التاريخ: 20.09.2024  التوقيت:02:56 غرينتش


تاريخ الإضافة : 15.10.2013 12:11:39

لبوا النداء

سلمى عبد الله أحمد لعمى

سلمى عبد الله أحمد لعمى

يبدو -غالبا- أن الموقف العربي الإسلامي من الغرب يتمحور حول موقفين اثنين أساسيين ، مع بعض الشواذ التي تثبت القاعدة؛ الموقف الأول :موقف منبهر بالغرب ومندثر فيه وهذا الموقف ورغم مظاهر الإغراء و الإبهار الموجودة في الغرب؛ إلا أنه ناتجٌ أساسا عن بعض العطش الأخلاقي، والنهم لما هو مفتن سطحي ظاهري سببه بنية دينية وأخلاقية هشة وحرمان من أدنى مقومات العيش الكريم…

هذا الموقف ليس له أهمية كبرى لأن أهله تابعون، متنازلون إراديا- أو لا إراديا، من يدري؟!-عن هويتهم، متعلقون بالآخر ومعجبون به إجمالا فكرا وثقافة وملة.

فليس للانبهار ولا للاتباع مبررات؛ إذا علمنا أن المواطن في المجتمعات الغربية شخص متخصص لا يعرف – ولا يهمه حتى؛ أن يعرف ربما – عن العالم الخارجي شيئا!.هو إنسان يهتم أساسا بعمله- كمصدر عيش- و أسرته و إجازته- كترفيه- و أداء فواتيره- كواجب….

بينما ينهل الإنسان البدوي من حياض المعرفة والثقافة العامة بذكائه الفطري… هذا بالإضافة إلى أن هذه المجتمعات تعاني من تكون جيل عابث غير مسئول، إلا أن الدولة- كسلطة- رفضت بمنتهى الصرامة؛ نمو هذا الجيل، وحاربت سرطانه بالتكلف بمصاريف تدريس الشباب والكهول على حد سواء، وبتشجيع العلوم والقدرات والطاقات وصرف المكافآت للمتفوقين، وبالتالي؛ خلق روح التنافس البناء.

الموقف الثاني؛ -وهو الأهم- هو موقف العداء للغرب على أساس أنه كافر، ظالم، جائر… وأنه عدو لدود دائم، ومحاربته شرع ودين…

المتفحص لهذا الموقف يجده نتاجا لوضع ” الضحية” والتعود على موقف “الهزيمة” الذي رضخت له الشعوب الإسلامية العربية، ربما لشأن داخلي محلي وليس مستوردا من الغرب.

التجربة إذن أكدت أن الغرب كيانات قائمة على أساس دولة المؤسسات والقانون، هذه الكيانات لها هيبتها التي استطاعت إقرارها باحترام المواطن كأول خلية اجتماعية بالسهر على توفير حمايته وأمنه وقوته ورفاهيته…

توطدت بذلك –إذن- علاقة حميمة بين الدولة والمواطن، فهي-الدولة- أمه التي تؤويه و أبوه الذي يعيله، و صديقه الذي يؤنسه.

هذه الخدمات يتكفل بها قطاع الخدمات الاجتماعية، التي توفرها الدولة للمواطنين بل، وحتى للمقيمين..! و التي اتسعت حتى شملت التكفل بعلاج مرضى السرطان والايدز من ذوي الدخل المحدود! بل، حتى تخصيص حصص للعلاج النفسي للأشخاص المصابين بالاكتئاب.

بكل ذلك؛ تكون الدولة قد حلت محل القبيلة والعشيرة، التي لا تزال معظم بلدان العالم العربي و الإسلامي سجينة لها..!

بالتالي؛ فلا غرو إن نشأ الفرد- الذي وفرت له الدولة كل وسائل الحياة الكريمة- على مبادئ الاستقامة كالعدل، والإنصاف، والنظام، واحترام الوقت، والعمل والآخر…..

فترى الموظف السامي، يخدم المواطن العادي بكل تواضع ( وجوبا)؛ كما ترى أحدهم يترك على مقدمة سيارتك ورقة اعتذار باسمه الكامل و عنوانه و رقم هاتفه و المعلومات الكافية عن شركة تأمين سيارته، كل هذا لأنه اصطدم بسيارتك المركونة اصطداما بسيطا وأنت تغط في نومك… من منا-أبناءَ الشرق- يفعلها؟! ومن الطريف أن باراك أوباما، مثلا، بدأ حملته الانتخابية، لسنة 2008، بصورة له كبيرة الحجم؛ علقها على أكبر جدار في أشهر ساحة أغصها بالمارة؛ في واشنطن د.س.؛ الصورة تمثله وهو مبتسما يخدم زبونا في مطعم، ربما أثناء الخدمة المدنية، ( الرابط ليس للصورة المستعملة في الحملة) http://m.zimbio.com/pictures/zJxVqZNAxSv/Barack+Obama+Family+Serve+Meals+Needy+MLK/8rkOytAk0ru/Malia+Obama

وكأنه بذلك يجسد قول الرسول -صلى الله عليه وسلم- : (سيد القوم خادمهم). والطريف في الموضوع أن الصورة نالت إعجابَ حتى خصومه الجمهوريين المحافظين العنصريين. وكأنهم بذلك يؤكدون أن لا فضل لعربي على عجمي و لا لأبيض على اسود إلا بالعمل. من منا يتذكر هذا المنهل؟!.



