التاريخ: 21.09.2024  التوقيت:00:12 غرينتش


تاريخ الإضافة : 02.09.2008 15:56:52

أدي ولد آدبه: لم أتفاجأ من عدم تكريمي.. ولجنة التحكيم لم تكن منصفة

قال الشاعر الموريتاني أدي ولد آدبه الفائز بالمرتبة الخامسة من مسابقة أمير الشعراء إنه لم يتفاجأ بعدم تكريمه وزملاءه من طرف السلطات الموريتانية، مؤكدا أنه شخصيا لم يتعود على تكريم أي سلطة، "لأن التكريم أحيانا يكون مرهونا بالولاءات العشوائية، أو بالببغائية أو بنقيق الضفادع، التي لا يجيدها" حسب تعبيره.

وأكد ولد آدبه أن لجنة التحكيم في مسابقة أمير الشعراء كانت بعيدة عن الموضوعية، بل كانت المحسوبية أساس معيارها، مستشهدا بتعاملها مع الشعراء الموريتانيين الأربعة الذي أصرت اللجنة خلال جميع الحلقات على منحهم النقطة الأضعف في كل حلقة.
جاء ذلك خلال حوار شامل أجرته وكالة أنباء الأخبار المستقلة مع الشاعر أدي ولد أدبه تناول تفاصيل مشاركته في مسابقة "أمير الشعراء" وتقييمه لها،ولأداء لجنة التحكيم، وتناول الحديث علاقته بالشعر،ورؤيته للوضع الأدبي الموريتاني، وعلاقته كشاعر سياسي بالأحداث اليومية للمواطن الموريتاني، وعن جديد انتاجه الأدبي، ومشاريعه المستقبلية.
وإلى نص المقابلة:

الأخبار: متى وكيف جاءتكم فكرة المشاركة في مسابقة أمير الشعراء؟
هذه الفكرة ولدت مع ميلاد البرنامج نفسه، حيث أشعرني زملاء في الإمارات بانطلاقة البرنامج، وكنت يومها سبق أن شاركت في مسابقة شاعر العرب، في قناة المستقلة، فقلت لا بأس بالمشاركة في المسابقتين، إذا لم يكن هناك تعارض بين حلقتين، فأرسلت لأمير الشعراء قصيدة، ونجحت في التصفيات الأولية، وكان لا بد آن أشارك في تصفيات الثلاثمائة، إلى الستين. ولكن وجدوا أن هناك مشكلة في الجواز، فقد كنت أصلا مقيما في الإمارات، وتأخرت عن الدخول، الذي يلزمني بعد ستة أشهر، ولما لم يجدوا فرصة لدخولي. حاولوا أن أعوض لهم ذلك بقراءة القصيدة عبر الهاتف، فإذا نجحت حاولوا إدخالي في الخمسة والثلاثين، وإذا لم أنجح فلا داعي لحضوري، فعندما قرأت القصيدة عبر الهاتف، أجازتها لجنة التحكيم بإجماع. وبقيت أنتظر الدخول في فرز الخمسة والثلاثين ولكن التأشيرة لم تصلني، وفاتتني الفرصة.
وهذا رغم أنه إنجاز كان يمكن أن تستغله موريتانيا إعلاميا، لكنها فضلت التعتيم عليه.
الأخبار: كيف تقيمون مسابقة أمير الشعراء بشكل عام؟
المسابقة كفكرة جميلة جدا، وتخدم الشعر، ويخلق علاقة بين الشعر والجمهور، ويعيد الصلة التي كانت مقطوعة بينهما، لأنه يمثل صناعة إعلامية جيدة للشعر والشعراء والجمهور في نفس الوقت، لكن المشكلة فيه هي لجنة التحكيم، لأنها لجنة أصبحت شبه معينة، وخلقت علاقة لوبية بين أعضائها، بينما لو كانت هذه اللجنة دورية، لكان هناك كل سنة لجنة لا تربط بينهما علاقات مسبقة، ولا تسمح لها علاقاتها بأن تخلق ما يشبه لوبي، " أعط نقاطا جيدة لمن أريد، أعطيك نقاط جيدة لمن تريد، وهكذا ينتهي المطاف بنجاح من لهم علاقة بلجنة التحكيم، ولا يصعد معهم على المنصة إلا من جاءت بهم الأصوات رغم أنوف اللجنة، فلا أعلق على مستوياهم، بقدر ما أعلق على مستوى النزاهة، النزاهة لا تكاد توجد لدى أي واحد منهم. في هذه الدورة بالذات، كانوا أفضل في الدورة الماضية، لكن هذه السنة وبشهادة الجميع كانوا متحاملين بشكل كبير على الموريتانيين بشكل خاص، حيث قلما شارك موريتاني في حلقة إلا وكانت له النقطة الأسوأ، وهذا لا يمكن أن يحدث بشكل عشوائي، ولا بد أن يكون بسبق إصرار وترصد، لأن طبيعة الشاعر أن يرقي مستواه، وأن يتوسط، وأن ينخفض، أما أن "يحافظ له" على مكان واحد فهذا غير نزيه، وغير صحيح، لأن الموريتانيين لم يكونوا في حلقة من الحلقات إلا وهم يستحقون الرقم الأول أو الرقم الثاني، على الأقل، فقصائدهم لم تكن أسوأ من القصائد المشاركة.
