التاريخ: 20.09.2024  التوقيت:09:55 غرينتش


تاريخ الإضافة : 31.08.2013 06:50:52

طريق عزيز

أ.مولاي عبد الله ولد مولاي عثمان

أ.مولاي عبد الله ولد مولاي عثمان

في شمال مدينة انواكشوط شقّت السلطة طريقا بين الرمال والصحراء تربط شرق المدينة بغربها لتخفيف الضغط على قلب العاصمة المليء بالفوضى والطرق المقطوعة والملتوية وغياب القانون.

السلطات سمّت هذه الطريق "شارع المقاومة"، لكن الشعب سمّاها "طريق عزيز" ثم أصبح يخصّها من بين طرق العاصمة بأفعال الليل المتّهمة؛ فباتت ماخورا يقصدها الفاسدون في أخلاقهم والمنحرفون في علاقاتهم، وبات الليل في "طريق عزيز" لباسا لكل من كره أن يطّلع الناس على أفعاله.

الشعب ذكيّ ويعرف كيف يضع الأمور في مواضعها، لقد قالت له السلطات: هذا شارع المقاومة، لكنه قال: لا.. هذه طريق عزيز، وهو يعرف الفرق جيدا بين الطريقين. إن الشعب لا يذهب إلى تلك الطريق ليمارس نوعا من أنواع المقاومة، بل يذهب لأمور أخرى ربما يرى أنها تلائم الاسم الذي اختاره هو للمكان.

ورغم ذلك فليس جميع من يقصد تلك الطريق زائرا أو عابرا هو شخص سيء؛ هناك عوائل محترمة تجد فيها متنفسا لها ولأبنائها في أيام العطل والأعياد ولا تستخدمها لغير ذلك، أما السيئون فيقصدونها في الغالب تحت جنح الظلام وفي غالب الأيام.

الحرف الذي أريد أن أضع النقطة عليه أن إشكالية "طريق عزيز" الاجتماعية والأخلاقية هذه لها وجه سياسي أيضا في اللحظة السياسية الراهنة التي تقف فيها المعارضة بين "طريق عزيز" و"شارع المقاومة".

لم تعد منسقية المعارضة تملك ترفاً في الخيارات السياسية بعد أن انخزل عنها السيد مسعود ولد بلخير بأحزابه في وقت حرج رغم أنه كان قد تعهد لأطراف فاعلة فيها بأنه لن يشارك في انتخابات غير توافقية، وليست المنسقية وحدها من أربك مسعود موقفها؛ فقد فعل ذلك أيضا بأحزاب كتلة اللقاء الديمقراطي التي كانت معه في حلف سياسي، قبل أن يتصل بها متصل من "المعاهدة" ليخبرها باتفاقهم مع الحكومة على تأجيل الانتخابات بضعة أسابيع طالبا منها أن تلحقهم عند أبواب لجنة للانتخابات لتبليغها الخبر، لكن هذه الأحزاب رفضت أسلوب التعامل المهين الذي عاملها به الرجل وحلفه، وقالت لهم: اذهبوا وحدكم.

لقد ظهر أن الجنرال وحده كان يعرف حقيقة موقف مسعود وصفته السياسية، أما المعارضة فقد كان الأمر ملتبسا عليها أشد الالتباس.. لقد كانت تعتقد أن الرجل يتحرك بصفة "الوسيط السياسي" بينما الحقيقة أنه كان يتصرف بصفة "المناصر" للسلطة الذي استغل ثقة المعارضة للترتيب لما حدث.

في السياسة، الذين يعرفون ما يقولون ولا يعرفون ما يفعلون يقفون على شفا مهلكة سياسية حقيقية؛ لذلك على هؤلاء جميعا أن لا ينزلقوا إلى قرارت انفرادية بمقاطعة هذه الانتخابات أو المشاركة فيها؛ فالانفرادية الآن خطأ سياسي قد يفضي إلى خطيئة انتخابية عندما يكتشف الانفراديون أنهم خسروا حلفهم السياسي ولم يربحوا مكانتهم الشعبية بسبب الإجراءت الأحادية التزويرية التي تكتنف هذه الانتخابات أو عندما يكتشفون أنهم خسروا هذه المكانة بانخزالهم عن قرار جماعي بالمشاركة.

إن القرار الجماعي الذي يبقي على تماسك الحلف السياسي للمنسقية هو الذي يجب أن يتخذ، وإذا وصلت هذه الأحزاب إلى قرار مشترك بتفضيل "طريق عزيز" على "شارع المقاومة" فيجب أن يكون ذلك على هيئة العائلة الواحدة وليس بأسلوب الزيارة الليلية الأحادية المشبوهة حتى لا تخسر هذه الأحزاب وزنها السياسي ووزنها الشعبي معاً.

أقول لأحزاب المعارضة في المنسقية وفي كتلة اللقاء الديمقراطي: اسلكوا شارع المقاومة السياسية من أجل دولة مدنية لا يهيمن عليها العسكر، وتنكّبوا طريق عزيز غير المعبّدة وغير الأخلاقية.. وستذكرون ما أقول لكم.

نقلا عن صحيفة "الأخبار ـ إنفو"


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!