التاريخ: 20.09.2024  التوقيت:21:34 غرينتش


تاريخ الإضافة : 19.05.2013 21:30:01

لا تخيرنا بين دول الخليج العربي وإيــران

 بقلم: أحمد ولد الســالم - benessalem@gmail.com

بقلم: أحمد ولد الســالم - [email protected]

في تعقيب له على مقال لي كنت قد كتبته غداة الغارة الإسرائيلية الأخيرة على دمشق، وكان تحت عنوان "طرد السفيرين الإيراني والسوري في نواكشوط... أضعف الإيمان"، استمات الزميل والصحفي سيد أحمد ولد التباخ في الدفاع عمن أسماها إيران الإسلامية وإيران الممانعة وإيران الداعمة للشعب الفلسطيني ولثورة الشعب البحريني في وجه غزو قوات دول "الخليج الفارسي" على حد قوله..!

ثم ما لبث أن انبرى بعد أن أسهب في ذكر كل مناقب إيران ومرشدها الروحي، ليتهمني بعدة تهم كزعمه أني: (أنفث حقدي المغذى بالبترودولار للجمهورية الإسلامية الإيرانية وسفارتها في نواكشوط)، مضيفا: (لكأنما هذه السفارة هي المسؤولة عن ما يمارسه أسياده الخليجيون وسادتهم الأمريكان من جرائم بحق سورية إحدى أهم دول الممانعة والصمود في عالمنا الإسلامي).

لكنه سرعان ما وقع في فخ التناقض ففي حين يزعم أني أسعى إلى جعل النظام الإيراني هو العدو الأول بدل العدو الإسرائيلي، يسمح لنفسه بارتكاب نفس الخطيئة فيقول: (ليست إيران هي عدونا بل أعداؤنا هم أنظمة القمع والتبعية في بلادنا العربية ثم بعد ذلك إسرائيل), مستثنيا – بالطبع - من قائمة أنظمة القمع النظام السوري الذي قتل وشرد الملايين، لا لشيء سوى أنه نظام موال لإيران.!!

ولا يُخفي ولد التباخ في إحدى فقرات مقاله انحيازه الواضح لشيعة البحرين بشكل لافت فيقول: (وإذا كنت لم أستغرب هذا الموقف من هذا الرجل بسبب البترودولار فإنني قد استغربت من عدم مطالبته بطرد السفير السعودي "وفاء لإخواننا البحرينيين" الذين يتعرضون لأشد أنواع القمع والتنكيل ضد القوات السعودية وذيولها الخليجية الأقل شأنا)، ناسيا أو متناسيا أن "الثورة البحرينية"، التي يتحدث عنها، أنها ليست موضع إجماع الشعب البحريني، بل إن الكثيرين ينظرون إليها على أنها محض حراك طائفي يسعى إلى إلحاق مملكة البحرين العربية بسلطة ولي الفقيه في إيران.

لو أن ذلك المقال الحافل المغالطات كان ممهورا باسم الملحق الثقافي الإيراني في السفارة الإيرانية في نواكشوط، لكان قد وفر علينا عناء كتابة هذه الأسطر، لأن بث مثل هذه الدعاية لإيران يدخل في صلب المهمة التي انتدب من أجلها والتي تشمل من بين أمور أخرى تلميع صورة بلاده وخلع صفات الكمال عليها وشيطنة خصومها، إلى غير ذلك، لكن أن يتطوع صحفي موريتاني للقيام بهذه المهمة بالنيابة عن السفارة الإيرانية في نواكشوط، وبهذا المستوى المكشوف من التضليل والنفاق، فذلك أمر يدعو للدهشة والشفقة، ولربما ينذر بقرب تخلُّق المولود الجديد غير المرحب به على الساحة الموريتانية والذي تسعى إيران بكل الوسائل لاستيلاده وبث الحياة فيه على حين غفلة من الدولة والمجتمع الموريتاني.



يؤسفني كثيرا أني لا اعرف عن ولد التباخ أكثر من كونه صحفيا يعمل بالتلفزة الوطنية، ولأني لا أعرف الكثير عن خلفية الرجل ولم يسبق لي أن نلت شرف اللقاء به من قبل فقد دفعني فضولي إلى الاستعانة بمحرك البحث العملاق (google) عله يحتفظ في ثنايا ذاكرته العجيبة بشيء من آثار أو أخبار الرجل استرشد بها للرد عليه بالقدر الذي لا يؤدي إلى انزلاقي وإياه إلى مواجهة عبثية صفوية بترودولارية، فيما الصفويون والبترودولاريون ينامون ملأ جفونهم.

