دحان ولد أحمد محمود للأخبار:ما يحدث في غزة انتصار للمقاومة
قال دحان ولد أحمد محمود نائب رئيس حزب الفضيلة إن ما يحدث في غزة اليوم هو انتصار للمقاومة الفلسطينية، فمنطق الحروب يقول إن الجيوش النظامية حين لا تحقق جميع أهدافها، تكون قد منيت بفشل ذريع، وهو ما حدث للجيش الصهيوني في قطاع غزة.
وأضاف ولد أحمد محمود أن ما يطلب من المقاومات الشعبية في الحروب المماثلة هو المحافظة على الصمود ومواصلة الكفاح وقد ضربت المقاومة الفلسطينية في قطاع هذه الأيام المثل في ذلك.
جاء ذلك في مقابلة للسيد دحان ولد أحمد محمود مع وكالة أنباء الأخبار المستقلة تناولت النضال السياسي للأحزاب الموريتانية من أجل قطع العلاقات مع إسرائيل، وتقييمه للتعامل العربي مع الوضع القائم في فلسطين في ظل العدوان الإسرائيلي

وهذا نص المقابلة:

الأخبار:أين وصلت أنشطتكم التضامنية مع قطاع غزة؟
دحان ولد أحمد محمود: اسمحوا لي في البداية أن أشكر موقع وكالة الأخبار المستقلة على ما تحققه من سبق صحفي وما تتحلى به من مهنية عالية وريادة إعلامية، وجوابا عن سؤالكم أقول

أنشطتنا تتوزع على عدة محاور رئيسة نستهدف من خلالها تحقيق جملة من الأهداف من أهمها:
ـ إظهار أن الموريتانيين ـ وإن اختلفوا حول بعض القضايا الوطنية أو الدولية تبعا لاختلاف زاوية الرؤية ـ لا يمكن أن يختلفوا حول القضية الفلسطينية لأنها قضية محورية وعليها إجماع بين كل الموريتانيين بمختلف طبقاتهم الاجتماعية، وانتماءاتهم السياسية، وتوجهاتهم الفكرية، وقد نجحنا على مستوى هذا المحور حيث إن الأحزاب الموريتانية تشترك في الأنشطة المساندة لغزة جنبا إلى جنبا متناسية ما بينها من خلافات سياسية وتباين في المواقف والرؤى

ـ الضغط بكل الوسائل الحضارية السلمية على السلطة الموريتانية حتى تقطع العلاقات المشينة التي تربطها بالكيان الصهيوني

ـ جمع التبرعات لأهلنا في غزة؛ لأنهم في حاجة إلى الماء والدواء والغذاء والكساء والمأوى وكل أنواع المواساة، وقد ذهب علماؤنا إلى أن المسلم إذا كان لديه ماء أو غذاء أو دواء ولم يبذله لمن يحتاج إليه يعد متسببا في هلاكه وتلزمه ديته.
وقد قمنا بفتح حساب بنكي ( cpte _811516 BNM ) لتمكين الموريتانيين الراغبين في التبرع لأهلنا في غزة من دفع أموالهم في هذا الحساب حتى نجمعها ونرسلها إلى أهلنا في غزة، كما اتفقنا مع شركات الاتصال في البلد بفتح أرقام للاتصال لمساندة إخوتنا في غزة
ـ مطالبة مصر بفتح المعابر مع قطاع غزة دون تأخير ولا تلكؤ
ـ مطالبة الدول الشقيقة والصديقة والمحبة للسلام بالضغط على الكيان الصهيوني حتى يوقف اعتداءاته الوحشية الغاشمة على أهلنا في القطاع


الأخبار:ما الذي يمكن أن تحققه هذه الأنشطة في ظل الوضع الراهن؟

دحان ولد أحمد محمود:هذه الأنشطة أسلوب من أساليب النضال السلمي، وشكل من أشكال التعبير الحضاري عن السخط والاحتجاج ووسيلة من وسائل الضغط على السلطة حتى تغير موقفها تجاه العدو الصهيوني، والسلطة لا بد لها أن تحترم الرأي العام وتتجاوب مع مطالب الشعب، لأن السلطة التي لا تستمع لشعبها هي سلطة تقف مع العدو في خندق واحد



الأخبار:وزير الداخلية الحالي اتهم جهات سياسية بالسعي لإثارة الشغب من خلال التظاهر ألا ترون أنكم جزء من هذه الجهات؟

