التاريخ: 21.09.2024  التوقيت:09:33 غرينتش


تاريخ الإضافة : 14.03.2013 15:56:36

تلبس ثوبين وتلبسنا ثوبا!!

د. محمد ولد محمد غلام

د. محمد ولد محمد غلام

في يوم من أيام خلافته الغرّ.. قام عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) خطيبا في الناس وعليه ثوب طويل.. فقال: أيها الناس اسمعوا وعوا، فقال سلمان الفارسي (رضي الله عنه) والله لا نسمع ولا نعي! فقال عمر: ولِمَ يا سلمان؟ قال: تلبس ثوبين وتُلبسنا ثوبا. فقال عمر لابنه عبد الله (رضي الله عنه) يا عبد الله قم أجب سلمان. فقال عبد الله: إنّ أبي رجل طويل فأخذ ثوبي الذي هو قسمي مع المسلمين ووصله بثوبه. فقال سلمان: الآن قل يا أمير المؤمنين نسمع ومر نُطع..

في قصتنا هذه، لم يكن بإمكان سلمان رضي الله عنه (وهو رجل أعجمي الأصل ملون البشرة غريب الدار) أن يستوعب استئثار أمير المؤمنين بثوب أطول من الثياب التي تم توزيعها )من طرفه( على بقية رجال الأمة.. لتكون ردة فعله على ذلك النحو "والله لا نسمع ولا نعي" ما أدى إلى ركون أمير المؤمنين إلى هذا المنطق وإقراره – وهو المعروف بسطوته وقوته – لوجاهة الاعتراض وأحقية المقاطعة، ليطلب من ابنه عبد الله (ليس مثل جميع أبناء زعماء اليوم) أن يشرح الموقف ويزيل اللبس ".. أبي رجل طويل؛ فأخذ ثوبي الذي هو قسمي مع المسلمين ووصله بثوبه"! ليحل الإشكال ويزيل الغموض الذي يكتنف ما يمكن تفسيره بأنه عملية فساد خطيرة "تلبس ثوبين وتُلبسنا ثوبا"!

تذكرت هذه القصة وأنا أشاهد من ولاة أمورنا من لا يمكن أن يوصف بأقلّ من أنه "يلبس ثوبين، ويلبسنا ثوبا" ثم يطلب منا أن نسمع ونعي! ، ولنقتصر الآن على مثالين لقطاعين يهمان الجميع:

ليس بإمكاننا أن نسمع ونعي عن رئيس – نحترم شخصه الكريم ومقامه الرفيع – يتحدث عن تطوير وتحديث القطاع الصحي في البلاد، وهو لا يثق في خدمات هذا القطاع الصحية!

أجل.. لا يثق رئيسنا المحترم في خدمات القطاع الصحي الموريتاني؛ والدليل على ذلك أنه لم يستسلم للاكتفاء بهذه الخدمات بعد إصابته الغامضة أواخر السنة المنصرمة..

دعك من حرص المرء على سلامته ومبالغة القادر – بماله أو بما يُحمله خزينةَ الدولة – على ابتغاء الأفضل والأكمل من العلاج.. وخذ مثالا آخر:

رئيسنا المحترم، يقرّر هذا المبدأ حتى مع ضحايا بعض أفراد الأسرة الكريمة (الضحايا) الذين لا يراد لهم أن يكونوا مثل أي ضحية موريتانية لأي مرض عضال أو يد بطش غادرة؛ حينها يتبادر نزع الثقة العملي مرة أخرى من قطاعنا الصحي، ليتم رفع الضحية إلى خارج البلاد وعلى وجه الاستعجال!

وانطلاقا من هذا المنطق المزدوج، فإن على "الدهماء" والعامة من المواطنين أن يثقوا في القفزة النوعية التي حققها قطاع الصحة في البلاد خلال الفترة الأخيرة، وأن يسلموا أنفسهم وذويهم لمشرطه ومحجمه.. وليكن ما يكون!

لا نستطيع أن نصدّق رئيسا - نحترم شخصه الكريم ومقامه المحترم– في أن الخدمات التعليمية في البلاد على ما يرام، وأن على "الدهماء" والعامة من المواطنين أن يستسلموا للأمر الواقع وأن يسجلوا أبناءهم وفلذات أكبادهم في مدارسنا الوطنية وجامعاتنا المتطورة، في حين يدرس أنجاله الكرام (أو من كان منهم مستعدا للدراسة) في المدارس الخاصة والجامعات الغربية العريقة!

أليس فخامته بذينك - على سبيل المثال لا الحصر - قد لبس ثوبين، وألبسنا (أو ألبس بعضنا) ثوبا؟ على الأقل!

نقلا عن أسبوعية الأخبار إنفو


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!