التاريخ: 20.09.2024  التوقيت:06:45 غرينتش


تاريخ الإضافة : 03.01.2013 11:53:22

2012 عام النضال والوعي بالحقوق

أبو إسحاق الدويري

أبو إسحاق الدويري

لم يخل يوم من أيام الله الماضيات ولا عام من أعوامه الخوالي من مناضل قائم لله والناس بالحق، وقد تميزت سنة 2012 بأنواع من النضال جديدة، وأشكال من المناضلين جدد، واتصف أغلبهم بعزيمة ماضية مع مبدئية صارمة. وإن كثيرا من العقلاء لمتفائلٌ جدا بذلكم الحراك، ومستبشرٌ بغد أفضل للمظلومين والمحرموين في ربوع بلاد تتباءس يوما بعد يوم، ويدعي المتسلطون الأقزام فيها أن كل شيء على ما يرام، ولعمري إنهم لكاذبون.


ميزة نضال 2012


اتسمت 2012 بسمة في النضال بارزة؛ وهي توسع جغرافية المناضلين وتنوعهم، فبعد أن كانت نواكشوط ساحة النضال المركزية في الأعوام الفارطة توسعت الساحات هذا العام لتمتد من احتجاج "النعمة" و"جكني" شرقا على العطش وأزماته إلى مطالبة أهل "المذردرة" غربا بتعبيد الطريق، مرورا ب"العيون" وانتفاض طلابه و"قرو"وسعي أهله للحصول على كهرباء غير متقطعة مع ماء صالح للشرب يليق ب"كامور". وانتفض طلاب "تجكجه" من أجل كسرة خبز. وفي الوسط كانت آهات أهل "مقطع الحجار" ترد على كل أقاويل إنجاز السبعين في المائة من البرنامج الوهمي للعسكري المتسلل، ليبقى ذلك المعضل شاهدا على فترة الإنجازات الوهمية، وفي الشمال وما أدراك ما الشمال؛ قدم العمال في "اكجوجت" الشهيد ولد المشظوفي ليعرف الناس قيمة الإنسان المورتاني في دولة العسكر البائسة ونهبها للذهب والسمك وما بينهما. وفي "نواذيبو" كانت قافلة المظالم أغنية تحرر رائعة وإبداعا مدنيا لعل المتعجرفين يتعظون.


الشعب


حين يخرج الإنسان المورتاني المسالم عن صمته، ويصيح في وجه السلطة التي لُقِّنَ كثيرا أنها لا تعارض فمعنى ذلك أنه لم يعد بمعزل عما يجري حوله، وأنه سئم الكذب والوعود الْمُخْلَفةَ التي عودته عليها السلطات المتعاقبة، وأنه لم يعد يثق في ذلك النوع من الساسة المنتفخ بالمال الحرام الذي لا يزور إلا إذا زار ولي النعمة، وعادة ما تكون زيارته نحسا على المستضعفين -في أموالهم وأوقاتهم- الذين يقفون في الشمس ساعات طوالا ليلوح لهم الامبراطور المغفل في ابتسامة ألكترونية متكلفة -إن تكلفها-،
وفي جغرافية النضال المشار إليها آنفا عبرة لمن يعتبر.


الطلاب


قدم الطالب الموريتاني في السنة المنصرمة تضحيات جساما لقضيته، وكانت النقلة الأبرز في ذلك كفر الطالبات بقول ابن أبي ربيعة:

كتب القتل والقتال علينا *** وعلى الغانيات جر الذيول

-وليس معنى جر الذيول هنا جرجرة الطالبات-

فقد كانت الطالبة المرويتانية مع أخيها الطالب أيقونة للنضال حقا، فلا نستطيع أن ننسى الطبيبة المتميزة الأخت ميمونة وأخواتها المطرودات، ولا الأخوات اللواتي صمدن في المعهد العالي وجرجرن وزرن المفوضيات مرارا، ولا الرفيقة امغيلي بنت محفوظ ورفاقها.
وقد كان الاتحاد الوطني لطلبة موريتانيا وقسمه في المعهد وكلية الطب آية في الإقدام والتصميم، فلأمينه العام ومساعديه أحر التهانئي بإنجازاتهم فهُمُ الفخر في زمن الانكاسارت.


المناضل الطالب ألمين فخر الأحرار


بعد أن أفرط النظام برعاية من مدير الديوان في تركيع الطلاب وسجنهم وطردهم وإهانتم وغلق مؤسساتهم وتأجيج الحرب الأهلية بينهم، ورجَع من كل ذلك بخفي حنين بفضل الله عمد إلى أسلوب الخفافيش في شراء الذمم وبيع الضمائر فلمحت أعين جواسيسه المنبثين في كل مكان شابا أرهقه النضال تبدو عليه سيما البساطة والفقر فاقتحموه عارضين عليه كل ما يحلم به شاب في دولة البؤس التي يسيرون، ورتبوا كل اللقاءات وضمنوا كل الضمانات، وظنوا أنهم نالوا بغيتهم في اختراق الاتحاد الوطني الذي أرقهم كثيرا بمبدئية مناضليه وإخلاصهم لقضاياهم الطلابية، فتنادوا إلى أفخم الفنادق مع وسائل إعلامهم ليقصموا ظهر الاتحاد فقصم أخي الحبيب الطالب ألمين ظهورهم، وأظهر دناءتهم وخستهم، فعلى جدران قناعة الشهم الطالب ألمين تحطمت كل إغراءات القصر، وبمدئيته حفظ الله الاتحاد من كيد الكائدين، فالله يحفظ روحك المرحة ويمدك بمدد منه. وحق لقوم أنت منهم أن يفخروا، وإني بمعرفتك وصداقتك لفخور، وإني بفعلك لمعجب.


