التاريخ: 21.09.2024  التوقيت:02:55 غرينتش


تاريخ الإضافة : 16.04.2013 15:41:04

عجائب تستجدي التغيير !!!

احمدو يحيى زين

احمدو يحيى زين

في كل يوم تصك مسمعك حلقة جديدة من سلسلة فساد النظام الموريتاني وتلاعبه بخيرات هذا البلد المسكين ، فلا تكاد تصحو من صدمة إلا أيقظتك أخرى فاجعة، والأدهى والأمر في الأمر أن الشارع المسكين تجاه هذا كله مسبح بحمد الفساد وأهله ، إلا ذلك الصوت المبحوح الذي يطل من وراء الصمت بعد يأس وهو يطالب برحيل الفساد ويكشف حقائقه وجنايات حقبته المريرة ، غير أن هذا الصوت لا يمثل في الشارع غير صيحة في واد أو نفخة في رماد ،تذهب من الذاكرة أو تتناساها في ظرف وجيز ،لتزيد حقن اليأس في نفوس منتسبيها

واقع يضطر المرا خلاله وتجاهه ليتساءل عن موريتانيا وقدرها مع الفساد وأهله ،هل كتب عليها أن تظل حبيسة هذا الواقع تتعاطاه أجيالها في استخفاف ناب بكل القيم والكرامة الإنسانية ؟ أم أن قابل الأيام وسواعد أبنائها الأوفياء عوامل كفيلة برد بعض كرامة هذا الشعب ومحاسبة الجناة عليه ؟ أم أننا شعب يستحق بالفعل هذا الواقع لما يهيأ له من نفوس يملأها الشره والرضى بالاستخفاف والنعيق مع كل ناعق ؟
من نحن ؟
نحن شعب صلبته مآسي الحياة الصحراوية وصنعته بيئتها صناعة خاصة ، جاءته الدولة قبل أن يجيئها فصنعها على مزاجه البدوي بكل تفاصيله الفوضوية .
تماما كما تجد في البادية القديمة ذلك الاستعلاء في النظام الطبقي الهش تجده في الدولة اليوم وهو يمخر مفاصيلها ويهد بنيانها من القواعد ، وكما تجد كذالك تسلط أصحاب القوة والسلاح قديما عند البدات تجد اليوم السطو الممنهج والنهب النهم لثروات البلد من حاملي السلاح وأصحاب القوة في الدولة ، ومثلما كان السواد الأعظم في نظرته للواقع أيام البادية منبطحا ومباركا لكل العجر والبجر بل وحتى مشرعا نجد الحال اليوم في الدولة الحديثة ، وأمام هذا الواقع الذي يسير بالبلد حتميا نحو مصير مجهول ومن خلال قراءة في سلوك هذا الشعب المتقلب الأطوار لا نخجل كثيرا حينما نقول أننا نستحق بما نقبله ونرضاه من الاستخفاف بنا من قبل شرذمة يستوجب قبول استخفافها الطاعة العمياء على سنة {فاستخف قومه فأطاعوه }.
عجيب جدا
بتمعن وأنت ترقب موريتانيا من بعيد ، يملأك العجب من الطريقة التي يعيش بها هذا الشعب ، جاءه ولد الطايع فنفث فيه من سموم الفساد عشرين عاما مردت فيها أجيال وماتت أخرى لا ترى إلا الفساد والمفسدين ، حتى صار ثقافة المثقفين وعبادة المتعبدين، نشدت له الاشعار وعد رجل الخير الأول ، وقدمت له المصاحف على أنها هدايا متواضعة ، سفك الدماء ونهب الأموال وظلم العباد وكان فقه الفقاه له ظهيرا على كل ذلك ، إلا من رحم ربك انقلب عليه من كان له ظهيرا وشريكا في كل ذلك ؛ وإن أنس لا أنس الزغاريد والأفراح التي كانت ترتفع وتعد صاحب الانقلاب مخلصا .. وفي سذاجة واستبلاه للشعب خرج الرجل الجديد على الكرسي والقديم في القصر .. ليعد نفسه منقذ البلاد من قصة فساد صنع فصولها بيديه... لكن الشعب المسكين تقبل الأمر مشجعا في كل مراحل اللعبة .
كان الأمر في العقيدة العسكرية ليس إلا سحب البساط من قبيلة وبسطه لأخرى اقوى منها حسب لسان الحال ... تمضي الأيام والمأساة في طريقها الكارثي والشعب المسكين يغط في سباته العميق ... لكن اللعبة كانت تقتضي ان يجلب للشعب رئيس مدني كي يصدق ظنون الكبراء عنده ..
جاء سيد ولد الشيخ عبد الله وأرادوه دمية في أيديهم وببغاء في الإعلام لخطابهم لكنه أراد غير ذلك فعزلوه لتبلغ المأساة أحزن فصولها بمجيء ولد عبد العزيز واتفاق داكار والانتخابات ليضع البلد عصا تسياره الحزين بولد عبد العزيز في القصر الذي لم يغادره يوما ولن يغادره في ظني إلا محمولا على الأعناق .
الحقبة الأخير كانت حقبته سوداء حقا حولت فيها مؤسسة الرئاسة إلى وكر للمؤامرات الدنيئة ضد اللحمة الوطنية {احداث الجامعة} وسوقا سوداء لتبيض الاموال {الاتصالات الأخيرة }وساحة القصر مسرحا لجرائم القتل {الأستاذ المقتول أمام القصر} وأخيرا الفضائح الاخلاقية من رئاسة البلد ....
هي دوافع لأن تعجب كل العجب من هذا الشعب وهو يتفرج على فصول هذه الحكاية ويستقبل الرئيس يوم مقدمه من فرنسا استقبال الأبطال وبهذه المناسبة لك أن تقول على الحياء العفاء في بلاد المنارة والرباط !!!

