علمت اليوم بوفاة التاجر المنفق المتصدق الشريف مولاي هاشم بن مولاي المهدي رجل شنقيط المتصدق؛ عرفته عن قرب حيث استضافني في بيته في لكصر أيام دراستي عدة سنوات. كان رحمه الله قمة في حسن الخلق والتواضع والإنفاق..

هداه الله إلى طيب الكلام وكثرة الإنفاق من ماله الحلال الذي جمعه من تجارته في السينغال، يتصف مولاي هاشم رحمه الله بالصدق والتواضع وسلامة القلب، لا ترى الرجل إلا ذاكرا أو مستغفرا مسبحا أو مستمعا لكتاب الله أو تاليا له.

كانت لمولاي هاشم رحمه الله حياته الخاصة من ملبسه المتواضع النظيف والذي لا يزيد على قدر الحاجة في مجتمعنا الذي يقول الدكتور الشنقيطي: "إن له فائضا في اللباس والكلام".

أمسك مولاي هاشم رحمه الله لسانه عن القيل والقال وعن الحديث في أعراض الناس والخوض فيما لا يعنيه، وفي المقابل مد يده بالعطاء والإنفاق.. عرفه جل الموريتانيين أثناء أحداث السنغال وموريتانيا، وعرفوه بعد أن استرد دياره في السنغال؛ والتي ظلت قبلة لكل المتجهين إلى المصحات هناك الطالبين للعلاج.

كما كان رحمه الله سباقا إلى الإحسان على الجار وإتحافه وإحاطته بكل ما من شانه أن يزيد علاقة الود والاحترام.. نعم كان مولاي هاشم متصدقا بامتياز؛ في صبيحة كل يوم يأتي أصحاب الحاجات رجالا ونساء بعد صلاة الفجر فيأتيهم أو يرسل إليهم ما كان أعده لهم من نقود قبل نومه.. كان ذلك كل يوم؛ ويُزاد المبلغ المُعَد للصدقة يوم الجمعة؛ لأن العدد يكون أكثر..

إلى جانب داره حوائط يسكنها آلاف العمال الذين قدموا من الداخل يعملون في المنازل؛ هؤلاء كفاهم مولاي هاشم رحمه الله مؤنة البحث عن الماء فقد وفر لهم سقيا من داخل داره.. لم يكن ذلك أياما أو شهورا وإنما كان سنين عديدة.

يطول المقام في ذكر صفات مولاي هاشم ـ رحمه الله ـ الجميلة وتعداد خلاله النبيلة.. اليوم اكتب هذه الكلمات وقلبي يعتصر ألمًا لفقد رجل عظيم عرفته عن قرب، سكنت في داره، وأحاطني بكريم عنايته ورعايته؛ كان يحنو علي حنو المرضعات على الفطيم، كان اسمي لا يفارق لسانه: (داهي امنين.. داهي جَ.. وعُّ داهي.. حنُ داهي..)

رحم الله مولاي هاشم رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته وإنا لله وإنا إليه راجعون..

الكويت، في: 17-8-2013