التاريخ: 20.09.2024  التوقيت:21:44 غرينتش


تاريخ الإضافة : 09.10.2008 18:19:03

ولد بلخير يقترح خارطة طريق جديدة للخروج من الأزمة

قال رئيس الجمعية الوطنية السيد مسعود ولد بلخير في مقابلة مع صحيفة المجد المقربة من حزب التحالف الشعبي التقدمي إنه يقترح خطة جديدة للخروج من الأزمة بموجبها يرجع سيدي ولد الشيخ عبد الله إلى الرئاسة وينظم انتخابات شفافة لايترشح لها، وهذا نص المقابلة:
المجد: هل أنتم قلقون على مستقبل البلد والأمة بعد شهرين من انقلاب 6 أغسطس؟
مسعود: لاشك أن البلد يجتاز مرحلة صعبة في تاريخه، بل أعتبرها أصعب مرحلة في تاريخه السياسي، ذلك أنه وبعد ثلاثة عقود من الحكم العسكري وشبه العسكري ظن الجميع أن البلد خرج من تلك الحقبة إلى غير رجعة وأن ذلك تم بمباركة من العسكر ولكن لم تكد تمر 18 شهرا على تلك التجربة حتى عدنا إلى ماهو أسوأ من ديمقراطية التسعينات، ففي تلك الحقبة كانت الديمقراطية ناقصة ومزيفة، فثمة انتخابات رغم ما يشوبها من تزوير، وأحزاب سياسية تمارس ما أتيح لها من دور سياسي في جو عام تطبعها التعددية ولو كانت مزيفة. ويبدو للأسف أننا اليوم عدنا إلى ما هو أبعد من ذلك فقد أصبح البعض يقلب المفاهيم ويسمي الانقلابات العسكرية وانتزاع الشرعية من يد الشعب حركة تصحيحية ومرحلة إصلاح، وكأن لهؤلاء وحدهم الحق في الوصاية على هذا البلد أو مصادرة رأي الشعب الذي عبر عنه عن طريق صناديق الاقتراع وبشكل شفاف ونزيه شهد به القاصي والداني.
ويبدو أن الجنرال الذي اغتصب كرسي الرئاسة حاول من خلال إبقائه على المؤسسات الدستورية (البرلمان، الأحزاب السياسية، والحريات الصحفية) أن يوهم الرأي العام بان ماحدث مجرد حركة تصحيحية إلا أن الواقع هو أن البلد عاد إلى فترة من ثقافة التضليل والتطبيل أكثر ظلامية من أية فترة سابقة وهذا مايجعلني قلقا للغاية على المستقبل.
لقد كان الانقلاب العسكري مفاجئا للجميع في الداخل والخارج فبعد 18شهرا من ممارسة الحكم بشكل ديمقراطي لم تعرف البلاد له مثيلا طيلة الأحكام السابقة؛ حيث أتيحت الحريات العامة وتم احترام حقوق الإنسان وأطلق العنان لوسائل الإعلام واتجه البلد إلى حلحلة مشاكله السياسية والاقتصادية الكبرى مثل عودة المبعدين المحرومين من وطنهم والسعي لمعالجة قضية الاستعباد رغم مساعي البعض لعرقلة تلك الخطوات فالكل يعلم أن قضية الرق ظلت قضية مستعصية الحل في الفترات السابقة كما تم التخطيط لبرامج تنموية طموحة أقنعت شركاءنا في التنمية. في هذه الظروف السياسية الطبيعية التي كان يعيشها البلد ورغم خلو السجون من سجناء الرأي وجو الحرية لأول مرة تفاجأ الكل بتحرك الآلة العسكرية لانتزاع الحكم ممن منحه الشعب إياه وبذلك وضع الجنرال حدا لتلك الفترة التي كانت قد بدأت معها معالم التغيير الحقيقي تتحدد في البلد اتجاه بناء ثقافة ديمقراطية حقيقية نستطيع من خلالها الرفع من مستوى الحالة الاجتماعية والاقتصادية للبلد.
وقد كانت معالم التغيير الديمقراطي الذي شهده البلد محط إعجاب العالم كله واعتبره الكل تجربة ديمقراطية فذة تستحق أن تحتذي وبما أن الانقلاب كان غير مبرر فقد لاقى رفضا كبيرا في الداخل والخارج، فعلى المستوى الداخلي فإن نسبة 90% من الشعب الموريتاني رفضته مصرة على العودة بالبلاد إلى الشرعية الدستورية و90% من النسبة الباقية ترفضه على استحياء ولم يبق إلا زمرة من المطبلين والمصفقين اعتادوا تباع اللطة وسيتغير موقف هؤلاء لامحالة بمجرد عودة الشرعية.
بالإضافة إلى الرفض الداخلي فقد لاقى الانقلاب رفضا دوليا في كل أصقاع العالم وهذا الرفض يتجه هذه الأيام إلى التزايد من خلال التلويح بإمكانية فرض عقوبات دولية على الحكام الجدد.
ومهما كانت طبيعة تلك العقوبات فإن تأثيرها السلبي لامحالة يزيد من مساحة القلق التي تنتابني على مستقبل البلد ويزيد من هذه المساحة أكثر ان قادة الانقلاب لم يعوا حتى الآن خطورة الموقف أو انهم يتجاهلون الورطة التي أدخلوا فيها البلد بانتهاجهم لسياسة النعامة والهروب إلى الأمام.
وذلك مؤشر واضح على أن ماوقع في البلد يوم 06أغسطس كان بدافع حب السلطة وتلبية لرغبات خاصة بعيدة كل البعد عن مصلحة البلد.
ورغم أن ما أقدم عليه الجنرال شكل قاصمة ظهر للديمقراطية وضعت البلد في مأزق حقيقي وخطير للغاية إلا أن خطوة واحدة من الجنرال كفيلة بحل هذه المشكلة وإعادة الأمور إلى نصابها وذلك بتراجعه عما أقدم عليه يوم 6أغسطس.
إنني رغم هذا القلق كله لست متشائما إلى درجة نهائية على مستقبل البلد لأن الموريتانيين شعب حكيم ولابد أن يتلافى الوضع ويخرج البلادمن المأزق الحرج الذي تمر به هذه الأيام ويزيد من هذا التفاؤل ما تلقاه الجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية من تجاوب شعبي يتكاثر يوما بعد يوم كما ان الضغوطات الدولية تزداد يوما بعد يوم للمطالبة بالعودة إلى الشرعية واحترام الدستور.


