التاريخ: 21.09.2024  التوقيت:05:29 غرينتش


تاريخ الإضافة : 06.02.2009 12:35:36

" الأخبار" تنشر مداخلة محمد محمود ودادي امام المكتب التنفيذي لحزب التكتل

محمد محمود ودادي

محمد محمود ودادي

ملاحظات أمام المجلس الوطني
في جلسته الختامية

أيتها الأخوات أيها الإخوة

نصل اليوم إلى نهاية اجتماعاتنا التي كانت مناسبة لبحث معمق وشامل لقضايا الحزب والوطن، تمكنا فيها جميعا من التعبير بحرية عن آرائنا في جو تطبعه روح الزمالة، رغم بعض الاختلاف في السبل التي توصلنا إلى الأهداف المنشودة. لقد صبرتم جميعا طوال جلسات ليلية في البرد القارس على متابعة هذه الاجتماعات والإدلاء بآرائكم والاستماع لزملائكم؛ فهنيئا لكم بهذه الروح وهذه الجدية، وهنيئا لحزب تكتل القوى الديمقراطية بهؤلاء المناضلين والمناضلات.
أيتها الأخوات أيها الإخوة

• لقد قدم حزب تكتل القوى الديمقراطية منذ اليوم الأول لحركة 6 أغشت 2008 الغطاء للمجلس الأعلى للدولة، فبرر انقلابه، شعبيا وإعلاميا ودبلوماسيا، متجاوزا ـ في نظر الكثيرين من مناضليه ـ مواقفه المبدئية المناهضة للانقلابات العسكرية، والمتشبثة بالشرعية والدستور، مما جعل الحزب وقيادته عرضة لحملات سياسية وإعلامية شرسة، أحيانا.
ولم تكن الأحزاب السياسية المناهضة للانقلاب، هي وحدها مصدر النقد، بل أصدقاء الحزب وأنصاره في الداخل والخارج، الذين عابوا عليه عدم تنديده المبدئي بالانقلاب.
• وقد طرحت قيادة الحزب على قيادة المجلس الأعلى للدولة ـ بصراحة ـ رؤيتها للأوضاع وطريقة الخروج من الأزمة، وشرحت موقفها من الحكم العسكري، وأعربت عن الاستعداد للتعاون، الذي برهنت عليه بتقديم عريضة المشاركة في الحكومة، والاستعداد لتحمل المسؤولية ومشاطرة المجلس كل التبعات، عبر الدخول في حكومة موسعة.
وكان منطلق الحزب في هذا الموقف نهجَه الدائم، بتغليب مصلحة موريتانيا على كل الاعتبارات الأخرى، إذ رأى أن أي موقف آخر سيعرّض أمن البلاد واستقرارها للخطر، وهو ما لا يمكنه قبوله بأية حجة.
• وفي المقابل، لم تتعامل ـ وللأسف ـ قيادة المجلس الأعلى مع الحزب بهذه الروح، سالكة نهجا أحاديا، وأجندة خاصة بها، وهو ما وضع علامة استفهام حول نواياها الحقيقية.
فمقابل بناء الثقة بين الطرفين، كانت الخطوات الأولى محاولة أجهزة حكومية، اختراق الحزب والتأثير على انسجامه ووحدته، رغم أن قيادة المجلس تقول إنها "تعتبر الحزب حليفا لها".
• وكان من المنتظر أن تكشف قيادة المجلس الأعلى لقيادة التكتل ـ بصراحة ـ عن نواياها الحقيقية، لأن ذلك هو النهج المعروف في التعامل على هذا المستوى، خاصة إذا كان الهدف إخراج موريتانيا من أزمتها ومواجهة مشاكلها العويصة، وهو ما ينتظره الشعب، ووعدت قيادة المجلس الأعلى به منذ اليوم الأول لاستيلائها على السلطة.
• رغم هذا التهرب، ظل التكتل خلال الأشهر الستة الماضية، وحتى اليوم، ينتظر موقفا صريحا ليتعامل معه، رغم أن كل الدلائل والقرائن تؤكد أنّ رئيس المجلس الأعلى، ذاهب للترشح لرئاسة الجمهورية.
• وفي هذا الجو من الشكوك والغموض والحملات الإعلامية، الرسمية انعقدت المنتديات العامة للديمقراطية، التي جرى فيها ما تعرفونه، ويتلخص في أنها حُولت إلى وجهة أخرى غير تلك التي جاء التكتل بجد وحسن نية ـ بعد التزامات متكررة من المجلس الأعلى وحكومته ـ من أجلها وهي مناقشة جميع القضايا الخاصة بإخراج البلاد من الأزمة، بالوصول إلى نتائج تعبر فعلا عما جرى، ويمكن تسويقها للفرقاء السياسيين الغائبين، وعلى رأسهم الجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية، وشركاء موريتانيا الخارجيين.
