التاريخ: 22.09.2024  التوقيت:11:34 غرينتش


تاريخ الإضافة : 05.12.2008 14:24:59

الصحف: عودة فرنسية إلى المسرح الموريتاني

احتل الحديث عن ما وصف بالمبادرة الفرنسية الهادفة إلى حلحلة مخرج من الأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد حيزا واسعا من اهتمام الصحف الموريتانية الناطقة بالفرنسية الصادرة الأسبوع المنصرم. وفضلا عن استقراء السياقات الدولية والإقليمية للتحرك واصلت الصحف الاهتمام بتفاعلات الأزمة السياسية على الصعيد الوطني مقدمة استشرافات متباينة لسيناريوهات الحل ومخاطر الانزلاق.

وفي افتتاحيته بصحيفة "لاتريبين" رأى محمد فال ولد عمير في علاقة فرنسا التقليدية بالبلاد و"استمرار علاقتها الجيدة بالطبقة السياسية" عناصر تهيؤها لأن تفرض على الجميع "حلا ظلت كل الأطراف ترفضه لحد الساعة"، متسائلا عن طبيعة تلك "التسوية" التي استبعد أن تتمثل في عودة الرئيس المخلوع الذي "قد يظل جزءا من الحل دون أن يتمسك بالعودة إلى السلطة. بل يكفي أن نتصوره وهو يترأس ’بحكمة‘ جلسات المحافل العامة للديمقراطية". واعتبر ولد عمير أن الرئيس السابق "لم يأخذ بعد الدروس من مساره السياسي. فهل يساعده ’الأصدقاء‘ الأجانب في هذا المنحى؟" كما تتساءل افتتاحية "لاتريبين".

"تصلب"

وبعد استعراض بعض مراحل تشكيل الحكومة الحالية وإعداد خريطة الطريق للمرحلة الانتقالية بـ"ما بقي من البرلمان" وذلك في ظل ما تصفه "تصلب السياسيين" تساءلت "لاتريبين": "لنتصور لحظة أن أنه خلال كل تلك المراحل كان السياسيون قد قبلوا المشاركة وفرضوا رؤاهم... فما ذا ستكون النتيجة بالنسبة لموريتانيا؟" وتجيب الصحيفة بالقول: "من دون ريب نظام أقل عسكرة بكثير. بالطبع ديمقراطية معطلة لكن عطبها سيكون قد دخل في طور الإصلاح. ومن أجل صالح الجميع".
وبحسب "لاتريبين" فإن "أفضل خدمة للبلد وللديمقراطية يمكن أن تقدمها الجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية تتمثل في استباق الأمور من خلال اقتراح حل يضمن التقدم لا التراجع. فكل من رجوع سيدي ولد الشيخ عبد الله أو استمرار الحكم العسكري يمثلان تراجعا. فلنبحث عن شيء آخر" على حد وصف الصحيفة.
واستنادا إلى نموذج انتخابات 1992حيث قاطعت المعارضة الانتخابات التشريعية ورفضت الاعتراف بنتائج الرئاسيات وصف كاتب الافتتاحية كيف بقي ذلك "الرئيس المنتخب" – ولد الطايع- "يمارس سلطاته ويحكم البلد ثلاثة عشر عاما بعد ذلك. ثم ذهب فقط لأن بضعة ضباط أرادوا ذلك، قبل أن يتصوروا مرحلة انتقالية أداروها. وبسرعة، لم يفعل السياسيون غير الامتثال. فلم يريدوا أو لم يستطيعوا فرض رؤيتهم. وكل الفشل الذي أعقب ذلك يجد، من حيث الأساس، تفسيره في هذا" وفق الصحيفة.
ويتساءل ولد عمير "ما الذي ينبغي فعله حتى لا تتكرر نفس الأخطاء؟ هذا هو السؤال الذي يجب أن يطرحه الزعماء السياسيون الآن على أنفسهم. والجواب الذين سيتوصلون إليه، كل لوحده، سيساعد في تجلية الأمر وانتهاج الخيار السليم لصالح موريتانيا والديمقراطية... وكل ما عدا ذلك يعني الضعف. ذلك أن التصلب هو التعبير الأول عن الضعف. لأنه لا يؤدي إلى أي نتيجة اللهم إلا إلى الإقصاء" وفق تعبيره.


"الرخاء الوطني الخام"

افتتاحية صحيفة "بلادي" اليومية، المعنونة "حين يعيش البلد أزمة سياسية حادة"، عادت إلى احتفالات عيد الاستقلال التي خلدتها البلاد في ظل انقسام سياسي جعل "كل معسكر يسعى إلى طبعها ببصمته الخاصة" وفق الصحيفة التي تشير، في جانب تخليد المجلس الأعلى للدولة للمناسبة، إلى "الكثير من الأعلام في شوارع نواكشوط، وبعض التدشينات، وبشكل خاص الكثير من الوعود المستقبلية التي أطلقها الجنرال خلال خطاب شامل". فيما تمثل احتفال الجبهة – وفق الصحيفة- في انتقال جموع من قادتها إلى لمدن حيث يخضع الرئيس للإقامة الجبرية وما صاحب ذلك من "ضجيج كثير حول مشاريع ماتت في المهد". وفي النهاية "ما من نتيجة ملموسة غير استنفار قوات الأمن بشكل واسع" وفق كاتب الافتتاحية.
وأضافت بلادي "لو توفرنا على جهاز لقياس ما يمكن تسميته بـ’الرخاء الوطني الخام‘ فسنرى أنه بلغ ذروته خلال العشرين سنة الأولى بعد الاستقلال. وأنه، منذ 10 يوليو 1978 لم يفتأ يتدحرج، وذلك بشكل مستقل عن العائدات التي عرفت تحسنا بشكل أو بآخر".
وتقدم الصحيفة حصيلة قاتمة للثلاثين عاما الماضية من تاريخ الدولة الموريتانية طبعتها "الانقلابات المتكررة، مع ما يصاحبها من التخلف والرشوة والاحتقان والفساد والصبيانية واللغة الخشبية" وفق الصحيفة التي تختتم افتتاحيتها بالقول "لقد قذفت بنا هذه السنون العجاف من السلطة المطلقة والتهاون بعيدا إلى ما وراء الموقع الذي كنا فيه عام 1978. واليوم، ها نحن أمام المطرقة والسندان. حظ عاثر! مسكينة موريتانيا !"