المجد: بوصفكم رئيسا للجمعية الوطنية يعلق عليه غالبية الشعب الموريتاني الأمل في إيجاد مخرج للوضع الحالي هل من مبادرة تخرج البلد من عنق الزجاجة؟
مسعود: هناك عدة مبادرات أو شبه مبادرات أو مقترحات طرحت في إطار الحراك السياسي الحالي، إلا أن أكثر تلك المبادرات أهمية بالنسبة لي تلك التي تنطلق من الاهتمام بموريتانيا ومستقبلها بعيدا عن كل النزعات غير الوطنية واليت يمكن ان تهدف إلى تبرير موقف معين، هذه النزعات التي لاتخدم في النهاية بناء موريتانيا كدولة حرة ديمقراطية.
ويجب في البداية ان نفهم أن ماحدث هو انقلاب عسكري بالقوة على الشرعية التي كانت قائمة وألا نخجل من تسمية الأشياء بمسمياتها الحقيقية فنحن نعيش في الساحة بشكل يومي ونبني مواقفنا على الواقع المعاش وبذلك نختلف عن الأوربيين والعرب والأفارقة.. إن الأسباب والذرائع المقدمة من طرف الانقلابيين بكون البرلمان لم يمارس دوره بسبب تعطيل من طرف الرئيس هو قول يتجاهل حقيقة هذا البرلمان خصوصا إذا قارناه بالبرلمان في الفترات الماضية.
ففي التسعينات كان البرلمان –وكنت آنذاك عضوا فيه- مجرد غرفة تسجيل لقوانين وقرارات النظام، وفي الستينيات أيام الحزب الواحد كان النائب البرلماني يوقع على استقاليته بمجرد اعتراضه على مشروع قانون، وأسجل هنا أن برلماننا في عهد سيدي ولد الشيخ عبد الله كان يعيش كامل حريته ويمارس مهامه كنظراءه من البرلمانات الديمقراطية في الغرب، فقد كانت هناك أغلبية يعول عليها الرئيس في مشاريعه وخططه التنوية وهناك معارضة لايطمع في تشجيعها، أما ما لوح به الرئيس من تهديد بحل البرلمان بعد أن اختلف مع أغلبيته وما لوحت به الأغلبية من حجب للثقة عن الحكومة فلايعدو كونه ممارسة كل ذي حق لحقه، ومن هنا يجب ألا يتم إخراجه من قالبه الدستوري فحل البرلمان بالنسبة للرئيس هو الضمان الوحيد لاستمرار أغلبيته، كما أن حجب الثقة عن الحكومة من طرف البرلمان هو الضمانة الوحيدة لهذا الأخير لمراقبة سير عمل هذه الحكومة، وبهذا يكون القول بأن استخدام الرئيس لحقه في حل البرلمان هو نوع من تعطيل هذه المؤسسة كان يجب أن يرافقه القول أيضا بأن حجب الثقة عن الحكومة هو تعطيل لعمل السلطة التنفيذية. لذلك هذه الذرائع ليست إلا محاولة لشرعنة ما قامت به الجنرال من انقلاب على الشرعية.
إن وعينا بهذه الحقيقة ينفض الغبار عن حيثيات ما حدث ويبين أن الذي حصل كان عملا اعتباطيا لم تخطط له المؤسسة العسكرية التي أقدرها أكن لها كل الاحترام وأتمنى لها كل الخير، ولااعتبر ان ماقيم به من انقلاب على الشرعية قد تم بموافقتها ولامشاركتها، وإنما هو عمل يدخل في إطار ردات الفعل.
أما ما يتعلق بالمبادرات أو المقترحات المقدمة لحل هذه الأزمة فلاشك أنها كثيرة لكن أهمها تلك المبادرة التي يتمسك بها المناوئون للانقلاب والتي تنطلق من كونها تأتي غيرة على البلد ومن أجل ألا يكون لعبة في يد الطامعين الذي لايرون إلا مسافة مصالحهم الخاصة وهذه المبادرة التي نتمسك بها تقضي بالعودة بالبلاد إلى الشرعية الدستورية وأي عودة إلى الشرعية فهي بالطبع تحمل معها عودة الرئيس المنتخب سيدي ولد الشيخ عبد الله إلى الحكم وبهذا ننهي أزمة البلد التي مثلت انتكاسة خطيرة في مسيرتنا التنموية، وعبثا بكل مكاسبنا الديمقراطية التي كانت إلى وقت قريب سفيرا لموريتانيا في كل المحافل الدولية، واستطاعت من خلالها أن تتبوأ مكانة مرموقة في صف الدول التي تحترم الرأي وتقدس حق الإنسان.
لقد بدات الأزمة عندما تم خرق القانون وتم تجاوز الدستور وهذا مايعني أن أي حل لهذه الأزمة يقتضي ضرورة معالجة أسبابها الحقيقية ولهذا نتمسك في الجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية بشكل قاطع بالعودة إلى القانون والدستور وذلك بالعودة باللبد إلى ما قبل 6 أغسطس، وبذلك نكون قد أنهينا أزمتنا الدستورية في الوقت الذي نسد فيه الباب امام دوامة الاقنلابات العسكرية في البلاد.
أما عن سيدي ولد الشيخ عبد الله فهو الآن رغما عنه جزء من المشكلة التي يعشها البلد فهناك من يطالب بتخليه عن الحكم وتنحيته إلى غير رجعة وفي المقابل هناك من يتشبث به دون مساومة بالنسبة لي شخصيا أرى أنه إذا تمت عودة المور إلى مجاريها الطبيعية وأتيح للسيد سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله أن يعود إلى الحكم فإن الحوار بين الجميع والتشاور حول مختلف وجهات النظر المطروحة في هذا الإطار سيسهم لامحالة في إيجاد مخرج يرضى عنه الجميع وبحكم معرفتي بالسيدي سيدي ولد الشيخ عبد الله ومايتمتع به من وطنية واستعداده لأن يقدم كل التضحيات في سبيل الوطن فإنه من غير المستبعد أن يقدم على تقليص مأموريته لفترة تكفي لإجراء انتخابات رئاسية شفافة ونزيهة تعيد البلد إلى وضعه الطبيعي وتبعده عن شبح الانقلابات.
أما المبادرات التي تقوم على التسليم بالأمر الواقع الذي هو واقع خارج عن القانون ورغم أن هذه المبادرة تقوم في جزء من أجندتها على إبعاد العسكريين عن السلطة إلا أننا في الجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية بشكل قاطع لأنها تعتبر في جزء آخر من تلك الأجندة أن ولد الشيخ عبد الله أصبح جزء من الماضي في نفس الوقت الذي نتشبث فيه بضرورة الرجوع إلى الدستور لإحقاق الحق وهذا ما يقتضي منا أن نرفض أي حل لايحمل معه عودة ولد الشيخ عبد الله إلى الحكم.