“جيمس.د. واتسون” عالم أمريكي عالمي، حائز على جائزة نوبل -مشاركة- لاكتشافه أن هيكل الحمض النووي مكون من لولبين، وبرغم ذلك لم يشفع له اكتشافه، ولا مكانته العلمية من أن يقال عندما أعلن في مؤتمر صحفي له :”أنه يتوجب على أمريكا أن توقف مساعداتها لبلدان أفريقيا السوداء، لأن هؤلاء الشعوب ربما كانت لديهم جينات تبلد متوارثة وأُوِّلَ التصريح على أنه تصريح عنصري

( كانت إقالة واتسون سبقت تولي أوباما رئاسة الولايات المتحدة الامريكية!!).

ألا ترون أن مجتمعًا يرسخ مبادئً ساميةً كهذه، تتجاوز أفق المصلحة الشخصية، وتعاقب الفرد على أقواله و أفعاله الجارحة للإنسانية، والمخلة بالنظام العام؛ لابد وأن يزدهر، خصوصا إذا استعاذ من الكسل والتهاون، و أخذ بأسباب النجاح؟؟

لا يصح أن نربط سياسات الدول الخارجية بشعوبها؛ لأن هذه الشعوب –غالبا- لا علاقة لها بهذه السياسات، لأنها ذاقت طعم الحرية؛ فانشغلت عن السياسة، إما إيجابا بالاكتشافات العلمية أو سلبا بالملذات، التي أصبحت نزوات من إفراط في تناول الكحول و المخدرات و الرقص و الجنس…

هذه الشعوب غالبا تتلقى معلوماتها من إعلامٍ أغلبه مأجور ومشوه لصورة العرب والمسلمين …

المسلمون الذين تكاسلوا عن تطبيق وبالأحرى نشر تعاليم دينهم.

وبالمناسبة، هناك شابان أمريكيان؛ اعتنقا الإسلام، بعد أن القى جورج . و . بوش خطابه بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001.

وقد ذكرا انه ظل في خطابه يكرر كلمة:”إسلام” و هما لا يعرفان معنى هذه الكلمة، و بعد انتهاء الخطاب الرئاسي؛ بحثا عنها من خلال محرك “غوغل”، فحصلا على معلومات عن الإسلام، وتوجها إلى المركز الإسلامي بواشنطن؛ ليحصلا هناك على معلومات أكثر و يعتنقا الإسلام: http://m.youtube.com/watch?v=ayno8mfrjdw

حاكم هذه الشعوب موكل لخدمتها، والحفاظ على أمنها، واستقرارها. وليس معبودا ولا نبيا مرسلا…

الرئيس الأمريكي جيمي كارتر؛ يستنكر احتلال إسرائيل للفلسطين، وهو يقر أن الأرض أرض الفلسطينيين، وأن من حقهم الذَّوْدَ عنها: http://m.youtube.com/watch?v=Iton9kaijck

من باع فلسطين إذن؟! إنهم العملاء الجبناء باعة العرض والدم والدين!

…أَوَليسَ المسلم على المسلم حرام؟! إنهم احنوا ظهورهم فركبوهم!… و طأطئوا رؤوسهم فاستضعفوهم! و و ذلنا لهم فاخرسوهم و أبدوا لهم من أنفسهم ضعفا فاستقووا عليهم…. ..

وهناك .. نحن .. من محن؟! .. نحن نخاف من القريب والغريب، ومن الأفعى والغول، ونخشى الحسد والعين، و لا نثق في أنفسنا فضلا عن أن نثق في غيرنا، ونجامل بعضنا ونتغامز، وننم وبالألقاب نتنابز … ونفعل كل شيء إتِّباعا، حتى العبادة نمارسها وراثةً ، يسخر بعضنا من بعض، يذل القوي الضعيف ويستعلي الجاهل على الحصيف…. ما هذه الخرافة؟! نستعمل التكنولوجيا لنمارس عليها تخلفنا و نضيع “اوقاتنا” و نسهو عن تذليلها لقدراتنا و طاقاتنا…

و هذا العقل المعطل؛ من أبى انصافه؟!

لا.. لا.. لا.. و ألف لا… لن نواصل هذه المهزلة ..

لن نرضى بدور الضحية الأبدية ..

ما أمقته من دور! و ما أغباه!…

أما آن الأوان لأن نقبل أخطاءنا وعثراتنا؛ لكي نعالج جراحنا؟…

أما آن لنا أن نكف عن الثرثرة و نبادر بالعمل؟؟.. أما ان لنا ان نكف عن تحميل القدر-تارة- و الآخر -تارة اخرى – تبعات أخفاقاتنا؟!..

أما آن لنا أن نستوعب تطور العالم من حولنا، والتنافس الغير مسبوق إلى النهل من حياض العلم و المعرفة؟ فننهض ب( اقرأ) و ( يا معشر الجن و الانس إنْ استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض؛ فانفذوا، لا تنفذون إلا بسلطان)؟؟

أما آن لنا أن نتمسك بالعروة الوثقى، ونرجع للمحجة البيضاء؛ لنحقق؛ فنستحق الخيرية، التي تكرم علينا الله بها عملًا ثم استحقاقا؟!

أما آن لنا أن نعقل أن ليس لنا غيرها من خيار؟!

وهذه القلوب المغللة بالأدران، من ينظفها؟!

لنبن المدرسة، والمستشفى، والحديقة، ولنتخذ من كل ملحمة عشيقة!! …

ولْنوزع البسمة الصديقة!…

ولنفك من الخطايا أسر قلوبنا وعقولنا لتصبح حرة طليقة …!!.

الحرية هذه السلعة الثمينة المشتهاة من يشتريها؟


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!