التاريخ: 20.09.2024  التوقيت:21:48 غرينتش


تاريخ الإضافة : 14.05.2013 00:24:02

أوباما أو "أبو عمامة"

د. محمد ولد محمد غلام

د. محمد ولد محمد غلام

تداولت وسائل الإعلام الدولية - نهاية الشهر الماضي - كشفَ الرئيس الأميركي باراك أوباما لهيئة الضرائب في بلاده، عن رقم إجمالي دخله الشخصي والعائلي، في خطوة قد لا تمثل جديدا في دولة تفرض على رئيسها من الشفافية والحوكمة ما تفرضه على منتخِبيه..

غير أن مشهدا كهذا يجب أن لا يمرّ دون أخذ العبرة والاعتبار منه؛ لدولة تحترم نفسها ورئيس يشعر بأن شعبه هو مصدر قوته ومبرّر وجوده.. فالحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها، خاصة إذا كانت تتعلق بالشفافية والاستقامة المالية (الأمانة) التي تمثل إحدى أخلاقيات الإسلام الراسخة ومبادئه السامية.

لنعد إلى أوباما الذي صرح لهيئة الضرائب في بلاده أن دخله قد بلغ 600 ألف دولار خلال السنة المنصرمة 2012، ليخضع – على غرار شريحته من مرتفعي الدخل - لضريبة نسبتها 18.4%.

مبلغ 600 ألف دولار – حسب إيجاز للبيت الأبيض - تحقق بنسبة الثلثين من راتب أوباما المحدد قانوناً بمبلغ 400 ألف دولار سنوياً، أما الباقي فمصدره الأموال التي يجنيها من كتبه بموجب حقوق المؤلف!

البيت الابيض الذي أكد أن أوباما وزوجه دفعا - كذلك - مبلغ 30 ألف دولار من الضرائب المحلية في ولاية إلينوي عن منزلهما في الولاية. أكد أن 150 ألف دولار (ربع إجمالي دخل الرئيس) قد ذهبت لصالح مؤسسات العمل الخيري.

***

لقد قدم فخامة الرئيس الموريتاني – في خطوة تذكر فتشكر – تصريحا بممتلكاته للجنة الشفافية التي يرأسها رئيس المحكمة العليا في البلد. غير أن هذه الخطوة كانت ستكون أكثر تأثيرا وأقوم قيلا، لو أن الأرقام التي تضمنها التصريح كانت مشاعة لعامة الشعب الموريتاني؛ بدل الاكتفاء بتقديم ملف شككت بعض الأوساط المعارضة في كونه يتضمن معلومات من الأساس!

وفي إطار التصريح السنوي بصافي دخل الرئيس وأفراد أسرته المقربين، بما يترتب على ذلك من خضوعهم للنظم الضريبية المعمول بها، فإنني لم أطلع على خطوة من هذا القبيل، تم القيام بها من طرف الرئاسة الموريتانية. وهي خطوة لو قدر لها أن تتم، لأغلقت العديد من نوافذ الشكوك ومنافذ التشكيك بخصـوص الذمة المالية لفخامة الرئيس، التي تثيرها أطراف المعارضة (بل والصحافة المستقلة) بين الحين والآخر (دعوى اختفاء 50 مليون دولار من التبرعات السعودية، نشر قائمة بإقطاعيات في تفرغ زينة قيل إنها لصالح فخامة الرئيس وبعض أفراد أسرته ومقربيه، فضلا عن تسجيلات أكرا المزعومة.. وغيرها).

هذه الادعاءات، تبقى حتى الآن – وقد تبقى إلى الأبد – مجرد دعاوى (وإن كانت محرجة لنا كموريتانيين) ما لم تنهض محكمة العدل السامية بمسؤولياتها (من مسؤولياتها النظر في الأمر وإصدار حكمها الذي نتوقع أن يكون لصالح الرئيس) أو تقدم الرئاسة على خطوة شجاعة للحديث الصريح عن جميع هذه الدعاوى بالتفنيد أو التوضيح.

ونظرا إلى استبعادي أن تصل مطالب الشفافية الموجهة لفخامة الرئيس، إلى مطالبته بإعلان الأموال التي يجنيها بموجب حقوق المؤلف (على غرار الرئيس أوباما) نظرا لأننا في موريتانيا – وخاصة ساستنا - لا نكاد نؤلف أصلا مهما كانت قدرتنا على الإفادة والإبداع، إلا أن إعلانا يصدر عن الرئيس؛ يحدد مداخيله السنوية بمصادرها (بما فيها راتب "رئيس الفقراء" وعلاواته، التي نجهل عنها كل شيء) ومقدار الضرائب التي اقتطعت منها، إضافة إلى نصيب الجمعيات الخيرية والهيئات التطوعية من هذه المداخيل (لا يساورني شك في أن لدى السيد الرئيس ما يقدمه في هذا الإطار) سيكون إعلانا جديدا ونمطا حديثا من تعاطي الرؤساء الموريتانيين مع مواطنيهم؛ حيث العلاقة التقليدية قائمة على اعتبار الرئيس وإقرار الشعب بأن الفضل في تولي الرئيس للحكم - وتمسكه به – لا يعود إلى الشعب، وإنما يعود لشوكة كتيبة كان يقودها، أو نوعية ثكنة أنشأها خدمة "للصالح العام"!.

نقلا عن أسبوعية الأخبار إنفو


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!