المجد: نواب الأغلبية قدموا ما أسموه خارطة طريق للخروج من الأزمة بينما الجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية بقيت مواقفها تأتي في إطار ردة الفعل..كيف تنظرون إلى هذا الطرح؟
مسعود: قولكم إن تحرك الجبهة بقي في إطار ردة الفعل يبقى تقييما من طرفكم لهذه المواقف وبالتالي فهو لايلزمنا فالجبهة تتشكل من أجزاب لها وزنها السياسي وتاريخها النضالي ومن شخصيات مهمة وأصحاب رأي ومجتمع مدني وهي دائما في لقاءات مستمرة وحوارات مستفيضة، وتنزل إلى الشارع كلما أتيحت لها الفرصة، وفي إطار هذه اللقاءات والحوارات المستمرة مع مختلف شركائنا فنحن نقوم بتقديم مقترحاتنا لحل الزمة بشكل مفصل.
وفي هذا المضمار فإنني أقترح دعوة الشخصيات الاعتبارية التالية:
- رئيسي غرفتي البرلمان
- زعيم المعارضة الديمقراطية
- رئيس المجلس الدستوري
- رئيس المجلس الإسلامي الأعلى
- رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي
- رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان
- نقيب الهيئة الوطنية للمحامين
- ممثل عن هيئة المجتمع المدني
- ممثل عن البرلمانيين المؤيدين للانقلاب
- ممثل عن الجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية
- مندوبين عن كل من الاتحاد الافريقي والجامعة العربية والدول الغربية (الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة الأمريكية)
وستعكف هذه الشخصيات بمشاركة كل من رئيس الجمهورية سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله والجنرال محمد ولد عبد العزيز على إنشاء ميثاق شرف يتم في إطاره نقاش الأجندة التالية:
- عودة سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله إلى الحكم لفترة محددة تكفي لتنظيم انتخابات رئاسية شفافة تضمن العودة بالبلاد إلى المسار الصحيح على ألا يترشح ولد الشيخ عبد الله لهذه الانتخابات.
- تشكيل حكومة توافقية تكون مهمتها الإشراف على المرحلة التي ستنظم فيها هذه الانتخابات.
- يتم هذا الميثاق في إطار مصالحة وطنية لاغالب فيها ولامغلوب تضمن عدم الملاحقات أو المتابعات للطرف الذي أيد الانقلاب.
- يتم أيضا نقاش مستقبل ومصير المجلس الأعى للدولة.
- تناقش آلية خلق أطر قانونية ودستورية تضمن عدم دخول البلد مستقبلا في أزمات مشابهة.
- ويتم الاتفاق والتوقيع على هذه الأجندة باعتباره ميثاق شرف يلجأ إليه عند الاقتضاء وبهذا نكون قد جمعنا مختلف أطراف الأزمة بالإضافة إلى كل الفاعلين الوطنيين فنضمن بذلك إجراء حوار بناء سيفضي حتما إلى الوصول إلى موقف يضمن إرجاع الشرعية.
أما خارطة الطريق التي تحدثتم عنها فهي لاتعنينا لكونها خارطة طريق طرف واحد هو الذي قام بالانقلاب وهي تؤسس على التسليم بالأمر الواقع وهو أمر نرفضه جملة وتفصيلا، فهذه الخارطة قد تمت في الظلام بإملاء من الجنرالات وبطبيعة الحال فهي لا تخدم العودة بالبلاد إلى بر الأمان وإلى الشرعية الدستورية.
إننا أمام وضعية حرجة يفترض بالكل أن يتحلى فيها بقدر كبير من المسؤولية من أجل ان تتجاوز موريتاينا كبوتها الحالية بحنكة ساستها ونضج شعبها، وتصميمه على بناء ديمقراطية حقيقية تذوب فيها الفوارق وتسود فيها العدالة وتحترم فيها الحريات.