• إن هذا الاستخفاف بالتكتل، أدى بلا شك إلى اهتزاز الثقة؛ لذلك، على المجلس الأعلى أن يفتح صفحة جديدة في علاقاته مع التكتل، تُبنى على الصراحة والندية، انطلاقا من الحرص على مصلحة البلاد العليا، والحيلولة دون تعرضها للعزلة والحصار السياسي والاقتصادي.
• لقد حان الوقت، لينظر المجلس الأعلى بجدية إلى واقع الأمور، ويُدرك أن لحزب التكتل برنامجا متكاملا للحكم وبناء المجتمع، لتخليص موريتانيا من دوامة الانقلابات العسكرية وما جرّته من نكبات، ستوصل البلاد إلى الهاوية إذا لم تتوقف.
• نعم، إن التكتل يطمح لإصلاحات جذرية، معتمدا العدل والإنصاف والجدية، والصدق في القول والوفاء بالعهود، طبقا لبرنامجه الطموح الذي قدمه مرشحه في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، والذي بناه لبنة لبنة، بأفكار مناضليه، وعرقهم وتجربتهم خلال مسيرة ثرية، استمرت ثماني عشرة سنة، واجه فيها من الابتلاءات ما لا يشكوه إلا المولى عز وجل؛ لذلك، ليس هذا الحزب ـ في نظري وفي نظر مناضليه، والموريتانيين عامة ـ ممن يقبلون بأدنى من تحقيق هذا الطموح، وليس مؤهلا لما يسمّيه البعض "تقاسم السلطة" من النوع الذي شهدته "التّفاهمات" التي أُبرمت قبل الشوط الثاني من الانتخابات الرئاسية الماضية. إن الوزارة الأولى ورئاسة مجلس النواب، ومناصب وزارية، ليست تقاسما للسلطة، بل مجردَ "منيحة" يَستردها مالكها في الوقت الذي يشاء.
• إن الغاية النهائية من التفاهم الذي ننشده مع المجلس الأعلى للدولة، هي تنظيم انتخابات حرة ونزيهة، لا يشارك فيها العسكريون، تنظمها حكومة وحدة وطنية.
• وجميع المراقبين يدركون أنه بدون ذلك، لن تقبل الأحزاب السياسية ـ مثل حزب التكتل، التي ناضلت سنوات طويلة، وفي ظروف محلية ودولية أصعب ـ بأقل من هذا المطلب، وبدون موافقتها لن يكون هناك استقرار وهدوء وطمأنينة، ومن ثم لن تكون هناك تنمية، ولا مستقبل.
• كما أن العالم الخارجي لن يعترف بنتائج انتخابات يشارك فيها المجلس الأعلى الحاكم، أو بإشرافه. ومن يتصور أن أي دولة في عالم اليوم قادرة على البقاء معزولة، لا يعيش هذا العصر ولا مقتضياته، فروسيا هرولت في الأشهر الأخيرة بعد مواجهتها لجورجيا، حتى لا تُعزل، وكوريا الشمالية ضحت ببرنامجها النووي، حتى لا تُعزل، وليبيا ضحت بسنوات من الجهد والاستثمار في برنامجها النووي، حتى لا تنهي عنها العزلة، وها هو "موﮔﺎبي" في زيمبابوي، يستجيب لقرارات الاتحاد الإفريقي والمجتمع الدولي، حتى تنتهي عنه العزلة، وقبله زميله في كينيا.
• وأذكّر أولائك الذين يقللون من جدية موقف الاتحاد الإفريقي الحالي وفعاليته، أن إفريقيا هي التي حمت استقلال موريتانيا سنة 1960، وأن الاتحاد الإفريقي هو المظلة التي يريد قادة القارة أن تحميهم، وهو المنظمة التي أناط بها العالم ومنظماته مسؤولية حل مشاكل القارة واعتبرها مرجعية دائمة في قضاياها، وها هو اليوم يجعلها غطاءه في موقفه من القضية الموريتانية .
• وأريد أن أذكّرهم بأن موقف الاتحاد الإفريقي الحالي لا يمكن تغييره، لأنه جزء من الميثاق، الذي يحتاج إلى ثلثي أصوات الدول الأعضاء لتغييره، وهو أمر مستحيل قبل تحقيق الشروط التي وضعها الاتحاد للمجلس الأعلى.
• وفي هذا الظرف الذي اتخذ فيه المجلس الأعلى للدولة قراره بتنظيم انتخابات رئاسية، يتوجب على الحزب أن يتحرك على الساحة الوطنية، ويستعيد التواصل مع جماهيره في العاصمة وفي الداخل، آخذا زمام المبادرة، عبر حملة إعلامية نشطة؛ مسوقا اقتراحاته حول الأزمة، للأطراف الوطنية والشركاء الخارجيين، حتى يتم الوصول إلى حلول تُخرج البلاد من مأزقها الحالي، ونتلافى ما يمكن أن تتعرض له من مخاطر العزلة والحصار.

محمد محمود ودادي
نائب رئيس التكتل


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!