التاريخ: 21.09.2024  التوقيت:14:21 غرينتش


تاريخ الإضافة : 03.10.2008 13:38:14

لأسباب تاريخية، لا يهم مجلس الأمن والسلم الإفريقي من المؤسسات الدستورية سوى مؤسسة الرئاسة!!

الأستاذ/بوننا سيدي اعثيمين

الأستاذ/بوننا سيدي اعثيمين

حين عجز الإتحاد الإفريقي عن تقليص بؤر التوتر في القارة ارتأى حكماءه ، بعد أن تزاحمت العقول،زيادة تلك البؤر بواحد ة أخرى إ سمها موريتانيا من خلال مجلسه للأمن والسلم؛ والسبب الظاهر هو حرص الاتحاد الموقر على تكريس الديمقراطية في القارة السمراء ؛ ولأن التجربة الديمقراطية الموريتانية تتسم بأنها:

ـ رائدة من حيث الشكل الذي تم به انتخاب الجمعية الوطنية، ومجلس الشيوخ، والعمد، وكذلك الرئيس السابق سيدي محمد الشيخ عبد الله؛

ـ و فريد ة من نوعها في الجانب المتعلق بالدور التاريخي الذي لعبه البرلمان الموريتاني عندما باشر مهامه الدستورية في الرقابة على أعمال الحكومة، والتي لاقت رفضا مطلقا من طرف الرئيس السابق،
وصل أوجه في تهديده الجدي، من خلال خطاب عودته من شرم الشيخ، بحل البرلمان (الجمعية الوطنية + مجلس الشيوخ) في الوقت الذي لا يجوز له، بموجب المادة:(31) من الدستور، وبشروط محددة، سوى حل الجمعية الوطنية وحدها، وليس لأي كان أن يعذر بجهله للقانون، بما في ذالك الرئيس، طبقا لنص المادة:(17) من الدستور؛ بل إن الرئيس السابق ذهب إلى أبعد من ذلك حين انتقل من مركز الحكم بين الجميع كما تقضي بذلك المادة:(24) من الدستور، إلى مركز طرف منحاز بشكل فج لجانب حكومة يرفضها الرأي العام الوطني ويطالب النواب بحجب الثقة عنها، انحيازا شكل تهديدا حقيقيا للديمقراطية في الجمهورية لما يمثله من اعتداء سافر على الدستور، فأين كان مجلس السلم والأمن الإفريقي يومها ؟ وهل لا يهمه، لأسباب تاريخية، تتجدد باستمرار، من المؤسسات الدستورية سوى مؤسسة الرئاسة ؟.

