التاريخ: 21.09.2024  التوقيت:05:31 غرينتش


تاريخ الإضافة : 03.04.2013 11:11:38

ردا .. علي صناديق الموت الطائرة

رحمة بنت عبد الجليل

رحمة بنت عبد الجليل

لقد شكلت حوادث الطائرات العسكرية واقعا عالميا لا تنجوا منه أي دولة مهما بلغت من التحكم في الصناعات واكتساب الجودة، فكل هذا لم يقف أمام هذه الكارثة، فتشكل الحوادث في فرنسا وغيرها من الدول الأوروبية سنويا نسبة كبيرة، وكذالك في أمريكا، أما في العالم العربي فحدث ولا حرج سواء منه الشرقي والغربي، وهذه الحوادث في مجملها لا تخرج بشكل عام عن كونها أسباب طبيعية، أو فنية، أو العنصر البشري، أو المد ارج في المطارات، و أحياناً كل الأسباب تتحالف لتتسبب في وقوع الحوادث، ورغم أن هذه الحوادث كانت سببا مباشرا وراء خسارة بشرية ومادية، إلا أن الدول تقاس قوتها العسكرية بمدي تقدم سلاحها الجوي.

لقد شهد الطيران العسكري نهضة كبيرة في الآونة الأخيرة لم يشهدها علي مر تاريخه في البلاد الموريتانية منذ نشأته، وقد واكب هذا الانجاز موجة من التدريبات والمناورات العسكرية كانت لها نتائج كبيرة علي المستوي الأمني لحماية التراب الوطني، فالطيران العسكري كان يمتلك طائرتين أو ثلاث لا تقوم بأي استطلاع جوي بل عاجزة عن القيام بأبسط دور لها، وقد ظلت علي هذه الحالة حتى عهد قريب، حيث أصبحت تمتلك أسطولا جويا يجوب أراضي البلاد الشاسعة يوميا وتقوم بدورات استطلاعية في كل المدن وعلي جميع جهات الحدود الوطنية، أما في مجال التكوين فتضم مديرية الطيران العسكري خبراء متعددين في المجال التقني والفني مكونين تكوينا عاليا في بلدان غربية ذات مستوي أكاديمي عالمي، كما أن الملاحين لهم تكوين لا يقل أهمية عنهم زيادة علي المراجعات السنوية لصحتهم من أجمل متابعتهم للملاحة، وهذا حتما سيكون له تأثيره الايجابي والسلبي، فالأول متمثل في الحفاظ علي امن البلاد وهو المكسب الذي تحقق بفعل الطيران العسكري الذي يرصد كل حركة علي حدود البلاد، رغم أن حدودنا في السابق ليس لها امن ولا رقابة، بل كانت ملاذا آمنا لكل المخربين من جميع أنحاء العالم، من مهربين وتجار مخدرات وإرهابيين، وقد قطعت الطرق عليهم من جميع الجهات وطردوا خارج أراضي الوطن حيث كانت محل إقامتهم في السابق، أما الجانب السلبي لهذه النهضة في مجال الطيران العسكري فكان لابد أن تصاحبها سقوط لبعض هذه الطائرات لأسباب متعددة منها أولا أن البلاد تحتوي علي تضاريس صعبة ومناخ أصعب يصعب معه التحكم في امن الطيران، ورغم أن حوادث الطيران العسكري في العالم كثيرة فنحن لم نكن في مأمن من هذه الحوادث، ورغم أسفنا علي هذه الحوادث وتقديم تعازينا لذويهم، إلا انه ليس من اللائق ان نتهم من عاشوا هذه المأساة من قريب فهؤلاء أقران وأحبة خدموا لفترة طويلة في مجال واحد وأصبحوا أسرة واحدة.

ورغم ما أثير من جدل حول سقوط الطائرة العسكرية الأخيرة، فإن الأمر يستحق الوقوف عنده، واهم ما أوقفني في هذه القضية هو اتهام بعض أصحاب الأقلام لقادة عسكريين بذلوا الغالي والنفيس في تحقيق اسم لمؤسستنا العسكرة وخاصة في مجال الطيران، إنه من غير اللائق بنا أن نتهم من كدسوا حياتهم في خدمة الدفاع عن الوطن، ودفعوا بأرواحهم مقابل ذالك.

يجب علينا أن لا نكون ناكرين للجميل وان نستحضر المقولة الشعبية التي تقول " ا ل ماه في الغزي ارجيل" وعلي البعض أن لا يأخذه الحقد والمحسوبية بعيدا عن الواقع ويجز بالكلام الجارح والتهم الملفقة التي ليس لها معني في سبيل أشخاص عرفوا بنزاهتهم وخبرتهم علي مدي سيرة عملهم، وقد شهد لهم بذالك كل العاملين معهم وكل من يعرفهم من قريب أو من بعيد، إنني بكل أسف انتابني شعور القلق من هؤلاء الذين يدسون السم في أقلامهم اتجاه مؤسستنا العسكرية ويتهمون بعضهم بالخيانة في سبيل الشهادة ضد قادتهم ، ورغم أن هذا السلوك لا يليق بمؤسستنا العسكرية فهذا الأمر يسمي خيانة ويعاقب عليه القانون.

لا نريد أن نصدق أن تقارب احد الأحزاب السياسية المعارضة مع احد المواقع إعلامية وراء سلوك بعض وسائل الإعلام المحترمة وحملتها ضد مدير الطيران العسكري، والتلميح دائما علي قرابته من السيد الرئيس، والزج به في بعض الأمور التي كان له الفضل بالنهوض بها، وهذا يصدق مخاوف معارضي تحرير قطاع الإعلام المرئي و المسموع، بسبب قلة نزاهته في بعض القضايا.

وتبين هذه الحملة أن التحول في العقلية الموريتانية مازال دون المستوي حيث تعجز عن تفسير الأحداث و تمحيص الوقائع خارج السياق القبلي، وهذا دليل علي غياب الوعي المدني الذي لا يختلف اثنان في أن مدلوله العام هو الارتقاء بمستوى التفكير، ومستوى السلوك، من واقع البداوة إلى واقع الحضارة، ومن البساطة القروية إلى كثافة الالتزامات في ظل تعاظم الأدوار المنوط بالفرد، وانتقالها من دائرة الأسرة والقبيلة إلى فضاء أرحب يتعلق بالدولة والأمة، بعيدا عن التحليلات التافهة للقضايا الوطنية، وخاصة في المجال الأمني الذي يجب أن يحترم ويأخذ مكانه في قلوب كل المواطنين وخاصة أصحاب الرأي.

وأخيرا لا يسعني إلا ان اعبر عن فخري واعتزازي بما تحقق من إنجازات علي جميع الأصعدة وخاصة في مجال الطيران العسكري، ولن ننسي ذالك اليوم الذي قدموا فيه عرضا جويا جميلا فاق كل التوقعات في يوم الثامن والعشرين من نوفمبر، في الذكري الخمسين لعيد الاستقلال الوطني.


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!