التاريخ: 20.09.2024  التوقيت:21:30 غرينتش


تاريخ الإضافة : 01.12.2008 17:06:22

ديدي ولد السالك يتحدث للأخبار عن الأخطاء التي واكبت الاستقلال

ديدي ولد السالك كاتب وباحث في العلوم السياسية والعلاقات الدولية رئيس  المركز المغاربي للدراسات الإستراتيجية

ديدي ولد السالك كاتب وباحث في العلوم السياسية والعلاقات الدولية رئيس المركز المغاربي للدراسات الإستراتيجية

ديدي ولد السالك كاتب وباحث في العلوم السياسية والعلاقات الدولية مؤسس المركز المغاربي للدراسات الإستراتيجية وأستاذ بالمعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية حملت إليه الأخبار جملة من الإشكالات السياسية والإستراتجية وناقشته حول ذكرى الاستقلال من حيث نشأة الكيان الموريتاني ودور المقاومة الثقافية و حركة التحرر الوطني في الاستقلال الذي نالته موريتانيا 1960 .
وتطرق الحوار للعوامل التي أدت لنشأة الكيان الموريتاني والأخطاء التي واكبت استقلال الدولة الموريتانية التي عاشت العقود الأولى من عمرها على هامش المجتمع الموريتاني شديد التمسك بثقافته وروحه الحضارية النزاعة نحو العروبة والإسلام وما خلفه ذلك من فرص استغلتها بعض النخب الإفريقية الوافدة من خارج موريتانيا كما يرى ولد السالك.
فإلى نص الحوار:
الأخبار: إلى اليوم ما تزال إشكالية نشأة الكيان الموريتاني تطرح بإلحاح برأيكم ما هي الدواعي الإستراتيجية التي جعلت المستعمر الفرنسي يصر على خلق الكيان الموريتاني رغم افتقاره للعديد من مقومات "الاستقلال""؟.
ديدي ولد السالك: أولا: فيما يتعلق بميلاد الدولة الموريتانية والاستعمار الفرنسي طرحت إشكالية لابد من توضيحها وهي نوعية العلاقة التي ربطت الفرنسيين بموريتانيا وشكلت عامل اهتمام إضافي.
فقد مر اهتمام الفرنسيين بثلاث مراحل المرحلة الأولى: كانت فكرة الاستعمار الفرنسي لموريتانيا بعد الاتفاق الفرنسي الإسباني وهو الذي أخذت بموجبه إسبانيا منطقة الصحراء الغربية حاليا واتفاقيات مع إبريطانيا من خلال التنازل لها عن مناطق معينة في إفريقيا وأجزاء من آسيا وبالتالي نالت فرنسا بموجب هذه التنازلات واقتسام النفوذ هذه الأراضي الصحراوية الشاسعة التي لم تخضع للاستعمار الأوربي بعد أن تستعمرها وتقع ضمن نفوذها خصوصا وأنها تشكل عامل ربط ما بين المستعمرات الفرنسية في الشمال والغرب الإفريقي هذه هي المرحلة الأولى للاستعمار الفرنسي لمن لا يعلم والقليلون فقط هم الذين يدركون هذه الحقيقة.

المرحلة الثانية:عندما وصل المستشرق كبلاني وهو عالم كبير في التاريخ ومثقف كبير فرنسي فقد رأى أن عنصر البيظان الذي يقطن هذه الأرض هو عنصر متميز لأنه مجتمع عربي إسلامي يتميز بتقاليده وثقافته وقد ارتأى أن ينشئ دولة للبيظان فاقترح الاسم "موريتاني" إحياء لحضارة رومانية قامت في الشمال الإفريقي في محاولة لربط هذا الماضي الروماني بالحاضر قطعا للصلات والوشائج ما بين أهل هذه البلاد والماضي الذي تمثله شنقيط كهوية عربية تميزهم في المشرق العربي لأن شنقيط في المشرق ارتبط أهلها في أذهان المشارقة بإتقان علوم اللغة العربية والشريعة الإسلامية ورغم إطلاقه لهذا الاسم فإنه احتفظ أيضا باسم أرض البيظان وكتبها بالحروف اللاتينية على الرأسيات فهو يرى أن هذه البلاد من واد درعة إلى أزواد حاليا توجد بها مجموعة متميزة تسمى البيظان ففكر في أن ينشئ لها دولة هذا هو الملمح الثاني في علاقة المستعمر الفرنسي بموريتانيا.
المرحلة الثالثة: جاءت مع أبير مسمير ورئيس الوزراء الفرنسي السابق هذا الرجل استعماري استراتيجي رأى أن تكون موريتانيا لها دور جديد أنهم لابد في مرحلة تاريخية ما أن تستقل كل هذه الدول عن الاستعمار الفرنسي فقالوا ينبغي أن تكون منطقة موريتانيا هي العازلة بين الامتداد العربي الإسلامي في شمال إفريقيا والامتداد الإسلامي في غرب إفريقيا لا أن تكون جسر تواصل بين المنطقتين فهذا هو الذي استقر عليه الفكر الإستراتيجي الاستعماري مع أبير مسمير فجاءت موريتانيا كيانا لم يشارك أبناؤه في وجوده وإنما وجد بإرادة فرنسية.

