التاريخ: 20.09.2024  التوقيت:20:37 غرينتش


تاريخ الإضافة : 02.02.2009 18:15:09

مهند ساري للأخبار: لا بد أن يؤدي تطور الحياة في موريتانيا إلى تغير نمط التعبير

الشاعر الأردني مهند ساري

الشاعر الأردني مهند ساري


كل القراء تقريبا يعرفون شاعرا قوي الديباجة رصين الأسلوب، فخم العبارة، يصله النسب الشعري من غير عنت بالمتنبي وأبي تمام، وكبار شعراء الفكرة والأسلوب في العصر العباسي، لكن قليلين يعرفون متحدثا عن الشعر لا تعوزه العبارة الفاصلة، يخشى الوصم بسمة الغرور، وينتقي الكلمات كأنما يرصها في بيت.
لمع اسمه في العالم العربي بمشاركته الأخيرة في برنامج أمير الشعراء في نسخته الثانية، وإن كانت تجربته الشعرية قد استوت على سوقها قبل ذلك التاريخ بكثير.
الشاب الأردني الأصلع يعتقد ضرورة وقوف الشاعر مع قضايا أمته، لكن "على طريقة الشعر": رفض المباشرة وانتحاء سمت الغموض فالقراءة الشعرية ليست "استرخاء كسولا"، كما يعبر مهند ساري، الأخبار استرقت من وقته عشر دقائق، لا أكثر، على هامش إحدى ندوات مهرجان موريتانيا الشعري، وكان لها معه الحوار التالي:
الأخبار: نشكركم في البداية على إتاحة هذه الفرصة، ونسألكم كيف وجدتم موريتانيا شعريا؟
مهند ساري: شكرا لكم على هذه المقابلة، في الحقيقة أنا لا أزعم ابتداء معرفة دقيقة بالساحة الشعرية الموريتانية لكنني من خلال معرفتي المتواضعة إن جاز لي أن أحكم من خلال هذه المعرفة أقول إن السائد في ما يبدو في الساحة الشعرية الموريتانية هو ما يسمى بقصيدة التفعلة أو قصيدة البيت، حتى لا يغضب علينا أحد الشعراء الذين يصرون على المصطلح، هذا بالدرجة الأولى القصيدة العمودية وهذه القصيدة تكتب بطلاقة من قبل ربما الآلاف من الناس ويبدو لي أن هذه الكثرة الكارثة ستفرز بالضرورة بعض الشعراء المهمين لكن تقف هنا المسألة الإعلامية لتلعب دورا مهما.
فأن يكون شاعر موريتاني فحل هذا أمر متوقع؛ بل ربما موجود لكن أن نعرفه في المشرق العربي فالأمر صعب إلى حد كبير، فقليل من المنشورات ربما نادرة تصل إلينا ثم العلاقات البينية في كافة المجالات بين العرب هي ضعيفة على مستوى التجارة، على مستوى الثقافة، وعلى مستوى أيضا تبادل الشعر هناك ضعف إلى حد كبير خاصة بين المشرق والمغرب العربيين في التبادل الثقافي.
لكن هذا الأمر ربما من ضرورات الحياة، الدولة أو الجمهورية الإسلامية الموريتانية شهدت تطورا يلفت النظر في العقود الأخيرة هذا التطور على المستويات كلها لا بد أن يؤدي أيضا إلى تطور على مستوى الشعر بمعنى اختيار نمط جديد للتعبير عن الشعر وهو نمط التفعلة لأننا نجد قصيدة التفعلة وأنا استمعت لبعض الشعراء الموريتانيين الذين يكتبون قصيدة التفعلة برؤى حداثية وبلغة متينة وقوية وهذه مسألة في ذات الأهمية لأن أكثر شيء أعجب به في الشعر الموريتاني هو قوة هذه اللغة وهذا يعود إلى تدريس اللغة العربية بالطريقة التقليدية القديمة وهذه مسألة مهمة من حيث حفظ القرآن الكريم وحفظ متون الشعر ومتون الأدب بشكل عام والمتون النحوية الأجرومية وغيرها، وهذا يؤدى إلى مسألة مهمة وهي أن يكون الشاعر فحلا بالمعنى ليس القديم تماما بل بمعنى أن يمتلك أدواته بشكل ممتاز، أما قصيدة النثر في الحقيقة لا أدري هل يكتبها أحد هنا أم لا لكن ما استمعت إليه في الندوة الآن هناك حرب شعواء عليها فلا أظن أن أحدا يجرؤ أصلا على كتابتها .

الأخبار: طيب على ذكر قصيدة النثر وعلى هامش الندوة الحالية من يقرأ لمهند ساري ومن يستمع إليه .. في هذا الإجابة كررتم كلمة الشاعر الفحل أكثر من مرة وهي مفهوم تقليدي وتذكرون في سبككم بفحول الشعراء العربي القديم ، أين يقع مهند ساري من الحراك الشعري العربي.. على أي ضفة تقف من هذه الضفاف التي تحدثت عنها لآن؟