دحان ولد أحمد محمود:مستحيل أن تكون الأحزاب والفعاليات السياسية المشاركة في هذا الأنشطة التي ذكرتها أعلاه محل اتهام، وهي تضم جميع الأحزاب الموريتانية ، بما في ذلك الأحزاب الممثلة في الحكومة الحالية، والأحزاب المعارضة لها
وقد عبرت هذه الأحزاب جميعها عن مستوى عال من النضج والانضباط وإن وقع خطأ هنا أو هناك فهو استثناء، قد يحدث في أكثر الدول ديمقراطية، وليس من الحكمة السياسية حظر المسيرات أو سد الأبواب أمام الشباب المتحمس لأننا إذا لم نتح لهم التعبير السلمي قد يلجؤون إلى أساليب أخرى من التعبير الأعنف ، والسيل إذا لم يترك ينساب في مجراه الطبيعي خرج في اتجاهات غير محسوبة
وما دمج جميع خيام الأحزاب السياسية في خيمة واحدة لا تحمل أي شعار لحزب إلا دليلا واضحا على النضج السياسي والقدرة على الوحدة في ظل التعدد


الأخبار:ما تقييمكم للخطوة التي أعلن عنها المجلس العسكري الحاكم من خلال استدعاء السفير الموريتاني في تل أبيب؟

دحان ولد أحمد محمود:كنا نتمنى أن يتم قطع العلاقات مباشرة، فذلك هو مطلبنا وهو أمر ممكن ولا داعي للتمهيد له بخطوات خجولة. ومع ذلك فإذا كانت هذه الخطوة تمهد لقطع العلاقات المشينة مع الكيان الصهيوني، فنحن نثمنها، لأن هذه العلاقات غير مقبولة أو مبررة وبقاؤها وصمة عار، ومن المخجل حقا أن يرفرف علم الكيان الصهيوني في بلاد شنقيط في الوقت الذي يقوم فيه هذا الكيان بإبادة أهلنا العزل في غزة
إنه أدنى خطوة يمكن لموريتانيا أن تتخذها، ونحن لا نرضى أن يكون موقف موريتانيا العربية الإسلامية من القضية الفلسطينية دون موقف فينزويلا، ومهما يكن من أمر فإننا سنواصل نضالنا حتى يتم القطع النهائي لهذه العلاقات، فذلك اضعف الإيمان وأقل واجبات النصرة ، وأخف حقوق الأخوة
وأظن أن استدعاء السفير الموريتاني من تل آبيب كان استجابة جزئية لضغوطنا وتلبية لبعض مطالبنا باعتبارها خطوة في اتجاه قطع العلاقة الدبلوماسية نهائيا مع هذا الكيان الصهيوني المغتصب لأرضنا ، لكننا لن نرضى بأقل من القطع الكامل لهذه العلاقات المشينة .

الأخبار:حزب الفضيلة أعلن في فترة الرئيس المعزول عزمة الخروج من الحكومة إذا لم تقطع علاقتها مع إسرائيل، أين هو الآن ورئيسه وزير في الحكومة؟

دحان ولد أحمد محمود:هذا صحيح لكن لا بد من أن تتذكروا أن تلك الحكومة كانت تضم إلى جانب حزب الفضيلة أحزابا أخرى تعد إلى جانب حزبنا من أكثر الأحزاب الموريتانية معارضة للعلاقات مع الكيان الصهيوني، وأشدها إلحاحا في المطالبة بقطع تلك العلاقات، وكنا نسعى بكل ما أوتينا من قوة إلى دفع تلك الحكومة إلى قطع علاقاتها مع الكيان الصهيوني ، لأن موقفنا من الكيان الصهيوني موقف مبدئي لا يتأثر بالظروف الآنية ولا المواقف السياسية أو المناصب الحكومية وهو موقف لا يمكن أن نساوم فيه، أو نتنازل عنه؛ أو يزايد علينا فيه أحد، إذ تمليه علينا عقيدتنا الإسلامية، وانتماؤنا العربي الأصيل، ومصالح شعبنا الإستراتيجية، وليس موقفا تكتيكيا للمتاجرة السياسية، وكسب المواقف الآنية أو دغدغة عواطف الجماهير، ولو لم نكن نتوقع نجاح مساعينا في ذلك لما دخلنا تلك الحكومة، ولما دخلنا هذه.