الأستاذة

لو قدر للبؤس والظلم أن يتكلما في بلادي لأعلنا تضامنهما مع الأستاذ في هذه الربوع، فالأستاذ الموريتاني في أمر مريج؛ يتردد بين الظلم والعقوبة وبين شر الموتتين، فإن سكت مات غما وفقرا، وإن تكلم مات بين التحويل والسجن وقطع الراتب الهزيل حقا كوزراء التعليم في حكومة الفيافي، ورغم ذلك لم يلن الأستاذ ولم يهن فما سمع الأحرار منهم هيعة لرفع الظلم عنهم وتحسين ظروفهم إلا تطايروا إليها غير مبالين بتهديد الرئيس ووزيره ولا بالمديرين الجهوين. أيها الأساتذة عذرا إن محنتكم فوق الكلمات، وإن صمدوكم لآية من آيات الله، ولن يرد الله دعوات المظلومين ولا آهات صغاركم البرءاء. وستبقون شامة في جبين النضال المبدع، وليس لدي ما أقول للمحولين الأخيار إلا قول الصاحب بن عباد: "إن العقوبة بقطع الرزق نذالة" - وما أكثر النذالات في بلادي-. فالله معكم، وقلوب الأحرار معكم، ودعوات المخلصين تلاحق ظالميكم.


نضال العمال


تاريخ العامل الموريتاني في النضال عريق عراقة معلقة عمرو بن كلثوم في شعر الرفض، وللشمال الموريتاني قصص لا تنتهي مع ذلك الصمود، ولم يكن ولد المشظوفي إلا عنوان لذلك النضال وتلك المأساة، فقد كان الشهيد يرى بأم عينيه النهب المنظم لمعادن الذهب فيكتم آهاته الحرى ويلوذ بصمت حزين، يتضاعف الحزن في أعماق الرجل الأبي فتتحرك فيه ذات يوم دماء أجداده الأبطال فيطالب بتحسن خدمة لإنسان معرض لكل المخاطر ليتضخم حساب ثلة من أصحاب الكروش الكبيرة، ولينعم الروم بعائدات بلد يعيش أهله تحت خطوط الفقر وعلى عطايا البخلاء منهم، كان الأمر خطا أحمر بالنسبة للعصابة المجرمة فلم تتردد في ضرب الرجل وخنقه، ضاقت بالرجل الأبي دنيا الأنذال فصعد روحه الطاهرة إلى فردوس لا يتنافس فيه المتخمون على الثراء، رحمك الله يا بن المشظوفي وبرد مضجعك. سيواصل الأحرار النضال من بعدك حاملين قبسا من شهادتك ونورا من تضحيتك سنحرر معادن الذهب، وسنطرد الأغراب عن ربوعك، سينعم أبناؤك بثروتهم، فمن جعل الشهداء أئمة لا يهزم.


بين العبودية وأشواق الحرية: ميمونة بنت امبارك الهاربة من الجحيم


بوجه طفولي بريء مثقل بأعباء الأمومة، ومتاعب الحياة؛ من ضرب أسياد، ورعي أنعام، واستغلال عَرَقٍ وتعب، وآلام ولادة، أَطَلَّت السيدة ميمونة بنت امبارك لتحكي قصتها المؤلمة المبكية في فيديو الأخبار 11 مارس 2012.

فقبل أربعة عشر عاما ولدت السيدة ميمونة، لتفتح عينيها على حياة من البؤس والشقاء؛ فحين بلغت الخامسة لم تذهب إلى المكتب لتتعلم القراءة والكتابة، وقصار السور، بل كان لها موعد مع أعقاب الإبل تغدو وتروح معها غير مدَّهنة ولا مكتحلة، تظل في فدفد من الأرض ترعى إبل أسيادها، وإن شَرَدَ جمل هائج لا يرده عن قصده إلا الله، فويل لميمونة من سوط ظل سالكا إلى جسدها المنهك كلما ضل بعير أو تخلفت ناقة، في يوم صيف قائظ، أو ليلة خريف ممطرة، لم تعرف المسكينة عطف الأبوة، ولا حنان الأمومة، فقد رحل والداها: امبارك وامبيريكة عن دنيا الاستعباد والاسترقاق هذه، قبل أن تعقل المسكينة المضطهدة. ليطويا معهما صفحة أعلم يقينا أنها ليست أقل بؤسا من صفحة بنتهما المكلومة بظلم البشر وأنانيته، - ألا ما أصبر صحراءنا السائبة فكم شهدت من ظلم للإنسان باسم الله تهد الجبال الرواسي- ، أينما يممت وجهك في أي جهة منها يروعك معلم شاهد على ظلم الإنسان للإنسان.

ما كانت قصة ميمونة وأختها إلا عنوان لآلاف القصص للذين يرزحون تحت نير الاستعباد والاضطهاد في بلاد يزعم أهلها أنهم يتورعون عن المكروهات، فبرنامج امباركة اليومي لم يكن يطيقيه أشداء الرجال، فما بالك بضعيفات الأركان، كانت تقوم قبل تنفس الصبح لتتجهز للرحلة مع الإبل... ارجع للفيديو رجاء فالكلام من في صاحبه أحلى.

نقلا عن أسبوعية الأخبار إنفو


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!