التاريخ: 20.09.2024  التوقيت:02:54 غرينتش


تاريخ الإضافة : 25.12.2012 01:47:50

الغنوشي للأخبار: لا أخاف على الثورات لأنها عميقة وستدافع عن نفسها

الشيخ راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة التونسية (الأخبار)

الشيخ راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة التونسية (الأخبار)

الأخبار (نواكشوط) – قال رئيس حركة النهضة في تونس الشيخ راشد الغنوشي إن لا يخاف على الثورات العربية "لأنها ثورات عميقة وستدافع عن نفسها في وجه خصومها"، مؤكدا أنها "تواجه صعوبات وتحديات، لكن لا خشية عليها".

واعتبر الشيخ الغنوشي في مقابلة مع الأخبار أن "التحديات التي تواجه مرحلة التحول تحديات كبيرة"، مضيفا أن وجود تحديات أمام الثورات وفي فترة التحول "أمر مفهوم لأن لكل ثورة ثورة مضادة، تقوم على أعمال مضادة للثورة".

وقال الغنوشي إن "من يتصور أن من قامت الثورة ضدهم وفلولهم، ومن حكموا البلاد لأكثر من خمسين عاما سيستلمون بسهولة وبضربة واحدة فهو واهم"، مشيرا إلى أن "هذه القوة متمكنة في قلب الإدارة وفي الإعلام وفي المال، وفي كل المؤسسات، وبالتالي فهي تضع العصي في الدواليب، وتحاول أن تعرقل المسيرة، وأن تبث اليأس من الثورة، وأن تعطي رسالة تقول: أيها الشعب قد أخطأتم إذ طردتم بن علي ومبارك ومن إليهم، وأن الماضي خير من الحاضر، وأنه قد غرر بكم، ولكن في الحقيقة أن هذه الشعوب هي من قامت بالثورات، ولهذه الثورات حراسها، كما أن الثورة تدافع عن نفسها".

وأشار الغنوشي إلى أن سلمية ثورتي تونس ومصر "وكونهما لم تنصبا المشانق للخصوم، أغرى أولئك الخصوم، ودفعهم للطموح في استرداد مواقعهم، ولكن هذا الوهم، وهذا الغرور، وهذا الطموح الشيطاني سيدفع رأس الثورة إلى التصعيد ضد أولئك، وإلى تحمير العيون في وجوههم".

وتحدث الشيخ الغنوشي في المقابلة عن مشاهداته في موريتانيا، وعن مواقف من زيارته لها، كما تحدث عن الثورة السورية، واقعها والموقف منها.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وهذا نص المقابلة:

الأخبار: تغادرون موريتانيا بعد لحظات، كيف تصفون زيارتكم لها؟ وما هي أهم المواقف والملاحظات التي استوقفتكم خلالها؟

الشيخ الغنوشي:
بسم الله الرحمن والصلاة والسلام على النبي الكريم.

هذه زيارة الأولى لبلد أحببته سماعا، ولي علاقة أخوية متميزة مع عشرات إخواني الموريتانيين، أعجبني فيهم العلم والأدب والشعر والفصاحة والخلق القويم، والدماثة، وحسن المعشر، وهذا هو ما بعث في نفسي الرغبة المتجددة بزيارة هذا القطر، وحال بيني وبينها أو ضاع سياسية رغم تلقيت عدة مرات دعوات لزيارة موريتانيا من الحركة الإسلامية، لكن كان علي أن أعبر المغرب التي كنت ممنوعا من دخولها، إلى جانب أن الأوضاع في موريتانيا لم تكن ملائمة لذلك، فظل هذا الشوق دفينا إلى أن انبثق الربيع العربي فأزال كل الحواجز من الطريق، وظللت أتحين الفرصة إلى أن جاءت دعوة من أخي محمد جميل ولد منصور، ورغم كثرة المشاغل وتعقد الأوضاع في تونس اليوم، إلا أني لم أجد سبيلا لكبح جماح هذه الرغبة مرة أخرى، فكانت هذه الزيارة بمناسبة المؤتمر الثاني لحزب "تواصل".

