التاريخ: 20.09.2024  التوقيت:21:45 غرينتش


تاريخ الإضافة : 20.05.2013 08:51:04

أخطاء "الكُتَّاب" في الإعلام الجديد..

أبو بكر بن أحمدو - كاتب صحفي

أبو بكر بن أحمدو - كاتب صحفي

لقد أسهم الإعلام الجديد بشكل بارز في إحياء الكتابة والنشر، وفي إنعاش التبادل المعرفي والفكري، وفي النهوض بمستوى الوعي عند فئات واسعة من المجتمع؛ حيث مثل الهاتف والآيباد والكمبيوتر أدوات يستخدمها القادة والإعلاميون والجماهير ـ على حد سواء ـ لتبادُل المعلومات والأخبار والتحليلات والرؤى والمواقف... عبر مواقع الأنترنت: السياسي منها والإخباري والثقافي، مع حضور متصاعد لشبكات التواصل الاجتماعي وخصوصا موقع الفيسبوك.

ورغم الأهمية البالغة لهذا الحراك الثقافي، إلا أن الأخطاء الكثيرة التي يرتكبها "الكُتَّاب" في ما يقدمون من كتابات، والتي تصيب القارئ بخيبة الأمل في "الكاتب" تجعلنا مطالبين بأن نسعى لإصلاحها وتجنُّب تكرارها حِفظًا للغتنا العربية التي أصبحت تتهددها مخاطر عديدة؛ من أشدِّها تأثيرا ما تلاقيه على أيدي "الكُتَّاب" في الإعلام الألكتروني، والذين لا يُقصد بهم هنا أولئك الذي استحقوا صفة "الكاتب" وإنما نعني بهم كافة مستخدمي الإعلام الجديد؛ بمن فيهم رواد مواقع التواصل الاجتماعي من عامة الناس.

وسوف نحاول هنا أن نتناول أبرز تلك الأخطاء مقسمة إلى ثلاثة أنواع: أخطاء مطبعية ـ أخطاء لغوية ـ أخطاء إملائية، هذا مع العلم أننا سنتجنب تتبُّع تلك الأخطاء التي تنبئ عن مستوًى لغويٍّ متدنٍّ لدى أصحابها؛ كنصب المرفوع أو رفع المجرور أو جرّ المنصوب...إلخ، كما لن نتشدد في محاسبة "الكُتَّاب" على جميع الأخطاء؛ وذلك دون أن نسلّم بمقولة: "خطأ مشهورٌ أولى من صواب مهجورٍ".

أولا: الأخطاء المطبعية

نقصد بالأخطاء المطبعية تلك الأخطاء التي لا يكون الوقوع فيها عائدا ـ بالضرورة ـ إلى الجهل بالقاعدة اللغوية أو الإملائية بقدر ما هو عائد إلى خطأ من "الكاتب" أثناء تعامله مع لوحة المفاتيح، ومن أكثر الأخطاء المطبعية انتشارا:

1- الخلط بين الياء والألف القصيرة:
حيث نشاهد بكثرة كلمات: "ملتقى" و"على" و"إلى" مكتوبة بالياء: "ملتقي" و"علي" و"إلي"، كما نشاهد في المقابل كلمات: "رأي" و"وطني" مكتوبة بألف قصيرة: "رأى" و"وطنى". ولا يخفى أن هذا الخلط قد يأخذ منحى خطيرا حين يتحول بسببه معنى الكلمة إلى معنى آخر لا يقصده المستخدم فيخل ذلك بالمعنى وربما يقلبه رأسا على عقب.

2- الاستخدام المفرط لعلامات الترقيم:
النقاط وإشارات الاستفهام والتعجب علاماتُ ترقيم لها دلالات معروفة واستخدامها تحكمه قواعد محددة؛ فالنقطة علامة على النهاية، ويصح استخدام النقطتين لفتح المجال لفهم القارئ، كما تدل ثلاث نقاط على التتابع إذا كانت في آخر الجملة و تدل على الحذف إذا كانت في البداية أو الوسط. ويصح استخدام ثلاث علامات تعجب أو ثلاث علامات استفهام، كما يصح خلط علامتي استفهام وتعجب واحد أو العكس؛ بشرط أن لا يتجاوز المجموع ثلاث علامات.

أما ما نشاهده من استخدام أكثر من ثلاث نقاط أو إنهاء الجُمَل والتساؤلات بسرب من إشارات التعجب والاستفهام فإنما يعكس حالة تأثر وانفعال لدى الكاتب، وليست له دلالة أخرى غير ذلك.