المجد: بعض نواب الأغلبية الداعمة للانقلاب حذروا من حرب أهلية في حالة عودة ولد الشيخ عبد الله إلى سدة الحكم، ماهو تعليقكم على هذا التحذير؟
مسعود: الأسباب التي تفضي دوما إلى الحرب الأهلية معروفة، فعندما يصل الظلم إلى أعلى مستوياته يكون هناك تهديد فعلي بنشوب حرب أهلية وعندما يتم احتقار الشعب وقهر إرادته فذاك مسوغ لها أيضا، وعنما يتم القفز على القانون والدستور وتغتصب مؤسسات الدولة ويتم احتقار الطبقة السياسية باغتصاب السلطة عنوة بعد أن توجت مسلسلا ديمقراطيا ناجحا اكتمل بتنصيب الرئيس قبل 18 شهرا من الآن فتلك طريق معبدة للوصول إلى الفتنة وعندما تكون الإقالة والتعيين تبعا لقانون المعية والضد فللمواطن أن يتخوش من الانزلاق إلى الخطر. وإذا كانت هذه الأسباب مجتمعة لم تؤد إلى الانزلاق إلى الفتنة فكيف يمكن أن نتصور أن عودة البلاد إلى الشرعية الدستورية ستؤدي إلى الحرب الأهلية لاأفهم بالضبط كيف بنى هؤلاء تصوراتهم الخاطئة سواء كانوا نوابا –و أرجو ألايكونوا كذلك- أو ضمن قطاعات أخرى وأنتهز هذه الفرصة لأطلب من هؤلاء أن ينهوا مزايداتهم التي لاتخدمهم ولاتخدم الصالح العام.
إن الجدير بهؤلاء إذا كانوا يريدون صون بقية من ماء الوجه أن يقلعوا عن هذه المزايادت فمادام انتزاع السلطة بالقوة من طرف شخص واحد لم يلجئ العسكر إلى المواجهة رغم اختلافهم معه حول المبدأ فمن أين جاء النائب المنتخب بهذه التصريحات التي لاتخدم الديمقراطية التي أوصلته إلى مقعده النيابي كمنتخب للشعب، أما ان تكون تلك التصريحات نتيجة لربط مستقبل هؤلاء بحكامهم الجدد فإن ماعبروا عنه لن يزيدهم إلا عزلة بين الموريتانيين.


