التاريخ: 21.09.2024  التوقيت:07:29 غرينتش


تاريخ الإضافة : 23.03.2013 11:48:29

ضحايا ولد الخوماني

الأستاذ / مولاي عبد الله ولد مولاي عثمان

الأستاذ / مولاي عبد الله ولد مولاي عثمان

ثمانية عشر شهرا تقريبا قضاها الشاب اعبيدي ولد الخوماني - ذو القرابة النسبية بالرئيس – وهو يمارس التجارة برواتب جنود الجيش الوطني الموريتاني باتفاق مع محاسب الجيش الرائد (خ . ع) الذي تربطه هو الآخر علاقة مصاهرة – أو كانت تربطه - بأسرة لها قرابة بالرئيس.

لكن متاجرة اعبيدي بأموال الجيش سبقتها سوابق تجارية أخرى للشاب ذي الستة والعشرين ربيعا؛ فقد ارتبط منذ سنوات بتجار للإسمنت في المقاطعة الخامسة استطاع أن يقنعهم بأن لديه مقاولات ضخمة مع شركة تازيازت للتنقيب عن المعادن النفيسة وعرض عليهم تزويده بالإسمنت بأسعار مربحة يردها إليهم بعد فترة.. قبل التجار - أو التاجران على الأصح - بذلك وأصبح الشاب اعبيدي زبونا لهما يحمل من عندهما أطنان الإسمنت لبناء منشآته المزعومة.

وبعد فترة ليست بالطويلة بدأت مظاهر الثراء تجلل سمتَ ولد الخوماني فاشترى سيارة رباعية الدفع من نوع تويوتا V8 (يقال أيضا إنه تزوج وصرف على حفل زفافه ببذخ) وأصبح يدفع للحمالين أكثر مما يستحقون دون حساب فأثار ذلك استغرابا عند التاجرين الذين يتعاملان معه، ثم زاد الأمر غرابة عندما اطّلعا على أن زبونهما "لمسكّم" لا يستعمل شحنات الإسمنت في إنشاءاته المزعومة لتازيازت بل إنه كان يبيعها لتجار آخرين في مقاطعة "تيارت" بسعر اقل مما يشتريها به..!!

رغم ذلك ظلت علاقات الشاب "الشاطر" التجارية تتوسع شيئا فشيئا فضم إلى امبراطوريته الناشئة تجارا من مدينة نواذيبو الاقتصادية أصبحوا يثقون فيه ويدفعون إليه بضائع تقدر بعشرات الملايين - إن لم تكن المئات - ثم يبيعها أو يفعل بها ما يفعل ثم يرد إليهم أموالهم كما وعد، وكان "تاجرنا" يزيد الكميات التي يحصل عليها منهم ومن تجار الإسمنت مرّة بعد أخرى إلى أن انكشف أمره.

في أثناء التقلبات و"تحراكْ لـيْدينْ" هذا انفتحت لولد الخوماني - ذي الحظوة النسَبية والحظ العملي - نافذةٌ على مال الجيش الوطني الموريتاني أدلى إليها بواسطة ضابط كبير ومتنفذٍ يكاد يكون معروفا بصفته وصفقته وإن لم يعرف بعدُ باسمه، دخل التاجر الشاب من النافذة وخرج منها مرارا وتكرارا، فكان يحصل كل بداية شهر على رواتب الجنود يبيع بها ويشترى ويُدين بأساليب "شبّيكوية" ثم يردها إلى المحاسب قبل نهاية الشهر ويتقاسم وإياه وجِهةً أخرى واحدة على الأقل الأرباحَ قسمة سواء أو قسمة ضيزى .. لا يعرف لذلك حقيقة حتى الآن.

وبعد شهور من إتيان بيت مال الجيش من نافذته أراد الله أن يخرج أمر ولد الخوماني من الباب وتنكشف فضيحة الفساد السامية، فكان من ترتيبات القدر أن ضغط تجار انواذيبو على زبونهم الشاب الذي تراكمت عليه ديون لهم لم يؤدها فقرر أن يدفعها إليهم من مال الجيش الذي كان بحوزته حينها مشترطا عليهم أن يستدين منهم بعد ذلك كمية من البضاعة ربما كان سيعتمد عليها في رد مال الجيش الوطني، لكن تجار نواذيبوا ارتابوا في أمر الشاب فأخذوا منه ديونهم ثم نكَلوا عن وعودهم له.. عندها أسقط في يد الفتى وضاقت عليه الأرض بما رحبت وأدرك أنه مأخوذ لا محالة.. فاختفى.

كشف موقع "الأخبار" الفضيحة فكثّف الجيش والأمن البحث عن الفتى طريد الجنايات وعثر عليه أخيرا مختبئا في ملجإ أو مغارة أو مدّخل في إحدى مقاطعات انواكشوط، وبعد إعلان اعتقاله ظهر أن غرماءه كُثر وأن من بينهم تاجرا الإسمنت الذين يطالبه أحدهما بنحو 120 مليون أوقية، ويطالبه الآخر بنحو 30 مليون أوقية كان المسكين قد رهن فيها دورا وضياعا آملا أن يفك رهنه في أجل مسمى وعده الشاب ولد الخوماني بتسديد ديونه فيه.. فمن يأتي هؤلاء بحقوقهم التي لا يحميها "المدفع الضخم"؟

لقد مرّت قضية "الرصاصة الصديقة" فقال النظام في أمرها غير الحق، ومرت قبل ذاك قضية "الرصاصة العشيقة" - التي أطلقت على فتاة موريتانية من مسدسٌ يدخُل القصر - فكُتم الأمر أيضا وانقضى كـ"الشيء الملفلف في البجاد"، ومرت صفقات التراضي والتحابي، ومرت الوعود المُخلفة والعهود المنكوثة، وستمرّ فضيحة المتاجرة بأموال الجيش دون أن تقلع السلطة الحاكمة عن عادة تضليل المواطن..

فإلى متى هذا الفساد والإفساد واحتقار الشعب؟!!.

نقلا عن أسبوعية الأخبار إنفو


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!