا تحسبهم سندا يعول عليه فهم أنصار في وقت الطمع و أصفار في وقت الجزع، و ما وجدت أحدا أثقل مؤونة علي الحاكم منهم في الرخاء، و لا أحدا اقل مؤونة عليه منهم في البلاء.
أخي الجنرال
لقد تناهي إلي مسمعي أن الإذاعة و التلفاز تحولا إلي بوق لتمجيدك و أن الرأي الآخر منهما قد صودر، فإن كان الأمر كذلك فهي والله لخسارة كبري . و إني لمحذرك من تصديق الإطراء ثم إياك و الإعجاب بنفسك . و لا تطمحن بك نخوة حاكم أن تعنف أحدا علي تأييدك . و عليك بوقف التلويح بالختم بالشموع علي مقرات الأحزاب ، و كفاك من مسيلات الدموع في حق معارضي الانقلاب .
أخي الجنرال
استمع إلي ما خلد إليه الماضون .لقد كان في بلاد شاطئ العاج المجاورة جنرال ضخم البنية ، ذو سمعة حسنة في الجيش ،اسمه روبرت كي فشاءت الأقدار أن يجد نفسه وبدون عناء كبير في قصر البلاد بعد أن طهره بعض صغار الجند من الحاكم المستبد هنري كونان بدي . في البداية حلف الجنرال كي بأيمان مغلظة بأن يرد السلطة إلي المدنيين في أيام معدودات ، و أن يعود الجند إلي الثكنات . غير أن الله قيض له شياطين من الإنس زينوا له البقاء في الكرسي الوثير لأنها لا تصلح إلا له و لا يصلح إلا لها. فاخلف وعده و نكث عهده ، و ترشح للرئاسة فهزم، فما أراد الخروج من القصر فطردته الجماهير الغاضبة ، و بعدها بسنتين قتله جنود الرئيس لوران اكباكبوا شر قتلة هو وبعض مقربيه.
أخي الجنرال
إن رفيق دربنا في السلاح النقيب الرئيس جيري راوليينغ يعيش الآن بسلام و أمان بأكرا عاصمة بلاد الشاطئ الذهبي (غانا)، بل قيل لي بأنه أصبح بمنزلة رئيس فخري للبلاد. فالرئيس جون كيفور لا يقطع أمرا بدون مشورته كما يظهر إلي جانبه علي المنصة في الحفلات الرسمية، و الشعب الغاني يكن له الكثير من التقدير و الإجلال مقابل حسن صنيعه ، فقد ترك الرجل السلطة طواعية منذ سبع سنوات كما تعلم و أشرف علي تنظيم انتخابات حرة و نزيهة انحني تقديرا لنتائجها علي الرغم أنها أتت بمرشح المعارضة علي حساب مرشحه جون آتا ميلز.
أخي الجنرال
إن الجنرال افرانسوي بوزيزي حاكم جمهورية وسط إفريقيا يعيش الآن في وضع يحسد عليه فمنذ أن اغتصب السلطة من الرئيس اباتاسي و نائبات الدهر تنهشه فالبلاد بلا خراج و خزائن بيت المال علي عروشها خاوية و العمال بلا رواتب و الأسعار في ارتفاع جنوني . صحيح انه في البداية كان وضعه أفضل فقد التفت الطبقة السياسية من حوله و علي رأسها المعارض العجوز آبل كومبا –صديق حميم لأحمد ولد داداه منذ فترة طويلة- و شرعت له عملية اغتصاب السلطة .هذا الأخير لم يعد وزيرا أول ولا نائبا للرئيس فقد أصبح فقط وسيطا للجمهورية بعد أن انتهت المهمة . و قد سمعت أن أنصاره أحالوه إلي التقاعد السياسي القسري بعد أن بدا لهم منه ما لم يكونوا يحتسبون. أما معهد العلوم السياسية الذي كان يتابع فيه دراسات عن بعد فقد قرر طرده بعد أن سقط للمرة الثانية في موضوع حول تعارض الانقلابات مع مصادر الشرعية الدستورية من مادة القانون الدستوري. لقد جاء جان بول انكوباندي رئيس وزراء الرئيس المخلوع اباتاسي من منفاه الاختياري في باريس و فتح مركزا لعرض الخدمات علي الرئيس بوزيزي قبالة القصر الرئاسي .

أخي الجنرال

لقد وصل الجنرال احمد بكار- مغتصب إمارة انجوان في جرز القمر- منذ شهر تقريبا إلي مطار كوتونو بعد أن طردته فرنسا عن أراضيها أشعث اغبر تكسوا محياه مظاهر الاضطراب و ترتسم علي وجهه أعراض الاكتئاب، إنه يعيش الآن متخفيا في الأحياء الفقيرة من العاصمة البنينية خوفا من تعقب عدالة بلده ومن المنظمات الحقوقية التي أقسمت أن تقبض عليه حيا أو ميتا، و لعلك قد سمعت بالطريقة التي اخرج بها من البلاد بقوة فقد رصد له الاتحاد الإفريقي كوماندوز صغير مهمته استرداد السلطة منه ، و قبل أن تندلع المواجهات استسلم جنوده ،فولي مدبرا.
أخي الجنرال

بقي علي فقط أن أخبرك بأحوالنا في مالي ، فالأمور علي مايرام و لا شيء يعكر علي الناس صفو الحياة سوي عصابة إبراهيم اكبهانغا في كيدال ، و مع كل هذا فنحن لا ندخر جهدا لحل المشكلة بالحسنى فهكذا علمتنا أعراف الديمقراطية و حب الاستقرار و السلم. الحياة في العاصمة باماكو طبيعة فالأحزاب و منظمات المجتمع المدني تمارس نشاطها بشكل اعتيادي، وآخر المستجدات السياسية هنا هو بيان شديد اللهجة أصدره حزب النهضة الإفريقية المعارض ضد انقلابكم، لا شك أن الخبر سيكون قد وصل إليكم فسفيركم هنا سيدي آمين ولد احمد شل دبلوماسي نشط في جمع الإخبار و الشائعات و ما احسبه إلا ناقلا سريعا.
في الأخير تقبلوا مني و من الشعب المالي اقوي عبارات الرفض والتنديد.
المخلص أمدو توماني توري


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!