التاريخ: 20.09.2024  التوقيت:21:33 غرينتش


تاريخ الإضافة : 16.05.2013 13:15:59

الإسلام دين التحرير


الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى
أما بعد
فقد جاء الإسلام والرق شائع في المجتمعات
فحرر الرقيق من الداخل وعلمهم أن الله عز وجل كرم بني آدم فقال عز وجل
{ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا}
وعلمهم أن الأكرم عند الله والأفضل هو الأتقى وأنه لا دخل للموقع الاحتماعي في ذلك وأن ميدان السباق مفتوح أمام الجميع والاستباق إلى الخيرات مطلوب من الجميع وأن الجزاء يوم القيامة لا يحابي أحدا ( وكلهم آتيه يوم القيامة فردا )( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره).
وقد استطاع الإسلام أن يهدم معايير الجاهلية الاجتماعية في مجال الكفاءة في الزواج وهو من أكثر الموضوعات حساسية
فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة بنت قيس القرشية الفهرية
أن تتزوج أسامة بن زيد وكانت قد استشارته في معاوية بن أبي سفيان وأبي جهم اللذين خطباها
وزوَّج أبو حُذيفة بنُ عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي العبشمي سالما المولى بنتَ أخيه هندَ بنتَ الوليد بن عتبة .
وقد تزوج زيدُ بن حارثة زينبَ بنتَ جحش الأسدية وهي ابنة عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم أمهاأميمة بنت عبد المطلب
وتزوج بلال بن رباح هالة بنت عوف الزهرية أخت عبد الرحمن بن عوف الزهري
وقال النبي صلى الله عليه وسلم في أبي هند الحجام مولى بني بياضة
" يا بني بياضة أنكحوا أبا هند وأنكحوا إليه " رواه أبوداود وصححه ابن حبان.
وقد جفف الإسلام منابع الرق التي كانت سائدة في الجاهلية وبقي الأسر في جهاد إسلامي صحيح يهدف إلى أن تكون كلمة الله هي العليا فإذا رأى الإمام الشرعي أن مصلحة المسلمين تقتضي المن أو الفداء أو القتل أو الاسترقاق فله أن يختار ذلك ولا يجوز له أن يتصرف إلا طبقا للمصلحة لأن تصرفات الإمام منوطة بالمصلحة كما تقول القاعدة الفقهية وتصرفاته خارج المصلحة باطلة لأنه وكيل عن المسلمين
أما خارج ذلك فقد حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم من بيع الأحرار فعن أبي هريرة رضي الله عنه
: عن النبي صلى الله عليه و سلم قال ( قال الله تعالى ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة رجل أعطى بي ثم غدر ورجل باع حرا فأكل ثمنه ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعطه أجره ) رواه البخاري .
قال ابن حجر "قال المهلب وإنما كان إثمه شديدا لأن المسلمين أكفاء في الحرية فمن باع حرا فقد منعه التصرف فيما أباح الله له وألزمه الذل الذي أنقذه الله منه وقال بن الجوزي الحر عبد الله فمن جنى عليه فخصمه سيده . "
و جاء الإسلام فحث على تحرير الرقاب يقول الله عزو جل
(فلا اقتحم العقبة * وما أدراك ما العقبة * فك رقبة * أو إطعام في يوم ذي مسغبة * يتيما ذا مقربة * أو مسكينا ذا متربة )
وجاءت الأحاديث الصحيحة الكثيرة تحث على تحرير الرقاب فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيما رجلٍ أعتق امرأ مسلماً استنقذ الله بكل عضوٍ منه عضواً منه من النار رواه البخاري ومسلم
وجاء الإسلام فدعا إلى الإحسان إلى ما ملكت اليمين وإلى التعامل مع الرقيق تعاملا أخويا فقال عز وجل
{واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم}
وعن المعرور قال لقيت أبا ذر بالربذة وعليه حلة وعلى غلامه حله فسألته عن ذلك فقال إني ساببت رجلا فعيرته بأمه فقال لي النبي صلى الله عليه و سلم