الأخبار: ما السر حسب رأيكم في هذه المعاملة؟
ولد آدبه: هناك ما يسمى بعقدة المركز والأطراف، هذه حاضرة في التفكير المشرقي، أن يكون هناك أربعة شعراء من موريتانيا في وقت توجد دول توصف بالمركزية الحضارية غير ممثلة إلا بشاعرين أو ثلاثة، هذا بالنسبة لهم إهانة، ولا يجوز، الناحية الثانية، هم يعرفون في قرارا ة أنفسهم أن أي شاعر غير موريتاني إذا لم يفز بأصوات اللجنة، فإنه لن يفوز أبدا بأصوات الجماهير، إذ لا يوجد شعب يصوت لشعرائه مثل ما يفعل الموريتانيون. وهذا ما اتضح من خلال وجهات نظر الشعراء أنفسهم، حيث أصبحوا في النهاية يتمنون أن يكون لهم شعب مثل الشعب الموريتاني، أو أن يكونوا هم أنفسهم موريتانيين، ونحن أيضا كنا نؤكد لهم أن علاقة الشعب بشعرائه ليست علاقة قبلية مثل ما هو موجود في الخليج، وإنما علاقة شعرية وطنية، أساسا، فهناك ركيزتان، لتعامل الشعب مع شعرائه؛ طريقة المواطنة، وطريقة الذوق الشعري، وهما ملتبستان، لأن المواطنة الموريتانية لا تكتمل إلا بالذائقة الشعرية، لأن الوطن الأساسي للموريتانيين، هو القصيدة.
الأخبار: قضية التصويت هذه طرحت إشكالات كثيرة، ويرى البعض أنها أحيانا ترفع شعراء لا يستحقون، وأحيانا أخرى تظلم قصائد رائعة، كيف ترون المسألة؟
ولد آبه: هذا صحيح، إذا توفرت لجنة التحكيم النزيهة فلن تكون هناك ضرورة كبيرة لأصوات الجمهور، وإذا لم تتوفر لجنة التحكيم النزيهة، فإن أصوات الجماهير ستكون معادلا موضوعيا لأصوات اللجنة، بحيث يمكن أن تنصف أصوات الجماهير، ومهما كانت عاميتها، فهي تنصف الشاعر، وأحيانا تخذله أيضا، فهي غير مأمونة العواقب، ولا تمثل حكما نقديا يمكن للشاعر أن يركن إليه، ولكن هناك بعض الجماهير النوعية التي يمكن أن يعتبر تصويتها حكما نقديا، أفضل من حكم اللجنة نفسها، فمثلا ما حدث في هذه السنة أعتقد أنه تصويت أدبي، وليس توصيتا عاميا، لأن الجماهير لم تعبأ من طرف القبائل ولم تعبأ من طرف السلطات الرسمية، وإنما كانت تتعاطف مع الشعراء، بمحض ذوقها الأدبي في أغلب الأحيان، خصوصا وأن طريق التصويت لم تكن طريقة عامية، فلم تكن عن طريق الموزع الصوتي، وإنما كانت عن طريق الرسائل القصيرة، وهو ما لا يمكن أن يتعامل معه إلا من كان له نوع من الثقافة.
الناحية الثانية أن الفاعلين في هذه الحملة كانوا مستوى معينا من الشباب في الجامعات أو الثانويات أو من في حكمهم من المثقفين الكبار أو من هم أكبر منهم، وهذا في الحقيقة يعني أن التصويت كان تصويتا واعيا، وهذا شيء يعوضنا عن الأسف على تصويت اللجنة.