كلما وجدته خلال لقاءاتي في اليومين الذين قضيتهما هنا عمق لدي ما كنت أتوقعه، فقد أحاطني الإخوة في موريتانيا عامة حب غامر وتكريم يعجز عن وصفه اللسان، حتى ذكر أحد الأساتذة الجامعيين وهو يصافحني بحرارة، ويغتصب هذه المصافحة من بين الصفوف المتراسة حولي، أنه حقق اليوم رغبة جامحة ظللت تتلجلج في صدره أكثر من عشرين عاما، قالها والدموع تنهمر من عينيه.

وجدت في هذا القطر أيضا ما كنت متوقعا من حب عميق للعروبة وحب عميق للإسلام ولفلسطين، ومن تعلق كبير بالثورة التونسية وبمنتوجاتنا في فكر حركة النهضة، وبما أنتجته شخصيا، وأن لم أتفاجأ حقيقة لأني كنت أتوقع هذا، لكن الواقع كان أكبر مما توقعت.

من المواقف التي أسجلها أيضا ما يجده حزب "تواصل" من التفاف حوله، وبعض جوانبه كانت أكثر بكثير من المتوقع، فأنا وجدت حزبا قد تأهل للحكم من خلال اتساع أفقه، واتساع مداركه، واتساع قاعدته؛ ليس الاتساع العددي - وهو كبير أن يكون أكثر من سبعين ألفا وعمره سنوات – وإنما نوعية هذه القاعدة التي تعتمد أساسا على الشباب وعلى النساء، وتستوعب كل مفردات ومكونات المجتمع الموريتاني، فقد وجدنا في قيادته كل مكونات المجتمع الموريتاني من عرب وزنوج وغيرهم، واستعمنا خلال الافتتاح للغات شتى تحدثت، وكانت لغات رسمية في المؤتمر، فنحن إزاء حزب نضح لتكون له أبعاد وطنية تؤهله لأن يحكم باسم شعب بكامله، بمكوناته، وبطبقته القيادية المتنوعة والناضجة، وبكفاءاته العلمية الأكاديمية والمهنية ونقابية، واهتمامه بالشباب وبالنساء، فهو حزب وطني بكل أبعاد الكلمة، وحزب إسلامي وعصري متفتح على كل التيارات والقوى الحديثة.

ولا يمكن أن أمر هذه المشاهد دون التوقف عند الزيارة الأخيرة التي اختتمت بها زيارتي لموريتانيا، أعني زيارة مركز تكوين العلماء، والذي يديره أخونا العلامة الشاب الشيخ محمد الحسن ولد الددو، فقد سمعت سابقا عن هذا المشروع، لكن وجدته أيضا أكبر مما تصورت، فقد كنت أتصور أنه مجرد محظرة، وهي مؤسسة تقليدية، ولكن وجدت في حقيقة الأمر أنني أمام جامعة حديثة تجمع بين أصول الدين وعلومه، وبين استخدام الأدوات الحديثة في التعليم، وفي التعامل مع ما يدور حول هذه من علوم وأخبار وحوادث، ومستجدات، فهذا المركز نمط جديد من التعليم الإسلامي يجمع بين التكوين التقليدي الذي يعتمد على المتون، ويعتمد على الحفظ في كل المجالات، وبين الإطلاع واستخدام الأدوات الحديثة، فهذا المركز رافد مهم، بل أساس من أسس التجديد العلمي في موريتانيا وهو ما يؤهل هذا البلد لأن يسهم إسهاما كبيرا في تقدم الحضارة الإسلامية، وفي تجديد العلوم الإسلامية، ويزيد الأمر تفاؤلا ما لاحظته من شعبية واسعة يتمتع بها الشيخ محمد الحسن ولد الددو في المجتمع الموريتاني، فضلا عن الحركة الإسلامية، فهي إذا ليست مؤسسة معزولة، بل هي في قلب مشاغل المحيط واهتماماته.

