التاريخ: 20.09.2024  التوقيت:18:33 غرينتش


تاريخ الإضافة : 23.09.2008 10:44:06

العيد في أحياء الصفيح .. الغائب الذي لاينتظر

في هذه الأيام يستقبل الموريتانيون مناسبة دينية كريمة..وعيدا رسميا عظيما..ألا وهو عيد الفطر المبارك للعام الهجري 1429هـ، وفي هذه الآونة يبدو الفرح يتسلل شيئا فشيئا إلى وجوه بعض المواطنين وبخاصة النساء والأطفال..وتعلو البهجة وجوه الصائمين..ويكثر الحديث عن الأسواق والثياب والأطعمة والوجبات وصنوف التجميل..لكن هناك آخرون.. آخرون لا يفكرون في أي شيء من ذلك..آخرون يحبذون استمرار الصيام حتى يكتب لهم الأجر على الأقل..آخرون قصر بهم الطموح حتى عن مجرد الطموح..آخرون يحجزون أبناءهم عن المسير يوم العيد خشية أن يروا أقرانهم وقد ارتدوا رقعا من الثياب الحسنة حتى ولو لم تكن جديدة..
"الأخبار" طافت في أحد أحياء نواكشوط لكي تنقل جزء ولو يسيرا من معاناة أولئك المواطنين المحرومين فكان التقرير التالى:.



وتستمر المعاناة..

 

 

 

في جنوب مقاطعة الميناء بمدينة نواكشوط وبعد اجتياز طريق غير مجصصة و لا مقطرنة..محفوفة بالقمامات والأوساخ يقع حي المدينة المنورة "حي سالم"؛ حيث لاماء ولاكهرباء ولادكاكين..إنما هي مجموعة من الأكواخ التي خيم عليها البؤس وأفرخت فيها المعاناة..سكان كتب على كل واحد منهم أن يجوع ويعرى.. ويظمأ ويضحى..مواطنون يعيشون بالكلية خارج المطامح والمطامع المعتادة للعيد.
رئيس الحي سالم قال لمراسل الأخبار يمكن أن نفكر في كل شيء إلا الثياب الجميلة والأطعمة الحسنة فلا مجال لذكرها ولا التفكير فيها..كيف ونحن نعاني مما نسد به رمقنا أو نفطر به..يكفينا أن نجد لقيمات نقيم بها صلبنا وتخفف من معاناتنا، سواء أقبل العيد أو أدبر.. والأطفال والحمد لله لايفكرون في اقتناء الثياب الجديدة ولايرون كبير أهمية لفائدتها. وكلما يميز هذا رمضان عن غيره من الأرمضة السالفة هو توفر الأماكن المخصصة لبيع المواد الغذائية بحي قريب منا اسمه "الدار البيضاء" وذلك بمبادة مشكورة من المجلس الأعلى للدولة، لكن تبقى السيولة المادية هي العائق الوحيد أمام اقتنائها والاستفادة منها..ومن هنا فإننا نناشد الدولة وأصحاب النوايا الخيرة بالتدخل من أجل التخفيف من مأساتنا التي نعيش.



فقراء..مساكين..وغارمون..

 

(كل ما أطمح إليه "صام من اللحم -وهوعبارة عن قطع من المصارين والكرشة وعظام الرقبة، ثمنه أقل من ثمن الربع- أو ما أغير به وجه الماء) قالتها في تمتمة وقد تغيرت قسمات وجهها وابنتها الصغيرة "مريم" ترمقها بأعين تبدو عليهما البراءة واليأس، قبل أن تبدو ملامح وجه أبيها من بعيد..أبوها الذي بكر بكور الطير وهاهو عائد الآن على تمام الساعة السادسة مساء -في يوم من أيام رمضان- يحمل معه خبزتين.
"زينب بنت باب" هي إحدى ساكنات هذا الحي الفقير الذي يقبع في منطقة نائية من مقاطعة الميناء..وقد أفلست بعدما كانت تملك متجرا صغيرا تناوشه جيرانها بالسلف والدين، وأصبحت لاتملك أي شيء.. وجيرانها غير قادرين على التسديد، وكلما زار الحي زائر أو طاف به طائف ظنته فاعل خير أو محسنا يريد مساعدة الحي أو مساندة قاطنيه الذي تتوفر فيهم جميع مواصفات ومؤهلات مصرفي الزكاة؛ حيث الضعفاء المساكين الغارمون...



العيد مأساة..دعها حتى تقع..

 

تنجح منت المولود هي إحدى المسكينات في هذا الحي..لايشغل بالها العيد ولا أحواله ولاتفكر في أفراحه ولا أتراحه..إنما يهما هو أن تجد ما تفطر به لهذا اليوم..أما العيد فستنتظر حتى يأتيها بما فيه..ليست عندها أي استعداد له..ولاتملك أي شيء..تعيش على بركات وجهود الرجل الذي يعمل بعض الأعمال اليدوية قد يجد شيئا وقد لايجد..فأيام الدنيا عندها كلها سواء.



الحلم الطموح..

 

 

أمام منزلها المتواضع..وبين صبيتها الذين يتضاغون.. تجلس زينب بنت عمار "تلاطم" عيدان حطب تحت مرجلها الذي يغلي –والله تعالى أعلم بما فيه- وهي أكثر طموحا من سابقاتها؛ رغم ما يبدو على ناصيتها من البؤس والمعاناة، و على صبيانها من مظهر رث يندى له الجبين..فهي تطمح يوم العيد إلى أن يذهب زوجها إلى "المربط" لعله يجد من يسلخ له...أو على الأقل يرى من يهدي له فرسن شاة أو رأسها أو رقبتها، وهي غنيمة عظيمة تعول عليها هذه الأسرة الفقيرة في مواكبة أجواء العيد والتمتع بشيء ولو يسير من متعه..وهو حلم ترجو المرأة المسكينة أن يتحقق ويكون عنوان الاحتفال.





هل من مجيب؟

على سنفونية الكد والنكد والكبد يظل رجال "حي سالم" يعزفون أوتارهم بحثا على كسرة خبز أو قطرة مذق..وبين مطرقة البؤس وسندان المعاناة يظل نساء الحي يترقبن تلك الغنيمة.. وبين كل هذا وذاك يظل الجميع ضحية لإهمال الدولة والجهات المعنية..يفتقدون أبسط وسائل العيش الكريم التي يستحقها أي مواطن..يقبعون في عزلة جغرافية واقتصادية خانقة..ينتظرون الفرج بلفتة كريمة يعتقدون أن ماضي التسكع والبؤس جدير بأن يكون ثمنا مستحقا لها...فيا ترى هل من مجيب أو مغيث؟


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!