الأخبار: ما هي برأيكم الأخطاء التي واكبت هذا الكيان ولماذا غابت العديد من المقومات الضرورية لبناء أي دولة؟
ديدي ولد السالك: يرجع ذلك للعديد من الاعتبارات اعتبارات النشأة والتأسيس وهي الظروف التي بدأت تنشأ فيها موريتانيا في عهد الاستعمار وتلك الظروف أو العوامل بعضها متعلق بالفرنسيين وبعضها متعلق بالمكان وبعضها متعلق بالموريتانيين.
-السبب الأول أن الموريتانيين لم يفكروا بالمقاومة رغم أنها كانت مقاومة عسكرية في مراحل معينة ومقاومة ثقافية امتدت حتى الاستقلال لم يفكروا بإرادتهم في إنشاء دولة موريتانية ففكرة الدولة الموريتانية هي فكرة فرنسية مائة بالمائة هذه بذرة أولى من البذور السالبة التي صاحبت نشأة الكيان.
-الخطأ الثاني في أثناء التأسيس هو أن هذا الكيان نشأ في خارج الأراضي الموريتانية لأن عاصمته التي كان يدار منها هي سينلوي.
وهذه نتجت عنها الكثير من العوامل السلبية لاحقا على موريتانيا من أهمها أن الفرنسيين لم يحتكوا لا اقتصاديا ولا ثقافيا بالمجتمع الموريتاني وبالتالي لم ينشئوا بنى اقتصادية أو ثقافية لا جامعات لا معاهد وبالتالي بقي المجتمع مجتمعا بدائيا لم يحتك بالثقافة بالحضارة الفرنسية.
العامل الثالث الرئيسي من هذه الأسباب أو الأخطاء والبذور التي واكبتنا وما زلنا نحصد نتائجها هو أن كل الأطر الذين سيتولون إدارة الدولة كانت من الأجانب وجاءت من خارج موريتانيا ولم تتكون في موريتانيا ولم تنشأ ولم تحتك بالمجتمع الموريتاني وظلت غريبة عن موريتانيا، إذا هذا من أكبر الأخطاء التي واكبت نشأة الدولة في الفترة الفرنسية.
أما الأخطاء التي واكبت التأسيس بعد الاستقلال فهي ثلاثة:
الأول: أنه تمت زراعة رأس على جسم غريب عنه وتلك هي حال الإدارة الجديدة التي كانت غريبة عن المجتمع من حيث اللغة واللسان وكانت تعتمد أيضا على العناصر الأجنبية وإن كانت وطنت فيما بعد وأصبحت لها وثائق ومارست السياسة وأبناؤها اليوم فاعلون في الشأن العام وكلها أجانب فبقيت من حيث الولاء والوجهة غريبة تماما على المجتمع الموريتاني لغة وولاء وانتماء للأجنبي والخارج وهذا هو الخطأ الاستراتجي الأول.
الثاني: أما الخطأ الإستراتيجي الثاني فهو أن الدولة الموريتانية لم تقم على استراتجيات وإنما الذين قاموا على دارتها وتسييرها كانوا يقومون تسييرها بشكل يومي (إجرائي) لم يقيموا استراتجيات لبناء الدولة وبنيتها التحتية وبناء منشئاتها وبناء علاقاتها هذا هو الخطأ الثاني.
الثالث: أما الخطأ الإستراتيجي الثالث وهو الأخطر فهو القطيعة بين هذه الدولة التي قامت حديثا وثقافة البلد في بعدها العربي الإسلامي فهذه الدولة لا تتكلم لغة هذا المجتمع لم تقم له متاحف أو مكتبات لم تقم بطاعة كتبه لم تتجه لعصرنة تعليمه المحظري فالقطيعة مع ثقافة هذا المجتمع جعلت الدولة غريبة عليه.
وهذه الأخطاء كلها سواء منها تمت في عهد الاستعمار أو التي حصلت مع فترة الاستقلال هي التي جعلتنا نعيش اليوم وضعية اللادولة واستمرينا من خطأ إلى خطأ ومن أزمة إلى أزمة.

