التاريخ: 21.09.2024  التوقيت:09:31 غرينتش


تاريخ الإضافة : 30.11.2007 12:41:51

من أجل إنجاز برنامج رئيس الجمهورية

رئيس الجمهورية سيد محمد ولد الشيخ عبد الله

رئيس الجمهورية سيد محمد ولد الشيخ عبد الله

أطلقت نخبة من المفكرين الموريتانيين غير المنتمين لأحزاب سياسية –وفق تعبيرهم- جملة من المواقف السلبية من النخبة الملتفة حول الرئيس الموريتاني سيد محمد ولد الشيخ عبد الله مع تهكم من دور المعارضة السياسية طيلة المسار الديمقراطي وذال قسموه إلى ثلاثة مراحل غاية في السلبية والأنانية.
وقال أصحاب المبادرة الجديدة التي أعرب قادتها عن مساندتهم للرئيس الحاكم واختلافهم مع داعميه وتحفظهم على بعض الأطروحات القريبة منه بأنهم:" وطنيون ديمقراطيون يحبون وطنهم ويشعرون بحاجته إليهم في هذا المنعطف الخطير الذي تتوفر فيه أيضا فرصة تاريخية لإعادة التأسيس على قواعد صحية شرعية أسس مجتمع سليم سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا".
وحمل أصحاب المبادرة الجديدة "حزب الدولة " مسؤولية الفساد وخراب البلاد قائلين :"لقد أفسد رجلا منا يسمى معاوية كان صالحا وطنيا يريد ما استطاع فعل شيء صالح لوطنه، وقامت مجموعة من أفسد خلق الله بإفساد هذا الرجل والتفت حوله "كسدرة لعلنده" طلعت معه إلى القمة وحجبت عنه كل شيء بعد أن امتصت النبعة التي تغذيه فسقط الاثنان، والآن تبحث هذه السدرة عن سلم جديد تتسلق معه ليسقطا معا بعد حين".
وطالبت أصحاب المبادة في تصريحهم المطول:"بفصل السياسة والمال في موريتانيا فللسياسة أهل وأساليب وممارسات تخدم مصلحة الوطن في البداية والنهاية، اما المال فعلى نوعين عام وخاص المال الخاص إدخاله بصورة مفرطة في السياسة الأحزاب ليس مقبولا، فلا يمكن إنكار سيطرة المال على السياسة، في حين تفترض الديمقراطية أن الفرد الناخب له صوت واحد يتساوى فيه من لديه مال ومن لا مال له".
وتطرق أصحاب المبادرة إلى جملة من القضايا كالمخدرات وفيضانات الطينطان والخصخصة وغيرها لتحديد موقف منها واضح كما أعربوا عن استعدادهم للجلوس مع الجميع من أجل الحوار.
.

وهذا نص التصريح الأول للمبادرة:
التصريح رقم 1:

منذ 2003 أجمع الموريتانيون على حتمية التغيير... وانصب تفكيرهم في من يكون رئيسا لهذه البلاد، منهم من تخيل العنف كوسيلة، ومنهم من فكر في الانقلابات العسكرية، ومنهم من لم يرى بديلا للحلول الديمقراطية. لكن السؤال الذي ظل شغلهم الشاغل من يكون هذا الرئيس؟، ومن هم أهل الأمر والسلطة؟، وغاب عنهم منذ ذلك التاريخ مجرد التفكير في الهدف من التغيير أو البرامج المقترحة إلخ...
لذلك لم نر أي إنجازات مادية أو معنوية ولا أي إصلاحات حقيقية اتسمت بها تلك المرحلة. وكان ما كان إلى 7 أشهر مضت حين قال الشعب كلمته ديمقراطيا وتم انتخاب رئيس للجمهورية على أساس برنامج محدد لمدة 5 سنوات. والآن أما آن الأوان للعمل الإيجابي، أما آن الأوان أن نعرف مع من ومن أجل من وكيف ومتى نصل إلى تحقيق أهداف هذا البرنامج؟
ولنا أن نتساءل ما الذي يجوز ونستطيع أن نقوم به في هذه المرحلة، وما الذي تطرحه أمامنا مبادئ الديمقراطية كي لا تضيع منا ملامح الطريق. هناك احتمالات أو فرضيات أربع..