بصيص الأمل
مع كل هذا الجو القإتم بصورته والمرير بفصوله، يبقى الحليم حيران يثقل اليأس خلجات فكره في الإصلاح ، غير أن بصيص أمل -في اعتقادي _ ينبعث من سواعد أبناء موريتانيا حينما يستيقظون وهم يحملون على عواتقهم هم هذا الشعب ؛ طلبا لاستعادة كرامتهم واسترجاعا لماء وجوههم ، لكنه لا يزال حلما قبل أن يجلس أبناء موريتانيا على أرضية يحددون فيها معنى الدولة منطلقين من ثوابت يستحق المساس بها التضحية بكل غال ونفيس ، مشيعين روح المواطنة في إعادة للعقد الاجتماعي الذي قامت عليه الدولة وإعادة عقده من جديد على منطلقات من المصارحة والتعالي على جراح الماضي الاليمة وتغليب لمنطق الحق وشرعته على منطق القوة وتسلطه ، بهذا فقط لا بغيره يمكننا ان نشارك في انقاذ اشلاء وطننا الممزقة من اسنان هذه الذئاب البشرية التي لا ترقب فيه إلا ولا ذمة ؛ وإلا فإن الوطن لن يسامحنا في تضييع هذه المسؤولية، وستظل لعنات التاريخ تطاردنا حيثما حللنا كمواطنين خانوا وطنهم .
هي اذا ثورة اجتماعية قبل ان تكون ثورة سياسية ، ثورة مفاهيم ومنطلقات ، ميادينها العقول والقناعات وسلاحها الايمان والتضحية بكل شيء تحملا للمسؤولية التاريخية ووفاء لأرض تستحق الكرامة العيش على ثراها الطاهر ، وقودها الشباب الواعي بمسؤوليته صاحب العزم الماضي والممزق لكل القيود الأرضية والمحطم لكل أصنام الفساد برؤيته الثاقبة ،وهي في اعتقادي ثورة لا تقبل التأخير تحتاج فقط روح المبادرة والسير قدما نحو الهدف ...


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!