الأخبار: ما السر في عدم تكريمكم من طرف السلطات الرسمية، وكيف تقيمون تعاملها مع المشاركين في المسابقة؟
ولد آدبه: هذا أمر تسأل عنه السلطات الرسمية فهي التي تعرف لما ذا تكرم، ولما ذا لا تكرم، كلما أعرفه أن الشعراء الأربعة، يستحقون التكريم ليس أنا فقط أو أمير الشعراء، بل الشعراء كلهم، والتكريم يعني عرفانا بما وصل إليه الشعراء، فوصول أربعة شعراء موريتانيين إلى دور الخمسة والثلاثين من العالم العربي ومن 7200 شاعر فهذا وحده إنجاز يستحق التكريم، ولذلك أنا ما كنت أطالب بتكريمي فقط، وإنما كنت أظن أننا الأربعة نستحق التكريم.
ما فاجأني هو اختزال التكريم في شخص الأمير، وهو ما بدأت أكتشفه من لحظة هبوطنا من سلم الطائرة، فالمستقبلون عندما جاءوا سلم الطائرة لاستقبالنا، وهي طريقة في لبروتوكول عجيبة جدا، اختطفوا الأمير من بين أدينا، أنا وسك، وتركونا واقفين على أرضية المطار، لا ندري، هل نتجه إلى بوابة قاعة الشرف، أم نتجه إلى البوابة العادية، ولولا أن يفسر تصرفنا في تلك اللحظة تفسيرا آخر، لذهبنا إلى البوابة التي تعدونا أن ندخل منها، لأنها كانت أشرف لنا في تلك اللحظة من قاعة الشرف، إذا القضية بدأت من هذه البداية اكتشفنا أن هناك نوعا من الإقصاء.
أنا شخصيا لم أتعود على تكريم أي سلطة، وربما أيضا لا أنتظر من أي سلطة أن تكرمني، لأن التكريم أحيانا يكون مرهونا بالولاءات العشوائية، أو بالببغائية أو بنقيق الضفادع، التي لا أجيدها. ليس لي موقف سياسي أو إيديولوجي، إنما لي موقف من وطني، لا أقدس من لا يقدسه، ولا أتعامل مع أرى أنه لا يحسن التعامل مع هذا الوطن، دون أن أرهن موقفي بأي مصالح شخصية، ولا بأي امتيازات، لا أريد وظيفة، ولا أريد فلوسا، لا أريد ملايين، ولكن أريد أن أبقى حرا في تصرفاتي.
أعتقد أني قدمت كثيرا للوطن، من أي موقف كنت فيه، سواء داخل موريتانيا، وسواء خارج موريتانيا، لأني أشتغل في حقل الثقافة، وكنت أمثل موريتانيا، أين ما حللت بالطريقة التي أراها مناسبة ومشرفة لموريتانيا، لم أتلق أبدا أي تكريم من السلطات، ولكن التكريم الذي كنت ولا زلت أتلقاه، هو تكريم الخيرين من أبناء هذا الشعب، ومحبتهم أغلى عندي من أي وسام، وأنا لا أضعها على صدري، وإنما في قلبي.
الأخبار: كشاعر معاصر، اطلعت على آداب وثقافات شعوب أخرى، برأيكم أي وصل الشعر الموريتاني؟
الشعر الموريتاني، يمتلك خلفيتين مزدوجتين، قلما يمتلكهما نظيره من الشعر العربي، وهما ازدواجية الأصالة والمعاصرة، فالمعاصرون من الشعراء المحدثون، قلما تكون لهم خلفية تراثية، والتراثيون قلما تكون لهم خلفية معاصرة، أما بالنسبة للشعراء الموريتانيين المعاصرين، لا سيما خريجو الجامعات، فهم ينتجون قصيدة تقف على رجلين صلبتين، وهذا خصوصية تميز الموريتانيين عن غيرهم، وهي مصدر قوتهم، ولذلك يمكن أن ينافسوا في المجالين معا، ولكن هذا لا بد من تشجيعه على المستوى الثقافي، حتى تحتضن المواهب الواعدة، وتجد الجو الصحي لنموها، وهذا لن يكون إلا بتفاعل الأجيال وعدم القطيعة بينها، بحيث لا تكون العلاقة بين الجيل الأكبر والجيل الأصغر علاقة قطيعة أو علاقة شحناء، وإنما هي علاقة تفاعل وعلاقة تسليم الراية لمن يستحقها، سواء كان كبيرا أو صغيرا.