-1 أن نأخذ بآراء وبرامج مجموعة أحزاب المعارضة، وهذا يتناقض مع إرادة الشعب الذي رفض تلك البرامج إبان مرحلة التصويت. كما أنه احتمال ينافي المبادئ الديمقراطية التي تغلب رأي الأغلبية.
2- ارتجال برنامج جديد لن يأتي من وراءه سوى مزيد من البلبلة وعدم الشفافية.
3- أن نبقي على الصراع فيما بيننا وتزداد الفرقة والتشاحن وتدب الفوضى وتكثر المشاكل ولا يتحقق شيء في النهاية.
4- أن نتوجه جديا وإيجابيا نحو برنامج الرئيس الذي صوتت عليه اغلبية هذا الشعب، ونبدأ في تنفيذه عمليا بالتوافق مع كل مبادئ الديمقراطية والشفافية والشرعية.
هذا هو كل ما يمكن فعله في إطار الديمقراطية والنظام الجمهوري، وفي كل الأحوال يبقى العمل الملموس وحده هو الباقي في حياة البلاد والشعوب. والشرعية تفترض الأخذ برأي الأغلبية وبعكسها يصبح عدم التزام بالتعهدات مع الشعب. هذه الولاية ليس لها من عمود فقري سوى برنامج الرئيس الانتخابي. ويجب عليها الأغلبية أن توحد جهودها للمساعدة في تنفيذ هذا البرنامج، وأول ما يجب عليه فعله هو المعرفة الحقيقية والدقيقة لهذا البرنامج، تؤمن به وتدافع عنه ويأتي في أولويات حركتها النظرية والعملية، وتعرف كيف تنفذه بالنظر لمعطيات الزمان والمكان. في إطار إنجاز هذا البرنامج لا شك بأن للمعارضة دور مهم يجب عليها أن تمارسه وذلك بالنقد والمراقبة.
المهم ان يكون عملنا جميعا معارضة ومولاة حول برنامج محدد، وليس هناك من شك في أن قوى المعارضة بإمكانها ممارسة دورها إيجابيا حيث تتوفر لها الفرصة لإثبات نجاعة أفكارها وبرامجها وأحقيتها بالتمثيل في مراحل لاحقة من تاريخ هذا البلد. في هذه الحالة فإن دور المعارضة سيتخطى المراحل الانتخابية إلى دور إيجابي فعال في العمل تثبت من خلاله أحقيتها في القيادة والريادة. كما أن الموالاة أو الأغلبية بعد أن تخطت مرحلة الاختيار ستوجه كل جهودها نحو العمل الفعلي الملموس لتستفيد من أخطاء الماضي، وبذلك يلتقي الفريقان في خدمة هذا الوطن وهذا الشعب بفتح آفاق مستقبلية، خاصة كون هذه البرامج جميعها تحتوي على نقاط مشتركة تشكل أرضية للتلاقي فيما بينها. المهم أننا لا يمكن أن نستمر دائما في حالة حملات انتخابية من الشعارات والشعارات المضادة.

على كل حال فإن أصحاب هذه المبادرة لا ينتمون إلى أحزاب سياسية معينة حتى الآن.
لكنهم وطنيون ديمقراطيون يحبون وطنهم ويشعرون بحاجته إليهم في هذا المنعطف الخطير الذي تتوفر فيه أيضا فرصة تاريخية لإعادة التأسيس على قواعد صحية شرعية أسس مجتمع سليم سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا.
ويرغب أصحاب هذه المبادرة بالمشاركة الفكرية في هذه المرحلة لتبادل الأفكار والمبادئ حول المحاور التالية:
1- الدراسة والتفكير والمساهمة في أنجع الطرق لإنجاز البرنامج الذي اختارته أغلبية الشعب الموريتاني.
2- تحديد عوامل إعاقة أو تأخير تنفيذ البرنامج الانتخابي، وتلك يمكن أن يكون فيها ما هو سلبي أو وهمي، وتكفي الإشارة به أو توعية الناس عليه، وفيها ما هو موضوعي كالحالات الطارئة التي لا نملك أمامها شيئا كقضية الطينطان أو قضية ارتفاع الأسعار. وهنا تكمن ضرورة التفكير في تخطي هذه الأحوال دون التعرض لما قد يعوق أو يعطل البرنامج الانتخابي.
3- التفكير في الأسس والمبادئ التي يجب أن تتحكم في الساحة السياسية، وتقديم الأفكار والحلول الناتجة عن هذا التفكير لكل الفعاليات السياسية سواء كانت في الأغلبية أو المعارضة.
4- العمل من أجل تحديد نقاط الخلاف بين مختلف الأطياف السياسية على الساحة والعمل على التقريب فيما بينها.
لذا فنحن ندعو المهتمين بالديمقراطية الناشئة في هذا الوطن الذي يمر بمرحلة صعبة وخطيرة، والناجمة عن الإرث الثقيل من المشاكل المتراكمة والتي بقيت معلقة، للإتصال بنا والاجتماع لتبادل الأفكار والرؤى حول ما يمكن الإسهام به، وإثراء الحوار الوطني حول ما يمكن فعله خلال هذه الولاية، وما يمكن أن تطرح أسسه النظرية والمنهجية عند التأكد من استحالة تنفيذه في هذه المرحلة.ونؤكد بالمناسبة أننا لا نحتكر أي فكرة ولا نصر على أي رأي مع انفتاحنا واستقلالية تفكيرنا لاستيعاب كل الأفكار والآراء السياسية المقدمة. كما نؤكد مرة أخرى إن من كان يجوز له الانزواء والانسحاب في مراحل سابقة لم يعد له ذلك مسموحا الآن.
لقد جرت العادة عند تأسيس الأحزاب في وطننا أن تتدافع الناس حولها دون اعتبارات الدراسة والتأني. ونحن نفضل في هذه المرحلة أن نتشاور فيما بيننا نعمق دراستنا للمبادئ الأساسية والمحاور والعملية والقواعد الحاكمة قبل الانتماء إلى أي حزب كان، إيمانا منا بأن القول النابع من اعتقاد حقيقي وصادق يتبعه بالضرورة فعل إيجابي يعبر عمليا عن حقيقة هذا الاعتقاد دون تأخير. لذا فإننا نعبر من خلال هذه المشاركة الفكرية النظرية عن رأينا في ما امتازت به هذه المرحلة بصورة واقعية نابعة من صميم أرض الواقع دون الدخول في عموميات وممارسات لا ترتقي إلى ما نصبو إليه من الإشارة إلى أهم ما اتسمت به المرحلة من أحداث تدور حولها الحوارات كونها تحتل مكانة الصدارة في هذه الأيام ولها أبلغ الأثر في تاريخ ومستقبل هذا الوطن.

