التاريخ: 20.09.2024  التوقيت:15:21 غرينتش


تاريخ الإضافة : 24.07.2013 10:39:06

إلى أين تتجه مصر؟

أحمد سيف الإسلام

أحمد سيف الإسلام

تعيش مصر هذه الفترة ظروفا حالكة، بدءا بالإنقلاب العسكري ومرورا بأحداث الحرس الجمهوري ، ثم أحداث رمسيس ، وليس انتهاء بقتل ثلاث سيدات وجرح الكثير بعضهم في ظروف بالغة الصعوبة، وقع هذا كله أمام مرأي العالم ومسمعه، ولا أحد يشجب أو يستنكر.

بدأت ملامح الإنقلاب العسكري، تلوح في الأفق، عند ما تظاهرت جبهة الإنقاذ "حتي لا أقول جبهة الإفساد" وحركة تمرد، يوم الثلاثين من يونيو، وأعطي الجيش مهلة ثمان وأربعين ساعة، ثم مالبث أن أعلن ما يسمي" بخارطة الطريق" وهي في الحقيقة انقلاب علي رئيس انتخبه الشعب المصري بأغلبية زادت علي اثنين وخمسين في المائة ، بمباركة من جبهة "الإنقاذ" وبعض القوي الظلامية ، التي لاتؤمن بالديمقراطية إلا إذا كانت في صالحها.

وأعلن الجيش تعليق العمل بالدستور، الذي وافق عليه الشعب، وتعيين رئيس المحكمة الدستورية، كرئيس مؤقت للبلاد، ليغلق في اليوم الموالي شريان حياة أهل غزة "معبر رفح" وتعتقل قيادات الإخوان، وإغلاق قنوات إعلامية.

بينما لم يعرف حتي الآن مصير الرئيس موسي الذي مر علي اعتقاله ما يربو علي ثلاثة أسابيع، وتتضارب الأخبار حول مكان احتجازه، وسط تصريحات بعض المسؤولين أنه في مكان آمن .

وأيا يكن الأمر، فمصر عرفت أول رئيس مدني منتخب في تاريخها ، وحاول أن تكون مصر للجميع يشارك في بنائها جميع المصريين، ولكن شرذمة من أبناء مصر لم تشأ ذلك، وبدأت من أول يوم تشكك في كل مايفعله د.مرسي وتتهمه "بأخونة الدولة وغير ذلك من الأراجيف يريدون ألا يثق الشعب في رئيسه المنتخب ولأول مرة في جمهورية مصر.

ووظفوا كل إمكاناتهم ، واستعانوا بتأجير "البلطجية" والتنسيق مع دول خارجية.....
من أجل التآمر علي مصر وإجهاض تجربتها الديمقراطية، والإطاحة برئيسها كما وقع بالفعل.
وفي اعتقادي أن الأمر يتلخص في النقاط التالية:
1ـ هذه حرب شعواء علي التيار الإسلامي، لقطع الطريق علي صعوده الباهر في مصروتونس.
وبالتالي وأد الثورات العربية في مهدها.
لا لشيء إلا لأنها جاءت بالإسلاميين ، وتفاجأ الجميع من صعودهم، بعد أن كانوا مطاردين طيلة العقود الماضية ، في الوقت الذي لا يريد الغرب وأتباعه ، للشعوب العربية والإسلامية، أن تنعم بالديمقراطية، خاصة إذ اكانت ستأتي بالإسلاميين،لأن مكانهم ببساطة هو السجن وليس السلطة كما يزعمون.

وقد بدأت بواكير إفشال الربيع العربي تطفو علي السطح، حيث ظهرت حركات تمرد في كل من تونس وليبيا، لمنع تحقق حلم الشعوب العربية بالحرية والديمقراطية.

2ـ معاقبة الشعوب العربية لأنها منحت ثقتها للإسلاميين،حتي وصلوا لسدة الحكم، وإيهامها بأن الديمقراطية والعيش الكريم، لا يمكن أن يتحققا في ظل حكم إسلامي.

لأن اسم الإسلام يرتبط عندهم بمفهوم الإرهاب وكبت الحريات، أو هكذا يريدون له أن يكون.

وتتلاحق الأحداث في مصر، ففي صبيحة الثامن من يوليو وقعت مجزرة أمام الحرس الجمهوري قتل فيها أكثر من خمسين قتيلا، وجرح أكثر من ذلك، عندما أطلق عليهم وابل من القنابل المسيلة للدموع، وخراطيش المياه ثم الرصاص الحي وهم يصلون صلاة الفجر، لم تأخذهم شفقة عليهم ولا رحمة .

ثم بعد أيام قلائل اند لعت اشتباكات بين الأمن و بلطجيته من جهة والمتظاهرين من جهة أخري
في ميدان رمسيس وراح ضحيتها قتلي وجرحي.

وفي الجمعة الماضية، سقطت ثلاث سيدات في مدينة المنصورة، إثر طلق ناري أصيبت إحداهن برصاصة في الرأس، ورابعة في حالة حرجة .

هؤلاء أقاموا الدنيا ولم يقعدوها عندما ضربت سيدة أمام مكتب الإرشاد في القاهرة، "مع أني ضد استهداف النساء" ومع ذلك لم نسمع تنديدا يذكر.
كل هذه المجازر محاولة منهم لإرغام المتظاهرين السلميين المطالبين برجوع الشرعية، لإخلاء الميادين .

ظنا منهم أن الأمور سترجع إلي نصابها، وبدأوا يسابقون الزمن بإصدار المراسم والإعلانات الدستورية، وآخرها إعلان ما يسمي بالرئيس المؤفت، تشكيل لجنة لتعديل الدستور، وهم الذين اعترضوا بالأمس القريب علي اللجنة التأسيسية المنتخبة، ويقبلونها الآن معينة من رئيس معين.

هل هذا ماتريده جبهة "الإنقاذ" أن تحكم المصريين علي بحر من الدماء ،من أجل مصلحة شخصية بحتة، ولكن عليهم أن يدركوا أن دماء المصريين لن تذهب سدى.

في الخامس والعشرين من يناير سنة ألفين وإحدى عشر، شهدت مصر ثورة شعبية أطاحت بحكم ديكتاتوري سلب الحريات وكمم الأفواه، ودخلت في فترة انتقالية أجريت فيها انتخابات برلمانية حصل الإسلاميون فيها علي الأغلبية، ثم انتخابات رئاسية في منتصف ألفين واثني عشر، فاز فيها د.محمد مرسي ،باثنين وخمسين في المائة، ولم يزل معارضوه يتربصون به الدوائر، حتي أسقطوه ،بواسطة الجيش متذرعا بما سماه إرادة الشعب، من خلال مظاهرات الثلاثين من يونيو، واعتصم مناصروه في الميادين ومازالوا يواصلون اعتصامهم بصفة حضارية.

مرت مصر بكل هذه الأحداث ومازال جرحها ينزف.
والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة:إلي أين تتجه مصر هذه الأيام؟


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!