التاريخ: 20.09.2024  التوقيت:17:38 غرينتش


تاريخ الإضافة : 17.11.2008 13:44:15

المكتبات المفتوحة.. وخير جليس

يحق للباحثين والقارئين.. يحق لطلاب العلم وبناة المجد أن يجدوا جليسا يؤنس الوحشة ويلازم في الدرب.. ويحق لطلاب الحكمة أن يجدوها وأن يدخلوا دارها...
ونحن في بحثنا عن دار الحكمة وعن خير جليس وأنيس لهؤلاء طوفنا مشرقين ومغربين يحدونا قول الشاعر:
أعز مكان في الدنا "<دار حكمة>"
وخير جليس في الزمان كتاب
طوفنا نبحث عن مربط "الضالة" وموئل "خير جليس" فجبنا شوارع وأزقة وسلكنا طرقا ومنعرجات صعبة.. عل رحلتنا البحثية؛ تعبد تلك الطرق وتحنف تلك الزقاق أمام طلاب المجد وبناة العلا.. وتنفض غبار النسيان وظلام الاهمال عن دور عفاها، وجلساء أعماهم....

موسم الاحصاء المشترك:

لم نحصل عند كثير من المكتبات التي زرناها على إحصاءات دقيقة لأعداد الكتب الموجودة فيها بل إن بعض المكتبات اعتذرت عن مقابلتنا بحجة انشغالها بالاحصاء والترتيب المكتباتي مما جعلنا نكاد نجزم بأن الموسم موسم إحصاء وترتيب للكتب في المكتبات بامتياز؛ بل إن جل المكتبات التي أعطتنا إحصاءات للكتب الموجودة فيها أعطتنا إحصاءات قديمة؛ وأكدت أن الكتب زادت بعد تاريخ الإحصاء الذي زودتنا به.. لكن الكتب الأخيرة لما تدرج على اللائحة.
وعلى كل حال فإن المكتبات التي زرنا تحتوي -حسب القائمين عليها- على أكثر من مائة وتسعة وأربعين ألف عنوان تتوزع بشكل غير متساو على سبع مكتبات ما بين رسمية ووقفية، ومحظرية
وجامعية...

الحذر الأمني:

من بين المكتبات التي زرنا من تخطت عقبة الاحصاء وأزمة الترتيب لكن مشكلتها في الحس الأمني المرهف.. فحين زرنا مثلا مكتبة قسم الانكليزية في كلية الآداب تجاهلونا أول مرة وحين عاودنا التساؤل عن "المحروسة" -أو المقصورة- (مديرة المكتبة) لاقتنا بوجه متعجب ولسان مستفهم وسألتانا أكثر من عشرين سؤالا عن البواعث والدواعي ولماذا نقصد هذا القسم المعزول (شعوريا على الأقل) عن المكتبة العامة للكلية وما هي المعلومات التي نريد بالتحديد وهل سألنا جهات أخرى أم لا؟؟؟؟ إلى آخر منجم الأسئلة الذي دخلناه بدخولنا لهذا الفرع الصغير المنزوي من مكتبة كلية الآداب ورغم تبياننا وشرحنا (بما أوتينا من رطانة ) للدواعي والبواعث فإن كل ذلك لم يجد وتركنا الزاوية المحروسة وعدنا موقنين أن موسم الاحصاء ليس العقبة الوحيدة.

تفاوت في التوزيع وتقارب في المواضيع:

في حين يتفاوت توزيع الكتب على المكتبات من ناحية الكثافة –في العناوين على الأقل- تتقارب مواضيع الكتب؛ حيث نلاحظ وفرة في الكتب الاسلامية (القرآن وعلومه والتفسير والحديث

وعلومه والفقه -المذهبي والمقارن-) والأدبية (النحو والصرف والبلاغة والدواوين...) وتقل عن مستوى الحضور هذا كتب القانون والاقتصاد والفلسفة والتاريخ والجغرافيا) بينما نلاحظ نقصا حادا أو شبه انعدام للكتب العلمية (الرياضيات والفيزيا والكيميا...)