: ( يا أبا ذر أعيرتَه بأمه إنك امرو فيك جاهلية إخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل وليلبسه مما يلبس ولا تكلفوهم ما يغلبهم فإن كلفتموهم فأعينوهم ) رواه البخاري ومسلم .
بل دعا الإسلام إلى غاية الإحسان
فعن أبى موسى الأشعرى - رضى الله عنه - قال النبى - صلى الله عليه وسلم - « أيما رجل كانت له جارية فأدبها فأحسن تأديبها ، وأعتقها وتزوجها ، فله أجران رواه البخاري
وقال الله عز وجل
{وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم}
بل جاء النهى عن إطلاق كلمة عبدي وكلمة أمتي
فعن أبى هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال « لا يقولن أحدكم عبدى وأمتى كلكم عبيد الله وكل نسائكم إماء الله ولكن ليقل غلامى وجاريتى وفتاى وفتاتى ».رواه البخاري ومسلم
قال ابن حزم في المحلى " لا يجوز للسيد أن يقول لغلامه: هذا عبدي ولا لمملوكته : هذه أمتي، لكن يقول: غلامي وفتاي ومملوكي ومملوكتي وخادمي وفتاتي."
وأمر الله عز وجل بمكاتبة من يرغب في المكاتبة وهي عقد على تحصيل الحرية من الرق على قدر معين من المال يُدفَع منجَّما قال الله عز وجل
(والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا وآتوهم من مال الله الذي آتاكم)
قال ابن عبد البر في التمهيد
" قال عطاء وعمرو بن دينار ما نرى ذلك إلا واجبا وهو قول الضحاك بن مزاحم قال هي عزمة وإلى هذا ذهب داود واحتج بظاهر القرآن في الأمر بالكتابة واحتج أيضا بأن سيرين أبا محمد بن سيرين سأل أنس بن مالك وهو مولاه الكتابة فأبى أنس فرفع عليه عمر الدرة وتلا: {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً} فكاتبه أنس وقال داود ما كان عمر ليرفع الدرة على أنس فيما له مباح ألا يفعله وحجة قائلي هذه المقالة ظاهر قول الله عز وجل: {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً} وهذا أمر حقيقته الوجوب إذا لم يتفق على أنه أريد به الندب."
وقد رجح الطبري في تفسيره أن الأمر للوجوب وتبعه الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير
وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا يجوز لطم المملوك وبين أن من لطم مملوكه فكفارته أن يعتقه والنصوص في ذلك صريحة
عن سويد بن مقرن المزنى قال لقد رأيتنا سبعة إخوة ما لنا خادم إلا واحدة فلطمها أحدنا فأمرنا النبى صلى الله عليه وسلم- أن نعتقها
رواه الترمذي وقال هذا حديث حسن صحيح
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول « من لطم مملوكه أو ضربه فكفارته أن يعتقه ».رواه مسلم
قال ابن حزم الظاهري في المحلى
" ومن لطم خد عبده أو خد أمته بباطن كفه فهما حران ساعتئذ إذا كان اللاطم بالغا مميزا وكذلك إن ضربهما أو حدهما حدا لم يأتياه فهما حران بذلك . "
وقد جعل الإسلام عتق الرقيق كفارة في قتل الخطإ وفي الظهار وفي كفارة اليمين وفي كفارة الفطر العمد في رمضان
بقى أن نقول إن الرق لا علاقة له باللون بل كان الرقيق المعروف قديما أبيض وفي ذلك يقول أبو الطيب المتنبي
عصفن بهم يوم اللقان وسقنهم بهنزيطَ حتى ابيض بالسبي آمد
وآمد مدينة دورها مبنية بالحجارة السود وسورها كذلك والسبي جاء من الروم وهم بيض الألون فبسببهم ابيضت آمد
وبعد فقد حرر الإسلام الرقيق من الداخل و فتح الإسلام أبواب التحرير على مصاريعها وجعل التعامل مع الرقيق تعامل إحسان وإكرام وأعلن أن الفضل لمن اتقى
والحمد لله رب العالمين


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!