المجد: يلاحظ الرأي العام غيابكم عن نشاطات الجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية، هل يعود ذلك للبروتكولات الوظيفية بوصفكم رئيسا للجمعية الوطنية؟ أو هو نوع من عدم التصعيد من أجل أن تظلوا نقطة التقاء بين الجميع؟
مسعود: عدم مشاركتي في نشاطات الجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية السبب الرئيسي فيه أنني كرئيس للجمعية الوطنية أعتبر نفسي ممثلا للجميع فقد تم انتخابي لهذا المنصب بإجماع من النواب أقدره وأحترمه لذا رأيت من الواجب علي احتراما للكل ألا أظهر بصفة شخصية مع طرف ضد طرف، كما أني كنت تعهدت أمام الله وقطعت عهدا على نفسي ألا أقوم إلا بما من شأنه الصالح العام للبلد، ولعلمي بنفسيتي الخاصة وجراءتي إذا شعرت بالظلم والضيم آثرت إلجام نفسي و عدم الظهور في المهرجانات الشعبية حتى لاأزيد الطين بلة، كما أنني التقيت بالجنرال محمد ولد عبد العزيز عقب الانقلاب بأيام وقد طلب مني عدم التصعيد صونا للأمن وابتعادا بالشعب عن الفتن الداخلية، وقد أخبرته بأني لن أقدم على أمر لا يخدم مصلحة الشعب، لكن يجب أن أبين أن الأزمة يجب أن تجد حلا سريعا؛ صونا لأمن البلد ووحدته فمن غير المعقول أن نستمر في هذا الخطأ الجسيم الذي يمثل تقويضا لكل مكتسباتنا، كما أني أشرت إلى الجنرال وأعلنها هنا أن الكبت والاحتقان لايولدان إلا الانفجار وأن للصبر حدودا.
من جهة أخرى أشير إلى أني قد التقيت بالجنرال محمد ولد عبد العزيز مرتين وكان ذلك بعد الانقلاب بأيام قليلة وفي كل تلك اللقاءات لم ألمس وللأسف الشديد أي تجاوب يذكر في التراجع عن ما أقدم عليه، وربما يكون ذلك ناتجا عن مساحة الثقة التي كان يتمتع بها الجنرال في ذلك الوقت والاحساس بالزهو بعد تنفيذ الانقلاب، لكني أظن أن الأمر قد تغير بعد ذلك، وأعتقد أن الجنرال الشاب ولد عبد العزيز يمكن أن يقدم خدمة كبيرة وتضحية غالية لوطنه سيذكرها له الجميع عندما يقرر الرجوع إلى الحق خصوصا مع إتاحة الفرصة له في تقرير مستقبله والمشاركة في تحديد مصير البلد، وأظن أن من قام بما قام به ولد عبد العزيز وعرض عليه طريق المسامحة والصفح وأتيح له تحديد اختياراته الشخصية جدير أن يجنب البلد المزيد من التصعيد والاحتقان، ونحن في الأخير لانريد إلا ما فيه الصالح العام للبلد وللشعب المويتاني الحبيب.