الأقليات النوعية:

يمثل الأقليات النوعية داخل المكتبات المفتوحة المتناثرة على بلاط نواكشوط كل من
-الكتاب الموريتاني، والمكتبة الاعلامية، والسمعية البصرية اللغات الأجنبية...
فيكاد الكتاب الموريتاني ينعدم في المكتبات المفتوحة رغم حضوره الخجول، ويختلف اهتمام المكتبات به من مكتبة إلى أخرى؛ فحين نجد مكتبة العرفان تعطيه جناحا خاصا والمكتبة الوطنية توليه اهتماما مميزا نجد بعض المكتبات الأخرى لا تمييز عندها بينه وبين غيره من الكتب.

ويبلغ الرقم الاجمالي التقريبي للكتاب الموريتاني بين الكتب الأخرى حوالي 2000 كتاب بالاضافة إلى ما يقارب 60.000 من الرسائل والبحوث.
وتتقلص المكتبات الاعلامية (المقروءة) لتصل في بعض المكتبات إلى مستوى الصفر بينما تمتد في أخرى لتصل إلى أرقام كبيرة كما في مكتبة العرفان والمكتبة الوطنية..
أما المكتبات السمعية البصرية فتكاد تنعدم إذا ما استثنينا مكتبة العون –في الجانب السمعي- (المحاضرات)، ومكتة المركز الثقافي المصري في الجانب السمعي البصري ( التي تحتوي على أكثر من 2200 من الافلام الدرامية والكميدية).
وتظل الندرة ملحوظة (بل والانعدام مشاهد) في المكتبات الالكترونية في معظم "دور الحكمة" وتكاد تنحصر هوامش المطالعة الالكترونية في مكتبة المركز الثقافي المصري ومركز البحوث الخاص بكلية القانون..

أما اللغات الأجنبية فأغلب ثروتها في المكتبات قصصا وروايات لم تعد مهمة عند القارئ –حسب القائمين على هذا الشأن- وتختلف –رغم ذلك- من مكتبة لأخرى فحين تمتلأ مكتبة كلية الآداب بالقصص والروايات الفرنسية تركز مكتبة العون على المصاحف وكتب العقيدة المكتوبة بلغات أجنبية أخرى كالاردية والانكليزية..
ويأخذ المركز الثقافي المغربي الرقم القياسي في الكتب المكتوبة بالفرنسية.. وتحتوي المكتبة
الوطنية على كتب بلغات أخرى من بينها اليابانية لكنها لا تجد إقبالا كبيرا...

الساحات.. والزوار:

تختلف المكتبات من حيث الضيق والسعة فحين نجد الهدوء النادر في مكتبة المركز الثقافي المغربي نجد السعة الفائقة في ساحات المكتبة الوطنية.. وتختلف الطاقات الاستيعابية من مكتبة لمكتبة ويرجع بعض ذلك لكثرة (أو قلة) الرواد..
وعلى ذكرهؤلاء فالمكتبات تشهد تفاوتا ملحوظا في الاقبال فحين تحظى المكتبات التي في وسط العاصمة بإقبال كبير يضعف الاقبال على المكتبات النائية.. فحين يصل عدد زوار المكتبة الوطنية 1.000 زائر كمعدل عام للشهر يصل عدد الزوار لدار الكتاب في تيارت 200 زائر في الشهر فقط في حين أن المعدل الوسط للزوار على المكتبات 600 شخص للشهر مع ملاحظة الظروف الخاصة (ظروف نهاية السنة الدراسية حيث يزداد الاقبال على المكتبات وظروف العطلة الصيفية حيث يقل)

الإحصاء .. والترتيب:

لا تتبع المكتبات في إحصائها للكتب، وترتيبها لها نظاما موحدا فحين تتفرد دار الكتاب (في تيارت) باختيار النظام الديوي العالمي، تختار مكتبات أخرى نظام البطاقة (مكتبة العرفان) وأخر نظام السجل (مكتبات المركزين الثقافيين المصري والمغربي) وأخر نظام الترتيب حسب المواضيع وعلى الباحث البظر (مكتبة العون، مكتبة المركز الثقافي للمجموعة الحضرية).