-1 انتخاب رئيس الجمهورية
يجب التذكير والتأكيد على كون هذه الانتخابات التي جاء على إثر نتائجها رئيس الجمهورية الحالي تعتبر مدعاة للفخر والعز والزهو، وجاءت في وقت بعدت فيه عن المواطن الموريتاني ولفترة طويلة من الزمن موجبات الشعور بالاعتزاز والفخر والانتماء. كما نذكر بأن مؤسسة الرئاسة هي أكبر وأعلى مؤسسة في البلاد بحسب تكريس الدستور لتلك المكانة السامية، والرئيس هو رئيس لجميع الموريتانيين وليس رئيسا لجهة أو قبيلة أو غيرها، وتجب مساعدته على أن يبقى رئيسا للجميع دون استثناء. وقد تحققنا من كونه أهلا لتلك المكانة، ونحن ملتزمون بمقاومة أي فئة أو جماعة أو حتى هو بنفسه من أن يعتبر رئيسا لجزء من موريتانيا معرفتك خاصة أنه لم يكن مرشحا لحزب بعينه. فمن فوائد التصويت السري عدم معرتك بمن صوت لك ممن صوت ضدك، وهذا مما يدعم فكرة كون الرئيس رئيسا لكل الموريتانيين. كما أن النواب لم ينتخبوه إنما جاء انتخابه مباشرة من الشعب. فعلى سبيل المثال يمكن لنائب من النواب أن يكون قد أدلى بصوته للرئيس في حين لم تفعل ذلك جماهير تلك الجهة المؤيدة لهذا النائب والعكس صحيح. إذ أن الاعتبارات في كلا الاستحقاقين تبدوا على اختلاف واضح، وبالتالي فإن الرئيس رئيسا للجميع ويجب على الجميع معاونته على إنجاز برنامجه وعدم اختلاق ما قد يعيق تحقيق هذه الأهداف وهذا البرنامج. وعلى هؤلاء الذي يعارضون أو يخالفون الرئيس أن يعلموا أنه رئيسهم كما هو رئيس الجميع وأن يحسنوا التعامل مع مؤسسات هذا الوطن بكل احترام وتقدير، وما لم يتشبع الموريتانيون بهذه الأخلاق في التعامل مع الرئيس ومؤسسات الدولة سوف يكون لدينا أحسن رئيس لأسوء نظام، وإلا فإن من شأن هذا أن يفتح المجال لشياطين الإنس والجن من عسكر ومدنين وسفهاء للانقضاض على النظام الديمقراطي وإفشاله.
2- انتخاب رئيس البرلمان ورؤساء الغرف
نود التعبير هنا عن ارتياحنا البالغ للإجماع الذي حظي به رئيس البرلمان لدى التصويت عليه، بلإجماع يعبر بصدق عن حضارتنا وثقافتنا كما أنه أفضل من الديمقراطية عند حدوثه، كونه منطلقا من قيمنا التي تشمل احترام العهد والاعتراف بالجميل. وبالتالي ففي الوقت الذي نهنئ أنفسنا على هذا المكسب راجين الاستقرار البرلماني الذي يعبر بدوره عن استقرار المؤسسات الدستورية في بلادنا.

-3 تعيين الحكومة
نود التذكير هنا بأن السياسة وأهلها كأي علم إنساني أو نشاط إنساني تمر على أصحابها كل ما يعتري الكائن الحي من أحوال صعود أو هبوط، فشل ونجاح، إخفاقات أو انتصارات، حياة أو موت "سياسي".. أدوار مختلفة يلعبها السياسي تبعا لمعطيات كثيرة ومختلفة في الزمان والمكان. وكمثال على ذلك "المختار" وحكومته عندما سقطت اعتزل أهلها السياسة مدة طويلة من الزمن، وهذا حال الدنيا. إلا فئة من السمتوزين في زماننا هذا، والذين أحالهم الزمن إلى التقاعد أو هكذا يفترض بهم، لا يقبلون بهذا أبدا وكأنهم خلقوا ليكونوا وزراء أو رؤساء دائما، ولا يقبلون بتبادل الأدوار في المراحل المختلفة ولا يعترفون سوى بأنفسهم. صحيح أن هناك البعض ممن ساعدوا الرئيس في حملته الانتخابية، كما أن من هؤلاء من ارتكب في السابق ما يشينه أمام الشعب إذا ما عاد للسلطة، والأدهى من ذلك أن منهم من يدعي أحقيته في العودة للوزارة بحكم تجربته ... وهي تجارب فاشلة لم يجن من ورائها الشعب الموريتاني سوى سوء معاملته ونهب مقدراته. وعليه فإن من يريد العودة لتسيير مقدرات هذا الشعب يجب أن تكون صفحته بيضاء خالية من جرائم الاختلاس وسرقة الأموال العمومية. ورغم ذلك فإن البعض منهم اتصف بالنزاهة مع تمتعه بخبرة لا يستهان بها تحتاجها الدولة للاستفادة منها. وكما يقال: "إن القديم ليس مرادف للسيء فإن الجديد ليس بالضرورة هو الأحسن"!.
في عام 1992 كان شعار المعارضة "كل شيء أو لا شيء" إما الرئاسة وإما لا شيء.
في عام 2005 قبول بكل شيء شرط أن تقدم لها السلطة على طبق "عسكري".
في عام 2007 إحباط وانكسار غير معلن والشعار هو مشاركة أو تخريب.
لا ثم لا، مرة، مرتين أو ثلاثة لا يمكن التمادي في هذا. إن ظهور وجوه جديدة في الحكم هو دليل على إرادة حقيقة للتغيير تستحق التقدير في حق ذاتها.
وتبقى معايير الكفاءة والقدرة على تنشيط روح الفريق داخل كل وزارة لخدمة خيارات رئيس الجمهورية بحيث يكون البرنامج هو الإطار الأوحد لنشاط الحكومة.