الأخبار:بوصفكم أحد الديبلوماسيين الموريتانيين الذي عملوا في الجامعة العربية سابقا ما هو تقييمكم للتعامل العربي مع القضية الفلسطينية في ظل العدوان الإسرائيلي الحالي؟

دحان ولد أحمد محمود:إن تعامل الدول العربية مع القضية الفلسطينية يعبر عن مدى العجز الذي وصلت إليه آليات العمل العربي المشترك.
لقد تراجع الحضور السياسي العربي على جميع المستويات منذ عودة الأمانة العامة لجامعة الدول العربية إلى مصر، فقد دمر العراق ولم تعقد قمة، ودمر لبنان، وأدخل السودان في دوامة نأمل أن لا تفضي إلى تدميره وتفككه ـ لا قدر الله ـ ، وأما فلسطين فاستبيحت فيها الدماء والأعراض والممتلكات والمقدسات والأرض والشجر والحجر، وكثر المنظرون لعقلانية التقاعس عن دعم المقاومة حتى وصفوها بغير المهمة، وتحدثوا عن وجوب نزع سلاح المقاومة.
وبالطبع عجزنا عن إبراز موقفنا على الساحة الدولية وعجزنا عن استصدار قرار يلزم الكيان الصهيوني بوقف إطلاق النار من مجلس الأمن الدولي، فضلا عن عجزنا عن اتخاذ موقف موحد حول التعامل مع الكيان الصهيوني ، وذلك على سبيل المثال باتخاذ إجراءين بسيطين:

ـ إلزام الدول العربية التي تربطها علاقات بالكيان الصهيوني مثلا باستدعاء سفرائها، أو بقطع هذه العلاقات كليا؛
ـ إعلان مقاطعة الكيان الصهيوني اقتصاديا

بل الأدهى من ذلك أن حدة لهجة التنديد والشجب التي كانت تميز البيانات التي تصدرها جامعة الدول العربية قد تراجعت

وهذه الحالة التي تعيشها الدول العربية هي ثمرة طبيعية لفشل الجامعة في تفعيل اتفاقية الدفاع المشترك، وتحقيق التكامل الاقتصادي والاندماج السياسي .


الأخبار:على ضوء تجربتكم العسكرية ، كيف تقيمون نشاط المقاومة الفلسطينية على الأرض وماذا تتوقعون أن تحقق؟

دحان ولد أحمد محمود:نحن لسنا أمام حرب بين جيشين بل نحن أمام حرب بين جيش مسلح بأعتى الأسلحة وأكثرها تطورا وبين مقاومة شعبية ، والمعطيات العسكرية تقول بأن الجيش النظامي إذا لم يحقق جميع أهدافه على الأرض فإن ذلك يعني أنه مني بالفشل الذريع، أما المقاومة فيكفيها أن تحافظ على الصمود ووحدة صفها واستمرار مقاومتها وهذا كله قد تحقق اليوم في غزة .
لقد ضربت فصائل المقاومة في غزة أروع صور البطولة، ولا شك أن من استمع إلى كلمة القائد المجاهد إسماعيل هنية وشاهد رباطة شأجه وارتفاع معنوياته، وإصراره على الصمود والمقاومة، سيدرك أن المقاومة حققت كثيرا من النصر،

لقد تغيرت المعادلة ووقف الجيش الصهيوني عاجزا مبهورا أمام المقاومة الفلسطينية وصمودها الباسل

ثم إن الانتصار الأكبر الذي حققته المقاومة هو هذا الالتفاف الشعبي العالمي حولها، وانهيار الصورة الصهيونية عالميا، حتى وصل الأمر إلى أن أحد الحاخامات خجل من جواز سفره الصهيوني فحرقه أمام عدسات الكاميرا
إن هذا الوضع الجديد سيغير العلاقة العربية الصهيونية، وقد ألمحت مجلة التايمز في عددها الصادر أمس إلى ذلك في مقال بعنوان لماذا لا يمكن لإسرائيل أن تنتصر


الأخبار:بناء على خبرتكم في العلاقات الدولية متى تتوقعون أن تقطع موريتانيا علاقاتها مع إسرائيل؟
دحان ولد أحمد محمود:بالنسبة إلى رغبتي الشخصية فأحب أن تقطع اليوم قبل غد، أما بالنسبة إلى المستقبل فإن هذه العلاقة قامت على أساس خاطئ خدمة لمصلحته الشخصية ولم تأت تلبية لمصلحة الدولة الموريتانية ، ولو سارت الأمور بشكل طبيعي لذهبت هذه العلاقة بذهاب ذلك الشخص؛ إلا أن الذين جاؤوا بعده ماطلوا وقالوا حتى تنتخبوا رئيسا للجمهورية، ثم انتخب رئيس الجمهورية وطلبنا منه جميعا قطع هذه العلاقة فماطل، ثم جاء الحكم الحالي ولا نرجو منه أن يماطلنا كما ماطلنا من سبقوه