التاريخ: 20.09.2024  التوقيت:16:42 غرينتش


تاريخ الإضافة : 26.01.2009 15:17:32

وديان آدرار..آثار الاستعمار المندحر

مقبرة الشهداء تجاور مقبرة الغزاة (تصوير الأخبار)

مقبرة الشهداء تجاور مقبرة الغزاة (تصوير الأخبار)

واجه المستعمر الفرنسي في سعيه للسيطرة على المجال الموريتاني عقبة كأداء تمثلت في جبال آدرار التي تكونت فيها مقاومة قوية قادها علماء وأمراء كبار ( الشيخ ماء العينين، سيد أحمد ولد عيده...) كما انضم إليها فلول المقاومة في مناطق أخرى من الوطن ولاسيما الجنوب (اترارزة ولبراكنة) تلك الفلول التي عرفت في تاريخ المقاومة المحلية بــ"المهاجرية".

الحملة الحقيقية والحملة الوهمية

مطبخ المقر المدني للقوات الغازية (تصوير الأخبار)

مطبخ المقر المدني للقوات الغازية (تصوير الأخبار)

وقد لخص هذه الحالة منظر الاستعمار الأول اكزافيي كبلاني بقوله إن السيطرة على صحراء موريتانيا تمر بالسيطرة على واحات آدرار، وفي سعيهم لهذه الغاية وضع المستعمرون خطة تقوم على خيارين: إما الدخول عن طريق إينشيري انطلاقا من القاعدة المتقدمة التي أقاموها لهذا الغرض في اكجوجت سنة 1907 على يد الرائد الذي انتدب خصيصا لهذه المهمة "فرير جان" ، وإما عن طريق حملة خاصة تنطلق من قاعدتهم في المجرية بعد تذليل عقبة النزول من تكانت و"الظهر" إلى الباطن" وفي النهاية اعتمد الخيار الثاني واعتمد الأول للتمويه فقاد الجنرال غورو حملة من "تكانت" نزلت عن طريق الوادي الأبيض وكثبانه الرملية في سفح كدية انتفجارت وقاد افرير جان حملة وهمية لتشويش انتباه المقاومة انطلقت من اكجوجت عرفت بحملة الحمير
معارك الوديان .

حين شاهدت المسار الذي سلكته المعارك من "الوادي الابيض" مرورا ب"سكل" وعين أهل الطائع وانتهاء بواد حمدون عرفت صعوبة الموقف بالنسبة للمجاهدين الذين كانوا يعولون على حرب العصابات من الجبال فجرهم الغزاة إلى الوديان لكنهم مع ذلك صمدوا صمودا بطوليا كانت آخر رصاصة فيه في واد حمدون بعد معركة قال غورو أن أزيز رصاصها ذكره بأيام حملته على سوريا.

مقبرة الغزاة بأطار (تصوير الأخبار)

مقبرة الغزاة بأطار (تصوير الأخبار)

نصب المقاومة

تخليدا لهذه البطولات ينتصب في عين أهل الطائع نصب تذكاري يقول للأجيال أن الأباء صنعوا المجد التليد وقد اختيرت "العين" مكانا للنصب لتوسطها لميدان المعارك ووجود مرتفع ضخري على قارعة الطريق الإسفلتي كما قال لي الأستاذ عدنان ولد بيروك مديرا لثقافة وابن عين أهل الطائع الذي تطوع مشكورا باصطحابى في جولة بسيارته وزودني بكثير من المعلومات التاريخية.

مقبرة الغزاة

تشهد أطلال الاستعمار في أطار على أن المستعمر حاول ترسيخ قدمه في المدينة لكن التاريخ يبدو أنه رفض ذلك فحين زرت "مقبرة الغزاة" التي يحاولون تلطيف إيحاءاتها بتسميتها بالمقبرة الفرنسية اتضح لي أن خزي الهزيمة لا يزال يلقي بظلاله على المكان وأنها تختلف كثيرا عن مقبرة الشهداء الملاصقة لها وكأن المجاهدين أرادوا مطاردة الغزاة حتى في قبورهم ليقولوا لهم " لقد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا" ويلاحقونهم" بشاهدة" المقبرة التي تبين ارتباطها بالجهاد والاستشهاد .

الظلام يخيم في الطابق السفلي للمقر(تصوير الأخبار)

الظلام يخيم في الطابق السفلي للمقر(تصوير الأخبار)

المقر الخرب

زرنا أيضا أطلال مقر الإقامة المدنية لجنود جيش الاحتلال وتجولنا في أركانه من المسبح إلى المطبخ وفي الطابق السفلي وعلى السلالم ولم نلق إلا الخراب والتجاهل حتى الدليل الذي يرافقنا قال أنه لم يزل هذا المكان من أيام طفولته حين كان يلعب مع زملائه على أنقاض جيش كان لا يهزم لكنك اليوم حين تصادف مقره وقد أصبح مكبا للقمامة، والظلام يلف طابقه السفلي تذكر مقولات المجاهدين بإرسال الاستعمار إلى غياهب النسيان ومزابل التاريخ.


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!