التاريخ: 20.09.2024  التوقيت:07:24 غرينتش


تاريخ الإضافة : 18.09.2013 16:02:17

الانتخابات وآفة التسويف

 د.سيدي المختار أحمد طالب

د.سيدي المختار أحمد طالب

كان ما كان يوم السادس (6) من أغسطس 2008 وظهر الفرقاء السياسيون عقبه في شكل خطين متوازيين لم يتماسا إلى بعد ما سماه بعض "معجزة دكار" وبعض آخر "خديعته"‘ فنظمت الانتخابات الرئاسية واسترجعت الهيئات الدستورية شرعيتها وقانونيتها واستردت موريتانيا مكانتها وهيبتها بين المجتمع الدولي وهيئاته المختلفة.

عندها حمد الموريتانيون الله وشكروه وشكروا الفاعل الحقيقي لاتفاق دكار والذي كان وراء القذافي وعبد الله واد وهو الذي بذل جهودا خفية لصالح "مفعول لأجله" وجه الكثيرون سلاحهم إليه ولم ينالوا منه‘ وبالمناسبة تمنى الموريتانيون على الله أن تنظم الانتخابات البلدية والتشريعية في موعدها وعلى أساس نفس اللوائح الانتخابية حتى تطوى صفحة المرحلة الانتقالية الثانية كالأولى وينساهما القطب الفائز ويتناساهما الخاسرون جميعا.

ولكن جرت الرياح بما لا تشتهي السفن وتأجلت الانتخابات وظهر فيما بعد أن هناك من وسوس للقائمين على الأمر بضرورة انتظار نتائج مشروع الإحصاء المتعلق بالوثائق المؤمنة لتكون أساسا للائحة انتخابية جديدة لا تترك مجالا للتلاعب ولا التزوير. وتم ذلك التأجيل على الرغم من أن الجميع كان يدرك يقينا أن ذلك المشروع يشكل توجها استراتيجية يخدم أهدافا أكبر وأعمق من الانتخابات ويتطلب وقتا طويلا ويمثل باختصار قضية يترتب على تحقيقها حاضر البد ومستقبله.

ونذكر هنا أن ذلك الوسواس الخناس لا بد أنه كان رجلا ففساد الرجال وصل إلى السفراء والوزراء والمدراء والمنتخبين وقد نجده تسرب إلى الحارس والفراش والقهوجي في الوقت الذي يستحيل علينا جميعا أن نذكر اسم امرأة واحدة اشتهرت بالفساد (المالي أو الإداري) وذلك على الرغم من أن المرأة في بلادنا تقلدت ـ في السابق والحاضرـ كل المناصب السياسية والإدارية التي أسندت لأخيها الرجل.

لقد أرجع محللون سياسيون العملية الأولى لتأجيل الانتخابات إلى لوبي نواته العمد والبرلمانيون في الأغلبية الرئاسية حيث فضل ذلك اللوبي مصالحه على مصالح رئيسه ودولته ووجدت أيضا المعارضة حسابها في التأجيل واتخذته فيما بعد ذريعة للتشكيك في شرعية المجالس البلدية والهيئات البرلمانية وفي التشهير بوجود انسداد سياسي وأدخلت البلاد في جدل قانوني أساسا لا تزال مخلفاته تؤثر في مسيرة البلاد على أكثر من صعيد.

وخلافا لنظرتنا السلبية لتأجيل الانتخابات الذي حصل 2011 فهناك من وجد فيه فرصة لإرغام النظام على تنظيم حوار تمخض عن مجموعة من النتائج المفيدة والتي تخدم المشارك فيه والمقاطع له وتخدم المسار الديمقراطي في البلاد عموما. ومن النتائج غير المباشرة للتأجيل أو التي صاحبته (1) خسارة رهان المقاطعين على وصول رياح ما سمي بالربيع العربي إلى بلادنا أو حدوث انقلاب عسكري عول عليه الكثيرون و(2) حدوث شرخ في المعارضة وخلق مسببات لانشطارها مرات ومرات وأخيرا (3) الحيرة أو الحسرة التي توجد فيها المعارضة الراديكالية بشأن المشاركة في الانتخابات المبرمجة أو المطالبة الصريحة بتأجيلها بعد أن استغلت صدور قرار التأجيل الأول بمبادرة من الأغلبية الرئاسية والثاني من طرف المعارضة المحاورة.

وسواء انحنت منسقية المعارضة وطالبت بالتأجيل أو تمادت في المكابرة وقاطعت (أي قاطع بعضها) فعلى الاتحاد من أجل الجمهورية أن لا ينسى أن آفة الأمور التسويف وأنه لم يبق من الوقت قبيل الانتخابات الرئاسية إلا ما يسمح ربما بامتصاص نقمة من لم ستعجبهم نتائج الترشح في الاستحقاقات الجاري الإعداد لها‘ اللهم إذا تقرر دخول معترك الرئاسيات القادمة دون سبر مسبق لشعبية رئيس الدولة ولحزبه في الساحة.

ألا ليعلم الجميع أخيرا أن ترك الوقت للوقت أساس استراتيجية من يجد حظه فيما يخبؤه الزمن من مفاجآت محتملة. اسمعوا وعوا إذا قبل فوات الأوان والعض على الأنامل.


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!