التاريخ: 20.09.2024  التوقيت:15:27 غرينتش


تاريخ الإضافة : 06.07.2013 10:30:31

الرجل المريض..

مولاي عبد الله ولد مولاي عثمان moulayabdalla@gmail.com

مولاي عبد الله ولد مولاي عثمان [email protected]

منذ رصاصة الثالث عشر من أكتوبر المشهورة سافر الرئيس - الذي يقول إنه بصحة جيدة - إلى باريس ثلاث مرات للعلاج أمضى في الأخيرة شهرا أو يزيد تتقاذفه غرف المستشفيات، التي يرقد في إحداها ملفه الصحي الغامض.

لم تعرف أول الأمر طبيعة العلاج الذي تلقاه الرئيس ولا طبيعة إصابته على وجه الدقة، لكن تبيّن لاحقا أنها إصابة غير عادية وأن علاجه "رجعي" (بالمفهوم الفقهي)، وأتذكر أني قلت لبعض المصفقة الذين استقبلوه بصخب مسيّس بعد عودته من أربعينية علاجه الأولى: وفّروا بعض الجهد فما زالت أمامكم استقبالات أخرى.

ما يكاد يجمع عليه ذوو الاطلاع أن الرئيس يعيش الآن بكيس صغير معلق في الجانب الأيسر من جسده يقوم بوظيفة طبية محددة، وأنه في رحلة علاجه الثلاثينية الأخيرة خضع لعملية جراحية حاول خلالها الأطباء تخليصه من الحاجة إلى هذا الكيس بزرع الجزء الذي تهتك بسبب الرصاصة الغامضة، لكن جهاز مناعة الرئيس رفض استقبال الجسم الجديد مما اضطر الأطباء إلى إبقاء الكيس في مكانه.

ما أريد الخلوص إليه أن الرجل ما يزال مريضا بشدة (أسأل الله له الشفاء)، لكنه يسرف على نفسه في الحركة والظهور ليوهم الشعب أنه "بصحة جيدة" غير عابئ بما يمكن أن تؤول إليه صحته من تدهور نتيجة الجهد والإجهاد الجسدي، وكأنه يريد أن يقتل نفسه.

لقد كان الرئيس الجزائري بوتفليقة أكثر انضباطا بتعليمات الأطباء وأرفق بنفسه من رئيسنا إذ انتأى عن التمظهر والدعائية والخرجات الاستعراضية ولعله لو كان نصحه في باريس التي جمعتهما مستشفياتها مؤخرا بأن يربع على نفسه لكان أسدى له معروفا.

بوتفليقة رغم تقدم سنه وضعف بنيته وتهدم جسمه ما زال متشبثا ما وسعه الجهد بحكم بلد بحجم الجزائر حتى ولو كان حكما نظريا، وليس في ذلك من غرابة؛ فما مثله ومثل رئيسنا ممن يقنعهم المرض بترك السلطة ما دام فيهم عرق ينبض أو نفَس يصعد ويهبط.

لقد قرر رئيسنا أن يبيع صحته بحملة انتخابية مبكرة عندما ذهب في زيارتيه لنواذيبو واترارزة. في كل صوره بدا مجهدا شاحب الوجه متراخيا في مشيته، وفي نواذيبو كان شادا بعضديه على جنبيه كلما جلس، أما في روصو فكانت يسراه مشغولة أبد الوقت بتعديل وضع الكيس الطبي المعلق تحت قميصه الأبيض، وكان المصفقة بتزاحمهم للسلام عليه كأنما يمارسون عليه نوعا من التعذيب والإيلام (لعكير)، وصدق المنتبي إذ قال: "ومن الصداقة ما يضر ويؤلم".

غير أن المصفقة التي كانت تزدحم على الرئيس لو نظرت نظرة فاحصة تحت سترته لانفضت من حوله؛ وفاء لفلسفتها في التصفيق والتبعية المرتكزة على مبدأ اتباع القوي وبيع الضعيف، ولكأن بين حاله وحالهم نسباً غير صريح مع حال الجنّ وسليمان عليه السلام تمثيلا لا تشبيها، (فلما خرّ تبينت الجنّ أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العاب المهين).


نقلا عن صحيفة "الأخبار إنفو"


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!