المخطوطات.. والنسخ:

تؤكد معظم المكتبات على ندرة المخطوطات لديها بل على غياب المخطوطات في بعضها (مكتبة المجموعة الحضرية نموذجا) وحسب المدير العام للمكتبة الوطنية السيد المصطفى ولد برارَّ فإن المخطوطات في موريتانيا تقدر بما يتراوح بين 35 إلى 40 مخطوط يقبع معظمها في دهاليز ملاكه.. ويوجد جزء بسيط منه عند المعهد الموريتاني للبحث العلمي (مع أن المعهد نسخ بعض المخطوطات بالماسحات الضوئية).
وتجمع كل المكتبات على أن المخطوطات لا تعار ولا حتى تتاح للباحثين بشكل مضطرد نظرا لوضعها الصعب.
أما النسخ فتختلف المكتبات في توفرها من مكتبة لأخرى فحين تكاد تنعدم عند مكتبة العون نجد وفرة فيها عند المركز الثقافي المصري..
والكتب بشكل عام تختلف.. فمنها ما تكثر نسخه عند المكتبات (نظرا لتوفره) ومنها ما ليس كذلك.

الإعارة.. والتصوير:

لا تتيح المكتبات هامشا كبيرا للإعارة الخارجية للكتب بل إن أغلبها يمنع الاعارة منعا مطلقا.. حيث يعلل القائمون على هذه المكتبات هذا المنع بأن الاعارة أوسع أبواب السرقة والضياع والتلف؛ بل هي أداة كذلك لتقليص حجم زوار المكتبة؛ إذ لا يمكن لباحث أن يأتي إلى مكتبة مرارا يريد كتابا فيخبر بإعارته إلا غير وجهته عنها صوب أخرى...
أما مجال تصوير صفحات من كتاب مثلا فهو أمر متاح عند أغلب المكتبات مع منعه عند بعضها (كما في مكتبة العرفان) وتقييد ببعض الشروط عند آخرين (كما في مكتبة كلية الآداب)

الدوام.. والعطل:

تختلف المكتبات في مواعيد الدوام حسب طبيعة المكتبة (وقفية طلابية محظرية) فحين تتبع المكتبة الوطنية الدوام الرسمي وترتهن مكتبة كلية الآداب للدوام الطلابي يختار المركز الثقافي المغربي نظام الفترتين الصباحية والمسائية وتفضل مكتبة العون نظاما محظريا صباحيا فقط (الوقت العادي للتدريس).

وتبعا لاختلاف طبيعة المكتبة تختلف مواعيد عطلها فحين تلتزم المكتبة الوطنية بمواعيد العطل الرسمية وتختار مكتبة العرفان الجمعة عطلة، تفضل مكتبة العون أيام العطل المحظرية بما في ذلك عطلة المولد النبوي الشريف!! (مع اختيار شهراغسطس عطلة سنوية) كما تفضل المكتبات التابعة للمؤسسات الجامعية أخذ العطلة الصيفية مع الطلاب.

طموح.. وأمل:

ورغم ندرة المكتبات المفتوحة في بلاد المنارة والرباط.. ورغم ما تعانيه هذه المكتبات من مشاكل.. في بلد تتجاوز الأمية فيه 70 % فإن كل المكتبات تتحدث عن أفق واعد وتطور مستمر وتأمل أن تطمر السماء وتنبت الأض و"تلد نعجة كل خروفا"...
ورغم شرعية الطموح وجواز الأمل.. فإن لسان حال البحثة والمطالعين لا ينفك مرددا مع الشاعر قوله:
تلك المنى.. لوأنها حق!! فما
تغني عن المتحالم الأحلام؟؟


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!