الأخبار: كيف تقيمون الحراك الأدبي والثقافي في الساحة الموريتانية؟
هناك نتجية مفاجئة جدا وغير متوقعه، هو أن هذا الركود وتدني المستوى التعليمي، وغياب التشجيع من طرف السلطات الوصية، رغم كل هذا فإن هناك جيلا من الشباب، سواء في مجال النقد أو في مجال الشعر، وهذه ظاهرة تبدو غريبة، ولكنها من وجهة نظري ليست كذلك، فموريتانيا بلاد الاستثناءات، لأنها دائما ذات بعد استثنائي، تشذ فيه عن القاعدة السائدة، في جميع مجالات الحياة، لا تكاد تنظر إلى مجال إلا وجدتها استثناء فيه، فمثلا بداوتها عالمة، وهذا استثناء من مقولة ابن خلدون، التي تقول إن البداوة دائما مركز للجهل، تجد المرأة فيها تتمتع بمستوى من التكريم لا تتمتع فيه المرأة في بلاد عربية أخرى، كذلك تجد أن نسبة تطور الحريات فيها تتجه نحو الماضي، وغير ذلك من الاستثناءات الكثيرة التي تتميز بها موريتانيا، وهو ما يعتبر وجود هذه الظاهرة الشبابية المثقفة الواعدة، في بيئة لا تتمتع بدينامكية ثقافية كبيرة، هو إحدى هذه الاستثناءات التي تحدثنا عنها.
الأخبار: بحكم كونكم شاعرا سياسيا كيف كان شعوركم وأنتم تكرمون هناك بينما يعلن انقلاب في موريتانيا، ..هل ألهمكم ذلك شعرا؟
ولد آدبه: لا..لم يلهمنا شعرا، لأن وقع الانقلابات على موريتانيا وقعا مألوفا، فنحن ننام على أحكام، ونصحوا على انقلابات، وأحيانا تكون الانقلابات على الانقلابات، وأحيانا تكون على الانتخابات، معنى ذلك أنه لم يعد أمرا مفاجئا حتى يحدث زلزالا وجدانيا، يلهم شعرا.
رغم أني كنت قد كتبت قصيدة بعنوان مصنع الأحلام السياسية، وهي عبارة عن مقاطع كل مقطع يحمل فكرة، وهي أشبه ما تكون بالخيال العلمي، في الشعر، فهي تبحث عن بدائل لكل ما هو موجود، سواء مثل الكراسي، أو المنابر أقول فيها:
أريد عصا شرطي..
إذا كلفت قمع حر..
تعود على الشرطي فتقمعه..
وتصيح:
أنا ما خلقت لغير جبين الغوي
أريد مدافع..
تعرف أوجه أعدائها..
وترفض أفواهها
أن توجه صوب نحور الذين
أتت لتكون حمى لهم
في يد العسكري..
أريد محاكم تعرف أوجه
كل مساق إليها..
فتحكم إغلاق أبوابها دون وجه البري..
وتلتقط ساجنيه ولو هربوا..
مفتحة كل باب..
به يتراقص سوط عذاب..
لتصفع مهما تفلت وجه الشقي..
أريد كراسي حكم
تأبى على غاصبيها..
وتصرع من ليس كفؤا..
على فمه..
أريد صناديق تعرف معنى انتخاب..
...
وبقية القصيدة على هذا النحو، لا أحفظها، مما يعني أني لا أحتاج كتابة قصيدة حول الموضوع، لأني سبقت أن كتبت قصيدة ما تزال متجددة.
الأخبار: ما هو أكثر نص يعبر عن الشاعر الدي ولد آدبه..أقرب نص إلى قلبك في جميع ما كتبت؟
أقرب نص إلى قلبي، هو هجائية الزمن الرديء التي شاركت بها في الحلقة الأولى من مهرجان أمير الشعراء، وهي قصيدة تعبر عني، لأنها شبه خلاصة تختزل الكثير من اللحظات، والكثير من المشاعر، لأنها يلتمس فيها الذاتي بالموضوعي والموضوعي بالآخر، وترسم صورة لإحساسي بما هو خارجي وما هو داخلي، وتنطلق من الواقع إلى استشراف المستقبل البديل، وهي قصيدة لم تنل حظها من القبول لدى لجنة التحكيم، ربما لأنهم أحسوا بنقدها لرداءة الزمن، وهم يريدون أن نتكلم ونحن نضع قفازا على ألسنتنا، حتى لا نؤذي الآخرين، وهذا شيء لم نتعود عليه، وبالتالي يعتبروننا أخطأنا الاختيار، ونحن نرى أننا أحسنا الاختيار، ولكل رأيه.
