التاريخ: 20.09.2024  التوقيت:01:41 غرينتش


تاريخ الإضافة : 22.08.2013 10:34:46

التصريح الخطأ في المكان الخطأ

د.محمدٌ ولد محمد غلام

د.محمدٌ ولد محمد غلام

تداولت مواقع التواصل الاجتماعي وبعض وسائل الإعلام المحلية، تصريحات منسوبة لمعالي وزير النقل في الحكومة الموريتانية، طلب فيها من رؤساء بعض المجموعات القبلية "اليقظة والتدقيق" عند اختيار مرشحيهم (مرشحي القبائل!) حتى لا يكون من بينهم من أسماهم "مندسين من الإخوان الإرهابيين".

لا أستطيع أن أحمّل الحكومة الموريتانية مسؤولية حضور رمز من رموزها (وزير) لاجتماع ذي طابع قبلي - وإن كان في الأمر وجاهة لو فعلت - لكثرة ما دعمت التجمعات القبلية وشجعت على إحياء العصبيات السلبية.

كما أنني لا أستطيع أن أحمّلها مسؤولية هذا التصريح الصادر من غير مخول بالنطق باسمها، وإنما من وزير للنقل (قد يكون نقل التجارب أو نقل... أما موضوع المواصلات فمن الصعب إثبات أن له وزارة معنية بشؤونه في بلادنا، ونحن نشاهد التدهور الحاصل في شوارعنا العائمة ومدننا الممزقة وسياراتنا المشوّهة...).

ثم إنه لا يهمني معرفة ما إذا كان الأمر يتعلق ببداية فلسفة جديدة ستنطلق منها الحكومة الموريتانية لتخوض على أساسها حملات مستقبلية من الشدّ و"الجذب" مع خصومها السياسيين، وفي مقدمتهم التيار الإسلامي الموريتاني وعنوانه السياسي "حزب تواصل" ركوبا للموجة (الخاسرة) من جديد؟!

كما لا يهمني ما إذا كان الأمر يتعلق – فقط - ببعض الحسابات المحلية "جدا" وعوامل الإحساس الممضّ - لدى بعض أعضاء الحكومة الموقرة - بتنامي حضور أنصار التيار الإسلامي في مدينة جكني، التي ينتمي لها العديد من أطر ورموز الإسلاميين!

غير أن هنالك خلفيةَ تشفٍّ في ضحايا مجازر الانقلابين في مصر، ومنطلقَ شماتة في أصحاب الدماء الزكية التي أهرقت دفاعا عن الشريعة و الشرعية في أرض الكنانة، كنت أربأ بمعالي الوزير عنها.

كان بإمكان الوزير أن يحذّر الحضور الكرام (إذا كان لا بد حاضرا لاجتماع ذي طابع قبلي يتناقض مع وظيفته؛ عضوا في الحكومة أولا، ثم وزيرا لقطاع خدمي عام ثانيا) أن يحذرهم من دعم أبناء هذه القبائل من الإسلاميين، دون استخدام تسمية "الإخوان" ووصمها بذلك الميسم الممجوج "الإرهاب" لو لم يكن يستحضر (أو هكذا يبدوا للسذّج من أمثالي) تبنّي "انتصارات" الجيش المصري "الباسل" في إراقة دماء أبناء شعبه، وينطلق (معاليه) من نشوة الارتياح لإزهاق الأرواح الطاهرة ومحاولة الإطاحة بحلم الشعب المصري في الحرية والديمقراطية على أيدي العساكر الحانثين بأيمانهم الناكثين لعهودهم!

أدرك أن معالي الوزير وحكومته الموقّرة، أصبحوا يدركون أن ثقة الشارع الموريتاني المتنامية بحملَة المشروع الإسلامي المعتدل، وتجذّر الفكرة الإسلامية (بالمعنى السياسي) أصبحت أمرا واقعا؛ لا يمكن دفعه بالطرق التقليدية أو الوسائل المجرّبة، وأن التحذير "القبلي" من الإسلاميين يجب أن يكون مبكرا (حتى وهم يعلنون مقاطعة الانتخابات الأحادية) وأن يكون مستصحبا لما يمكن أن يعزّز به من أحداث ومشاهد في المناخ الإقليمي بل والدولي...

غير أنه لا بد من تذكير معالي الوزير (والمفترض أنه أعلم) بما سبق أن آلت إليه الحملات الدعائية – بل الأمنية أحيانا – التي استهدفت هذا التيار العريض من الموريتانيين (أقصد الإسلاميين) وكيف انقلب سحرها على سحَرته. ثم تذكيره بتلك الكلمات والأوصاف التي أطلقها أفراد من "نخبنا" المساندة للحكام في حق الإسلاميين، وكيف بقيت تلك العبارات عقدة في ضمير قائلها ومركّب نقص لدى مطلِقها، دون ذكر أسماء!

وأخيرا - وليس آخرا – فإن الشماتة والتعريض بأبناء جماعة الإخوان المسلمين في مصر، وهم يقدمون قادتهم الأوفياء وشبابهم الأطهار وعلماءهم الصادعين بالحق (شهداء ومعتقلين ومعذبين) قربانا؛ في سبيل الله ثم في سبيل الحقّ والوطن، بسلمية كاملة وثبات منقطع النظير، يشكّل خطأ في تقدير المزاج العام للموريتانيين، ومجانبة للتوفيق في دغدغة مشاعرهم وهم يرون ما يتعرض له إخوانهم من ظلم وتنكيل، وما يقاومون به من صبر وسلمية وإصرار... فهل من مدّكر؟!

نقلا عن أسبوعية الأخبار إنفو


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!