المجد: ألايمثل دعم الجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية لموقف مجلس السلم والأمن الافريقي المتمثل في فرض عقوبات على البلد استقواء بالخارج في الوقت الذي تصرون فيه على الحلول الداخلية للأزمة؟
مسعود: نحن لانستقوي بالخارج ونريد لتاريخ البلد أن يكون شاهدا على تدخلات خارجية، وإذا كان قد حدث هذا النوع من التدخل في فترات ماضية كفترة "السيبة" فلأن موريتانيا في تلك الأيام لاتخضع لسلطة الدولة المركزية، اما الآن فنحن نرفض التدخل الخارجي في البلاد كما نرفض العودة بها إلى تلك الفترات الظلامية، وفيما يتعلق بالموقف الذي أبداه مجلس السلم والأمن الافريقي فنحن لم نمل على هذا المجلس موقفه المتشدد من الانقلابيين، فموريتانيا عضو مؤسس في هذه الهيئة والبرلمان الموريتاني الحالي هو من وقع بالإجماع على مواثيق هذه الهيئة وقوانينها الداخلية ولست أدري كيف يسمح بعض النواب لأنفسهم بانتقاد المجلس على ممارسته لمهامه التي وافقوا عليها ووقعوا على بنودها مسبقا، أليس في ذلك مفارقة كبرى، وأسجل هنا أن الدولة تستقيم على الكفر ولاتستقيم على الظلم وأن كل ماننشده هو العدل والانصاف.
إن هدفنا هو إصلاح البلد وسنستجيب لكل من يرغب في أن يعيننا في هذا المجال المهم ألا يكون من أجل تخريب البلاد، ومادامت موريتانيا كما يقال هي الدولة الوحيدة حتى الآن التي وافقت على البنود المنظمة لعمل هذا المجلس فإن هذا السؤال يجب أن يطرح على الذين جلبوا هذه الورطة لموريتانيا.