عودة فرنسية؟

أسبوعية "لوكالام" اهتمت في افتتاحيتها بذات الموضوع وقرأت التحرك الفرنسي في سياق صراع النفوذ بين الأطراف الدولية على المنطقة. وتحت عنوان "فرنسا تتدخل أخيرا" سردت الصحيفة كيف "أرسل الفرنسيون للتو بعثة للقاء فرقاء الأزمة، وذلك قبل البعثة الدولية الكبيرة التي تضم موفدين عن المنظمات الدولية ... والمقرر أن تصل في السادس من دجمبر إلى نواكشوط، أي خمسة أشهر بالتمام والكمال بعد الأزمة التي نعرفها جميعا".
وتساءل كاتب الافتتاحية أحمد ولد الشيخ إن كانت "فرنسا ساركوزي، التي تترأس الاتحاد الأوربي والتي كانت مواقفها شديدة من ’الانقلاب التصحيحي‘، بدأت تعود إلى نفسها لتتذكر، فجأة، أن موريتانيا جزء من مربعها الإفريقي؟ وأن مصالحها تمكن في أن تقوم فورا بدس أنفها في القضية إذا كانت راغبة في أن لا تفلت منها. لأن شد الحبل أكثر من اللازم قد يؤدي إلى انقطاعه".
وأشار الكاتب بشكل خاص إلى الدور الأسباني ذلك "أن أسبانيا، الخصم الزاحف بهدوء لكن بقوة إلى شبه المنطقة، لم تدن الانقلاب إلا بشكل عابر وأعلنت معارضتها للعقوبات. فهل نفهم من المبادرة الفرنسية السعي إلى الأخذ بيد موريتانيا من جديد؟"
وتضيف الافتتاحية "لقد رحل سيدي فهل ينبغي، رغم ذلك، عدم المبالاة به؟ سيشكل الأمر نموذجا سيئا، وتشجيعا للاستيلاء على السلطة بالقوة ومساهمة في زعزعة الديمقراطية". لكن، ووفقا لــ"لوكالام" فإن "جودة الخطاب لا تصمد، مع ذلك، أمام حقيقة عصية هي وجود العسكريين في السلطة وهم يتوفرون على أغلبية مريحة في البرلمان، وعلى بعض المباركة الشعبية، ويرسخون أقدامهم باستمرار، ولديهم حصيلة عمل خلال ثلاثة أشهر" وفق الكاتب.
المأزق بالنسبة للفرنسيين –كما يرى ولد الشيخ – "بات يكمن في كيفية الخروج. لأنهم، وبمجرد وضع يدهم في الموضوع، صاروا أمام إكراهات النتائج، ومصداقيتهم باتت موضع رهان. ومهما قيل، فإن ثقل فرنسا لا يقارن بثقل أسبانيا ولا الولايات المتحدة".


"بلد المفارقات"

الشيخ تيجان جا وفي افتتاحية "لورينوفاتير" اليومية تساءل "حتى متى نعبر في سفينة مجنونة تسير بنا إلى هدف مجهول؟" معتبرا أن "الخطر اليوم بات محدقا وأن الكارثة باتت قريبة. فنحن تقودنا قوى عمياء لا تفهم لغة الحوار ولا طريق العقل" وفق تعبيره.
ووفق تيجان جا فإن "أي بلد يؤسس على المفارقات سيخضع لقانون المتناقضات" منتقدا كيف "تأتي التغييرات دائما من الاتجاه المعاكس ومن ثم يرضخ لها الشعب. وحين يخلي العسكريون الثكنات يأتي الإرهابيون للضرب بجرأة وليزرعوا الخوف في لمغيطي والغلاوية وتورين وألاك" ومعتبرا أن "موريتانيا تعيش حالة صرع دائمة بسبب الأزمات المتكررة".
وتضيف افتتاحية "لورينوفاتير "كل انقلاب جديد يرمي البلد في دوامة من اليأس ويزرع في الموريتانيين الشك ويفقدهم الأمل في مستقبل بلدهم. ذلك أنه من غير العادل الاستمرار في بناء هذا البلد على الكذب والخيانة" وفق تعبير الكاتب الذي يختم بالتأكيد على ما يعتبره ضرورة "أن لا يضع الضباط المهنيون والوطنيون التزامهم المهني في خدمة الانقلابات بل في الدفاع عن الوطن. فالجيش يحتاج الآن أكثر من أي وقت مضى إلى نخبة عسكرية مخلصة وغير متسيسة" على حد وصفه.


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!