التاريخ: 21.09.2024  التوقيت:14:13 غرينتش


تاريخ الإضافة : 30.11.2008 12:18:49

نادي الدبلوماسيين الموريتانيين: لنصنع المستقبل

 saadnapoet@yahoo.com محمد سعدن ولد الطالب

[email protected] محمد سعدن ولد الطالب

يخطىء من يظن أن الدبلوماسية مهنة جامدة كبقية المهن الأخرى التي تنتهي بالإقالة أو الاستقالة أو التقاعد، فالدبلوماسية في أبسط تعريفاتها وتمظهراتها هي صناعة عابرة للزمان والمكان لها شروطها وخصائصها التي تجعل منها حجر الزواية واللبنة الأساسية التي يمكن أن يتم على أساسها بناء الأدوار الجيو سياسية لأية أمة مهما كانت، وأي دولة أو أمة تتعاطى مع الدبلوماسية بفهموها الستاتيكي الجامد هي أمة محكوم عليها بالدوران العبثي حول نفسها والانعزال القلق وعدم التأثير سلبا أو إيجابا في محيطها الإقليمي أو الدولي.
ومن هنا فإن البناء على التراكمات والانطلاق من ماكان قائما هو السبيل الأوحد ليكون للأمة تأثير يمكنها من أن تصبح صوتا مسموعا لاشبحا منزويا لا يأثر ولايتأثر كراهب يتحنث في صومعة مهملة.
إن دور الدبلوماسية ليس كما يعتقد الكثيرون هو صنع وإدارة العلاقات الظرفية الآنية، وإنما هو فن إدارة العلاقات على المدى الطويل، وبشكل أفقي يبدأ بالسياسة مرورا بالثقافة والاقتصاد وغيرها، بل إن مهمة الدبلوماسيين المحترفين تتجاوز ذلك كثيرا حيث يجب أن يكون لهم صوت مسموع ومشورة ورأي في كبريات القضايا الوطنية، وأن يحاولوا إرشاد وتوجيه صانع القرار بحيث تصبح القرارات التنفيذية لا تتم عشوائيا واعتباطيا وإنما بناء على تخطيط استراتيجي متبصر يكون للدبلوماسيين المتمرسين الدور الأكبر فيه نظرا لخبراتهم الطويلة في التعاطي مع الآخر ثقافيا وسياسيا، ومايترتب على ذلك التعاطي من معرفة عميقة بذلك الآخر وطرق تفكيره.
انطلاقا من كل هذه المعطيات التي أشرت إليها، فإنني وبحكم طبيعة عملي في مجال التخطيط والبحث الاستراتيجي، أثمن عاليا خطوة إنشاء ناد للدبلوماسيين الموريتانيين، والتي وحتى ولو كانت قد جاءت متأخرة فإنها جاءت في لحظة وطنية هامة، لحظة تقف فيها موريتانيا على مفترق طرق هام، وهو ما يستدعي وجود هيئات قادرة على تجاوز التفكير اللحظي في القضايا اليومية، إلى استشراف المستقبل والتخطيط الواعي لغد موريتاني واثق الخطوة آمن من المطبات والعواصف التي قد تهب من هنا وهناك خاصة في محيط إقليمي تتقاطع فيها دوائر الخطر الثلاث : الإرهاب والجريمة المنظمة والنزاعات السياسية.
إن المهمة الملقاة على عاتق هذا النادي مهمة جسيمة ولكنها هامة وأساسية فأي وطن لايبنى قراراته وخطواته على تخطيط استراتيجي يصبح كأعمى يقفز في الظلام.
وضمانا لنجاح المهمة فإن ثمة عدة عناصر أعتقد أنها يجب أن تكون متوفرة حتى تكلل المهمة بالنجاح :
- أولا: الاستمرارية والنفس الطويل فالعمل الاستراتيجي يتطلب الكثير من الدأب والمواصلة حتى يعطي ثماره.
ثانيا: الموضوعية والابتعاد عن التجاذبات السياسية الظرفية والزائلة ومحاولة التفكير بتجرد كامل وعلى أسس علمية رصينة حتى نضمن الوصول إلى حقائق يمكن الاسئناس بها والسير على هديها.
ثاللث: التواصل مع تجارب الآخرين في هذا المجال وخاصة المراكز البحثية الرصينة ومحاولة الاستفادة من خبراتها عبر البعثات المتبادلة.
رابعا: الاهتمام بتكوين وإعداد جيل من الشباب القادرين على حمل المشعل ومواصلة المسيرة.
أخيرا، تذكروا أن الدبلوماسية والتخطيط الاستراتيجي صنوان لايفترقان ومتلازمتان لا غنى لإحداهما عن الأخرى، وأي أمة لا تنظر إلا إلى مابين قدميها ستقع في أول حفرة، وما أكثر الحفر في عالم مضطرب مجنون يحترف فيه الكثيرون صناعة الحفر وحفر القبور.


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!