مهند ساري: من الصعب بمكان أن يتحدث الشعر عن نفسه لمحاذير أنتم أدرا بها ليس أقلها الغرور أن يقال هذا شاعر مغرور لكن لو كنت و أحاول أن أكون منصفا فأنا أتحدث عن تجربتي الشعرية بالنظر إليها لا بمقارنتها بتجارب أخري، وهذا بالطبع شيء من حقي فأقول ابتداء إنني أقرب في المنطقة الشعرية للمتنبي وأبى تمام ، وقد أصاب الدكتور الناقد أحمد خريس عندما كتبت قصيدة "معا يا هنود" والقصيدة العينية في مسابقة أمير الشعراء هو قال أنت مزجت بين المتنبي وبين أبى تمام، يعني أنا بعيد في الحقيقة عن صوت أبى فراس الحمداني لكن لا أتقصد أن أمزج بين شاعرين، ربما هما أو المتنبي مثلا من أكثر الشعراء القدماء في العصر العباسي والأموي الذين قرأت لهم لكنه ليس أكثر الشعراء الذين قرأت لهم أنا قرأت الشعر الجاهلي، وما زلت أزعم أنني قرأت الشعر الجاهلي كله حتى بعشرات الأبيات وآلاف الأبيات التي مازالت في مخطوطات قديمة والتجربة الجاهلية هي الأقرب في نفسي لكن لا أكتب نصا جاهليا بهذا المعني هي الأقرب إلى نفسي بالمعنى قوة التعبير ودقته، هذه مسألة .
المسالة الأخرى كان يهمني ومنذ سنوات طويلة فكرة التجويد، تجويد التجربة الشعرية بعيدا عن تنظيرات الحداثة وأيضا بعيدا عن المقولات ربما المقولبة الجاهزة في النقد القديم، كان ربما هناك نوع من الرأي الجيد لأن الشاعر يحتاج ابتداء إلى تجويد أدواته وأعظم هذه الأدوات هي للغة، ولا يمكن للشعر أن يجود أدواته إلا إذا خاض في قراءة واسعة وشاقة تبدأ بالشعر ولا تنتهي بالضرورة بالشعر، ربما تنتهي في علوم الفلك، ربما تنتهي في علوم النبات وأنا أزعم أنني قارئ ممتاز في كل هذه العلوم ، أما لآن فالحقيقة أني غير مشغول بالنظر إلى مكانتي الشعرية على خارطة الوطن العربي لأني لا أدري ربما أكون مخطئا ربما أكون مصيبا في هذه المسالة، لكن هذه الحقيقة أنا غير مشغول على الإطلاق في هذه المسألة، لقد تحررت منذ سنوات طويلة من فكرة الاسم الكبير لأنني قرأت أشعارا متأخرا لشعراء كبار بين قوسين وأقسم أن بعض الشعراء الكبار لم أجد له قصيدة واحدة بمستوى جيدة ، فأنا بعيد عن هوس للسمة الكبيرة ، وقرأت لشعراء مغمورين قصائد فذة، فالمسألة ليست بالضرورة أن يكون الشاعر ذو الاسم الكبير شاعرا كبيرا حقا.

الأخبار: غير بعيد عن هذا يوجد نقاش قديم متجدد هل ينبغي أن يتعبد الشاعر في محراب الفن ويقف الفن للفن؟ أم أن ينحاز لقضايا وطن إلى آخره وأنتم آتون من هناك من حيث القضية مشتعلة؟

مهند ساري: هذه إشكالية حقيقة لماذا يطلب من الشاعر مثل هذا الطلب ولا يطلب من الاقتصادي ولا يطلب من الكثير من الناس الذين يشكلون وظائف ما في المجتمع كالمحامي أو الطبيب أو أو...إلى آخره، الشاعر كإنسان لا يملك وهو من هذه الأمة إلا أن يقف وينحاز مع قضايا الأمة ، لكن مطالبه بالانحياز إلى قضايا الأمة بمعني كتابة القصيدة المباشرة للموضوع أو كتابة قصيدة الموضوع فهذا أمر أنا بالنسبة لي أتقبله، بأن يكون هناك نوع من الشعراء ثلة من الشعراء تكتب هذا النمط ترضي الجمهور لكن يجب أن لا ينسحب هذا على الشعراء جميعا، أن يطالب كل شاعر أن يقدم شهادة براءة لنقول لا يمكن أن نتجاوز بين قوسين محنة المواطنة أو الانتماء إلا إذا كتب قصيدة مباشرة أنا لم اكتب لآن قصيدة عن غزة، لكن هل يستطيع احد أن يجزم أنني لم أتفاعل تماما مع هذا الحدث على المستوي ألمشاعري أنا كإنسان، تفاعلت تماما هذا المشهد ويشكل في ندوب قد لا تمحى أبدا، لكن هذه مسألة مهمة في أن الشعر يأخذ تحولات كثيرة، أنا متأكد أن غزة حاضرة في قصيدتي القادمة لكن ربما لن يعثر عليها كثير من الناس.

الأخبار: ما هو شاعرك المفضل وقصيدتك المفضلة؟

مهند ساري: شاعري المفضل في القدماء هم الشعراء القدماء هم الشعراء الجاهليون كلهم. هذه حقيقة، أما شاعري المفضل في الشعر الحديث هو محمود درويش، القصيدة المفضلة في القدماء هو كل ما كتب في الشعر الجاهلي ، إذا لم أجد قصيدة رديئة أبدا أو متوسطة هذا شعر عجيب ولم يأخذا حقه في الدراسة والنقد، في الحديث ربما تكون فيه قصيدة لمحمود درويش "على الجسر" وهذا المعني في ديوانه وهي القصيدة الأقرب إلى قلبي.
الأخبار:شكرا.
مهند ساري: شكرا لكم.


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!