التاريخ: 20.09.2024  التوقيت:20:32 غرينتش


تاريخ الإضافة : 29.01.2009 12:13:35

ولد داداه في مقابلة مع الأمل: نعتبر ترشح رئيس الدولة مصيريا في مستقبل الأحداث



الأمل الجديد:هل تمخضت المنتديات العامة للديمقراطية عن النتائج التي كنتم تتوخون منها؟
أحمد ولد داداه: في الحقيقة ما سمي بعبارة مفخمة "المنتديات العامة للديمقراطية" كان يجب أن يقود من وجهة نظري إلى هدف أساسي هو التوصل إلى خارطة طريق للخروج من الأزمة التي نعيش حاليا، وذلك على إثر نقاش جاد ومعمق بين مختلف القوى السياسية، لأن الكل يعلم اليوم أن البلاد تعيش بقلق نوعا من الانتظار والترقب، وأن الناس بحاجة إلى طمأنتهم على مستقبل الانسجام الوطني، حيث نحن اليوم بلد مقسم.. بحاجة إلى طمأنتهم على استقرار البلاد لأنهم تعبوا من الانقلابات والانقلابات المضادة والمراحل الانتقالية التي لا تنتهي، بحاجة إلى آفاق مستقبلية، بحاجة إلى التجديد وإلى التقدم، وكل هذا يتطلب حوارا جادا معمقا وصريحا من أجل التوصل الى خارطة طريق مجمع عليها أو شبه مجمع عليها.
وبدلا من هذا وقع ما كنا نخشاه، وما كنا نعمل من أجل تحاشيه، فقد كنا نعمل على إيجاد مساحة للحوار السياسي بمعناه الحقيقي، ولكن مع الأسف وقع خلط شامل، فبدلا من نحو 800 مشارك تم على ما يبدو توزيع حوالي 2700 بطاقة دخول، ومختلف الورشات ضمت في النهاية أكثر من طاقتها على حساب تعميق النقاش وفي النهاية على حساب جودة النتائج.
وعندما أتحدث هنا عن النقاش السياسي فليس معنى ذلك أنني أقلل من أهمية النقاش الاجتماعي أو النقاش حول القضايا الثقافية أو حول قضايا المجتمع بصورة عامة، ولكن يبدو لي أن الأزمة اليوم هي أولا أزمة سياسية، أزمة تتعلق بالقضايا الأساسية كقضية سير المؤسسات ونظام تبادل السلطة، وتجذير الديمقراطية، ومن هذا المنطلق فإن الأزمة تعني في المقام الأول السياسيين، أو على الأقل السياسيون هم الأقدر على تقديم حلول مناسبة لها.
إننا نأسف على أن وجهات النظر التي عبرنا عنها في البداية في هذا الصدد لم تؤخذ بعين الاعتبار، وها هي النتائج تبين أن الحق كان معنا، فلا المنتديات العامة للديمقراطية خرجت بخارطة طريق بل لم نتمكن حتى من التفاهم على مبادئ كبرى من شأنها أن توجه خطواتنا المستقبلية.
لقد كنا نعرف أن غياب جزء من القوى السياسية يمثل عائقا من شأنه أن يضر ولو بصورة جزئية بالنتائج، ولكن أصبح من اللازم أن أعترف أن الطريقة التي أديرت بها المنتديات العامة للديمقراطية مثلت عاملا سلبيا حال دون خروج هذه المنتديات بنتائج مثمرة ومفيدة.
وبناء على ما سبق فإننا سنعمل، إذا صادق على ذلك مكتبنا التنفيذي، على فتح حوار بين مختلف القوى السياسية الأساسية في محاولة للوصول إلى مشروع مشترك للخروج من الأزمة.