الأخبار: ما هو الدور السنغالي في تاريخ الدولة الموريتانية الحديثة وطبيعة تكوينها وهل صحيح أن السنغال تلعب دور الوكيل للمصالح الفرنسية في البلاد؟.
ديدي ولد السالك: هذا الدور فعلا موجود فالذي ينظر إلى خطابات سينغور يكتشف بسرعة لا تحتاج إلى عناء أنهم يعتبرون بأن موريتانيا هي خاصرتهم الرخوة أو أراضي تكميلية ملحقة بالأراضي السنغالية فقد اطلعت على مذكرات سفير سينغالي سابق في الأمم المتحدة فكتب بدون خجل أو مواربة بشكل صريح أن موريتانيا صنيعة سنغالية أما إذا راجعنا خطابات الرئيس السابق سينغور فإنه كان يتكلم بدون حياء ويتدخل يوميا في الشأن الموريتاني وخاطب المختار ولد داداه بالعديد من الرسائل والخطابات نذكر منها ثلاث أمثلة عند أحداث 66 خاطبه بخطاب مشهور يؤكد فيه أن السنغال لن تقبل تعريب الزنوج في موريتانيا لأن الزنوج في موريتانيا زنوج سينغاليون لا يقبل أن يخضع المختار ولد داداه لتوجهات ناصرية أو التيار القومي الذي كان يجتاح الساحة العربية بالتالي فإن السنغال ستحمي زنوجها في موريتانيا.
الخطاب الثاني في منتصف السبعينيات وهي رسالة ووجهها له بأن سنغال لن تقبل بأن يؤثر أخذ جزء من الصحراء الغربية على التوازن الديمغرافي والسكاني وبالتالي فإن السنغال ستتدخل لحماية أبنائها وحماية الزنوج بموريتانيا.
أما الثالث فكان أكثر وقاحة وهو مقابلة أجراها الصحفي المشهور دحماني لمجلة "جون آفيرك" قال فيها بأن موريتانيا تورطت في أزمة الصحراء الغربية ويبدو أنها قاب قوسين أو أدنى من الفناء والانتهاء وأن السنغال ستكون معنية بأخذ جزء من الأراضي الموريتانية وتكلم بسخرية عن نهاية مجتمع البيظان في هذه الأرض لسببين أولا أنه مجتمع رحل سيرحل ويعود للمغرب العربي أو يتفرق شيعا في هذه الصحراء الكبيرة والعامل الثاني أنه لايقبل المدينة ولا يشتغل وبالتالي محكوم عليه بالفناء وأن الأرض هي أرض الزنوج أو أرض 500 ألف سينغالي كما عبر حينها والأراضي بالنسبة للنخبة السنغالية هي أراض سنغالية ليس إلا وحتى إن أكثر وزراء الخارجية السنغاليين حصافة وهو مصطفى انياس الذي يتكلم اللغة العربية بفصاحة قال ذات مرة بأن الحدود السنغالية تنتهي عندما ينتهي فيضان النهر وبالتالي فالخريطة الإدارية السنغالية ترسم جزءا كبيرا من الضفة والأراضي الموريتانية.
إذا السنغال ليست فقط وكيلا لفرنسا وإنما تنظر إلى الأراضي الموريتانية والشعب الموريتاني كجزء منها وأن الأراضي الموريتانية في قابل الأيام ستكون جزءا من الأراضي السنغالية.

