التاريخ: 21.09.2024  التوقيت:06:43 غرينتش


تاريخ الإضافة : 30.03.2013 14:53:29

بين الرئاسة والخارجية!

د. محمد ولد محمد غلام

د. محمد ولد محمد غلام

بينما كان وزير الخارجية الموريتاني السيد حمادي ولد حمادي يتوسط نظراءه العرب (في اجتماعهم التحضيري للقمة الرابعة والعشرين المزمع انعقادها في الدوحة)، معبّرا عن موافقة بلاده على منح المعارضة السورية مقعد سوريا في الجامعة، بعد منع نظام الأسد من شغله قبل فترة (اعترضت لبنان والعراق لأسباب طائفية، وتحفظت الجزائر لأسباب أخرى!)، في موقف ينسجم مع التوجه العربي الرسمي والشعبي (وحتى مع المزاج الحقوقي الدولي) في نزع الشرعية عن النظام القائم في دمشق، بعد أن أمعن في إراقة دماء أبناء شعبه واستهتر في هتك أعراضهم خلال السنتين المنصرمتين..

بينما كان وزيرنا للخارجية كذلك، كان المسؤول الإعلامي لرئاسة الجمهورية الموريتانية، الدكتور محمد إسحاق الكنتي، يعبّر عن موقف "ثوري" مختلف؛ يتوعد فيه ثوار سوريا وداعميهم بالهزيمة، "مبشرا" بأن دمشق ستنتصر على خوارج العصر (الثوار السوريين) كما انتصر الأمويون على الخوارج قبل قرون!!

ازدواجية التعبير عن الموقف الموريتاني الرسمي من الثورة السورية هذه، تجرنا إلى تساؤل جوهري؛ حول ما إذا كان تحديد المواقف الموريتانية من القضايا الإقليمية والدولية، يتم عبر وزارة الخارجية؛ ممثلة في شخص وزير الخارجية المحترم؟ أم أن تحديدها بدقة ووضوح يتم عن طريق الدائرة الإعلامية في رئاسة الجمهورية؛ ممثلة في شخص المسؤول الإعلامي الأول في رئاسة الجمهورية الدكتور محمد إسحق الكنتي الموقر؟!

أذكر وتذكرون أن لرئاسة الجمهورية لدينا (في السنوات الأخيرة) تاريخا مؤسفا في التعاطي مع تطلعات الشعوب الثائرة طلبا للحرية والكرامة؛ ابتداء من الوقوف مع اغباغبو في ساحل العاج، وليس انتهاء بمناصرة القذافي حتى آخر رمق من حياته (كان تسليم السنوسي، بعد الاطمئنان إلى انتهاء حكم الرجل وفاء بالعهد، يقدّره الدكتور الكنتي!) إضافة إلى أن آخر زيارة يقوم بها رئيس حكومة (وزير أول) للنظام في دمشق، كان بطلها وزيرنا الأول! غير أن كل هذه المواقف - غير الموفَّقة – كانت تسير في انسجام كامل مع دوائر الدولة المعنية بالشأن الدبلوماسي (الخارجية تحديدا) حتى ولو كانت تسير عكس تيار التاريخ وأخلاق الشهامة في نظر الشارع الموريتاني..

أما اليوم، فنحن أمام ازدواجية خطيرة في التعبير عن الموقف الرسمي للدولة من القضايا الإقليمية والدولية؛ وبين مؤسستين من أهم المؤسسات المعبّرة عن سيادة الدولة وسياساتها المختلفة؛ (رئاسة الجمهورية، ووزارة الخارجية!) مما يذكّرنا بما يردده معارضو هذا النظام، من تهم تتعلق بالارتجالية والخفّة التي يُدير بها شؤون البلاد.

في الأسابيع القليلة الماضية أعلنت الإمارات العربية المتحدة عن تعديل وزاري، عبر أحد مواقع التواصل الاجتماعي، وفي يوم الاثنين الماضي كانت القنوات الإخبارية منهمكة في نقل مقاطع من تغريدات للرئيس المصري على أحدها.

واليوم، يأتي دور الرئاسة الموريتانية للتعبير عن هذا الموقف عبر أحد هذه المواقع، وهو تطور وبشارة للتواصل والانفتاح على المجتمع، يحمد للقائمين على دائرتها الإعلامية، حتى ولو ناقض مضمونه موقف الشعب الموريتاني المناصر للشعب السوري في ثورته على الظلم والفساد.

نقلا عن أسبوعية الأخبار إنفو


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!