4- فيضانات الطينطان
من الطبيعي أن تقع كوارث وأحوال طارئة في أي وقت وأي مكان وموريتانيا ليست باستثناء من ذلك، ومن الطبيعي أيضا أن يكون لدى الدولة فوائض واستعدادات مادية ومعنوية لمواجهة تلك الطوارئ إن هي وقعت في يوم من الأيام. للأسف موريتانيا ليس لديها شيئا من هذا، لكننا ولله الحمد توصلنا بكثير من المساعدات من الداخل والخارج لمواجهة هذه الكارثة، يبقى أن الإدارة المركزية أو المحلية والتي لديها برامجها المسبقة طرأ عليها نشاط مفاجئ كهذا مع بعد الإدارة المركزية جغرافيا ولوجستيا وعدم كفاءة وقدرة الإدارة المحلية لمواجهة أو معالجة أو تسيير مثل هذه الأزمات. فإننا نقترح إنشاء وكالة متخصصة يكون على رأسها مفوض سامي أو وزير لإدارة مثل هذه الأزمات الطارئة في محل الكارثة مع وجود تقارير تدقيق مختلفة من الخبرة الأجنبية المستقلة تكريسا للشفافية ترفع للرئيس مباشرة، حتى لا تتكرر مناسبات ومشاهد الفساد السابقة ونبقى في النهاية ليس فقط مع كارثة ولكن مع كارثة تغلفها فضيحة لا قدر الله.
هناك خطر آخر نرجو التنبيه عليه علاوة على خطر الفساد المالي، هو خطر حريق قد ينشب في الخيام المترادفة في الطينطان. أكثر من 500 خيمة الواحدة بمحاذاة الأخرى.

-5 المخدرات
من أخطر ما عرفت بلادنا منذ استقلالها قضية المخدرات. طائرة تأتي بكمية من المخدرات لمدينة انواذيبو وذلك كون الطائرة هي الوسيلة الأخيرة التي استخدمها أصحاب هذه المهنة في نقل سمومهم بعد استنفذوا كل الوسائل الأخرى بشرية أو غير بشرية. وهذا من وجهة نظر فنية دليل على أن هذه التجارة كانت سارية ومتفشية في بلادنا بالوسائل التقليدية التي أشرنا إليها، وبعد أن سيطروا تماما على كل الوسائل أصبحوا يمارسون نقلها بالطائرات. ونحن نهنئ رئيس الجمهورية والسلطات الأمنية وأبناء هذا البلد المخلصين على كشفهم لهذا الوباء الفتاك ومحارته والنأي ببلادنا وأبنائنا عن هذه السموم وأهلها.
ونود الإشارة إلى ان قضية المخدرات تتقاطع فيها دولة ومجتمع واقتصاد (مال) والعالم الخارجي وهي من القضايا التي تهدد أمن الدولة وتنحرف بالاقتصاد إلى قضايا الإجرام وتقتل أبناء المجتمع، وتسيء لسمعة البلاد في الخارج. ونشير أيضا إلى ارتباط قضية المخدرات بما يسمى الليبرالية الهمجية والتي أفرزت ما يسمى بالاقتصاد غير المصنف على عكس الاقتصاد المنظم، ومن خلال الاقتصاد غير المصنف تتسلل عصابات المافيا والمخدرات وغسيل الأموال. والمطلوب هو إعادة النظر في تنظيم الاقتصاد وإعادة تأهيل مؤسسات الدولة بصورة أكثر عقلانية وشفافية.


6- الخوصصة
تعتبر المؤسسات العمومية رهائن في يد مسيريها بعيدا عن كل ما يمكن أن يمس قواعد التسيير بصلة. إن عزل هذه المؤسسات واعتبارها احتكارات شخصية للبعض جعلها بعيدة عن الأنظار وعن المراقبة، وبالتالي فإننا نقترح إقامة ملتقيات يشارك فيها أساتذة الاقتصاد ومتخصصون من كافة الأحزاب وخارجها وخبراء أجانب وممثلين عن الدولة، تطرح أمامهم أولا كافة المعطيات والبيانات عن هذه المؤسسات لدراستها وتشخيص ما يمكن فعله فيما بعد بكل نزاهة وشفافية على هيئة توصيات يتم عرضها على كافة وسائل الإعلام لتطرح على الشعب حتى يكون كل إنسان على اطلاع وبينة من أوضاع تلك المؤسسات.
عندها يمكن لصانع القرار أن يتخذ القرار المناسب بعد التشاور مع أهل الخبرة وعرض الأمور برمتها على الشعب وهذا مما تمليه مبادئ الديمقراطية في الاقتصاد. علما بان اقتصاد بلادنا لم يشم بعد رائحة للديمقراطية. لقد علمتنا التجربة بأن الدولة نمت 20 سنة بعد الاستقلال ثم تعثرت، وما أخر هذا النمو سوى ما يسمى بالليبرالية وهو ليس من الليبرالية في شيء، وسوء التسيير العمومي والفوضى العشوائية التي عمت كل مرافق الدولة. بالنسبة لخوصصة المؤسسات العمومية دعونا نلقي نظرة على الوضع الحالي ومن ثم نأتي إلى أفضل البدائل أو الاحتمالات في عملية الخوصصة تلك. الكل يعرف أن الفرد الموريتاني عندما يتوسع في أعماله فإن هذا التوسع يصب في العائلة ومن ثم في القبيلة بمعنى أنه لا توجد لدينا شركات رساميل وليس لدينا سوق للمال. وبالتالي فإن أي تطور أفقي يصب في مصلحة فرد ما أو قبيلة بالضرورة، مما يعطي الفرد وقبيلته ميزة اقتصادية وسياسية على الآخرين بل وعلى الدولة نفسها، وهذا في حد ذاته لا يخدم فكرة الاقتصاد المنظم وله آثارا سلبية على مجموع الشعب والدولة بل وحتى الوحدة الوطني والشعور بالانتماء للوطن الموريتاني.
ما هو الحل إذن؟ بإمكان الدولة وما تملكه من وسائل وإمكانات أن تعيد السيطرة على مؤسساتها العمومية على أسس جديدة يوفرها المناخ الحالي حتى يتم إصلاح الاقتصاد بما يسمح بعمليات خوصصة سليمة وشفافة. أما إذا أثبتت الدلائل بأن الخوصصة الآن تخدم المصلحة العامة فلابد من سن قانون يشترط فيما يشترط طرح أسهم هذه المؤسسات للاكتتاب العام وإتاحة الفرصة لأكبر عدد من الأفراد لامتلاك أسهمها وتحديد سقف لكمية الأسهم المملوكة لفرد بعينه، وإشراك عمال تلك المؤسسة في ملكية أسهمها. حتى في حالة اللجوء لشريك استراتيجي يجب أن تحدد نسبة إسهامه بما لا يخل بالتوازن الاقتصادي أو السياسي للمؤسسة.