الأمل الجديد: مسألة ترشح العسكريين لم تحسم على ما يبدو من قبل المنتديات العامة للديمقراطية بصورة واضحة، ما هو موقفكم من هذه المسألة؟
أحمد ولد داداه: هذه المسألة في غاية الأهمية، فلها على الأقل وجهان، الوجه الأول: أننا بحاجة إلى قطيعة مع نظام التسيير المدمر الذي قاد إلى الوضعية الحالية، والذي جعل موريتانيا في حالة ضعف بعيدا وراء الدول المجاورة التي سجلت مستويات من النمو لم تسجلها موريتانيا، فنحن إذا بحاجة إلى قطيعة مع الماضي، بحاجة إلى طريقة جديدة في الحكم، بحاجة إلى طريقة جديدة في ممارسة وتسيير مؤسساتنا، بحاجة إلى طريقة مختلفة في تسيير إدارتنا، بحاجة إلى أن نمتع عدالتنا بالاستقلالية الكاملة، بحاجة إلى أسلوب جديد لنظامنا التربوي، بحاجة إلى توجيه جديد لمواردنا، بحاجة إلى إعادة توزيع لثرواتنا لصالح الطبقات الأقل دخلا والأكثر فقرا، بحاجة إلى طريقة جديدة لتمكين موريتانيا من تبوئ المكانة اللائقة بها جهويا وإفريقيا وفي عالمنا العربي وعلى المستوى الدولي، نحن اليوم على حافة الطريق ونحتاج إلى قطيعة مع أساليبنا ووسائل تسييرنا للبلد.
الوجه الثاني: نحن لدينا تجربة ويجب أن نستفيد من هذه التجربة، لقد مضى علينا أكثر من 18 عاما ونحن نتحدث عن المسلسل الديمقراطي، ونعرف أنه في كل مرة عندما يكون المرشح في السلطة أو عندما تساند السلطة مرشحا فإن الانتخابات تفشل، ويظهر التزوير ونصبح في النهاية أمام نتائج مخيبة للآمال للمواطن وللناخب، وخيبة الأمل هذه، وهذا الشعور بالظلم لدى المواطن ولدى الناخب الذي صودر حقه في اختيار منتخبيه يخلق مناخا وحالة من التبرم تشجع على عدم الاستقرار، ولهذا السبب من المهم جدا أن تكون هناك انتخابات نزيهة وحرة وشفافة، وهذا من وجهة نظرنا يتعارض كليا مع ترشح أي فرد من أفراد الجيش وقوات الأمن الذين كانوا في الخدمة يوم 06 أغشت 2008، كما يتعارض مع دعم المجلس الأعلى للدولة لأي مرشح، ومع الأسف هذه المسألة لم تجد الجواب الذي كان يجب أن تجده، وحتى "المصفقين" كما يسمون الذين لم يكونوا مبرمجين في المنتديات العامة للديمقراطية جاءوا لكي يتغنوا برئيس الدولة ويقترحوا ترشحه، إلى درجة أن بعضهم اقترح اللجوء إلى التزوير من أجل ضمان انتخابه، وهذا مع الأسف دون في أحد تقارير الورشة التي قرأت أمام الجلسة العلنية، بينما حذر العديد من الأشخاص وبصورة أكثر إحكاما وأكثر تبريرا من عواقب الترشيحات المنبثقة عن السلطة، ولم يدون هذا في التقرير الذي قرئ في الجلسة العلنية، إنني أعتقد أنه فاتتنا الفرصة، وأننا لم نقدر أهمية هذه المسألة حق تقديرها ولم نجد العبارات والقرارات الملائمة للإجابة على هذه الضرورة المطلقة.

الأمل الجديد: هل تعتقدون أن ترشح رئيس الدولة يمكنه أن يقود حزبكم إلى مراجعة موقفه اتجاه حركة السادس من أغشت؟
أحمد ولد داداه: بالنسبة لهذه المسألة موقفنا لا يحتاج إلى مراجعة، لقد عبرنا عن تفهمنا ومسايرتنا إلى مستوى معين لمسار التغيير الذي انطلق يوم 6 أغشت، ولكننا قلنا دائما وأكدنا القول أنه بعد التغيير يجب أن يكون هناك حوار يقود إلى نتائج توافقية، وفي ما يتعلق بهذه النقطة لم يتغير موقفنا، ترشح رئيس الدولة إذا كان له أن يتم فسيمثل خيبة أمل بالنسبة للآفاق التي نعتبرها الأفضل للبلد، وإن موقفنا فيما يتعلق بهذا الترشح معروف ومسجل في العريضة المقدمة إلى رئيس الدولة يوم 16 أغشت 2008 ولا لبس فيه. ولقد عبرنا دائما عن هذا الموقف وسنواصل التعبير عنه لأننا نعتبره مصيريا بالنسبة لمستقبل الأحداث، وأمرا في مصلحة الجميع، ويخدم استقرار البلد، كما يخدم العلاقات التي تربطه بشركائه الخارجيين، وإعادة انطلاقه، والاستفادة من موارده البشرية والمادية التي يواجه خطر فقدانها في هذا المناخ الذي تطبعه الضبابية وغياب الآفاق الواضحة التي تشجع على الاستثمار.