الأخبار: صورة بلدان الربيع العربي، كيف ترونها الآن، خصوصا وأن حديثا يتردد هنا وهناك عن فشل الثورات في تحقيق أهدافها؟

الشيخ الغنوشي: المثبطون يجدون دائما ما يستمسكون بها دائما، والتحديات التي تواجه مرحلة التحول تحديات كبيرة، ومنها بالفعل هؤلاء المثبطون إذ يشكلون عقبة في طريق هذا التحول، وهو أمر مفهوم، أمر مفهوم لأن لكل ثورة ثورة مضادة، تقوم على أعمال مضادة للثورة، من يتصور أن من قامت الثورة ضدهم وفلولهم، ومن حكموا البلاد لأكثر من خمسين عاما سيستلمون بسهولة وبضربة واحدة فهو واهم، خصوصا وأن هذه القوة متمكنة في قلب الإدارة وفي الإعلام وفي المال، وفي كل المؤسسات، وبالتالي فهي تضع العصي في الدواليب، وتحاول أن تعرقل المسيرة، وأن تبث اليأس من الثورة، وأن تعطي رسالة تقول: أيها الشعب قد أخطأتم إذ طردتم بن علي ومبارك ومن إليهم، وأن الماضي خير من الحاضر، وأنه قد غرر بكم، ولكن في الحقيقة أن هذه الشعوب هي من قامت بالثورات، ولهذه الثورات حراسها، كما أن الثورة تدافع عن نفسها، وهذه الثورات وخصوصا الثورتين التونسية والمصرية كانتا ثورتين سلميتين، لم تنصبا المشانق للخصوم، وهو ما أغرى أولئك الخصوم، ودفعهم للطموح في استرداد مواقعهم، ولكن هذا الوهم، وهذا الغرور، وهذا الطموح الشيطاني سيدفع رأس الثورة إلى التصعيد ضد أولئك، وإلى تحمير العيون في وجوههم.

وأنا ليست لدي خشية على هذه الثورات، صحيح أنه هناك صعوبات وتحديات، ولكن هذه الثورات عميقة، وستدافع عن نفسها في وجه خصومها.

الأخبار: كيف ترون الوضع في سوريا؟ وما موقفكم من الحديث عن "مؤامرة دولية" تسعى لإسقاط نظام يوصف بأنه "ممانع ومقاوم"؟

الشيخ الغنوشي: الوضع في سوريا خطير ومقلق، والعالم يجب أن يتحرك لدعم أحرار سوريا، الوقوف في وجه النظام السوري بعد كل المجازر التي ارتكبها في حق شعبه.

والحق أن علينا نعترف بكل صراحة أن النظام السوري دعم المقاومة ووقف مع صفها، لكن هذا الموقف على قيمته لا يبرر إطلاقا منع الشعب السوري من حقه أو الاعتداء على حريته، وأنا أعرف الشعب السوري وقد عشت في سوريا فترة عرفت فيها هذا الشعب، وهو شعب أبي عظيم، يقف مع الشعوب المقاومة ويؤويها، ويفتح لها أبواب بيوته ومنازله، وقد صبر هذا الشعب على النظام السوري أكثر من أربعة عقود بسبب دعمه للمقاومة، ومن حقه أن يسعى من أجل حريته، وأن يزيل النظام الذي يسلبه هذه الحرية مهما كانت مبرراته.

وقد كنت في حديث مع سفير إيران في تونس خلال الأسابيع الماضية حول موضوع سوريا، وكان مما قاله لي إن النظام السوري يجب أن يبقى لأنه يدعم المقاومة، فقلت له: هل النظام السوري يدعم المقاومة بإرادة الشعب أم رغما عنه والشعب عميل ويقف ضد المقاومة؟ إن كان النظام يدعم المقاومة بإرادة الشعب السوري، فإرادة الشعب السوري في دعم المقاومة باقية ما بقي الشعب حتى ولو سقط النظام، وإن كان يدعم المقاومة رغما عن الشعب فهذا المنطق يقتضي أن الشعب عميل ويقف إلى جانب العدو، والنظام مهما كان لا يمكن المراهنة عليه لأن سيزول، والحقيقة هي ما ذكرته لكم سابقا، أن وقوف النظام السوري إلى جانب المقاومة جعل الشعب السوري يصبر عليه كل هذه الفترة،، ويمهله لأربعة عقود من الزمن.


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!