7- حزب جديد تحت التأسيس في موريتانيا

في كل مرة نسمع فيها نية البعض تأسيس حزب جديد في بلادنا كنا نبدي سعادتنا وترحيبنا لأي مبادة للم الشمل وتوحيد الصفوف وكل ما من شأنه أن يشرك الناس في الاهتمام بشؤون بلادهم العامة.
وكان رأينا وما يزال ومن خلال استعراضنا للتاريخ الحزبي لموريتانيا في العصر الحديث منذ انتقالها من حكم الحزب الواحد إلى السماح لعدد من الأحزاب بلا حدود، لا يخدم فكرة الحكم ديمقراطيا من خلال الأحزاب. وكنا دائما نرى أن ثلاثة أحزاب تكفي للقيام بهذه المهمة حتى تتضح ملامح المشهد السياسي يمينا، وسطا ويسارا.
فالمسؤولية عن الفساد وخراب البلاد وأكثر تقع على عاتق ما كان يطلق عليه حزب الدولة فقد أفسد رجلا منا يسمى معاوية كان صالحا وطنيا يريد ما استطاع فعل شيء صالح لوطنه، وقامت مجموعة من أفسد خلق الله بإفساد هذا الرجل والتفت حوله كسدرة لعلنده طلعت معه إلى القمة وحجبت عنه كل شيء بعد أن امتصت النبعة التي تغذيه فسقط الاثنان، والآن تبحث هذه السدرة عن سلم جديد تتسلق معه ليسقطا معا بعد حين.
إن أي مشروع مجتمعي يقوم على عوامل ثلاث: الأهداف، الامكانيات، النتائج.
بالنسبة للأهداف فقد كانت لديهم أهدافا معلنة لم نختلف معهم عليها بحكم وطنيتها ونزاهتها. أما أهدافهم الخفية الغير معلنة فالله أعلم بها وما علينا سوى حسن الظن وتبقى النتائج في النهاية هي الفيصل في الحكم وهي على نوعية الرجال والنظم والأساليب والمنهجية المتعبة.
الكل يتفق معنا على أن هناك مسؤولا عن نتائج حكم استمر لأكثر من ربع قرن من الزمن. فهل من الإنصاف تحميل "معاوية وهيدالة والسالك" شخصيا وحدهم هذه النتائج الكارثية التي نشاهدها أمامنا اليوم؟ ألا يجب أن نبحث عمن من كانوا حولهم والذين هرولوا من بعد "معاوية" نحو "أعل" والآن يأتي الدور على "السيد سيدي" الذي نسوا أنهم هم الذين نفوه!
ورغم ذلك فإن حكمنا على أهل تلك المرحلة ليس مطلقا، فنحن على قناعة تامة بأن الكثيرين انجروا نحو حزب الدولة ومن قبله الهياكل ولجان الإنقلاب الدائم ضمانا للمشاركة في الحياة الاجتماعية، ولو أنهم وجدوا مناخا صالحا لتفاعلوا معه وخدموا وطنهم بصدق وإخلاص. ويكفي هذا الحد في هذه النقطة التي تمس من قريب أو بعيد اخوة لنا في الوطن، وهو ما كان يمنعنا دائما من الاقتراب من حساسية أهل السياسة مخافة المس من المشاعر الشخصية لهذا او ذاك. وإن كل ما دفعنا للإشارة إلى ما سبق هو كون بعض هذه الجماعة التي ليس لنا اعتراض على اشخاصهم موجودة في الصفوف الأولى لهذا الحزب مما يعكس آثارا سلبية على مستقبله ومستقبل موريتانيا. فالمصداقية سيما مصداقية الرئيس سوف تكون على المحك.
1) عندما يشيع أن حزب السلطة عاد من جديد، ساعتها ستفقد الجماهير كل إيمان وثقة في إمكانية الإصلاح أو البناء أو العدالة المنشودة في النظام الجديد.
(2عندما يرى أهل الرشوة والاختلاس في الإدارة عودة أصحابهم إلى ما كانوا عليه، ستعود تلك الممارسات إلى سابق عهدها وكأن شيئا لم يحدث.