إننا نذكر المجلس الموقر بأن الأحزاب التي سعت إليه تطلب الحصار الاقتصادي على بلدها، والتدخل العسكري فيه، هي التي دفعت الرئيس السابق إلى ذلك الموقف اللا دستوري، أحزاب لم تكن الديمقراطية يوما من اهتماماتها، ولا مطلبا من مطالبها ،(الحزب الشيوعي الماوي + حزب الإخوانجيين )، بل إنها ضحت بجميع مبادئها من اجل حقيبة وزارية في حكومة كانت تشتمها بأنها فاسدة وتقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل ،إن الديمقراطية لن يكون لها وجود ولن تكون مقبولة إطلاقا إلا باستحواذ هذين الحزبين على السلطة التي تم لهما الاستحواذ عليها فعلا في ظل الرئيس السابق ولكل واحد فيهم أسبابه الخاصة ؛ ومع ذلك فإن الجميع يتكلم لغة واحدة اسمها الديمقراطية: الأغلبية الساحقة من الشعب، وشريكها المجلس الأعلى للدولة،وكذلك من تسمي نفسها (جبهة الدفاع عن الديمقراطية) مع فارق أن الأغلبية تعتبر أن المجلس الأعلى للدولة من حقه أن يتكلمها عن جدارة،وقد تصرف المجلس الأعلى للدولة على ذالك الأساس ، من منطق أنه هو الذي سعى لتحقيقها وتكريسها وبالنتيجة عليه الحفاظ عليها كمكسب أغلى من أن يعبث به في عامه الأول و لذلك لم يسم ماقام به انقلابا وإنما اسماه ،عن حق، تصحيحا للمسار الديمقراطي الذي كان هو السبب المباشر في انتهاجه؛ والجميع يعرف أن نية رئيس المجلس الأعلى للدولة، كنية رفاقه، لم تكن منصرفة إلى القيام بانقلاب وإنما استجابة لرغبة الشعب وإرادته في تحقيق المصلحة العامة التي تم التعبير عنها بواسطة أغلبية ألبرلما ن والمجالس الإقليمية والنقابات وسائر أطياف المجتمع المدني قبل عملية التصحيح ذاتها، والأدلة عل ذلك تمكن مراجعتها في جميع المنابر الإعلامية التي تلقفت آراء الرأي العام الوطني الرافض لسياسة الرئيس السابق وأسلوبه في إدارة شؤون الجمهورية خصوصا بعد إقالته لحكومة "التكنو اقراطين"،على علاتها، وتبنيه لحكومة الحزام الناسف لكل آمال الشعب في قيام ديمقراطية حقيقية، وتنمية اقتصادية مستديمة ،حكومة منها من لم يبلغ الفطام عن ثدي الدولة التي رضعها منذ بلوغه سن الرشد حتى أضحى لا يفصله عن سن التقاعد سوى بضعة أيام كزمرة الشيوعيين الماوين الذين هم رموز الفساد ومن على شاكلتهم من الانتهازيين السياسيين، ومنها من استهو ته لعبة الشيوعيين الماويين، القذرة، كجماعة (الاخوانجيين) الذين تخلوا عن جميع "مبادئهم"حتى أضحوا يقولون بفصل الدين عن الدولة في بيانهم الذي عقب حادثة يوم جمعة الجامع السعودي، وربما سينتهون غدا أو بعد غد إلى القول بفصل رقاب الناس عن أجسادها،من يدري ؟.

الأكيد أن البلد يدفع خطايا انتهازيين سياسيين، منذ استقلا له إلى يومنا هذا، انتهى بهم الأمر إلى العمل نهارا جهارا ضد امن الدولة على مرأى ومسمع من المادة (18 ) من القانون الدستوري الذي يتباكون على شطر من انتهاكه دون الشطر الآخر، وإلا، فإلينا بمن يقول لنا كيف يمكن تكييف السعي إلى تدخل عسكري أجنبي في البلد، أو السعي إلى ضرب حصار اقتصادي عليه ،تحت أي ذريعة،سوى بالعمل الا جرامي ضد أمن الدولة ؟ إنه مجرد سؤال!!.
إن ما يجب أن يفهمه بوضوح أشقاؤنا.، وأصدقاؤنا الأفارقة هو أن الممارسة الديمقراطية في بلدا ننا يجب أن تتم وفق نسق تدريجي يستند على وجود أحزاب سياسية حقيقية ديمقراطية، هي نفسها، نهجا وسلوكا، تفوز بقيادات مقتنعة بأن الديمقراطية هي أرقى وسيلة للتنمية المتكافئة، والرخاء الاقتصادي، لا بقيادات كانت إلى وقت قريب جدا تناهض الديمقراطية والديمقراطيين باعتبارهم رجعيين (قيادات الحزب الشيوعي الماوي النائمة ) أو باعتبارهم مارقين على الإسلام (قيادات حزب الاخوانجيين)"توا صل"،فمثل هذه الاحزاب، هنا كما في هناك، تناهض الديمقراطية باسم الديمقراطية ذاتها،وبالمناسبة فإن لفظ الديمقراطية ليس من مكونات اسم أي من هذين الحزبين لإنها لم تكن يوما من أهدافهما الإجتماعية، إنها في نظرهما لعبة نفوذ وجيوب عامرة ليس إلا.