المجد: الديمقراطية الموريتانية منحة العسكر، ولم تأخذها الطبقة السياسية بنضالاتها مامدى صحة هذا القول؟ وهل يزيد الوضع الحالي من إيمانكم بأن الحرية تؤخذ ولاتعطى؟
مسعود: مايقال من أن الديمقراطية أعطاها العسكر بإرادته ليس على عواهنه فالديمقراطية جاءت أو انتزعت بالنضال المستمر منذ الاستقلال إلى اليوم؛ فالقول هنا مجاف للحقيقة ويفتقد إلى المنطقية ذلك أنه عبر تاريخ موريتانيا ظلت هناك حركات وطنية تناضل من أجل موريتانيا الديمقراطية وإذا كان المجلس العسكري كان سببا مباشرا في الديمقراطية فما كان ذلك ضمن أجندته السياسية التي جاء من أجلها إلى السلطة أصلا، وإنما كان ذلك تحت ضغط وقوة الطبقة السياسية التي فرضت على المجلس العسكري أن يتجاوب مع إرادة الشعب، ورغم أن ماوصلت إليه البلاد وماكانت قد حققته من مكاسب ديمقراطية يتأرجح هذه الأيام في كف عفريت فإن هذه الوضعية سوف تزول تحت وطأة النضال الشعبي والمطالبة بالعودة بالديمقراطية إلى وضعها الصحيح وسد كل الثغرات التي يمكن أن تؤدي في المستقبل إلى أزمات مشابهة.


المجد: بعد لقائكم مع زعيم المعارضة الديمقراطية السيد أحمد ولد داداه على مائدة إفطار في شهر رمضان المبارك راجت شائعات حول إمكانية العودة إلى التنسيق بين أقطاب المعارضة التقليدية قبل 3أغسطس 2005 ماحقيقة تلك الشائعات، وإذا كانت صحيحة أين وصلت تلك الجهود؟
مسعود: اختلطت الأمور علي فلم أعد أعرف ماهو زعيم المعارضة وما هو زعيم الموالاة، لكن ما هو صحيح أنني التقيت بالسيد أحمد ولد داداه بالفعل على مائدة إفطار رمضاني، وأنتهز هذه الفرصة لأبين مدى الاحترام والتقدير الذي أكنه للسيد أحمد كإنسان وزعيم سياسي وصديق حليف تارة ومعارض تارة أخرى، وألتقي معه وأختلف وأعيب عليه ويعيب علي وأغضب منه ويغضب مني، لكن كل ذلك في إطار رحابة الصدر والصداقة السياسية إلا أنني فوجئت كثيرا بموقفه الداعم للانقلابيين مما يجعلني أتوهم أن السيد أحمد ولد داداه هو من نظر للانقلاب قبل وقوعه ووطأ له، وأثناء إفطارنا معا كانت نقاط التلاقي بيني معه شبه معدومة لأنه يرفض عودة الشرعية رفضا باتا وأنا أتشبث بها تشبثا مطلقا، وقد وصلني الآن وفد من التكتل ينوي الالتقاء معي ولا أدري هل يحمل جديدا أم لا؟


المجد: ماهي حقيقة المساعي التي راج أن بعض النواب قاموا بها من أجل إقالتكم من رئاسة الجمعية الوطنية؟
مسعود: لقد جاء ذلك السعي من طرف نائبين على الأكثر في الجمعية الوطنية لكن إجماع النواب تم على رفض هذا المسعى مع أني لم أتدخل شخصيا لإيقاف هذا الأمر ومع أنني أعترف أن إقالتي من منصبي أمر عادي ليس غريبا ولا هو أخطر من إقالة رئيس الجمهورية المنتخب من طرف الشعب.
وقد بلغني من جهات عدة أن الجنرال ولد عبد العزيز قال إن إزاحتي ليست هدفا بالنسبة لهم.

المجد: التحرك الذي قامت به الجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية تم قمعه بشكل عنيف ما هي الرسالة التي كنتم تريدون توصيلها من خلال هذا التحرك؟ وهل كان هذا القمع مفاجئا لكم؟
مسعود: نتفاجأ بمستوى القمع لهذا التحرك ذلك أن مسيلات الدموع كان قد تم تفجيرها امام البرلمان بل إن شظايا قد دخلت الحرم البرلماني ليصيبنا مفعولها ونحن على كرسي الجمعية الوطنية، أما الرسالة التي أردنا توصيلها فهي أن لدينا الحق في التظاهر والرفض ولو تم ذلك بالقمع وحتى نفهم الجميع ممن معنا في الداخل والخارج أننا لم ولن نتخلى عن النضال من أجل إعادة الشرعية الدستورية، ونوجه من خلال تلك التظاهرات رسالة إلى الحكومة أن تتجهز لمواجهات طويلة الأمد إذا هي لم تعد إلى رشدها فعما قريب سيصل هذا النضال إلى ولاياتنا الداخلية ولن يجدي القمع نفعا بل سيزيد الطين بلة.