(3عودة ما يعتبر حزب رئاسي إلى الساحة مرة أخرى سيثير آلام وشجون أبناء هذا الشعب الذي يحاول جاهدا أن ينسى أو يتناسى آثار نتائج ممارساتهم القديم، وستنشط الأفكار الهدامة كالعنف من أجل السياسة وحالات الاحتقان بين القبائل، وكلها ممارسات دخيلة وطارئة على قيمنا ومبادئنا.
(4في الوقت الذي نحاول فيه توطيد أواصر الوحدة بين كل أطياف ومكونات أمتنا فإن تواجدهم في الصفوف الأولى يعيق من هذا الهدف النبيل الذي بدونه لا تقدم ولا بناء ولا تنمية حتى تترسخ المصالحة والوحدة الوطنيتين.
(5من شأن عودتهم تحت مسمى الأغلبية "في البرلمان أن يثير الصراعات مع المعارضة والأغلبية نفسها وتطفو على السطح مرة أخرى ممارسات الاحتكار ورفض الآخر والسيطرة ونبذ الحوار، وكلها ممارسات لا تخدم الديمقراطية ولا الانتماء ولا الوطنية بحال من الأحوال. فقد يبدو فيما أسلفنا من آثار سلبية وكأننا لا تقبل أو لا نتمنى لأحد أن يتوب، والله سبحانه وتعالى يقبل توبة العبد إن هو اعترف بذنبه وآمن وعمل صالحا. والرجاء من الجميع الرجوع للحق، فنحن وكما قلنا سابقا لا يمكننا نبذ أخوة لنا في الدين والوطن لكن ما لا يمكن قبوله بحال من الأحوال هو ممارسات ونظم "حزب السلطة" والتي تمثل الجزء الثاني للوسائل والامكانيات وتتلخص أخيرا في الأساليب المؤدية لحب المال والسلطة على حساب مصالح الوطن، والاستيلاء على كل مناصب القرار المالي خصوصا، وحجب الحقائق عن الرئيس وحتى عن الممولين، وخداع الشعب بخطاب لا يعكس حقائق الأوضاع ... فالحزب يسيطر على الإدارة باحتكار المناصب والتعيينات، والسيطرة على المسؤولين عن المشاريع، ويرفع للرئيس تقارير وهمية بما يرغبوا هم في اطلاع الرئيس عليه، كما يتم اختلاق أحداث وهمية تمس من أمن الرئيس لإيهامه بأخطار وهمية أمنية محدقة به وهي بالأساس لا وجود لها، فقط لترسيخ الهاجس الأمني لديه وترسيخ فكرة اعتماده الدائم عليهم.
أما الأجانب والدول الكبرى فيوعز إليهم بأن بعض أبناء الزوايا يهددون أمنهم وأمن العالم فتنشأ التخالفات المشبوهة.
وتصبح المنظمات المهنية التي من المفترض بها المساعدة على تنمية قطاعات الاقتصاد مسخرة للعمل البوليسي في خدمة هذا الحزب تحت حجج مداهمة أخطار وهمية لا وجود لها. إذن نحن أمام أساليب "ما فيوزية" لتحقيق أغراض شخصية ومنافع وقتية. هذه الأساليب كانت وراء الإفلاس العام الذي نعاني منه في القيم والأخلاق.. في النظام التعليمي .. تفشي الرشوة .. النفي القصري لآلاف الموريتانيين وهجرة الأدمغة ... اتساع الهوة بين الغني والفقير وفشل مشاريع التنمية وإفلاس المؤسسات العمومية وقضية المخدرات وما أدراك ما المخدرات! هذا كله وغيره يجعلنا نتحاشى هذا النوع من الأحزاب وتلك الأساليب والممارسات. حتى وإن قبلنا الأشخاص فالأساليب لم تعد مقبولة بحال من الأحوال فهي ليس نابعة من قيمنا ولا حضارتنا، إنما هي أساليب دخيلة علينا.
وعلى هذا الحزب الجديد أن يضع في مقدمة أولوياته الحذر من تلك الأساليب التي أومأنا إليها، والآن نتعرض لبعض المسائل المتعلقة بهذا الحزب والتي تشكل أرضية حوار على الساحة حاليا:

