التاريخ: 20.09.2024  التوقيت:15:45 غرينتش


تاريخ الإضافة : 20.07.2013 12:47:26

الدرس المصري بعد الدرس الموريتاني..

د.محمدٌ ولد محمد غلام

د.محمدٌ ولد محمد غلام

فجاجة الانقلاب العسكري في مصر وسوء تصرف القائمين عليه، لم تمنع من وجود وجوه ثقافية وسياسية وحقوقية ... بل ودينية – للأسف – تدعم هذا الانقلاب؛ مشاركة أو مباركة على الأقل، بغية وأد التجربة الديموقراطية المصرية وهي لا تزال في المهد؛ خوفا مما يخاف منه أمثال هؤلاء من ضياع للمصالح الخاصة أو المطامح الشخصية، وما يخاف منه أصدقاؤهم الإقليميون من انتقال عدوى الديموقراطية إلى شعوبهم، وأخيرا - وليس آخرا – انسجاما مع ما يفرضه أسيادهم في العالم الغربي ويفترضونه؛ من أن على الشعوب العربية والإسلامية أن تظل قابعة تحت سيف المهانة ونير الاستبداد..

كان الأمر شبيها إلى - حد كبير – بما حصل في موريتانيا ذات صباح غادر؛ حين تداعى أعداء الديموقراطية الموريتانية الوليدة حينها – من مدنيين وعسكريين – إلى إجهاض تلك التجربة بالانقلاب على الرئيس المنتخب سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله، بحجة "إقدامه" على إعفاء أحد حراس القصر الرئاسي من مهامه؛ مشرفا على حراس القصر!

لم تجد النخبة السياسية الموريتانية حينها غضاضة في الترحيب بالانقلاب على الشرعية الدستورية والشد على أيدي الانقلابيين العسكريين؛ ممن حنث بالقسم العسكري الذي أقسم به على احترام دستور الجمهورية وتأدية مأمورياته العسكرية طبقا للقانون!

لقد كان للتجربة الديموقراطية الموريتانية – على علاتها - صدى إقليمي ودولي واسع، خشي معه أعداء الديموقراطية وحرية الشعوب العربية، من النخب (الأسر) الحاكمة في بعض أقطارنا العربية من أن تغري هذه التجربة شعوبهم بالمطالبة بحقها في الحرية والكرامة، كما خشي معه تجار المواقف وسماسرة الولاء السياسي في الداخل، من كساد مهنة بيع الولاء التي يعتاشون عليها، خاصة بعد أن بدأت تتبلور اتجاهات سياسية جديدة تقوم على المصداقية السياسية وعلى العلاقة الصحية بين إدارات الدولة ومواطنيها، بعيدا عن المتاجرة السياسية "الرخيصة" بخدمات الدولة التي تقدمها لمواطنيها، والمن بها على المواطن، وترك رسالة لدى المستفيد من جزء يسير من واجبات دولته تجاهه، أن الأمر يتعلق بإكرامية من فخامة الرئيس، وأن عليه – في المقابل – أن يدفع ثمنها تأييدا ومساندة، بل تصفيقا وإلا... كما نشاهد اليوم للأسف الشديد.

وبنظرة سريعة على المشهد السياسي المصري، فإن محاولة الإجهاز على التجربة الديموقراطية الجارية الآن، قد تمت على أيدي بعض العساكر الحانثين بأيمانهم العسكرية الناكثين بعهودهم الدستورية، وبمشاركة "كتيبة" سياسية من تجار المواقف وباعة الضمير من فلول الحزب الجمهوري/ أقصد الحزب الوطني الحاكم في عهد مبارك، مع إضافة رتوش يمثلها بعض الساسة "المحترمين" ممن أعماه الفجور في الخصومة وقصر النظر السياسي عن التفكير في شؤم عواقب الانقلابات العسكرية على الشرعية الدستورية، وسوء غبّ التنكر لمخرجات صناديق الاقتراع الحر، تماما مثل ما حصل لدينا في موريتانيا، غداة ذلك اليوم المشؤوم. فهل استفاد الانقلابيون المصريون من الدرس (بل الدروس) الموريتاني، أم أنه الخاطر يقع على الخاطر، فحسب؟



نقلا عن صحيفة "الأخبار إنفو"


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!