التاريخ: 21.09.2024  التوقيت:00:40 غرينتش


تاريخ الإضافة : 13.05.2013 12:34:24

انتفاضة العطاش: الشعب يريد الحياة!

جمال ولد لحبيب – مدون

جمال ولد لحبيب – مدون

قبل سنتين تقريبا طالعت خبرا عن فتح مناقصة لتزويد المنطقة الممتدة من "كرفور ولد ابادو" بمقاطعة دار النعيم إلى عين الطلح بمقاطعة تيارت بالماء الصالح للشرب وقد رست المناقصة بعد ذلك على تجمع شركات يضم شركة صينية!!.

بعد ذلك ساقتني الأقدار إلى السكن قريبا من تلك المنطقة فتذكرت المناقصة والشركة الصينية لكني لم أجد أثرا لشبكة المياه ولا للماء الصالح للشرب فلا زالت عربات الحمير هي المزود الرئيسي للسكان بالماء ولم أعرف لأي وجهة اتجه تمويل المشروع الذي جاء ثمرة للتعاون بين موريتانيا والبنك الإسلامي للتنمية بجد !!.

قصة الماء والعطش تعود بقوة لواجهة الأحداث هذه الأيام بسبب الانتفاضات الشعبية المطالبة بالماء الشروب في أكثر من مدينة وقرية من ربوع هذا الوطن، فبعد انتفاضة سكان مقطع لحجار الشهيرة والتي تمكنوا من خلالها من تحقيق مطلبهم في تزويدهم بالماء الصالح للشرب بعد معاناة طويلة مع مياه ملوثة والتي أثبتت الدراسات أنها مضرة بالصحة، جاء الدور على بقية مناطق الوطن فسمعنا عن انتفاضات أهالي جكني وتمبدغه والطينطان والنعمه وروصو وكرو وافام لخذيرات وصنكرافه وغيرها من مدن وقرى هذا الوطن التي بات العطش يهددها!!.

إلا أن انتفاضة سكان كرو تبقى حتى الآن هي الأكثر حيوية وتوهجا، فحراكهم الذي بدأ منذ قرابة الشهر يمثل انتفاضة شعبية رائعة من أجل الحق في الحياة، فمطالب المنتفضين هي الماء والكهرباء فهل نتصور أن مدينة يمكن أن تعيش بدون ماء ولا كهرباء وخاصة في هذا القرن؟؟!!.

مع تزايد حراك أهل كرو وقوته كان رد السلطات عليهم ينم عن عقلية "متحجرة" لا تعي التغيرات التي طرأت على الشعوب في زمن عودة الجماهير والثورة التكنولوجية...! قمعت الشرطة وبعنف الحراك الشبابي لأهل كرو المعتصم أمام الرئاسة وهو ما أعطى لهذا الحراك مشروعية أكبر وزخما إعلاميا مميزا و"انقلب السحر على الساحر!".

حتى اليوم لا يزال أهل كرو منتفضين طلبا "للحياة" وتنوعت وسائل ضغطهم على السلطات من أجل تحقيق المطالب فبعد التظاهرات أمام القصر قطعوا طريق الأمل أكثر من مرة وأوقفوا حركة السير للفت الانتباه لمأساتهم! وهو ما أدى لتدخل والي ولاية لعصابه من أجل أن يظهر المنتفضين بمظهر المشاغبين والأقلية وهو ما عجز عنه حتى اللحظة!!.

ومن المتوقع أن تظل انتفاضة أهل كرو مستمرة حتى تحقيق المطالب تماما كما فعل سكان مقطع لحجار الذين كانوا "قدوة" في حراكهم المميز من أجل الماء وستقتفي مدن كثيرة وقرى تعاني العطش أثر أهالي كرو فالصيف قادم و"الترقيعات" لم تجلب ماء للمنتفضين في أي نقطة من ربوع هذا الوطن!!.

انتفاضات العطاش إذا استمرت فإنها قد تطيح بالكثير من "الرؤوس الكبيرة" على شكل "كباش فداء" للنظام، وقد تتحول مستقبلا لتهديد جدي للنظام نفسه وهو ما يسعى لتلافيه عبر "حلول ترقيعية" واستخدام سياسة "العصا والجزرة" وإيفاد "الوجهاء والنواب والمنتخبين المحليين" كوسطاء من أجل إيقاف حراك "شباب مغرر به ويخدم أجندة سياسية معينة!!".

يثبت النظام الحالي يوما بعد يوم أنه لا يستوعب الدروس ولا يستفيد من أخطائه وأن "سياسة الثعلب" هي ديدنه ودينه في قفز على كل المتغيرات... فإلى متى سيظل مستمرا في هكذا سياسة؟؟ هل يعي النظام مشروعية مطالب المنتفضين عطشا؟؟ وهل هو على استعداد لتلبية هذه المطالب أم أنه يفضل مواجهة شعب كامل يعاني "عطشا" شديدا في شتى مجالات الحياة؟؟

الماء هو الحياة وكما قال الشابي في بيته الرائع الذي تحول بعد ذالك لشعار رفعته "ثورة الياسمين" بتونس ورفعه التواقون للحياة والحرية والكرامة في كل مكان:

إذا الشعب يوما أراد الحياة *** فلا بد أن يستجيب القدر

والشعب الموريتاني أعلنها بوضوح أنه يريد الماء... يريد الحياة... يريد الكرامة... وسيستجيب القدر يوما ما .


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!