المجد: هل ترون أن الطبقة السياسية المشكلة في البلد تخدم المصلحة العامة؟ ومن هو السياسي في نظركم؟
مسعود: إن كل من يعتبر نفسه سياسا أحترمه وأحترم له دوره، ولكل سياسي تأثيره الكبير أوالقليل في مسار البلد وعلى كل أن يلعب دورا هاما في هذه المرحلة الحرجة وألا يخضع للآراء الشخصية والأطماع الخاصة، وفي هذا الاطار فصدورنا مفتوحة وأيدينا ممدودة للتعاون مع الجميع في كل ما من شأنه إرجاع البلد إلى وضعه الطبيعي ومن أجل نموه واستقراره ووحدته الوطنية، ويتحدد دور الطبقة السياسية في قدرة مختلف أطيافها على التعبير عن الرفض حينما يكون الرفض واجبا وطنيا، وبمقارعة السلطة عندما تكون غاصبة، وبعدم الرضى والسكوت عندما يكون الصمت خيانة كبرى والتبعية انتحارا سياسيا.

المجد: ما الذي تودون قوله في الختام للشعب الموريتاني عموما ولجماهير الجبهة الوطنية بشكل خاص؟
مسعود: كلمتي للشعب الموريتاني هي شكره وتقديره على النضج التام الذي تحلى به، ورفضه الواضح والمسؤول لأخذ السلطة عنوة، وهذا الموقف ينبني على تاريخ مشرف يبعث على الافتخار بهذا الشعب وبالارتباط بهذا البلد بما امتاز به من علم وصل إلى جميع أصقاع العالم وما تحلى به من حكمة في أحلك الظروف، إننا نتمنى أن تبقى الجمهورية الإسلامية الموريتانية دولة إسلامية موحدة عربية إفريقية بعيدة عن النعرات والنزعات الطائفية والإثنية والعنصرية والقبلية، وإننا كقادة سياسيين نلمس في قواعدنا الشعبية التشبث بهذا الموقف الرافض للانقلاب على الشرعية ولولا ذلك لما انتهجنا هذا النهج، ثم إنني أكن للجنرال كل الاحترام كما عبرت له عن ذلك في السابق وأملي فيه كبير أن يحكم العقل ويرجع إلى الصواب في إطار لاغالب ولا مغلوب، وبذلك يكون فخرا للشعب ويعيش مبجلا ومكرما له الحق في ممارسة أدواره السياسية والوطنية بكل حرية، كما أوجه إليه نداء أن يمد يده لحوار جاد مع الجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية من أجل إنقاذ البلد فهو وحده من يستطيع ذلك وهنا لابد ان أذكر الجنرال بأن الشارع السياسي قبل انقلابه كان يرى أنه لعب دورا مهما في إرساء التجربة الديمقراطية ومنع المجلس العسكري للعدالة والديمقراطية في المرحلة الانتقالية من النكوص عن تعهداته، ولذا عليه أن يترك الجميع يذكر له هذه الإيجابيات.
أما النواب الساهرون –افتراضا- على مصالح البلد فعليهم أن يعودوا إلى مسؤولياتهم التي تم انتخابهم في إطار دستوري من أجلها، كما أن عليهم أن يسعوا من أجل العودة الدستورية سواء بضغطهم على الجنرالات او برجوعهم عن الخط الخطأ، فالرجوع إلى الحق أحق وبذلك يخدمون البلد أكبر الخدمة فليس من شرف البرلماني أن يشجع الانقلابات العسكرية ولا أن يسعى إلى انتزاع السلطة بالقوة من المدنيين.
وفي الختام فإني لست متشائما إلى أبعد الحدود بل إن أملي كبير في الشعب وفي البرلمان وفي الجنرال وأطالب الجميع هنا بالسعي إلى عودة البلاد إلى الشرعية وإلى جعل العهد الديمقراطي الذي اعترف العالم بنزاهته وشهد على شفافيته يسطع نجمه من جديد.


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!