التاريخ: 20.09.2024  التوقيت:05:35 غرينتش


تاريخ الإضافة : 24.09.2013 10:17:54

الصوفية أفيون الموريتانيين..

صالح ولد محمد يرب

صالح ولد محمد يرب

كان من الصدفة أن طالعت اليوم مقالين يحملان الكثير من المغالطات ويتحاملان بشكل فج على موريتانيا والمؤسف في الأمر أن الكاتبين موريتانيين لكنهما حتى يبعدا شبهة التهجم والتحامل على وطنهما نسبا كلما كتباه لانطباعات سيئة لصحفييْن زارا موريتانيا مؤخرا.

يدخل هذا في إطار ظاهرة أصبحت موضة لدى بعض الشباب الموريتاني ممن هاجروا إلى بلدان غرتهم حضارتها وزيف بريقها، من يشتم وطنه أو يقر للآخر بشتمه لا يمكن أن يصنف على أنه نقدا بناء البتة، ومهما اختلفنا وعارضنا الجنرالات الذين يحكمون البلد، فذلك لا يخول لنا أن نوجه سهامنا لوطننا الذي لا يمكن أن ينكر فضله إلا من ينكر المعروف ويولي ظهره له وذلك ما أربأ بشبابنا عنه، هل يمكن للواحد منا أن يشتم قبيلته ويصفها بأقبح الأوصاف وأقذعها حتى ولو كانت في أسفل التراتبية الاجتماعية؟ هل يمكن لأحد مثلا أن يسب عائلته أو قبيلته بحجة الانتقاد البناء، إلا إذا كان مريضا نفسيا.

ربما يفهم بعضهم مقالي هذا على أنه دفاع عن نظام أو حكم لكنه ليس كذلك وإنما ما هو إلا حميّة واعتزازا بالوطن والبلد الذي هو مستقرنا جميعا أولا وآخرا مهما بعدنا عنه سنعود إليه وسيظل المكان الوحيد على الكرة الأرضية الذي يمكننا أن نعيش فيه أحرارا، يجوز أن ننتقد الحاكم وسياساته لكن لا يجوز أن نشتم وطننا ونقر شتيمة الآخرين له، فتلك خيانة عظمى فيجوز في حق الحاكم ما لا يجوز في حق الوطن.

يقول الأول في مقاله الذي عنونه ب"لو زارنا جورج" إنه زار موريتانيا، وهو المقيم في الخليج، صحبة عربي مسيحي وإنه لم يشأ أن يحدثه عن الوطن خوفا أن تتشكل لديه صورة مغايرة للتي سيشاهدها ويضيف أن رفيقه المسيحي قال له بالحرف "لا أجد تفسيرا لما تعيشه موريتانيا إلا تفسيرا واحدا وهو أنهم مجتمع متشبع بالتصوف منشغل قلبه بالآخرة فلا يرى ما في الدنيا.. إذ يستحيل أن يكون هناك من يشعر بالسوء وتبقى الحال كما رأيت".

ما يمكن استخلاصه من كلام المسيحي لصاحب المقال أن موريتانيا بلد متخلف وشعب غبي عقوله مخبولة، وأن الصوفية أفيون هذا الشعب شغلته بآخرته عن تدبير أمور دنياه وهذا غير صحيح المرة، ولا تدعو له الصوفية الحقة، وهذه إساءة للمدرسة الصوفية التي لها الفضل الكبير علينا وعلى غيرنا من الأفارقة والعرب.

لعل كاتب المقال كان أقل ذكاء من صاحبه المسيحي الذي يصفه بالمتدين الذي كنى عن الإسلام بالصوفية ليقول له "الإسلام أفيون الشعوب" وهي معتقد عند كثير من غير المسلمين حيث أعجب بهذه المقولة لينقلها لنا في مقال أقل ما يمكن أن يقال عنه إنه إهانة لكل الموريتانيين.

المقال الآخر عنونته كاتبته بـ "لن تأخذني العزة بالإثم هذه المرة"، وتقول إنها فضلت الصمت على الكلام حيث نقلت انطباعات صحفي مغربي عن موريتانيا بعد زيارة له قادته إلى الاقتناع أنه كان من الأفضل أن تكون موريتانيا تحت إمرة المغرب مثل "الداخلة والعيون" حيث الشوارع الواسعة والعمران الحديث وغير ذلك من الثناء على الأراضي الصحراوية المحتلة، وهذا ليس منطق من يعتز بوطنيته، فأطماع المغرب في موريتانيا ليست جديدة وليس كل ما يكتبه الخصوم ننشره نحن ونقر به فموريتانيا إن لم يدافع عنها أبناؤها لن يدافع عنها الكتاب المغاربة ولا اللبنانيين.

إن الرد على هؤلاء هو العزة بالحق وليس العزة بالإثم كما تتخيل الأخت، وإن كان البعض عاجزا عن الرد على من يسخر من وطننا فعلى الشرفاء أن يتصدوا لذلك فالوطن أغلى أن يترك الأوغاد ينالون منه...
بلاد بها نيطت علي تمائمي ... وأول أرض مس جلدي ترابها.


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!