التاريخ: 20.09.2024  التوقيت:16:41 غرينتش


تاريخ الإضافة : 31.01.2009 15:53:56

العمالة الافريقية في أطار.. الطريق إلى أوروبا؟

يعملون في المطاعم (تصوير الأخبار)

يعملون في المطاعم (تصوير الأخبار)

في بحثنا عن ظاهرة جديدة ننوع بها مشاهدات الملف الحقيقي عن أطار كنا نفتش في كل زاوية وفي كل ركن ووردت الاحتمالات تباعا لكن موضوع العمالة الأفريقية في أطار كان في النهاية الخيار الذي استقر على الأجندة، لا أدري هل لأنه أول الاحتمالات ورودا؟ فقد طرحت هذا الاحتمال في أول قدم في الطريق حين رافقني في السيارة التي سافرت فيها من نواكشوط مجموعة من السنغاليين الذين يعملون في قطاع البناء وتحدثنا عن عملهم وإقامتهم ووعدوني بإجراء مقابلات إذا أنا زرتهم في أطار، المهم أنه في الأخير حسمت التردد لصالح هذا الملف .

تهمة الهجرة السرية

يرممون المنازل في اطار والهدف التسلل إلى القارة العجوز(تصوير الأخبار)

يرممون المنازل في اطار والهدف التسلل إلى القارة العجوز(تصوير الأخبار)

أحسست بهذه التهمة تلاحق العمال الأفارقة وكأنها وصمة عار تأخذ زاوية في" إطار" الصورة النمطية التي يسقطها الآخرون على الإنسان الإفريقي الذي يتهمونه حتى بعدم دخول التاريخ، وكنت نقلت هذا الانطباع للقراء في الطريق إلى أطار، وقد سألت هؤلاء العمال من سنغاليين وماليين وعاجيين عن صحة هذه "التهمة النكراء" هل هم بالفعل في طريقهم إلى "الجنة الأوروبية المحفوفة بالمكاره"؟ فأجابوني بأنهم ليس بالضرورة "مشاريع مهاجرين" فهم يبحثون عن فرص للعيش الكريم ولا يهمهم أين وجدوها ما داموا لم يحصلوا عليها في أوطانهم ولكن حتى لو كانوا يريدون الهجرة إلى أوربا سعيا وراء فرص أحسن فما العيب في ذلك؟
لأنه قطعا هجرة اختيارية أكثر "شرعية" من تلك الهجرة القسرية التي فرضت عليهم في الزمن الغابر أيام تجارة الرقيق وبناء الغرب بسواعد الأفارقة.

بناءون.. في مدينة يعاد بناؤها

وفي سوق الملابس المستعملة يعملون (تصوير الأخبار)

وفي سوق الملابس المستعملة يعملون (تصوير الأخبار)

قطاع البناء يستحوذ على نسبة كبيرة من العمالة نتيجة انتشار النمط الحديث من البناء الذي يكاد يقضي على النمط التقليدي بنوعيه الحجري والطيني كما توجد في المدينة فنادق وفيلات قيد البناء، وقد التقينا مجموعة من هؤلاء العمال الأفارقة يعملون في تشييد فيلا لأحد رجال الأعمال الوطنيين المنحدرين من المدينة.
وحسب المعلومات التي أعطوني فإن الحصول على فرص عمل في البناء في أطار يستلزم المرور بانوا كشوط؛ حيث شركات المقاولة التي تؤجر العمال لصالح أصحاب العمل؛ فهم مثلا مرتبطون بعقد لمدة أربعة أشهر مع إحدى الشركات لبناء هذه الفيلا، وعند ما سألت هولاء العمال من عدة جنسيات أفارقة(14 بين سنغاليين وماليين وأفواريين وغينيين) عن سبب عملهم في أطار قالوا إنهم وجدوا هذه الفرصة من خلال شركة المقاولة في أطار بالذات وهم غير مبالين في أي مكان وجدوا العمل وأيضا فإن موريتانيا لها طابعها العام الذي لا يختلف من مدينة إلى مدينة وإن كانوا يعانون من عدم التمكن من التواصل مع ذويهم في أوطانهم الأصلية أكثر مما هو واقع في نواكشوط.

سوق الملابس.. الموضة تخصصهم

لاحظت في تجولي في جناح الملابس في سوق المدينة أن الأفارقة يسيطرون على محلات الملابس الغربية ،ولاسيما تلك المخصصة لصيحات الموضة وسراويل "الجينز" سألت أحد أصحاب هذه المحال عن هذه الظاهرة فلم يجب بشكل محدد بخصوص سيطرة الأفارقة على هذا المجال لكنه قال أنه هو شخصيا اختار هذه البضاعة لاستهوائها للشباب وكذلك السياح ولأنها سوق ناشئة فهي إلى حد ما فرص واعدة يرجى فيها النجاح والربح الوفير، وحين حاولت الإطلاع على هامش هذا الربح لأرى هل يمكن أن يكون "ملجأ أو مغارة أو مدخلا" أولي إليه عن مهنة من لا مهنة له!! استيقظ في داخله شيطان العموميات وحذر التاجر ومات "شيطان التفاصيل"
وقد لفت انتباهي في لقائي معه حين سألته عن جنسيته وأخبرني بأنه سينغالي أنه فيما يبدو من البادية السنغالية لعدم معرفته للفرنسية.

.. والأفارقة البيض أيضا

للافارقة حضور في سوق الساعات ايضا في اطار (تصوير الأخبار)

للافارقة حضور في سوق الساعات ايضا في اطار (تصوير الأخبار)

الوجود الإفريقي لا يقتصر على الأفارقة المنحدرين من دول غرب القارة بل يحضر كذلك الأفارقة العرب من شمالها وبالتحديد المغاربة والتونسيون الذين يعملون في الفنادق ويمتلكون مطاعم منتشرة في المدينة تحاول ترسيخ قدمها لاستقطاب السياح والساكنة كذلك المطعم المغربي الذي صادفت سياحا غربيين ينزلون فيه ربما لأن وجباته أرخص من وجبات الفنادق أو لأنهم نازلون في نزل عادي، المغاربة ليسوا العرب الوحيدين الموجودين في أطار وبالتحديد في قطاع المطاعم فالشوام بشكل عام واللبنانيون بشكل خاص لهم قدم هناك كجزء من وجود عربي غير كبير حتى الآن ينضم للحضور والإفريقي والغربي ويمارس مهام تناسب خبراته وميزاته.
المكيالين
وأنت تغلق أضابير ملف العمالة الوافدة في أطار تتذكر الآن الإذاعة الوطنية وحديثها عن ترك الموريتانيين فرص العمل للآخرين فأتخيل أن هذا التباكي على النقاء العمالي" قد يكون صورة مصغرة لعنصرية قوانين الهجرة الأوربية ينسى من كونها لنفسه أن أبناءه هناك في أفريقيا "يرسلون لنا الفرين".


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!