الأخبار: ما هي أكثر اللحظات يكون فيها شيطان الشعر أقرب إلى ادي ولد آدبه؟
ولد آدبه: هذا سؤال يسأل عنه شيطان الشعر، ولكن كل ما أعرفه أن القصيدة عندي تحتاج إلى اختمار، بعض الناس يقول إني كنت موفقا في الارتجال، لكنه ليس من طبيعتي، واختمارها لا بد أن يكون طويلا، لأني أحفظ الشعر، وأتذوق الشعر، وأقرؤه، وعندما أشعر بإحساس ما، أعود إلى ذاكرتي بحثا عن صدى هذا الإحساس، فإذا وجدته في قصيدة أحفظها، أو قصيدة أقرؤها، اكتفيت بالتعبير بالنص السابق عن الحالة الراهنة، أما إذا وجدت أن هذا الشعور خصوصي، لا يوجد ما يعبر عنه في ما أحفظ أو ما أقرأ، هنا يكون ميلاد القصيدة، بمعنى أني أكتب من حيث ينتهي الآخرون، أو لا أكتب.
وكونك تكتب من حيث ينتهي الآخرون، لا بد أن تبحث فيه عن عدة عناصر قد لا يلتفت إليها الكثير من الشعراء، وهي أن تكون زاوية النظر طريفة، و أن تكون الفكرة جديدة، ومبنية على سيناريو محكم لبناء القصيدة، وأن تكون درجة الاختمار تصل عندي إلى ما يسمى الشعر الحار، لأن القصيدة التي ولدت في سياق بارد سوف تكون باردة، بعكس ميلادها في فضاء ملتهب.
وأنا أفسر ذلك بأمر بسيط وهو أن الإنسان مكون من عدة عناصر هي الهواء والماء والتراب والنار، وهذه العناصر لا يكتب فيها الشاعر قصيدة إلا إذا تغلب فيها عنصر النار على العناصر الأخرى، فأصبح الماء والتراب والهواء ملتهبا، أما إذا كان العنصر الغالب هو عنصر الماء فإن الشاعر سينتج قطعة من الثلج، وإذا كانت التراب هي المتغلبة فإنه سينتج قصيدة يابسة. وهكذا..

الأخبار: ما هو جديد الشاعر ادي ولد آدبه؟
الحقيقة أن مشاركتي في أمير الشعراء لم تكن بهدف الحصول على ألقاب، أو فلوس، بل كان الهدف منها، استغلال اللحظة الإعلامية، لإسماع الصوت المويتاني لملايين المشاهدين، الذين لا يمكن أن يصلهم صوتك إلا عبر برنامج ذي صناعة إعلامية جيدة، مثل أمير الشعراء، ولذلك لم أكن مهتما كثيرا باختيارات اللجنة، التي هي في الحقيقة اختيارات زئبقية، لا يمكن رصدها ولو بأكثر الأجهزة حساسية، بقدر ما كنت أريد من النصوص التي أقدمها أن تكون راضيا عنها في ذائقتي الشخصية، وذائقتي الشخصية، وأرضى أن يسمعها مني الآخرون، سواء في بعدها الشخصي أو بعدها الذاتي، ولذلك اخترت نصين فقط، هما هجائية الزمن الرديء، ورحلة بين الحاء والباء، لأنهما نصان إنسانيان، يحملان الهم الإنساني والوجودي في سياقها العام، وفي سياقها الخصوصي، في نفس الوقت.
وبالنسبة للجديد، فسأحاول أن أستغل العرض المقدم من أمير الشعراء، بإصدار ديوان، وسأقدم لهم ديوانا ولن يكون الديوان الأكثر حساسية، لأني أعرف أن ديوان " تأبط أوراقه" لو قدمته لهم قد لا ينشرونه، لذلك سأحاول نشره على حسابي الخاص، وسأقدم لهم ديوان رحلة بين الحاء والباء، لأنه ربما أكثر نعومة.
الأخبار: شكرا جزيلا لكم.


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!