(1 يدعى البعض أن الحزب هو "حزب الرئيس" لأنهم هو الذين نجحوه في الانتخابات
• بإمكان أي حزب أن يساند الرئيس ويساعده في تنفيذ برنامجه لكن لا يقال أنه حزبه، فالمفروض أن يكون حزبه قبل أن يصبح رئيسا ثم يقوم بترشيحه للانتخابات الرئاسية وهذا ما لم يحدث.
• لا يجب إشاعة هذه المعلومة للإيحاء للناس واستغلال اسم ونفوذ الرئيس، سيما وأن الناس لا تزال تتذكر الرئيس السابق والحزب ونفوذ الحزب الذي يرأسه الرئيس. ولا حتى "حزب الأغلبية الرئاسية" تطلق على هذا الحزب، فليس معلوما بالضرورة من يساند الرئيس من الأحزاب بحكم سرية التصويت.
• ينص الدستور على عدم قيادة الرئيس لأي حزب سياسي، وقد طلع علينا بعض الفقهاء بفكرة أن الرئيس يمكنه أن يكون " عضوا في حزب لا رئيسا له كما نص الدستور. وهذا تلاعب بنص الدستور وروحه. فكيف إذن نتصور أو ندعي أن رئيسا اختاره الشعب "بأكلمه" لقيادته يصبح "عضوا" في حزب واحد يمثل جزءا من هذا الشعب.
• يقال أيضا أن مجموعة من البرلمانيين المستقلين هم المؤسسون لهذا الحزب وأن هدفهم أن يدعموا الأغلبية الرئاسية بالتالي فهو حزب رئاسي. وتعليقنا على هذا اتهم بإمكانهم دائما مساندة الرئيس وحكومته دون تكوين حزب إن هم كانوا فعلا على قناعة بالرئيس وبرنامجه.
أما إن كان هذا هو الشرط الذي يطرحونه على الرئيس بأن "يخلفه" لهم حزب دولة جديد لمساعدته وحكومته على تحقيق أهدافه، فالرئيس قطعا ليس بحاجة لذلك فإن الدستور يخوله حق اللجوء للشعب لاختيار نواب آخرين يكونوا على استعداد لمساعدته دون شروط مسبقة.
هذه إذن بعض محاولاتنا لكشف الأساليب القديمة التي يحاول البعض إحياؤها والتقرب من الرئيس من باب "الابتزاز" المعنوي والمادي.
دعونا إذن نأخذ عبرة من الماضي ونتوافق فيما بيننا حول مبادئ وأساليب جديدة، مبتعدين عن كل الأساليب القديمة ونتائجها السلبية. وفي هذا السياق نقترح ما يلي:
1) الفصل بين السياسة والمال في موريتانيا وللسياسة أهل وأساليب وممارسات تخدم مصلحة الوطن في البداية والنهاية، اما المال فعلى نوعين عام وخاص المال الخاص إدخاله بصورة مفرطة في السياسة الأحزاب ليس مقبولا، فلا يمكن إنكار سيطرة المال على السياسة، في حين تفترض الديمقراطية أن الفرد الناخب له صوت واحد يتساوى فيه من لديه مال ومن لا مال له. ولا يخفى على أحد أن المافيا ودوائر الشر لا تتسلل إلى السلطة إلا من خلال المال الخاص، وقد رأينا كيف يقوم أصحاب المال بتمويل السياسة حتى يصلوا إلى السلطة ومن ثم يعود إليهم ثمن هذا الاستثمار أو الرشوة على هيئة صفقات ومشاريع إلخ وهذا يفسد الدولة والحزب ويصبح المال أداة للابتزاز. أما المال العام فإنه ملك للجميع ولا يجب استخدامه لأغراض سياسية إلا بصفة نزيهة وشفافة، والكل يعلم أن ممارسات حزب الدولة رسخت في نفوس الناس أن المال العام مباح من اجل السياسة والحزب، فأصبحت الرشوة شرعية والاختلاس من المال العام لمصلحة الحزب أمر شرعي ، فالحزب يلزمه أموال كثيرة لتصريف أعماله فالكل يتسابق للرشوة والاختلاس لإرضاء الحزب والرئيس.
وعليه فيجب التفكير في خفض نفقات تسيير الأحزاب والسياسة بصفة عامة بحيث لا تضغط نفقات الأنشطة السياسية على الاقتصاد الوطني بشكل عام.
وعلى الدولة وهي ملزمة بمساعدة ودعم المسار الديمقراطي أن تساعد الأحزاب الممثلة في البرلمان على قدر نسبتها التمثيلية وخاصة هؤلاء الأطر المتفرغون للعمل السياسي برواتب شهرية، فلا البذخ اللاشرعي السابق أصبح مقبولا الآن ولا التقتير على الأحزاب واطرها المتفرغون أصبح مقبولا أيضا.
2) كما يجب التشديد على الفصل بين الأحزاب السياسية والمسؤولية في الإدارة عموما والإدارات الترابية خصوصا. فبحكم معرفتنا وفهمنا لروح الدستور الذي ينص صراحة على عدم قيادة رئيس الدولة لحزب سياسي، فإننا نسقط هذا الفهم من باب الأحروية على كبار موظفي الدولة وعلاقاتهم الحزبية.
هناك أسباب أخرى أقوى مما سبق ذكره وهي راسخة لدى الناس منها: أن مسؤول الدولة المنتمي للحزب الحاكم لا يخضع للمحاسبة أو العقاب بحكم الحصانة التي يتمتع بها لأن لديه رتبة سياسية تفوق رتبته الإدارية.
وإنه أي هذا المسؤول يعطي ما لا يملك إلى من لا يستحق بمعنى أن يغدق على معاونيه وأصدقائه ويمنع عن أي معارض له حتى لو كان حقا شرعيا. وإن بإمكانه مخالفة رئيسه في الإدارة إن كان أقل منه رتبة حزبية. ولا يكتفي براتبه عن عمله الإداري ويسعى دائما للحصول على مقابل مادي عن عمله الحزبي. لا يعبأ بسلطة الدولة عليه من حيث مكانته في الإدارة ويساوم في وجه الدولة وبالتالي فهو يستخدم المال العام ويصرف من الوقت المخصص لوظيفته العمومية وخدمة المواطنين لحساب سياسته وتغيبه عن أداء واجباته الوظيفية في توطيد شعبيته، وكنتيجة حتمية لهذا كله فساد الإدارة وفاسد الحزب وسوء سمعته بين الناس.
هذا ما كان يمارس منذ 20 سنة وراسخ في عقول الناس وأفكارهم.. ولم يحدث بعد ما يوحي بنسيانه او تغييره لذا فنحن نحذر من عودة هذا الفكر وتلك الأساليب والممارسات.
