التاريخ: 21.09.2024  التوقيت:07:42 غرينتش


تاريخ الإضافة : 24.03.2013 18:27:14

التعداد العام للسكان والمساكن... تصحيحا للمفاهيم

بقلم: عبد الرحمن بن سيدي الشيخ

بقلم: عبد الرحمن بن سيدي الشيخ

تستعد الجمهورية الإسلامية الموريتانية لتنظيم رابع تعداد عام للسكان والمساكن بعد الاستقلال، وهو حدث هام يتكرر مرة واحدة كل عشر سنوات تحت إشراف وتنفيذ المكتب الوطني للإحصاء، وإني بقدر ما أنا فخور بانتمائي لهذه الهيئة المنفذة بقدر ما أشعر بمرارة شديدة لعدم استيعاب الأغلبية الساحقة لأهداف التعداد.

يؤسفني حقا أن يُختصر دور التعداد في معرفة عدد سكان موريتانيا، كلا يا سادتي فذلك هدف واحد من بين أهداف أخرى قد تكون أكثر أهمية.

لقد تم تصوُر الأسئلة في الإستمارة لتعكس مؤشرات تتعلق بالخصائص الديموغرافية والاجتماعية والاقتصادية للسكان وبعبارة أدق يعتبر التعداد العام صورة فوتوغرافية لسكان الدولة في لحظة معينة من تاريخها، أضف إلى ذلك مؤشرات تتعلق بدراسة نمو السكان والهجرة و التمدرس وخصائص السكن والإعاقة والظروف المعيشية والفئات العمرية، تلك بيانات لا غنى عنها لتكون أساسا لرسم السياسات السكانية.

قد لا يعلم الكثيرون أن التعداد الفعلي سبقته مرحلة معقدة تسمى إعداد الخرائط امتدت لعدة أشهر، رُصدت لها موارد بشرية ومالية هائلة وفي نهايتها يمكن القول أننا نملك تحفة حقيقية تسمى قاعدة بيانات جيوـ ممعلمة، تم انجازها وفقا لنظم ومعدات حديثة، وبالتالي، نحن نتوفر على ملف شامل يحتوي على إحداثيات "نظام التموضع الكلي" لكافة التجمعات ونقاط المياه إضافة إلى تقسيم شامل للتراب الوطني على 3097 منطقة عد مما يسهل جمع البيانات، هي إذن جهود تذكر فتشكر لمؤسسة الإحصاء.

وللتذكير فقط، ليس التعداد العام على أهميته هو التحدي الرئيسي، ذلك أن هذا الجهاز يعاني منذ نشأته تحديين كبيرين، الأول يكمن في عدم استيعاب الرأي العام لماهية المكتب نفسه، والثاني عدم فهم المواطن لأهداف الإحصائيات، ولكم يسيئني أن يسألني الأستاذ والمهندس والطبيب وزملاء من النخبة الوطنية عن إشكالات تتعلق بأوراق الحالة المدنية في خلط واضح بين هيئتين لا تمت بينهما أي صلة.

ليكن في علمهم هؤلاء أن الإحصاء ليس الحالة المدنية ولا الوكالة الوطنية لسجل السكان والوثائق المؤمنة والعكس صحيح وفي تداخل الأدوار مظلمة للفريقين، فلكل منهما مهامه المحددة وفقا للمشرع الموريتاني، ولم يحدث في تاريخ التشكيلات الحكومية أن جمعتهما وزارة واحدة، فالحالة المدنية هي الابنة الربيبة لوزارة الداخلية بينما تأرجح ملف الإحصاء بين وزارات التخطيط، الاقتصاد والمالية وحاليا تحت وصاية وزارة الاقتصاد والتنمية ولا يقتصر دور الجهاز على المسوح فقط بل لديه مهام أخرى وإصدارات غاية في الأهمية منها على سبيل المثال: إعداد الحسابات الوطنية، نسبة التضخم، نسبة النمو الإقتصادي، الناتج الداخلي الخام، المؤشر الموحد لأسعار الاستهلاك، مؤشر الإنتاج الصناعي، مؤشر سعر البناء، نشرة التجارة الخارجية، الدليل السنوي للإحصاء وموريتانيا والولايات في أرقام.

ومما سبق يتضح أن المكتب الوطني للإحصاء هو القلب النابض للاقتصاد فإذا صلح، صلح الجسم كله.

وفي الأخير أدعوكم جميعا إلى التعاون مع وكلاء الإحصاء لإنجاح التعداد العام الذي سيكون أساسا للإستراتيجيات التنموية في العشر سنوات القادمة بإذن الله.


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!