لقد كانت مفاجأتي كبيرة حين لاحظت أن للرجل عدة صولات وجولات سابقة مماثلة مع عدة كتاب موريتانيين تناولوا التغلغل الإيراني في بلادنا بشيء من النقد فكان لهم ولد التباخ بالمرصاد أيضا.

بيد أن مفاجأتي كانت أكبر حين قادني البحث إلى أمر لم يخطر لي على بال، فها هو سيد أحمد ولد التباخ يعلنها مدوية أنه تحول عن سبق إصرار وترصد إلى العقيدة الشيعية بعد مبايعته للمرجع الشيعي الإيراني على السيستاني..!! مع أنه ما لبث أن تراجع مدعيا أن حسابه على الفيس بوك قد اخترق من طرف جهة ما، مؤكدا أنه باق على سنيته لكنه – كما قال - سيظل موال لآل البيت رضي الله عنهم أجمعين، وهذا أمر جيد إذا سلم من داء "التقية"، فكل الموريتانيين يحبون بفطرتهم أهل البيت رضي الله عنهم أجمعين.

ولأننا لا نعرف على وجه التحديد إن كان ولد التباخ ما زال على سُنّيته حقا، أم أنه شيعي يمارس معنا لعبة "التقية" التي هي ركن ركين في العقيدة الشيعية.. فإننا وفي انتظار أن يستقر هو على إحدى العقيدتين، إذا لا يستقيم الجمع بينهما، أو نتبين نحن خيط سنيتة الأبيض من خيط شيعيته الأسود، فليسمح لنا أن نذكره ببعض الحقائق:
1- ليس صحيحا أن كل من يعارض السلوك الإيراني المكشوف في المنطقة والقائم على نشر المذهب الشيعي الاثنى عشري، هو معاد لإيران والشعب الإيراني الشقيق، وأعتقد أنك لا تستطيع أن تنكر أو تكذب حقيقة أن إيران قامت فعلا بتحويل الآلاف من المغاربة والجزائريين والسنغاليين إلى المذهب الشيعي الجعفري الاثنى عشري، خلال السنوات الأخيرة، ما دفع بالمملكة المغربية إلى قطع علاقاتها بإيران في خطوة جاءت متأخرة، لا نريدها أن تتكرر عندنا في هنا موريتانيا.
2- وليس صحيحا كذلك أن كل من يعارض النظام الإيراني المغتصب لأراضي عربية والداعم بشكل سافر ومكشوف للشيعة على حساب أهل السنة في كل من العراق والبحرين وسوريا التي لا يشكل الشيعة فيها أكثر من نسبة 8% من مجموع سكان سوريا، ليس بالضرورة هو ممن أسميتهم بالبترودولاريين، ويكفيك أن تعلم أني - وللأسف الشديد - لا اعرف مقر أية سفارة خليجية في نواكشوط عدا سفارة الإمارات العربية المتحدة التي سبق أن زرتها مرة واحدة منذ سنتين تحت إلحاح من ابنتي التي كبرت وترعرعت ودرست في الإمارات حيث طلبت مني أن اصطحبها إلى السفارة لتقدم لها باقة ورد بمناسبة عيد الاتحاد، وفاء منها لبلد أحبته.
3- كما أنه ليس سرا أن المجتمع الموريتاني يُكن كل الحب والاحترام والتقدير لشعوب ودول "الخليج العربي" والتي تجمعه بها أكثر من رابطة، فالدول الخليجية هي التي شيدت للشعب الموريتاني المساجد والمستشفيات والمدارس وشقت له الطرق.. وقدمت له القمح والتمر والسكر والملح... وحفرت له الآبار وبنت له السدود، بالإضافة إلى القروض السخية التي قدمتها وتقدمها الصناديق الخليجية لموريتانيا منذ الاستقلال وحتى اليوم، كالصندوق السعودي والصندوق الكويتي والصندوق العربي، فهل تستطيع أن تتكرم علينا وتذكرنا – مشكورا- باسم مستشفى إيراني واحد أو مسجد إيراني أو بئر إيرانية واحدة حفرت لتروي ظمأ قرية ريفية موريتانية واحدة، أو ليست النفوس مجبولة على حب من أحسن إليها؟

فلا تخيرنا يا صديقي بين اليد التي ما فتئت تمتد إلى أطفالنا لتقدم لهم الدواء والطعام والماء الشروب... واليد التي لا تمتد إلا في عتمة الليل كي تساوم الناس على عقائدهم وسلمهم الأهلي، لقاء حزمة من الوعود العرقوبية..؟

فلا تخيرنا يا ابن التباخ بين دول الخليج العربي والجمهورية الإسلامية الإيرانية.


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!