أخيرا فإن قواعد الحكم الرشيد والشفافية التي التزمت بها الدولة الموريتانية تحول دون عودة ما كان الحال عليه سابقا، فالقاعدة الأساسية للحكم الرشيد تقضي بالفصل بين الوظائف والاختصاصات، أولها "التوجيه والاستراتيجية"، ثانيها "التنفيذ"، ثالثها "المتابعة والتقويم" وآخرها "الرقابة". فالحزب عليه التوجيه والاستراتيجية والإدارة عليها التنفيذ والبرلمان يراقب، وكل من هذه المؤسسات برجالها وتقاريرها، وتقاريرها المضادة ويصبح التنافس الصحي هو المصدر الوحيد للحقيقة بعكس الوضع السابق الذي يفترض أن يكون المهتم هو القاضي والحكم في نفس الوقت. وعليه فتطبيق الحكم الرشيد في موريتانيا يقتضي بالضرورة عدم الجمع بين الانتساب للأحزاب السياسية وشغل المناصب العليا في الإدارة. وكما هو الحال مع عزل القضاء والجيش عن السياسة فإن عزل الإدارة أولى بحكم تماسها اليومي مع معيشة الناس وأقواتها.
أخيرا فإنهم يدعون أن هذا الحزب يأتي لمساعدة رئيس الدولة وهذا مما لا نختلف معهم عليه بشرط أن يأتوا له بما لم يكن لديه، أما من يأتي له بأطر وموظفي الدولة فكانه لم يأت بجديد. الجديد هو انهم يحاولون التمرد اللاشعوري على الدولة والخروج من تحت سيطرتها بالمن عليها بما هو لديها فعلا.
إن تبنينا لفكرة الفصل بين الوظائف امتدادا للفصل بين السلطات كما ينص عليه الدستور، يأتي نتيجة لتحليل منطقي وشفاف لتجارب الماضي، ولا نشك أنه مثالا يصلح لكل الدول النامية التي تتطلع لممارسة السياسة على أسس ديمقراطية. فالتجربة أثبتت ان نزاهة وشفافية الانتخابات الرئاسية في موريتانيا لم تكن إلا نتيجة لحياد الإدارة وعدم انحيازها لأي حزب من الأحزاب. ولا يقال لنا أن هذا لا يحدث في فرنسا أو أمريكا أو غيرها فلا مجال هنا للمقارنات. وإن قالوا لنا ذلك سنطرح عليهم التساؤل: هل كان لدى هذه الدول التي قارنوها بنا أحزاب دولة تحكمهم طيلة العقود الثلاثة الماضية؟ فتلك الدول لدى أطرها حزبيون او غير حزبيين من الوعي والضمير المهني ما يحول دون اشتراكهم في تخريب بلادهم، كما أن لدى تلك الدول من التقاليد الدميقراطية علما وممارسة ما يحول دون ذلك.
ونحن على وفاق تام مع رئيس الوزراء عندما صرح بأنه يلتزم بالأخذ بمعايير الكفاءة عند التعيينات لوظائف الدولة غير أننا ننبه إلى ضرورة إغلاق باب المعايير السياسية التي بإمكان رياح ضغوطها المختلفة أن تكسره وتنفذ منه وساعتها سيختلط الحابل بالنابل ولن تتم السيطرة على هذا المجال وسنعود أدراجنا إلى ما كنا عليه بتغليب المعيار السياسي على معايير النزاهة والكفاءة دون شك ولا ريب.
وعلى هذا الحزب الوليد أن يكون حزبا طلائعيا لا حزب(كل من هب ودب)حزب أطر وتأطير ويطرح من المبادئ والأيديولوجيات ما يؤهله فيما بعد لاستقطاب الجماهير.
ولديهم كل الوقت لفعل ذلك. أما إن كان في نيتهم تأطير موريتانيا بأسرها داخل هذا الحزب على غرار " حزب الدولة " فالفشل حليفه لا محالة والضرر سيلحق بالجميع وأولهم الرئيس، وسيصبح حزب القبائل والطوائف والتقرب من الدولة وينطبع بطابع السخرية من السياسة والدولة "إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخروا منا" ..ويكبر حجمه دون أي فاعلية أو ديناميكية تذكر، ويصبح بحجم الحزب الحاكم سابقا مبنيا على الكذب، إذ لو كان حجمه حقيقيا لبقي منه شيئا اليوم إنما كان حجمه وهميا، .. وكلما كبر حجمه ارتفعت ميزانية تسييره إن أريد تفعليه بما لا يمكن توفيره، أما إذا بقي غير مفعل فلا حاجة له أصلا.
أخيرا فإن هذا الحجم الكبير يتطلب وقتا طويلا في انتخاب هيئاته وأطره وعندها تطول المرحلة الانتخابية والاختيارات والنزاعات على "الشياخة" والتي نعيشها منذ خمس سنوات مضت.
وهذا كله مما يشغل الناس ويثير الصراعات بينهم ناهيك عن المصاريف الباهظة وضياع الوقت والطاقة والنتيجة الحتمية لهذا كله ستكون إهمال برامج الدولة التي ترتكز على برنامج الرئيس في الولاية الحالية.

معيار الانتماء الحزبي والعمل السياسي الفردي
إن ممارسة الفرد لنشاطه السياسي الحزبي يجب أن تتم في محل سكنه، ومن شأن هذه الخطوة أن ترشد إلى حد كبير من النفقات وتنمي مشاعر الانتماء الوطني لدى الفرد بدلا من الانتماء القبلي أو الجهوي، وتسمح بمجال أكبر للأطر المحليين في الدولة لممارسة نشاطهم دون وصاية أو هيمنة أو تهميش من طرف القادمين عليهم من انواكشوط واستهلاكهم لسيارات ووقود وأموال يمكن الاستغناء عنها تماما.
نكتفي بهذا القدر من المقترحات في "التصريح الأول" والتي نطرحها للحوار الديمقراطي، وسنبقى منفتحين على كل رأي بناء يساعد على ترسيخ ديمقراطية حقيقية ويخدم مصالح البلاد.

قريبا سوف نتطرق للمسائل التالية:
1) الوحدة الوطنية
2) علاقة الجيش الوطني بالحكم، وعلاقة العسكريين – سواء في الخدمة ام لا – بالحياة السياسية والحزبية.


المنسق
محمد ولد محمد الحسن
استشاري وأستاذ جامعي
[email protected]


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!