الأخبار: هل صحيح أن العديد من السنغاليين شغلوا وظائف كبيرة في الدولة الموريتانية في السنوات الأولى للاستقلال وانتقلوا لاحقا إلى السنغال؟.
ديدي ولد السالك: نعم هذا صحيح سأعطيكم أمثلة كثيرة على هذه الحقيقة التي لا يعرفها الكثيرون الزنوج الموريتانيون الذين أصولهم موريتانية حقيقة قاطعوا الفرنسيين مثل ما قاطعهم البيظان لأنهم كانوا يتعلمون تعليما دينيا وكانت اللغة العربية منتشرة فيهم وكانوا يكتبون وثائقهم باللغة العربية وعندما جاء الاستعمار قاطعوه فنتج عن هذا عاملان أن الفرنسيين فرضوا على هذه الأحياء بعد مقاطعتهم رؤساء من الأجانب في القرى الزنجية التي كانت ممتدة على ضفاف النهر هذا المعطى الأول .
المعطى الثاني : أن الزنوج من أصول موريتانية لم يشاركوا في الحياة العامة إلا ما ندر وبالتالي كل من يمارس السياسية أو تقلد مناصب في الدولة الموريتانية في أغلبيتهم من أصول أجنبية إما سينغالية أو أصول غرب إفريقية.
أعطيك مثالا آخر عمليا أول سفير لموريتانيا في فرنسا اسمه ممادو تورى وعين لاحقا في البنك الدولي باسم موريتانيا لكنه بعد ذلك عينه سينغور وزير مالية وكان أبرز وزير مالية في التاريخ السنغالي ناهيك عن أن كثيرا من المسئولين الحاليين الموريتانيين سواء عسكريين سامين أو وزراء والجميع يعرفهم. عائلاتهم موجودة إلى اليوم في السنغال كلهم واللائحة تطول قد نذكرها في مناسبات قادمة بأسمائهم وأشخاصهم وعائلاتهم قائمة حاليا في السنغال وفي غانا وغامبيا ومالي وهم معروفون.
الأخبار : لما ذا وكيف أجهض مشروع الحركة الوطنية بحيث لم تستطع هذه الحركة الوصول إلى السلطة على غرار ماحدث في جميع دول المغرب العربي وحتى الإفريقي؟.
ديدي ولد السالك: أولا حركة المقاومة سواء كانت ثقافية أو عسكرية اتركونا نعترف بأنها لم تكن منظمة ولم تكن واعية بالقدر الكافي بشكل تصور دولة أو بناء دولة لكن المشروع الذي تبلور مع حزب الوئام أو الوفاق مع أحمدو ولد حرمة ولد ببانة أو تأطر فيما بعد بحركة الشباب وحزب النهضة كتيارات قومية تدعو إلى الهوية العربية لموريتانيا فإن هؤلاء فيما بعد أقصوا فعلا بإرادة الاستعمار أولا وبإرادة الإدارة التي أحلها الاستعمار بعده في الاستقلال بعض منهم هاجر مباشرة إلى المغرب والبعض الآخر تخلى عن مشروعه وعاش على الهامش.
الأخبار: ما هي أبرز ملامح التأثير الغربي في مشروع الدولة الحديثة في موريتانيا؟.
ديدي ولد السالك : هنا مفارقة غريبة جدا ونادرة حصلت في موريتانيا وقل ما حصلت في دولة عربية أو إفريقية عندما رحل الاستعمار ترك المجتمع الموريتاني كما جاءه أي أنه مجتمع قاطع الاستعمار وقاطع ثقافته لا يوجد فيه بالأرقام إلا أربعة من حملة الإصانص اثنان منهم أصولهم أجنبية وأربعون حملة باكلوريا إذا بصفة عامة المستعمر ترك المجتمع الموريتاني لم يؤثر فيه وبقي في قطيعة معه لشدة المقاومة الثقافية لأن المستعمر لم يقم بنية إدارية أو اقتصادية أو ثقافية في موريتانيا.
