التاريخ: 21.09.2024  التوقيت:10:54 غرينتش


تاريخ الإضافة : 16.12.2008 11:48:57

رَحِمُ الشرعية

  سيدي محمود ولد الصغير     sidymhd@hotmail.com

سيدي محمود ولد الصغير [email protected]

أخذت الشعوب العربية نصيبها من الإحباط الذي مني به الشعب الموريتاني جراء انقلاب السادس من أغشت الذي أطاح بأول رئيس موريتاني منتخب ، فلم يكن الموريتانيون وحدهم هم الذين يحلمون بنجاح التجربة الديمقراطية في بلدهم ليصلوا إلى حياة كريمة مستقرة ينال فيها المواطن حقوقه ، وتشارك فيها الأمة في صنع قرارها ، بل كان نجاح تلك التجربة حلما لدى كثير من إخوانهم في العالمي العربي ، وإن من منطلق " أن ما جاز على المثل يجوز على مماثله " أو منطلق : أن "...هذا كله قبر مالك " ! إذا استعرنا لغة متمم بن نويره .
ولم يكن ليشترك الحكام والمحكومون في نفس الشعور ، ما دام أنهم يختلفون في الآمال والتطلعات !..بل رأى الكثيرون أن في النموذج الموريتاني – قبل انقلاب العسكر – مستوى من الإحراج لكثير من حكام العرب ، ترجم في مقاوف لم تفت على المراقبين في حينها .
وجاء انقلاب السادس من أغسطس – لا مرحبا به – ليبدد ذلك الحرج ، وليشكل ضربة جديدة لآمال الشعوب العربية .
انقلاب مفلس
جاء انقلاب السادس من أغشت - ولم يكن أول انقلاب في موريتانيا - ولكنه كان أغرب انقلاباتها ، وأبعدها عن منطق العقل ، وأكثرها رفضا في أوساط الشعب : جاء، وليس في البلد سجين سياسي ، ولا جريدة مصادرة ، ولا حزب مجمد النشاط ، ولا جهة سياسية مضايَقة . ومن ثم كان انقلابا ساقطا من الناحية الدستورية والخلقية ، مفلسا من حيث الخطاب والمسوغات ، مرفوضا من ذوي المبادئ في الداخل والخارج ..
وما يزال إلى اليوم يراوح مكانه بين ممانعة الداخل ورفض الخارج . ولمن لا يعلم فإن الجبهة المناوئة للانقلاب في موريتانيا اليوم تعتبر هي القلب السياسي النابض في موريتانيا على مر تاريخها السياسي ، إذ تضم أهم الحركات السياسية والفكرية – إذا استثنينا مجموعة البعثيين - من اليساريين والإسلامين ، والقوميين الناصريين ...، إضافة إلى كثير من وجوه المجتمع التقليدي وقادته البارزين ، وهذا ما يجعلها معارضة يعلق عليها كثير من الأمل بإذن الله .
أواصر الديمقراطية
أما على مستوى الخارج فما يزال الانقلابيون يواجهون رفضا واسعا ، يأخذ شكل الصراحة والوضوح بالنسبة للعالم "الديمقراطي " الذي يحترم " الشرعية "، ويرفض التعاطي مع من يريد القفز عليها ، ويأخذ خطا أكثر ليونة من قبل بعض الدول التي ليس لها رصيد يعول عليه في احترام الديمقراطية وإرادة الأمة – إن لم يكن يحرجها التشبث بها - ( الجامعة العربية نموذجا ).
غير أن الأمل يزداد في أن تكون آصرة الشرعية والديمقراطية معيارا للاصطفاف ، وهو ما يقلل من قيمة المواقف الداعمة أو المتغاضية عن الانقلاب ..ومما يزيد هذا الأمل خروج بعض الدول العربية المعروفة بتجربتها الديمقراطية العريقة (التي تصحح دوما مشاكل الديمقراطية بمزيد من الديمقراطية ) من السياق الإقليمي لتنضم إلى التيار العالمي الرافض بشكل صريح ، والمثال هنا يتعلق بدولة الكويت التي بعث أميرها بمناسبة عيد الأضحى برقية تهنئة للرئيس الدستوري سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله مخاطبا له ب " الرئيس الموريتاني " (كما نشر في الإعلام الموريتاني ) ، وذلك موقف مهم من دولة ذات وزن سياسي معتبر ، وهو ما ينسجم مع الارتياح الذي تعاطت به دولة الكويت مع التجربة الموريتانية ، ومع احتفائها بالرئيس سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله إثر انتخابه رئيسا لموريتانيا ، وهو الذي كافأها بالمثل ، حيث كانت أول زيارة له خارج موريتانيا بعد توليه مهامه الرئاسية إلى الكويت .
فهل نتوقع خطوات مشابهة من دول عربية أخرى ، كتعبير عن بقية " ذماء" من الوقوف إلى جانب الشعوب ، كما فعلت الجزائر من قبل ؟
أم علينا أن نستبدل العبارة المشهورة :" العلم رحم بين أهله " بعبارة :
" الشرعية رحِم بين أهلها " مع جرعة زائدة من " اعتبار المفاهيم " ؟!


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!