3- فصل علامة الترقيم عن ما قبلها:
لا يفصل من علامات الترقيم: (النقاط، الفواصل، التعجب، الاستفهام، الأقواس.. إلخ) عن الكلمة الواقعة قبله إلا نوع وحيد؛ وهو الجزء الأول من القوس أو المزدوجتين عند فتحها إذ تُربط بالكلمة بعدها، أما الجزء الثاني من القوس والمزدوجتين وباقي علامات الترقيم فيلزم أن تتّصل بالكلمة التي تقع قبلها دون أية مساحة. وتظهر أهمية الالتزام بهذه القاعدة حين تتأخر علامة الترقيم حتى تتصدر السطر المواليَ، وكذلك حين نجد نقطة أو علامة استفهام أو تعجب تحتل سطرا بأكمله.

ولا ننسى هنا بعض الأخطاء المطبعية الأخرى والتي نشاهدها بكثرة؛ مثل استخدام فواصل غير عربية: (,) و(;)، والفواصل العربية إنما هي: (؛) أو (،)، وكذا إهمال بعض الهُمز المحقَّقة وكتابة الألف مجردا عن الهمزة في محل إثباتها، هذا فضلا عن الخطأ بزيادة أو سقوط حرف أو كلمة من النص.

ثانيا: الأخطاء اللغوية

ونقصد بالخطأ اللغوي تجاوز "الكاتب" لقواعد اللغة، ومن أكثر الأخطاء اللغوية انتشارا في الإعلام الجديد:

1- تحقيق همزة الوصل:
وهذه من أشهر الأخطاء اللغوية التي نشاهدها في الإنترنت، حيث يكثر بشكل ملفت تحقيق همزة الوصل في المصادر التي تكون على وزن: (افتعال ـ اجتماع، انفعال ـ انكسار، استفعال ـ استخراج... إلخ)، وكذلك في الأفعال التي تكون على وزن: (افتعل ـ اعتمد، انفعل ـ انقضى، استفعل ـ استقام... إلخ)، فكثيرا ما نجدها مكتوبة هكذا: (إجتماع ـ إنكسار ـ إستخراج، إعتمد ـ إنقضى ـ إستقام... إلخ).

هذا مع أنه توجد مصادر وأفعال مبدوءة بهمزة محققة كهمزة التعدية: (أقدم إقداما، وأعلم إعلاما، وأنفق إنفاقا.. إلخ)، كما قد تكون الهمزة أصلية في الكلمة مثل: (أخذ أخذا، وأكل أكلا... إلخ).

2- إهمال ألف التنوين:
الإسم المنصوب إذا كان مُنَوَّنًا تلحق به ألِفٌ في الآخر ـ مع استثناءات لا يتسع المقام للغوص فيهاـ نحو: (اسأل مجربًا ـ تسعون متظاهرًا)، إلا أنه من الملاحظ تجاوز هذه القاعدة خصوصا في المنشورات على صفحات الفيسبوك، ولعل سبب الوقوع في هذا الخطأ هو اعتياد كتابة الجُمَل كما ننطقها في العربية المكسّرة مع تسكين الآخر وبالتالي إهمال حركات إعرابها: (اسأل مجربْ ـ تسعونْ متظاهرْ).

3- إثبات ياء الإسم المنقوص:
ذلك أن الإسم المنقوص إذا كان غير معرف بـ: "ألـ" وغير مضاف تحذف منه الياء في حالة الرفع والجر؛ فحالة الرفع مثل: (تطوع محامٍ بالدفاع ـ تبرَّع قاضٍ براتبه)، وحالة الجر مثالها: (الملف في يد محامٍ معتمد ـ عرضت القضية على قاضٍ).

أما إذا كان معرفا بـ: (ألـ) أو مضافا فتلزمه الياء نحو: (الملف في يد المحامي، في يد محامي الدفاع ـ عرضت القضية على القاضي، على قاضي التحقيق)، ولكن من الملفت أنه يشيع في الإعلام الجديد ـ وخصوصا في الفيسبوك ـ إثبات ياء الإسم المنقوص في جميع الحالات.

4- إبطال عمل أداة الجزم (لم):
فمع أن علامة جزم الفعل المضارع المعتلّ الآخر هي حذف حرف العلة منه، إلا أن إبطال العمل بهذه القاعدة صار عرفا شبه معتمد في الفيسبوك؛ فكثيرا ما نجد "الكُتَّاب" يبقون على حرف العلة في الفعل المضارع المعتل الآخر رغم كونه مجزوما: (لم يتلقَّى ردًّا ـ لم يبدي رأيه ـ لم يخفي موقفه... إلخ).