التغريب الذي حصل والفرنسة حصلت في ظل الإدارة الوطنية أو ما يمكن أن نسميه بين قوسين "الإدارة الوطنية" وبالتالي هذه الإدارة الوطنية هي التي جاءت بالثقافة الفرنسية اعتمدتها في الإدارة واعتمدتها في التعليم وما زلنا إلى اليوم نحصد ثمار هذه السياسة.
المجتمع كمجتمع تقليدي بقي لا علاقة له بالدولة وكل ماله علاقة بالدولة تمت فرنسته وتغريبه وهذا ما عمق القطيعة بين الدولة كجهاز إداري والبنى الاجتماعية التقليدية.
وبالتالي صارت الدولة في نظر المجتمع بقرة حلوبا، من يصل إليها أو يحصل منها على شيء عليه أن يتخذ منها غنيمة كأنها ليست دولته.
الأخبار: صدرت خلال ذكرى الاستقلال العام الماضي تصحريحات لزوجة الرئيس المختار ولد داداه تتهم فيها انقلابي العاشر من يوليو بالخيانة .. كيف تنظر إلى هذه التصريحات وما هو رأيك في الحضور السياسي لزوجات الرؤساء الموريتانيين في صناعة القرار السياسي ؟.
ديدي ولد السالك: أنا من المؤمنين بأن أي شخص تولى الشأن العام في هذا البلد علينا أن نكرمه مهما كانت مواقفنا منه لأنه أصبح جزءا من تاريخ موريتانيا فأنا أدعوا إلى أن يكون للمختار ولد داداه مدارس باسمه وجامعات باسمه ومستشفيات باسمه وشوارع كبيرة في عواصم ولاياتنا باسمه وحتى تمثال لأن هذا الرجل هو الأب المؤسس مهما كان موقفه وتحفظنا عليه وتجاهل العسكر له وعدم اهتمامهم بعائلته هو جزء من تدمير الدولة معنويا وأنا أرفض ذلك وأنا أطالب بإعادة الاعتبار له ولأسرته وإعطائهم المكانة اللائقة بهم.
أما فيما يخص الحضور السياسي لزوجا ت الرؤساء هذا التقليد للأسف بدأ مع الرئيس الراحل المرحوم المختار ولد داداه زوجته كانت حاضرة في شأن الحزب وقضاياه وقضايا المرأة سار التقليد بعد ذلك وكأنه أصبح شأنا عاديا حتى وصلنا إلى الرئيس المخلوع سيدي ولد الشيخ عبد الله فأصبحت زوجته تغطي كل الشأن العام هذا قد نجد له تفسيرين التفسير الأول أن هؤلاء الرؤساء ربما يضعفون أمام زوجاتهم ويتركون لهم مساحة كبيرة رغم أن لا صفة قانونية أو ابروتوكولية لهم.
التفسير الآخر هو حضور المرأة الطاغي في مجتمع البيظان وحتى نعطي معلومة لمن لايعلم أن هذه الأرض قبل قرون تقريبا ثلاثة آلاف سنة قبل الميلاد كانت مجتمعا أموميا وليست مجتمعا أبويا وبالتالي ربما حضور المرأة في الحياة العامة هو جزء من هذا الموروث التاريخي.
الأخبار: ما الذي يعنيه الاستقلال بالنسبة لك وما هو تقيميك لكيفية تخليد ذكراه وهل التعامل مع هذه الذكرى يجري على ما يرام؟.
ديدي ولد السالك: لا نحن حصلنا على الاستقلال كمنحة أنا أعتبر أنه من الواجب علينا كمثقفين وسياسيين كمجتمع مدني أن نعتبر أن ذكرى الاستقلال يجب أن نأخذ منها عبرة وتكون فترة للتأمل ومراجعة النفس والبحث عن أسباب الفشل وتلمس عوامل النجاح لماذا كل هذا التخبط لمذا كل هذه الانتكاسات وكل هذا الفشل ولماذا بعد ثمانية وأربعين سنة من الاستقلال نعيش في مرحلة اللادولة ونعود إلى ما قبل الدولة ومجتمع ما قبل الدولة مجتمع القبيلة والصراعات الإثنية.
أدعوا الجميع أن تكون ذكرى الاستقلال كل سنة ذكرى للتأمل والمراجعة وأخذ الدروس والعبر من الأخطاء التي نقع فيها لكي نأخذ زمام المبادرة للتقدم للمستقبل.

