التاريخ: 21.09.2024  التوقيت:14:06 غرينتش


تاريخ الإضافة : 25.09.2008 11:24:47

موريتانيا: اللاعبون بالنار

محمد سعدنا ولد الطالب
[email protected]

وجع في القلب ودمع في العين وحزن في ثنايا الروح يقلق ويؤرق كل أبناء موريتانيا الغالية هذه الأيام، بعد أن أظهر زلزال السادس من أغسطس الماضي وما تبعه من ارتدادات أن اللاعبين بالنار كثر في وطن يعيش في غابة من عيدان الثقاب المرشحة للاشتعال عند أول قدحة زناد. وطن يحترف التيه منذ خمسين عاما وكلما أوشك أن يرد شطآن الأمان اعترضته رشاشة طائشة أو دبابة بلهاء في عتمة من ليل أوضحوة من نهار.
اللاعبون بالنار في "أرضنا السائبة" يتكاثرون كالفطر ومن كل حدب ينسلون، سيماهم أنانية طاغية، وجموح أهوج، وجهل عميق بأن سفينة الوطن حين تجمح في يم السقوط والمشاكل والصراع ستغرق الجميع ، وحينها سيعلم الكل علم اليقين أن أسماك القرش اللعينة لاتعترف كثيرا بالنياشين المزركشة والأحذية الخشنة كما أنها لاتولي كبير اهتمام للألقاب الوهمية وزعامات أحزاب الحقائب الجوالة وسياسي الزيف والكراسي المهزوزة.
اللاعبون بالنار في بلد المنكب البرزخي يتهافتون على كرسي دوار في قصر رمادي تسكنه الجن أردى كل من عشقوه ورماهم إما منفيين في أطراف الدنيا أو مرمين في غيابات السجون، كل هم هؤلاء الاعبين أن يكونوا هم "أصحاب الفخامة" فيما يبقى الشعب الموريتاني المغلوب على أمره "صاحب الهزال والشحوب والفاقة والجوع الممض"!!!!، يبقى ساكنو القصر وحوارييهم وأتباعهم يرفلون في الدمقس وفي الحرير، يدلكون جلودهم بمستحضرات "أولاي"، ويتعطرون من ماء الورد الباريسي، ويمتطون صهوات آخر ما أبدعته عبقرية "هوشاكي" أو "ستشيرو" أو غيرهم من أبناء اليابان، يرقصون في ملاهي لاس بلماس وباريس وداكار يغطون عري الراقصات بحزم الدولار، ويسهرون حتي يظن بهم الليل الظنون.
ويبقى الشعب المسكين كما كان دائما، بسطاء امتحشت جلودهم بفعل الصفيح المهترىء الذي يقيلون تحته، جوعى أدمنوا الجوع الممض وصاحبوه، شباب درسوا وتعلموا ولكنهم في النهاية وجدوا البطالة ترسل لهم مكتوبا غراميا سريعا: لن أتخلى عنكم إلى الأبد.
اللاعبون بالنار –لمن لا يكتفي بالتلميح ويريد أن يشرب من كأس التفاصيل حتى الثمالة - كثر وأبرزهم ثلاثي لايجمع شمله إلا التلويح بأعواد الثقب واللعب المجنون بالنار:
- أول الاعبين هم حكام موريتانيا الجدد الذين مازالوا يتوهمون أنهم سيبقون في سدة الحكم سنين عددا، ناسين أو متناسين أن موعدنا مع الديمقراطية الحقة لا يقبل التأجيل، وأن خيارهم الوحيد أن يعيدوا الحق إلى أهله وأن يرجعوا إلى ثكناتهم آمنين مطمئنين فلا أحد – إلا المجانين أو الموتورين- يريد أن يفتح الجرح أو أن يغوص في متاهات الثأر والتشفي
لاعب آخر –ربما بحسن نية تنقصه الخبرة والتبصر- هو بعض أعضاء الجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية- وأكرر بعض وليس الكل- هذا البعض الذي يبدوا أنه يريد أن يستعدي الأجنبي على شعب بأكمله بل ويلمح إلى أنه لايمانع في استخدام القوة لإعادة "ولد الشيخ عبدالله- وكأن هؤلاء مثقوبي الذاكرة أو لا يرون كيف أدخلت لعبة التدخل الأجنبي دولا كثيرة في حيص بيص وأصبح أبنائها يترحمون على زمن الطغاة.
اما اللاعب الأخطر، والذي لا يرقب في الله إلا ولا ذمة فهم سفهاء الإرهاب وقطاع الطرق المتعطشين للدم، "دراكولا" العصر الحديث، الذين كان آخر ضحاياهم كوكبة من خيرة أبناء الوطن فقدوا أرواحهم الزكية في "تورين"، صائمين مرابطين على الثغور لحماية الوطن والمواطن.
أقول لكل هؤلاء اللاعبين، وبالصوت المدوي أن موريتانيا ليست مسرحا لتبادل الأدوار السخيفة، موريتانيا هي حلمنا الذي لا يقبل التأجيل، هي حبنا الوحيد، هي مهدنا ولحدنا الذي لا نرضى به بديلا.
بالله عليكم دعوا موريتانيا كا نشتهي أن تظل دائما، دعوا "بكار ولد اسويد أحمد " وولد الديد" و "سيد أحمد ولد أحمد عيده" و"سيدي ولد مولاي الزين" يسقون عطشها بدمائهم الزكية الطاهرة، دعوا "ولد الطلبه" و "ولد محمدي" و"غالي ولد المختار فال" و"محمد بن أحمد يوره" يكتبون قصائدهم على رملها الناصع، دعوا "سيدي عبد الله" والمختار ولد بون"، و"محمد مولود اليعقوبي"، يروون ظمأها بحبر دواتهم.
دعوا موريتانيا كما نشتهي أن تكون، دعو رمل تامشكط نقيا وأهلها طيبين كما كانوا، دعو كثبان أبي تلميت مبهرة وأهلها رائعين كما عهدناهم، دعوا مقاطعة لكصر كما عرفناها مدينة للجمال كلما جلت في أزقتها وقت الأصيل حسبتها مصنعا لإنتاج الحسناوات.




Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!