5- إهمال أصول الكلمات:
تفرض قواعد اللغة العربية إعادة الكلمات ذات الأصول العربية إلى أصولها، وتعريب الكلمات غير العربية بحيث تخضع لما أمكن من قواعد اللغة حتى تنسجم داخل النص العربي. لكننا نجد تجاوزا كبيرا لهذه القاعدة من قِبل الكثيرين من "الكُتَّاب" في الإعلام الجديد؛ إذ يشيع مثلا تجاهل الأصل العربي لأسماء مدن وولايات البلاد فنجد: (لِعيون، لِعصابه، لِبراكنه، اترارزه...إلخ)، والصحيح هو أن نكتبها هكذا: (العيون، العصابة، البراكنة، الترارزة... إلخ).

ثالثا: الأخطاء الإملائية

يُفرّق بين القواعد اللغوية والقواعد الإملائية في كون الأخيرة تتعلق بضبط الهيأة التي تكون عليها الكلمة؛ وبالأخص طرُق كتابة الهمزة (في وسط وآخر الكلمة) وحالات التاء في آخر الكلمة مربوطة أو مبسوطة، ومن أشهر الأخطاء الإملائية المنتشرة:

1- تكسير قاعدة الهمزة:
يصاب القارئ العربي بصدمة شديدة وهو يتصفح منشورا لا يبالي صاحبُه بقواعد كتابة الهمزة، ومن أبرز الأخطاء التي تُرتكب بحق قاعدة الهمزة ـ وبالأخص في الفيسبوك ـ هي كتابة الكلمات: (مفاجَأَة ـ مساءلة ـ امتلأ ـ مَساوِئ) هكذا: (مفاجئة ـ مسائلة ـ امتلئ ـ مساوؤ)... إلخ.

2- خلط تاء المصدر بتاء المؤنث السالم:
كثيرا ما نجد خلطا بين التاء المربوطة والتاء المبسوطة، ويلاحظ قارئ منشورات "الكُتَّاب" في الفيسبوك أنهم يكادون يجمعون على قاعدة غريبة؛ ألا وهي كتابة التاء مبسوطة متى كان قبلها ألفٌ، ولو أنها ليست جمعَ مؤنث سالمًا، فكلمات: "مأساة ـ معاناة ـ مباراة" كثيرا ما نجدهم يكتبونها هكذا: (مأسات ـ معانات ـ مبارات).

3- استخدام الأحرف اللاتينية:
إنه لمن المقلق ما أصبحنا نشاهده خلال الأعوام الأخيرة من انتشار ظاهرة كتابة اللغة العربية بالأحرف اللاتينية في مواقع التواصل الاجتماعي وبالأخص في الرسائل، ورغم أن البعض يبرّر ذلك بأن لوحة المفاتيح التي يستخدم لا تتوفر على أحرف العربية؛ فإن هذه الظاهرة تعود في أحيان كثيرة إلى أن "الكاتب" ـ وهو عربي ـ لا يحسن كتابة كلمات العربية بشكل صحيح وبالتالي يخاف من أن يحاسب على أخطائه إذا ما قدم كتاباته بأحرف عربية فيستعين بالأحرف اللاتينية، كما يعود السبب فيها أحيانا إلى استلاب حضاري يعاني منه "الكاتب" ويحمله على التظاهر بانتماء أو خلفية ثقافية غربية.

فهذه ـ إذن ـ وقفة سريعة مع أبرز الأخطاء المنتشرة في الإعلام الجديد وفي مواقع التواصل الاجتماعي خصوصا، وهناك أخطاء أخرى كثيرة يعسر استقصاؤها في هذا المقام؛ ومن بينها: كتابة كلمة: (أطلق سراحه) بالصاد بدل السين ـ والخلط بين الألف القصيرة والطويلة: (مستشفا)، وإبدال الغين قافا والقاف غينًا، وغير ذلك من الأخطاء التي يطفح بها "عالَم الفيسبوك واتويتر" وغيرهما.

وفي الأخير.. فإن درجة حضور هذه الأخطاء المطبعية واللغوية والإملائية يختلف من "كاتب" لغيره، ومن موقع ألكتروني لآخر، إلا أنها تبقى منتشرة بكثرة في المحتوى العربي على شبكة الأنترنت، والقصد من طرق هذا الموضوع إنما هو الدعوة إلى الانتباه للقواعد وتطبيقها في ما نكتب وننشر؛ خصوصا وأن الكثير من الأخطاء يعود السبب فيه إلى ندرة تحرير ومراجعة المنشورات قبل تقديهما للقراء. ولا ننسى هنا الإشادة بأولئك "الكُتَّاب" الذين يحرصون على التصحيح والتدقيق والتحرير قبل النشر.

نقلا عن أسبوعية الأخبار إنفو


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!