الأخبار: يمر الاستقلال الآن في ظل لحظة أزمة يعتبرها البعض فرصة للمراجعة والتصحيح ويعتبرها البعض مقدمة للمزيد من التردي كيف تنظر إلى هذه القضية؟.
ديدي ولد السالك: دعني أسمي الأشياء بأسمائها ماحصل يوم 6 أغسطس انقلاب عسكري فالدستور الموريتاني حدد بطريقة واضحة طريقة الوصول إلى السلطة وبأي طريقة أخرى علينا أن نسميها بأسمائها ليست تصحيحا فهذا انقلاب عسكري سافر على حكومة مدنية مهما كان على رئيس منتخب شرعيا مهما كان تحفظنا على سياسات هذا الرئيس.
الجانب الثاني: البلد حاليا هذه هي المرة الرابعة التي يعيش فيها أزمة قد تقضي عليه ككيان فأول أزمة عاناها وصدعت نسيجه الاجتماعي أحداث 66 وهي الأزمة المتعلقة بالهوية وموضوع اللغة العربية.
والجانب الثاني: هو أحداث طبيعية وهي الجفاف الذي عصف بالدولة والكيان الوليد ولم تكن الدولة مهيأة لاستقبال هؤلاء الأفواج الذين جاءوا بغير استعداد سابق وما زلت البلاد تعاني من هذه المخلفات ولم تخرج منه بعد ظاهرة الكبات ظاهرة التأزم الاجتماعي والتفكك والتحولات والجريمة .. إلخ.
الأزمة الثالثة: هي حرب الصحراء فهي خطأ جرتنا له ظروف السياسة فكما يقال الصغار لا يفهمون ألاعيب الكبار فتورطنا في حرب لسنا مستعدين لها.
الأزمة الرابعة: هي أزمة أحداث السنغال التي كانت أزمة كبيرة عاشها البلد وما زال يعاني من آثارها. اعتقادي أن انقلاب 6 أغسطس هو أزمة خامسة قد تقضي على البلد وذلك من خلال مدخلين أن هذه الأزمة أول مرة تنقسم الساحة السياسية إلى قسمين دون أن يكون هناك طرف ثالث وبالتالي تراكم هذه الأزمة وتفاعلاتها هذا الصراع مع أزمة اقتصادية أزمة اجتماعية أزمة نفسية أزمة ثقافية قد يؤدي إلى انفجار الأوضاع الداخلية إلى حروب لا نقول عرقية فقط أو حرب أهلية أو حروب قبائل حتى. هذا الخطر الأول.
الخطر الثاني أن تؤدي إلى تدخل سافر مثلا بلد هش كموريتانيا إذا حصل فيه تدخل خارجي قد يقضي على بذرة الدولة أو يخرج الأمر من أيدينا كموريتانيين ويصبح البلد شبيها –لاقدر الله- بالصومال أو أفغانستان أو العراق.
الأخبار : هل من كلمة أخيرة:
أنا أعتقد أننا حاليا أمامنا فرصتان أن هذه الأزمة قد تكون فرصة بقدر ما هي أزمة تهددنا وعلينا أن نهتم بالمستقبل ونراجع الحسابات والأخطاء والإختلالات التي صاحبت التجربة الديمقراطية وكذا المسيرة الوطنية التي استمرت 48 سنة من الاستقلال.
ونحن في إطار المركز المغاربي للدراسات الإستراتجية أعددنا وثيقة ـ وليس هذا من باب الترويج ـ للنخبة المثقفة والطبقة السياسية لعلها تكون مفيدة لأننا ركزنا الاهتمام فيها بقراءة التحول السياسي في الفترات الماضية والأخطاء التي صاحبته ثم قيمنا الاختلالات وقدمنا مقترحات بمعالجة الاختلالات وقدمنا سيناريوهات وحلولا وإن كان دور الأكاديمي التشخيص وليس البحث عن حلول لأن تلك مهمة السياسي.
وبخصوص ذكرى الاستقلال من الواجب أن نعتبرها فرصة للتأمل وليس الاحتفال لأنه ليس لدينا ما يحتفل به ويجب أن نعتبرها فرصة للتأمل ومراجعة النفس ومراجعة الأخطاء وتدقيقها والبحث لها عن حلول والنظرة إلى المستقبل بالوسائل التي جعلت أمما أخرى تستقل معنا في نفس الفترة وتكون اليوم دولا متطورة ومزدهرة.وأشكركم.
الأخبار شكرا جزيلا.


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!