وإذا كان هناك منطق يقبل استحالة الشيوعي الماوي، اوالاخواجي، إلى ديمقراطي مقتنع فلماذا لا نقبل بنفس المنطق با مكانية ذلك بالنسبة لجنرالاتنا ؟ أم أنهم أقل شأنا من جنرالات أخرى ملئوا الدنيا وشغلوا الناس ؟ ألم يقدموا الديمقراطية للموريتانيين على طبق من ذهب ؟ ألم يكن ما قاموا به في السادس من أغسطس باسم الديمقراطية ولصالحها بعد أن عبث النظام البائد بها؟ ألم يعدوا الموريتانيين بتنظيم انتخابات حرة ونزيهة في الوقت الذي يختارونه بعد نقاشاتهم ومشاوراتهم؟ .
إننا، هنا في موريتانيا ،نعتبر أن قرار مجلس الأمن الإفريقي قرارا معاديا للديمقراطية والديمقراطيين وانتقاما للديكتاتوريات التي لازالت تمخر جسم القارة بوتيرة متسارعة...ولا يشفع لمجلس الأمن والسلم عندنا، الذي لم يجد ما يقدمه لموريتانيا سوى قراره الطائش،إلا أن أجمل امرأة في العلم لا يمكن أن تقدم أكثر مما تملك.

إن الأمل معلق على أصدقائنا، وشركائنا، الديمقراطيين في فهم الخلفية الحقيقية لقرار مجلس الأمن والسلم الإفريقي ،وفي فهم أيضا،وهذا هو الأهم،ما يجري في هذا البلد الفقير من العالم على أرض غنية منه والذي أصبح بين عشية وضحاها ديمقراطيا،ألآن أحزابا مثل : حزب"اتحاد القوى التقدم ،وحزب"تواصل"، اللذين يتزعمان جبهة الدفاع عن الديمقراطية، أحزاب ديمقراطية ؟قطعا لا،أم لأن المجلس الأعلى للدولة ،وعلى رأسه الجنرال محمد ولد عبد العزيز، مصم على تكريس ديمقراطية حقيقة في هذا البلد؟ إن الأمر فعلا كذلك،لأن الأغلبية الساحقة من الشعب تساند وتؤيد المجلس الأعلى للدولة ،والشعب على رأي "مونتسكيوMontesquieu " :<لا يكذب أبدا، إنه على حق دائما>،ولأن شهادة "مجلس الأمن والسلم "الإفريقي بخصوص وجود الديمقراطية من عدمها "لا يمكن أن يقبلها ديمقراطي حاذق، وعلى وجه الخصوص إذا كانت مبنية على أطروحات أحزاب تناهض الديمقراطية باسم الديمقراطية ذاتها.

إن من حق أصدقائنا و شركائنا أن لا يتفهموا بسرعة اللجوء إلى طريق غير ديمقراطي تطيح برئيس منتخب ديمقراطيا، ونحن نقول يمكن أن تتفهموا ذالك بنفس الطريقة التي ستتفهمون بها موقف ركاب طائرة تحلق على ارتفاع شاهق شدوا وثاق ربانها الذي صارحهم بأنه غير من وجهته صوب "باريس" إلى "مثلث برمودا" خصوص أن من بين ركابها محترفون لا يكلفهم شيئا الوصول بالطائرة إلى بر الأمان.

أصدقاؤنا وشركاؤنا الديمقراطيون يدرون جيدا أن الديمقراطية الحقة، نظرا لكثرة أعدائها ،لا تتأسس وتتشكل إلا بعد هزات وارتجاجات ...وأن ما يأتي بعد ذلك هو الذي يقبل الديمومة رغم كل شئ، وهو ما يمكن تسميته ،بحق، ديمقراطية .


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!