الأمل الجديد: هل أنتم قلقون فيما يتعلق باحتمال مواجهة موريتانيا لعقوبات قد تقودها إلى عزلة أو إدانة بسبب مناخ الأزمة السياسية الحالي؟
أحمد ولد داداه: طبعا، لقد قمنا بما نستطيع أن نقوم به في بداية الفترة التي تلت 6 أغشت، حيث اتصلنا بجميع أصدقائنا في الخارج وجميع شركائنا كي نطلب منهم أن لا يجعلوا من الشعب الموريتاني ضحية لمغامرة تتجاوزه وهو بريئ منها ولا يتحمل فيها أي مسؤولية، وطالبنا في كل مكان بأن لا تفرض عقوبات على البلاد، واليوم نحن لا نعرف خلفيات اللعبة، ولا نعرف كيف سيتصرف رئيس الدولة الحالي الذي لم يؤكد بصورة رسمية حتى الآن ما إذا كان مترشحا أم لا، لكن من الجائز القلق على أن يدفع البلد ثمنا باهظا على شكل خفض في موارده المالية أو موارد التنمية التي كان يمكنه أن يحصل عليها أو على شكل عزلة على المستوى الدولي، فضلا عن الانطباع الذي يمكن أن يتولد عن البلد داخليا وخارجيا من أنه بلد لم يعرف طريق الاستقرار والسلم المدني حتى الآن، ومن الجائز جدا أن لا نتمكن كليا من النجاة من هذه العقوبات الخطيرة على بلد عانى من سوء التسيير ومن الفساد (ويجب أن لا نستحي من أن نقول هذا) وهو هش للغاية، إلى درجة أن الزيادة في عزلته أو النقص في موارده المالية سواء العمومية أو الخصوصية من شأنها أن تزيد من خطورة وضعية مزرية أصلا بالنسبة للقطاعات الاجتماعية (الصحة والتهذيب) وتنقص من فرصة اللحاق بالدول السائرة في طريق التقدم والرفاه الاجتماعي.

الأمل الجديد: أجريتم خلال الأسابيع الماضية اتصالات مع بعض قادة جبهة الدفاع عن الديمقراطية، إلى أين وصلت هذه الاتصالات؟
أحمد ولد داداه: كما تعلمون حزبنا حزب حوار وتشاور، نحن كذلك أولا عن قناعة، ونحن كذلك أيضا لأن حزبنا حزب مهم على مستوى الخريطة السياسية الوطنية، وهذا يحملنا واجبا ويضع على عاتقنا مسؤولية ليس فقط اتجاه الخريطة السياسية ولكن أيضا اتجاه البلد ككل، إن اتصالاتنا متواصلة مع قادة الأحزاب ومسؤوليها على مستويات مختلفة، لأن الجميع كل على مستواه وكل بطريقته ومن خلال نظرته وخطابه الخاصين به يبحث -على ما أفترض- عن مصلحة البلاد وانسجامها ونموها وإشعاعها، ويستخلص من هذا أننا لا نريد أن نضيع أي فرصة للحوار وتبادل وجهات النظر والبحث عن نقاط التلاقي لأن قناعتنا تتمثل في أن هذا البلد كي ينطلق من جديد ويعود إلى الجادة محتاج إلى الكل، وأن الخلافات الموجودة والتي لا نريد أن نتستر عليها يجب أن لا تحول بيننا وبين أن نتحاور كي نقلل منها إن لم نقض عليها كليا، وفي انتظار التوصل إلى هذا نعتقد أنه يجب أن نواصل البحث عن نقاط التلاقي ونوطدها وأن نعمل على توسيعها شيئا فشيئا، ووفق هذه الروح طبعا تحاورنا مؤخرا مع الأحزاب الأساسية في جبهة الدفاع عن الديمقراطية وهذا الحوار متواصل وأرجو أن يستمر حتى نتمكن كلنا جميعا معهم ومع غيرهم من الأحزاب التي ليست أعضاء في الجبهة من الجلوس على طاولة واحدة والنظر إلى المستقبل بعيدا عن التقوقع في مواقف جامدة ودون النظر إلى الخلف إلا لكي نستبين الطريق التي أمامنا.

الأمل الجديد: سيعقد حزبكم خلال الأيام القليلة القادمة اجتماعا لمكتبه التنفيذي، هل تعتقدون أن الحزب سيجد أخيرا طريقه الأنسب، حيث نعرف أن هناك وجهات نظر متباعدة جدا في هذا الحزب الكبير؟
أحمد ولد داداه: نحن حزب كبير وحزب ديمقراطي، ولنا تقاليد ثابتة في مجال التعبير الديمقراطي عن وجهات النظر المختلفة والمتضاربة أحيانا، وهذا طبيعي وأعتقد أنه صحي، ولكن من ناحية أخرى كلما اتخذ حزبنا قرارا فإن الجميع عادة ما يطبقون ذلك القرار ويتبنونه كما لو أنه كان هو رأيه الأصلي، وأعتقد وأتمنى أنه في هذه المرة لن يكون هناك استثناء لهذه القاعدة، بحيث تطبق قرارات المكتب التنفيذي على أنها قرارات حزب لا مواقف شخصية. إن احترام مثل هذه القرارات هو ضمان وحدة وانسجام الحزب.
وأضيف أن تكتل القوى الديمقراطية وريث اتحاد قوى الديمقراطية واتحاد القوى الديمقراطية عهد جديد اللذين مرا بصعوبات جمة وخاضا عدة امتحانات عسيرة يجب أن يظل وفيا لمبادئه وأهدافه المؤسسة كي يبقى منسجما وقويا حتى يظل قادرا على مواصلة طريقه نحو وحدة وديمقراطية واستقرار وإشعاع البلد.

الأمل الجديد: شكرا

أجرى المقابلة الحسين بن محنض.


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!