التاريخ: 21.09.2024  التوقيت:14:47 غرينتش


تاريخ الإضافة : 19.08.2008 22:03:23

متى نعبر من مرحلة المجاعة ووباء الإنقلابات إلى مرحلة الديمقراطية والتنمية؟؟!!

عبد الفتاح ولد اعبيدنه مدير يومية "الأقصى"-دبي-الإمارات العربية المتحدة

عبد الفتاح ولد اعبيدنه مدير يومية "الأقصى"-دبي-الإمارات العربية المتحدة

عبد الفتاح ولد اعبيدنه مدير يومية "الأقصى"-دبي-الإمارات العربية المتحدة
لابد من التأكيد مرة بعد مرة أن الإنقلابات مرفوضة، وهي صيغة صريحة تكرس أزماتنا المتنوعة وتزيدها رسوخا وضررا، وتعيد القرار السياسي إلى الثكنات، بعيدا عن صناديق الإقتراع والإرادة الشعبية، التي هي المصدر الرئيسي للحكم والنفوذ في المشاريع الديمقراطية الجادة.
وما يجري اليوم من تأييد البعض، سواء ممن يدعي أنه من "النخبة"، أو من المواطنين البسطاء إنما هو دليل على التخلف وموت الضمير وغياب الوعي، حيث سارع من يسمى بزعيم المعارضة كعادته المنافية للديمقراطية إلى تبني وتأييد إنقلاب6 أغسطس، وقد تم ذلك ليس حرصا طبعا على مصلحة الوطن ومشروعه السياسي والتنموي، وإنما ظنا منه أن الإنقلاب بعينه، هو فرصته الذهبية للوصول إلى المقعد الرئاسي الذي يعتبر إعتلاؤه-حسب ما يفهم من سياق أدائه السياسي إن صح التعبير- أهم من المصلحة العليا للامة. ومن قبله ومن بعده يتابع فريق من المزمرين من النواب وغيرهم لعبة التزلف للعسكر الإنقلابيين، هذه اللعبة الذي أكدت للرأي العام الوطني بعد هؤلاء النواب وأشكالهم عن الثقافة الديمقراطية والمواقف الديمقراطية الناصعة، وإيثارهم للمطامع على حساب التمييز والإستقلالية الحقة، رغم أنهم في أغلبهم أدعياء للإستقلال وحمل مشعل البناء الوطني والخدمة العمومية.
لكن لا بأس، فقد كشف هذا الإنقلاب الجديد فريقا جديدا من أدعياء المبدئية والإخلاص، ليظهروا على حقيقتهم متقربين فحسب للأقوى والمتغلب دون تردد في تقديم مسوغات واهية ومبررات غير مقنعة.
أما فريق المناهضين للإنقلاب، مهما قيل عن دوافعهم المنفعية أو السياسية المؤقتة، فإننا نرجو لهم الثبات على هذا الموقف الأخلاقي النبيل، الذي قوامه الجرأة والرفض للرجوع إلى سلطة الجيش الصريحة المباشرة.
وإن كان من المعلوم أن الرئيس سيدي نفسه بارك إنقلاب 3 أغسطس الذي وقع في نفس اليوم الأربعاء، وفي نفس الشهر أغسطس، وجاء إلى السلطة بمباركة وتأييد قوى، بل بتخطيط محكم من طرف إنقلابيي 3 أغسطس، إلا أن الحكم المدني المغلف بدعاوي الديمقراطية وصندوق الإقتراع الموجه، خير من الإبادة المباشرة لإرادة الأمة ووضع المشروع الديمقراطي تحت أقدام عسكرية خشنة، يبدو أنها لا تريد أن تتخلى بسهولة عن نفوذها على العملية السياسية الوطنية برمتها، ولتتواصل الجهود لترسيخ روح رفض الإنقلابات والصيغ الجاهزة للإنقضاض على السلطة، كما حصل يومي 3 أغسطس 2005، و6 أغسطس2008، في نفس اليوم من الأسبوع "الأربعاء الأسود"!!!
ومهما تكن هشاشة مواقف أحزابنا وجبهاتنا السياسية عموما، فإن مواقف أحزاب "تواصل" و"تقدم" و"التحالف" وما بقي من "عادل"، وغيرها من الاحزاب، مواقف واعية ونبيلة وشجاعة، تحسب لأصحابها في الخانة الإيجابية وبإمتياز، خاصة إذا واصلوا النضال المسؤول ضد الإنقلابات.
إن موريتانيا الحبيبة تستحق واقعا أفضل وأحسن وأنجع، غير هذا الواقع الراهن الذي كرسته إرادة العسكر وأنصار الإنقلابات، من المدنيين المصفقين المتساهلين في مصير ومستقبل الشأن الوطني.
موريتانيا أسيرة لثالوث الفقر والمرض والجهل، وذلك لأسباب عديدة ومزمنة، من أهمها أزمة الحكم المستمرة منذ1978 إلى اليوم، وأزمة التركيز الزائد على "التسيس" على حساب العلم والعمل وجهود البناء والتنمية بالمفهوم الإسلامي الحضاري الشامل المنقذ المخلص.
إننا لا نريد الإضرار بأحد أو محاسبة العسكر على أخطائهم الكثيرة، لأن ذلك مضيعة للوقت، ومثير للصراعات والضغائن، غير أن العسكر ينبغي أن يكون جمهوريا، وحاميا لوطنه فحسب ولا دور له في التدخل في الشأن السياسي الصرف، الذي يجب أن يبقى مدنيا خالصا، كما في التجارب الديمقراطية الناجحة في بعض الدول الغربية. والنموذج الجزائري أو التركي، لم يجلب إلا تكريس العلمانية ومحاربة الرموز الدينية كما في النموذج التركي، أو إستمرار أزمة النزاع مع فصائل الإتجاه الإسلامي كما في النموذج الجزائري المجاور، أما نحن في أرض شنقيط الأبية فلا نصوت إطلاقا لأي دور عسكري في الموضوع السياسي، ولا ينبغي أن نبارك مثل هذه التدخلات العسكرية الإنقلابية في ساحة العمل السياسي والدستوري، مهما كانت الدوافع أو الأسباب.
ومصلحة الوطن ومستقبل نموذج ديمقراطي دستوري تعددي -مهما كانت شوائبه- خير مما جرى من قبل إلى أيامنا هذه.
لقد آن لنا أن نعمل جميعا -سواء مدنيين أو عسكريين-على إنجاح المشروع التنموي والسياسي الوطني، في ظل حياة دستورية جادة، ولتكن المؤسسة العسكرية، بمنأى عن السياسة، في قالب جمهوري محايد.
لقد طغت روح الإنتفاع من السياسة على ضباطنا، لكن أملنا كبير في أن يعودوا إلى رشدهم ويعطوا الشرعية ولو كانت نسبية لأصحابها، رغم تعددهم، حيث أضحى ضحايا الإنقلابات في الوقت القريب، رئيسيين إثنين، معاوية وسيدي.
وقد ينضم إليهما ثالث أو رابع في غياب الضمانات، وإن كنت قلتها من قبل لإعل ولد محمد فال، بحجة أن 3 أغسطس فتح الباب واسعا لإحتمالية سلسلة غير محدودة من الإنقلابات.


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!